بلغاريا: الاستثمار العقاري مغامرة وليس مقامرة

الأسعار ارتفعت بين 20 و70% العام الماضي

TT

ظهرت بلغاريا فجأة على مسرح العقار الدولي بمشاركات في المعارض الدولية واعلانات مكثفة تكشف الستار عن عقارات بمواصفات جيدة واسعار رخيصة. وللمستثمر العادي تبدو بلغاريا الآن وكانها الاختيار الرخيص الذي يجذب اليه فقراء المستثمرين الذين لا تكفي ميزانتيهم للاستثمار العقاري في اي مكان آخر. فالانطباع السائد هو ان بلغاريا دولة شيوعية سابقة وبها نسبة كبيرة من البطالة وبعض المشاكل الاجتماعية، كما انها ليست عضوا في الاتحاد الاوروبي بعد، وان كانت عضوا في حلف شمال الاطلسي الذي يرشحها بقوة لهذه العضوية قريبا.

ولكن الانطباعات السطحية غالبا ما تكون خاطئة. فبلغاريا بلد ذو موقع جغرافي استراتيجي، وهي متنوعة التضاريس بين الوديان والتلال والشواطئ على البحر الاسود. كما انها تحولت الى اقتصاد السوق منذ عشر سنوات على الاقل وتقدمت على مسار التحديث وفتح المجالات امام القطاع الخاص والاستثمار الاجنبي. وفي عام 2004 حققت بلغاريا نسبة نمو اقتصادي بلغت 5.7% بعد ان كانت النسبة 4.3% في عام 2003. وهي تتوقع تحقيق نسبة 5.2% من النمو هذا العام.

وكانت الانطلاقة الحقيقية لبلغاريا في عام 2004 الذي جذبت خلاله وحده ربع حجم اجمالي الاستثمار الاجنبي المباشر الذي حصلت عليه في السنوات العشر السابقة كما حققت فيه نسبة 37% من برنامج الخصخصة. وفي العام نفسه جذبت بلغاريا 10% من اجمالي الاستثمار الاجنبي المباشر المتوجه الى وسط وشرق اوروبا و30% من حجم الاستثمار الموجه الى منطقة البلقان.

ومن اهم الدول المستثمرة في بلغاريا تقع اليونان في المركز الاول تليها النمسا ثم هولندا والمانيا وايطاليا. ويتراوح حجم استثمار هذه الدول بين 1.7 مليار دولار في حالة اليونان و715 مليون دولار في حالة ايطاليا. وهبط معدل التضخم في بلغاريا في العام الاخير الى 4.1% ومن المتوقع ان يصل هذا العام الى 3.8% بعد ان كان 13% في عام 2003.

كل هذه التطورات الاقتصادية انعكست على سوق العقار في بلغاريا. وبلغ حجم التعاملات في عام 2004 حوالي .33 مليار يورو موزعة على 196 الف صفقة. وما زالت اسعار العقار البلغارية اقل منها في انحاء اوروبا الامر الذي يشير الى امكانية النمو في المستقبل خصوصا بعد الانضمام الى الاتحاد الاوروبي. ويؤكد هذا الاتجاه ان اسعار العقار ارتفعت بين 20 و70% في بلغاريا خلال العام الاخير وحده. وتصل اسعار العقار في مدينتي صوفيا وفارنا الى حوالي الف يورو للمتر المربع، بزيادة 40% عن اسعار عام 2003. كما زادت الاسعار في مناطق اخرى خلال الفترة نفسها من مائة يورو الى 600 يورو للمتر المربع. وتبلغ المساحة التي تخضع لعمليات انشاء عقاري في العاصمة البلغارية حاليا حوالي نصف مليون متر مربع.

وبدأت عشرات المشروعات الهائلة لمجمعات سياحية موجهة للاستثمار الاجنبي على سواحل البحر الاسود.

