5 مليارات دولار ثمن مجمعين سكنيين في جزيرة مانهاتن في نيويورك

في أكبر صفقة عقارية في تاريخ أميركا

TT

فيما يجري الحديث عن تباطؤ نمو سوق العقار الأميركي والطفرة التي شهدها خلال السنوات القليلة الماضية، اختطفت قصة بيع مجمعين سكنيين في قلب جزيرة مانهاتن في مدينة نيويورك الاضواء، إذ ذكرت شركة «متلايف»، اكبر شركة للتأمين في شمال اميركا، انها تعتزم بيع المجمعين السكنيين في المدينة واللذين يضمان 110 مبان سكنية على مساحة 80 فدانا مقابل خمسة مليارات دولار.

وسيكون بيع مجمعي «ستويفيسانت تاون» و«بيتر كوبر فيليدج»، اللذين تم بناؤهما قبل نحو 60 عاما بمساعدة مالية من الحكومة الاميركية، أكبر صفقة لعقار أميركي منفرد في العصر الحديث. وعينت الشركة سمسارا بدأ تلقي طلبات الشراء الاسبوع الماضي ويعتزم اعلان الفائز بحلول نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. وأفادت صحيفة «نيويورك تايمز» امس عن مسؤولين بشركات عقارية ان عملية البيع جذبت بالفعل اهتماما من عشرات المشترين المحتملين بما في ذلك كبرى العائلات العاملة في السوق العقارية بنيويورك وصناديق تقاعد وبنوك استثمار عالمية ومستثمرون من دبي بالاضافة الى بنك «يو بي اس». وسيوزع كتيب التسويق للمزاد على أصحاب العروض الاسبوع المقبل.

وكانت «متلايف» التي جمعت العام الماضي 1.2 مليار دولار من بيع مبنيين اداريين في مانهاتن قالت في يوليو (تموز) الماضي انها تدرس بيع المجمعين السكنيين.

وساهمت «متلايف» في بناء المجمعين السكنيين في الجانب الشرقي الادنى لجزيرة مانهاتن منذ قرابة 60 عاما كإسكان رخيص لقدامى محاربي الحرب العالمية الثانية وعائلاتهم، وموظفي قطاع التعليم والعاملين في قطاعي الصحة والطاقة. ويبلغ عدد سكان المجمعين حاليا 25 ألف شخص يدفع ثلثاهم ايجارات أدنى من أسعار السوق.

ويقول المسؤولون في المؤسسات الاجتماعية: إن خطوة بيع المجمعين ستدفع بعائلات الطبقة العاملة في مدينة نيويورك الى الحافة، إذ تعتبر الجزيرة من اكثر الاماكن كثافة بالسكان في الولايات المتحدة الاميركية، مما سيدفع بهذه العائلات للقدوم الى الجزيرة من مناطق اخرى. ومن المعروف ان السكان المحليين في وسط مدينة نيويورك تقليديا اكثر اختلاطا وتنوعا من أي مدينة اخرى، لكن هذه الصورة بدأت تتغير في السنوات الاخيرة مع ازدياد عدد الأغنياء والميسورين الذين بدأوا بأخذ موقعهم في وسط المدينة على حساب ابناء الطبقة العاملة. ويقول المحلل في مركز الخدمات الاجتماعية في المدينة فيكتور باخ في تصريح لصحيفة «الغارديان» اللندنية، «ان ما يحصل في مجمعي «ستويفيسانت تاون» و«بيتر كوبر فيليدج»، يحصل في جميع انحاء المدينة، إذ ان الايجارات ترتفع وذوي الدخل المحدود بدأوا يشعرون بضيق حقيقي، والناس تجد صعوبة في تدبير امورها».

ومن المنتظر ان تساهم الصفقة في تغييرات جذرية لسكان المجمعين من كبار السن، حيث يتوقع ان يقوم المالك الجديد الذي سيدفع مقابل كل شقة 450 الف دولار العمل على تحسين المجمعين من اجل اعادة بيعها كشقق فاخرة وبأسعار خيالية، للموظفين والمحترفين من صغار السن.

ولهذا تمثل الصفقة امتدادا لتغير طبيعة السكن في مدينة نيويورك خصوصا مانهاتن، حيث اصبح ارتفاع اسعار العقارات عنصرا طاردا للطبقات المتوسطة والفقيرة، الامر الذي سيضع ضغوطا متزايدة على عمدة نيويورك مايكل بلومبيرغ من اجل توفير شقق سكنية وبأسعار معقولة طبقا لما اوردته الصحيفة الاميركية. وتقول «الغارديان» في تحقيق خاص عن المدينة: ان 46% من عددد سكان مدينة نيويورك من زبائن قطاع الايجار، 43 % من هؤلاء عائلات لا يتعدى دخلها الـ 30 الف دولار سنويا نصفها يذهب الى مدفوعات الايجار الشهري.

ويتراوح معدل ايجار الشقة المؤلفة من غرفة نوم واحدة بين 1100 و2000 دولار. ويتوقع ان يتضاعف هذا المعدل بعد اجراء أي صفقة بيع للمجمعين ثلاث مرات على الأقل.

ويذكر انه تم بناء المجمعين المؤلفين من 110 مبان و11.2 الف شقة، على موقع منزل الحاكم بيتر ستويفيسانت في القرن السابع عشر وقد اراد المسؤولون الحكوميون من المنطقة آنذاك، ان تكون مثالا على التعاون الاجتماعي والاقتصادي بين السكان في الولايات المتحدة ولهذا قدم ما لا يقل عن 25 الف شخص طلبات لاستئجار شقق في المجمعين خلال ثلاثة ايام. ولا يزال بعض معالم التعاون بين السكان حية مثل كثرة المراكز الاجتماعية ونوادي الكتب وانظمة مشاركة السيارات الصغيرة. وسبق لشركة «ميتلايف» ان باعت السنة الماضية احد ابراج مدينة نيويورك المعروفة في جادة «1ميدسون»، والبرج الذي كان مقرا لشركة الطيران الأميركية «بان ام»، في صفقة بلغت قيمتها 2.6 مليار دولار. وقد شهدت مدينة نيويورك صفقة عقارية ضخمة قبل ست سنوات عندما بيع «روكفلر سنتر» الذي يتوزع على ارض مساحتها 22 فدانا في قلب مانهاتن بـ1.85 مليار دولار.