إيطاليا: تقديم إعفاءات ضريبية سخية للمستثمرين لدى تجديد العقارات القديمة

المناطق الريفية لا تزال الأرخص أوروبيا

TT

خلال عقد التسعينات لم تشتهر ايطاليا عقاريا، مثل فرنسا او اسبانيا، على رغم كل المميزات السياحية التي تملكها. وكان السبب الاساسي هو خمول اسعار العقار فيها لسنوات طويلة بين قطاعات عريضة تملكها الحكومة والقطاع العام، وسوق غير نشط تملكه شركات التأمين وصناديق المعاشات.

ولكن هذا الوضع تغير منذ بداية العقد الحالي، حيث تتسابق اسعار العقار الايطالي حاليا مع افضل الاسواق الاوروبية الى درجة انها سبقت فرنسا في القيمة وتكاد تلحق ببريطانيا. هذا الوضع دفع بعض الخبراء الاوروبيين للتحذير من وجود فقاعة سعرية في ايطاليا يجب الحذر منها، حيث يتوقعون مرحلة تصحيح تنخفض فيها الاسعار الى معدلات ادنى.

ولكن جهات ايطالية عديدة تنفي وجود فقاعة وتؤكد ان الكثير من العوامل الديناميكية في الاقتصاد الايطالي أثرت ايجابيا على العقار الايطالي وانها سوف تظل فاعلة لسنوات مقبلة مما يعني ان الاستثمار في الوقت الحاضر في العقار الايطالي يمثل فرصة ربح جيدة.

من هؤلاء المؤيدين لهذا الرأي الدكتور ليوناردو سمونيللي رئيس غرفة التجارة الايطالية في لندن. وهو يؤكد ان قطاع العقار الايطالي يمر بمرحلة نمو مضطرد منذ عام 2000 في قطاعيه الاسكاني والتجاري وانه ليس من الصحيح القول ان هناك فقاعة سعرية في ايطاليا. فالاستثمار الموجه الى قطاع العقار والارتفاعات السعرية المصاحبة لذلك خلال السنوات الاخيرة يماثلان الى حد كبير الوضع في الدول الصناعية الاخرى.

وهو يعتقد ان المقارنة الحقيقية يجب ان تكون بين الاستثمار العقاري في ايطاليا وانواع الاستثمار الاخرى من حيث العوائد. فيقول ان السوق الايطالي يتميز بانخفاض اسعار الفائدة (على اليورو)، كما ان فترة الخمول في الاسواق التي كانت سائدة في الاسواق خلال التسعينات انتهت، كما تقدم الحكومة الايطالية اعفاءات ضريبية سخية للمستثمرين الراغبين بتجديد العقارات القديمة والاثرية. وهو يشير ايضا الى ان التركيز في سياسة الحكومة الايطالية الحالية هو نحو التخصيص في مجال العقار. كما يؤكد ان السوق العقاري الايطالي ما زال امامه هوامش نمو كبيرة، وان المستثمر الاجنبي مرحب به في ايطاليا. وتختلف ايطاليا كثيرا في تضاريسها ومناطقها وبها سلسلتان من الجبال هما الالب والابينين، وتمتد جبال الالب لمسافة 600 ميل من الشرق الى الغرب وتقع بالقرب منها سفوح وبحيرات مثل بحيرة كومو وغاردا. كما تضم ايطاليا ايضا جزيرتي صقلية البركانية وسردينيا.

ولكن تجدر الاشارة الى تنوع الاقتصاد الايطالي بين المناطق المختلفة، وبالتالي قد يكون من الافضل النظر الى الاقاليم الايطالية كل على حدة، وعدم اعتبار السوق الايطالي سوقا متجانساً.

ومن اهم المناطق التي ارتفعت اسعارها كثيرا في العامين الاخيرين منطقة توسكاني، والى حد ما منطقة لومارش وجزيرة سردينيا. وهناك الآلاف من العقارات الايطالية المعروضة للبيع في المناطق الريفية ما زالت تعتبر بين الارخص اوروبيا. ولكن الاستثمار الاجدى قد يكون في المدن النامية في مجالات الصناعات والخدمات الحديثة مثل تورينو وميلانو. وتعتبر المناطق التالية واعدة في الاستثمار العقاري في ايطاليا:

> توسكاني: وهي اهم واشهر منطقة ايطالية، وايضا الاغلى ثمنا عقاريا. وتنافس توسكاني الكثير من المناطق السياحية الاوروبية في اجتذاب الاستثمار العقاري الاجنبي. وعلى رغم ارتفاع اسعار العقار فيها الا انها ما زالت تجتذب العديد من المستثمرين الذين يبحثون عن عقارات ذات مواقع متميزة.