وتلجأ شركات العقار الاجنبية الى بناء وادارة المشاريع بنفسها، او كما في حالات شركات اميركية والمانية فتح اكتتاب في صناديق عقارية لانشاء مشروعات سياحية للبيع في بلغاريا. وتتوقع هذه المشروعات عوائد على الاستثمار لا تقل عن 18%.

وهناك العديد من المزايا للاستثمار في العقار البلغاري في الوقت الحاضر منها توجه هذا العقار نحو الارتفاع في القيمة وهو تيار مستمر منذ عدة سنوات ومن المتوقع ان يزداد ارتفاعا في السنوات القليلة المقبلة. كما ان السوق البلغاري ينطلق من قاعدة منخفضة في الاسعار ولم يصل بعد الى مرحلة النضج ويمكن ان يحقق الكثير من الانجاز في القيمة مع بعض الاستقرار.

ويساعد على هذا الاعتقاد ان الحكومة البلغارية تدرس حاليا توحيد الضرائب المفروضة على الاستثمار العقاري بنسبة موحدة للجميع قدرها 10%، استعدادا منها لدخول الاتحاد الاوروبي. كما تشتهر بلغاريا سياحيا بزيادة غير عادية في اقبال السائحين الاجانب بلغت نسبتها في حال السياح البريطانيين حوالي 67% ارتفاعا في العامين الماضيين مع نسبة نمو عامة تزيد عن 20% سنويا.

ويقول خبراء السياحة في بلغاريا ان من الممكن مضاعفة العوائد بشراء الاراضي في مناطق سياحية وبناء الوحدات والمشاريع السياحية عليها، نظرا لانخفاض تكاليف الايدي العاملة البلغارية. ومن المتوقع ان تسمح الحكومة البلغارية للمواطنين الاجانب بشراء الاراضي فيها بداية من عام 2007. وتسمح الحكومة بشراء الاراضي في الوقت الحاضر للشركات الاجنبية فقط. وتتوسع الحكومة البلغارية في استثمارات البنية التحتية في العاصمة صوفيا ومنتجعات التزلج على الجليد في منطقة بانسكو التي شهدت كلاهما تضاعف اسعار عقاراتها منذ عام 2002. ولكن الاسباب التي تقف وراء هذا الارتفاع تعود في الغالب الى اساسيات الاقتصاد البلغاري المستقر حيث معدلات التضخم متدنية والنمو الاقتصادي مستمر على معدلات جيدة. ويفضل معظم المشترين الاقتراض من بنوك خارج بلغاريا نظرا لاسعار الفائدة العالية نسبيا من البنوك المحلية. ويبدو ان البنوك المحلية تعمل بطاقة الاقراض القصوى لديها حيث اقرضت لعمليات عقارية 1.8 مليار يورو في العام الماضي وهو اربعة اضعاف ما كان عليه في عام 2004. ولا تقل نسبة الفائدة البلغارية عن 7.5% أي بزيادة نقطتين عن المعدلات السائدة في معظم دول اليورو. ولاحظت البنوك البلغارية انه على الرغم من زيادة معدلات الاقراض الا ان نسبة الديون الرديئة لم تزد عن معدلاتها العادية وهي نسبة 2.2%.

ولكن لا بد من الاشارة الى بعض المغالطات التي تظهر في التسويق العقاري البلغاري في الوقت الحاضر، حيث يتوقع البعض ان تصل معدلات العقار البلغاري الى مثيلها في انحاء اوروبا فور دخول بلغاريا الاتحاد الاوروبي. مثل هذا الارتفاع غير واقعي ولن يحدث على الارجح.

فحتى على المستويات الحالية المتدنية نسبيا، هناك مخاوف داخل بلغاريا من اتساع الفجوة بين اسعار العقار وبين نسبة الدخل، الامر الذي باعد بين المواطنين البلغار انفسهم وبين ملكية العقار. فالعامل البلغاري يحتاج الى اجر عشر سنوات على الاقل لكي يشتري شقة صغيرة. ومع استمرار اتساع الفجوة سوف ينعكس الوضع على الاسعار عاجلا او اجلا بحركة تصحيح سوف تجمد الاسعار في افضل سيناريو وتخفضها في السيناريو السلبي.

