العراق: سوق العقارات يشهد تغيرات طارئة نتيجة التحولات السياسية

رغم زيادة الطلب وضعف القدرة الشرائية للمواطن

TT

شهد سوق العقارات في العراق بشكل عام تغيرا حادا في اسعار البيع والايجارات، خاصة بعد ان ارتفع الطلب عليها في بعض المناطق متزامنا مع ضعف القدرة على الشراء لعدم توفر السيولة النقدية.

وتابعت «الشرق الاوسط» اسعار العقارات بدءاً من المناطق الشمالية والوسط وانتهاء بالجنوبية، فقد ارتفعت اسعار العقارات في اقليم كردستان، كما اكد احد المضاربين في السوق رمزي حمة لـ «الشرق الاوسط»، خصوصا اسعار العقارات في محافظات اربيل والسليمانية ودهوك حيث كانت تميل عادة وحتى قبل عام 2003 للصعود. وكان هذا يعود الى القوة الشرائية وايضا الاستقرار الامني وكثرة مشاريع الاستثمار، خاصة في مجال العقار وتحسن الواقع السياحي هناك. ومن خلال مقارنة بسيطة بين حمة ان اسعار الاراضي المعدة للبناء في العاصمة بغداد تتباين بحسب المنطقة فقد تصل الى 100 مليون دينار في منطقة وتهبط الى اقل من نصف مليون في مناطق اخرى وبحسب نوع الخدمات والوضع الامني فيها. لكن في السليمانية قد تباع العقارات بالمليارات من الدنانير، خاصة في المناطق التجارية. اما اسعار الدور السكنية فهي الاخرى كانت اعلى بكثير من اسعار العاصمة موضحا انها تتراوح ما بين 150 مليون دينار اي ما يعادل 100 الف دولار وصولا الى مليون دولار. وحول إمكانية انتقال بعض سكان العراق الى الاقليم وشرائهم عقارات هناك، خاصة اذ كانت لديهم القوة الشرائية، فقد بين حمة ان هذا الامر حدث بالفعل إذ شهدت المحافظات الثلاثة نزوح عوائل كثيرة، خاصة من المسيحيين لكن شراءهم كان يقتصر على الشقق فقط وهذا بسبب عزوف اصحاب المكاتب عن بيعهم الاراضي او الدور. وحصل هذا لأحد المواطنين الذين كانوا من المعارضين للنظام السابق الامر الذي اضطره الى الهرب للاقليم الشمالي والعمل في احدى الجامعات التي خصصت له قطعة ارض في السليمانية. وبعد عام 2003 عرض عليه مبلغ كبير جدا فقرر بيعها، خاصة انه عاد الى مسقط رأسه في جنوب العراق. وعلم في ما بعد ان ان اسعار الاراضي المجاورة لارضه اقل بكثير من السعر الذي حصل عليه، كما علم من بعض الاصدقاء ان هناك شبه اتفاق بين الاكراد على عدم بيع الاراضي في اقليم كردستان للعرب رغم ان مثل هذا الامر لا يطبق في كافة مناطق العراق. فالكردي واي عراقي له الحق في التملك باي مكان يراه مناسبا له ولعائلته. اما في محافظة كركوك فبين حمة ان هذه المحافظة ورغم المشاكل التي تمر بها ومشروع تطبيع الاوضاع هناك الا ان عمليات البيع والشراء مستمرة في العقارات واكثر الذين يشترون هم من الاكراد، كما هناك حملة غير طبيعية لبناء الدور وايضا حركة انتقال للعوائل الكردية اليها وهذا الامر ساهم ايضا في زيادة اسعار العقارات وقد وصلت اسعار البيع والشراء في هذه المحافظة الى نفس ما هو عليه في العاصمة بغداد. اما عن الأسعار الاخيرة فقد التقت «الشرق الاوسط» بصاحب شركة الخضراوي لبيع وشراء العقارات عدنان الزبيدي الذي بين ان عمليات المضاربة في سوق العقارات اختلفت تماما خلال الاشهر القليلة الماضية، حيث طفت على السطح عدة امور جعلت التنبؤ بالاسعار شيئا مستحيلا، خاصة في بغداد. فلدى بعض المناطق في العاصمة حدود اسعار تتبدل تقريبا كل يوم اولا لأنها لم تعد كما في السابق مدينة لجذب السكان بل اصبحت طاردة لهم الى المحافظات الاخرى، كما يلاحظ ان بعض المناطق خلت تماما من فئه مذهبية معينة بسبب عمليات التهجير القسري التي طالت الجميع دون استثناء، وبدلا من ان يزيد العرض فيها ما يحدث هو العكس تماما فقد زاد الطلب وكانت هناك عائلات معدة لشراء البيت لمجرد رحيل الساكن القديم ولكن يجب ان تكون هذه العائلات من نفس الفئة الغالبة في المنطقة. وفضلا عن تخبط صاحب العقار في كيفية احتساب سعر المنزل فقد اصبح كل شخص حراً في تقدير السعر الذي يناسبه، لكن الاسعار في كل الاحوال مالت الى الهبوط ولاسباب كثيرة مثل الاوضاع الامنية في المنطقة والخدمات وقربها من خطوط النقل. وهناك عامل آخر مهم ايضا وهو ضعف المقدرة الشرائية للفرد فهناك طلب على الشراء لكن اغلب العائلات لم تعد تملك المال او السيولة للشراء بسبب التضخم، كما ان تجربة الفرد كل يوم تجعله لا يفكر بمستقبله وهذا ما خلق نوعا جديدا من التعاملات وهو المقايضة بان يقوم شخص من اهالي البياع بتبادل داره مع اخر من مدينة الصدر على ان يتكفل احدهما بالفارق السعري.