> أمبريا: وهي في المنتصف تقريبا من شبه الجزيرة الايطالية ولا تصل الى الشاطئ من اي جانب. وتنتشر بها الجبال التي تكتسي قمما بيضاء في الشتاء والوديان الخصبة طوال العام. وينبع منها نهر تايبر الذي يتوجه نحو روما. وهي تتسم بشبكة مواصلات ممتازة ومطار دولي قريب في روما، ومطارات اخرى في بيزا وبولونيا وفلورانسا، التي يمكن الوصول اليها في غضون ساعتين من اي مكان في المقاطعة.

> أبروزو: وهي منطقة وسطى بها تضاريس متباينة بين جبال وشواطئ لا تبعد عن بعضها بعضا سوى 90 دقيقة قيادة بالسيارة. وهي تصلح للعائلات التي تريد الاستثمار في عقارات ساحلية مناسبة لعطلات الاطفال بجوار البحر.

> كالابريا: وهي منطقة طبيعية تقع فيها مدينة سكاليا التاريخية التي تمتد على مرتفع في وسطها وما زالت تحتفظ بالسور القديم الذي يحيط بها منذ العصور الوسطى. وهي تحتفظ بالطابع التقليدي لحارات ضيقة داخلها يمنع فيها مرور السيارات، ودرجات من السلالم تربط بين انحائها الجبلية.

> لومارش: وهي تقع في الشمال الشرقي على الساحل الادرياتيكي. وهي على الرغم من انها تقل في الاهمية الثقافية والحضارية عن مناطق مثل توسكاني، الا انها تتميز بالجمال الطبيعي، الذي يضم الشواطئ الناعمة وقمم الجبال المكسوة بالجليد. وهي من المناطق التي تعتبر مهدا لعصر النهضة الايطالي وما زالت تحتفظ ببعض معالمها التقليدية.

> بوغليا: وهي تقع في الجنوب الشرقي من ايطاليا وتشتهر بمساحات زراعية شاسعة تنتج الزيتون والكروم. وهي منطقة ذات تاريخ عريق وبها العديد من القلاع وتمتاز بالهدوء والسكينة ولكنها منعزلة بعض الشيء عن زخم بقية المناطق الايطالية.

وتختلف الاسعار كثيرا بين منطقة واخرى وايضا وفقا لسعة العقار ونوعه وحالته. وفي القطاع المتوسط يمكن شراء منازل ريفية في حدود 120 الف يورو بينما تبدأ اسعار العقارات التي تحتاج الى ترميم من حوالي 20 الف يورو. وتختلف تكاليف المعيشة في ايطاليا ايضا وفقا للمناطق حيث تميل المناطق الشمالية الى ارتفاع الاسعار بالمقارنة مع مناطق الجنوب الريفية. وتماثل المدن الايطالية الرئيسية في تكاليف المعيشة العديد من المدن الاوروبية الاخرى خارج ايطاليا.

والعرف المتبع في شراء العقارات الايطالية هو دفع مقدم قدره عشرة بالمائة لحجز العقار. ويتقدم المشتري في العادة بوعد شراء اسمه Compromesso وهو يعتبر تعاقداً قانونياً ملزماً للمشتري ولكنه لا يمنع البائع ووكيله من البحث عن عروض افضل. ثم يتم التوقيع على عقد ابتدائي فيه تفاصيل ثمن الشراء وتدبير التمويل وكيفية الدفع والتوقيت. ويتم البيع النهائي في الشهر العقاري حيث يتم التوقيع على تبادل العقود. ويصدر الشهر العقاري العقد الجديد ويسجله لصالح المشتري في السجل العقاري. وهناك نوعان من التعاقدات في ايطاليا: التعاقد الخاص والتعاقد المسجل. والنوع الخاص ارخص في التكاليف ولكنه لا يكفل الحماية القانونية في حالة ظهور ديون او قروض بضمان العقار. ولكن التعاقد المسجل يحمي المستثمر من هذه الديون لان الشهر العقاري يبحث في خلفية كل التعاقدات السابقة على العقار.

ولا بد من الاستعانة بمحام ايطالي، من المفضل ان يتحدث اللغة الانجليزية حتى يسهل التعامل معه. ويقوم المحامي بكتابة التعاقدات والتعامل مع الشهر العقاري ودفع الضرائب ورسوم التسجيل. وتبلغ تكاليف المحامي في العادة بين واحد واثنين في المائة من ثمن العقار.