ايضا من ناحية العائد الايجاري يلاحظ الخبراء ان موسم التزلج على الجليد لا يزيد عن ثلاثة اشهر في العام بينما المنتجعات السياحية على البحر الاسود لا يأتي الاقبال عليها الا في شهور الصيف. وبلغ من شدة التعمير العقاري في منطقة البحر الاسود ان البعض يعتبرها الان تخطت مرحلة الاشباع.

من المخاطر الاخرى عدم الاحتراف بين بعض شركات العقار التي دخلت السوق على جناح التسويق المكثف المعتمد على رخص الاسعار. وينصح الخبراء في كل الاحوال بقضاء بعض الوقت في دراسة المواقع جيدا واختيار ما يصلح منها لاغراض الاستثمار. فالفرص السانحة في بلغاريا جيدة، وكذلك المخاطر.

* نصائح للمستثمر في بلغاريا > وعدت الحكومة البلغارية بتثبيت الضرائب على العقار في حدود 10% بداية من عام 2007. ولكن حتى ذلك الحين لا تتضح الصورة الضريبية بالكامل مما قد يعرض المستثمرين لبعض التكاليف غير المحسوبة.

* يتعين على المستثمر في الوقت الحاضر ان ينشئ شركة قبل ان يشتري عقارا ثانيا او قطعة ارض في بلغاريا. وهذا الوضع قد يتغير في المستقبل ولكنه في الوقت الحاضر يعتبر عقبة امام الاستثمار الاجنبي الحر.

* اذا وعدت شركات العقار بضمان العوائد الايجارية من الاستثمار في بلغاريا لفترات معينة، تأكد من يتضمن التعاقد هذا الوعد كتابة.

* النظرة الى العقار البلغاري يجب ان تشمل المدى الطويل وليس فقط اغراءات ارتفاع الاسعار في المدى القصير.

* يضيف الى قيمة العقار البلغاري حاليا الاقبال السياحي الذي تغذيه شركات سياحية تغادر الاسواق المشبعة مثل اسبانيا والبرتغال الى الاسواق الرخيصة مثل بلغاريا.

* المناطق الداخلية في بلغاريا توفر فرصا عقارية رخيصة. فالمناطق الريفية تقدم منازل ومزارع يقل سعرها عن 30 الف يورو. وهي تصلح لمن يريد الاقامة بعض الوقت في بلغاريا وادارة مشاريع او خدمات سياحية من هناك.

* نماذج لعقارات بلغارية معروضة للبيع 1 ـ منتجع سياحي يضم شققا من غرفة وغرفتين ضمن مجمعات على البحر الاسود في منطقة سوزوبول بأسعار تبدأ من 40 الف يورو. ويضم المنتجع شاطئا خاصا وحمامات سباحة ومراكز تريض ووحدة طبية ومناطق للاطفال وموقف سيارات والعديد من المطاعم والمنافذ التجارية السياحية.

2 ـ تقدم شركة «هامتون انترناشيونال» مشروع «وايت فير» الذي يضم وحدات عقارية كل منها يتكون من غرفتين تطل على منحدرات تزلج على الجليد وملاعب غولف، باسعار تبدأ من مائة الف يورو.

3 ـ في العاصمة صوفيا تباع عقارات بسعر 1500 يورو للمتر المربع التي تتيح مساحات جيدة لشقق باسعار متدنية.

4 ـ من المشاريع الجذابة مشروع «سان فلاس مارينا» الراقي الذي يعرض وحدات تبدأ بأسعار لا تزيد عن 47 الف يورو.

5 ـ في القرى الداخلية التي تطل على الجبال في مناطق غوستليتسا وهوتنيتسا يمكن شراء عقارات تقليدية مبنية من الحجارة والخشب باسعار اقل من 30 الف يورو.