وعن اسعار الدور فقد كشف بعض السماسرة ان الدار التي كانت تباع في السابق بمبلغ 700 مليون دينار اي ما يوازي 680 الف دولار، اصبح سعرها الان لا يتعدى 400 مليون وقد يزيد عن ذلك لكن بنسب طفيفة. كما يمكن الحصول على دار في بعض المناطق غير المرغوب فيها باقل من ذلك بكثير وحتى اقل من 70 مليون دينار. وعن توقعاته للاسعار خلال الفترة المقبلة اكد حمة ان هذا الامر مرهون بالوضع الامني، فاسعار عقارات بغداد لم تصل حتى الآن الى ربع قيمتها بسبب ذلك، وفي حال تحسن الاوضاع وبدء المشاريع الاستثمارية يمكن القول انها ستقفز الى اسعار مضاعفة جدا لكن الذي لديه القدرة على تحمل هذه الاسعار هي فئات قليلة مثل المؤسسات المالية واصحاب النفوذ وايضا العرب والاجانب الذين سيدخلون قطاع سوق العقار في حال السماح لهم.

اما في محافظات الجنوب والفرات الاوسط، فاسعار العقارات فيها ارتفعت بمعدلات بسيطة في بعض المحافظات مثل السماوة وذي قار والعمارة لاسباب تعود الى نزوح العوائل المهجرة اليها وايضا كثرة الانشطارات في العائلة العراقية التي جمدت لعقود لسوء الوضع المعيشي لها. اما في محافظات النجف وكربلاء والبصرة فقد تضاعفت اسعار العقارات فيها لان هناك نزوحا اليها ليس من داخل العراق فحسب بل تعدى الى ورود اعداد كبيرة من العائلات من خارج العراق اضافة الى انها تعد محافظات جيدة للاستثمار وهذا ما جعلها محط انظار المستثمرين وهناك حملة واسعة فيها لبناء العمارات والفنادق والمطاعم السياحية، كما انها تتمتع بنوع من الاستقرار الامني. وقال امجد النجفي: اسعار الاراضي في المناطق التجارية في النجف وكربلاء ارتفعت الى ثمان اضعاف عما كانت عليه قبل عام ونصف العام واصبح اصحابها لا يتعاملون بمئات الملايين بل بالمليارات. اما العقارات الجاهزة مثل الفنادق وغيرها فنادرا ما تدخل سوق المضاربات كونها استثمارا طويل الامد لكنها تحدث كنوع من انواع الصفقات بين الكبار فقط.