وتصل التكاليف الاضافية لشراء عقار في ايطاليا الى حوالي 15 ـ 20 في المائة بالاضافة الى الثمن. ومن هذه النسبة تدفع نسبة 10 في المائة ضرائب، ترتفع الى 17 في المائة في حالة شراء المزارع. وليس هناك من وسيلة لتخفيض الضرائب سوى الاقامة في ايطاليا والتسجيل فيها كمقيم وليس فقط كمستثمر. واتخاذ الاجراءات القانونية لتسجيل هذه الاقامة من شأنه ان يخفض ضرائب العقار بشرط ان يجرى قبل عملية الشراء. وتصل تكاليف الشهر العقاري الى حوالي اربعة في المائة من قيمة العقار. كما يمكن الاستعانة بخدمات مسح العقار وتقييمه من شركات متخصصة في المسح العقاري، بتكاليف ثابتة تصل في المتوسط الى 150 يورو. اما سمسار العقار فهو يتلقى اجره من البائع والمشتري مناصفة، وباجمالي حوالي اربعة في المائة من قيمة العقار. وهناك ايضا ضريبة قيمة مضافة تدفع على العقارات وتختلف في نسبتها بين منطقة واخرى.

وينصح خبراء العقار في ايطاليا بالتعامل مع المكاتب المعترف بها والمسجلة في ايطاليا وعدم التوقيع على اي وثائق او دفع اي مقدم في تعاقدات غير واضحة او غير مفهومة لك. ولابد من اجراء المسح العقاري قبل الشراء والبحث في الخلفيات المالية للعقار وايضا الحقوق العامة مثل الطرق والمعابر وخطط التطوير في المنطقة التي يقع فيها العقار. وفي ايطاليا، لا بد من التأكد من ان البائع يملك العقار فعلا وانه لم يقترض بضمان العقار او عليه متأخرات من الضرائب. ايضا لا بد من مراجعة ترخيص بناء العقار وموافقة كل افراد العائلة اذا كانت الملكية مشتركة.

وتتراوح ضرائب الدخل في ايطاليا بين 10 و60 في المائة. ويتعين على غير المقيمين تقديم استمارات الضرائب حتى ولم تكن عقاراتهم مستغلة تجاريا او تحقق لهم دخلا ايجاريا. كما يدفع مالكو العقارات ضرائب محلية تقل عن نسبة الواحد في المائة ولكنها واجبة الدفع حتى للمشتري غير المقيم. الحصول على القروض العقارية من البنوك الايطالية اصعب من الاقتراض من بنوك اجنبية. ويمكن الاقتراض في العادة الى حدود 80 في المائة من قيمة العقار، ولا بد من الافصاح عن المبالغ الداخلة الى ايطاليا عبر البنك الايطالي الذي يتعامل معه المستثمر. وتقرض البنوك الايطالية في العادة الى حدود 50 ـ 60 فى المائة من ثمن العقار على مدة 15 عاما.

* نماذج لعقارات معروضة للبيع في إيطاليا

* من النماذج التي يمكن الاطلاع عليها على شبكة الإنترنت لعقارات إيطالية ما تعرضه شركة تسمى buying-property-in-italy.com ومنها:

ـ فيلا بحمام سباحة على ثلاثة طوابق وبها خمس غرف نوم وحمامان وغرفة معيشة وبعض غرف الخدمة الاخرى. وهي تقع بمنطقة سولينتو بمقاطعة بوغليا، ويبلغ ثمنها 320 الف يورو.

ـ منزل في مقاطعة توسكاني مكون من غرفتين وحمامين وبه حديقة ومرآب ويقع على مساحة 200 متر مربع، بالاضافة الى 500 متر مربع من الارض المحيطة، يمكن ان تتسع لحمام سباحة بجانب المنزل. وهو يحتوي على بلكون وباتيو ويطل على مناطق زراعية ويقع بالقرب من الشاطئ ايضا. ولا يبعد المنزل عن المطار اكثر من نصف ساعة بالسيارة. وهو معروض بحوالي نصف مليون يورو.

ـ منزل على ربوة في مقاطعة بيروغيا به اربع غرف نوم ومساحات كبيرة حوله تبلغ 300 متر مربع. يحتاج الى تشطيب. يمكن شراؤه بحالته الحالية بحوالي نصف مليون يورو او المساهمة في استكمال المنزل وبيعه بحوالي 750 الف يورو مكتمل بكل التجهيزات.