«الملكية الجزئية» أسلوب جديد لملكية العقار

بدأ في أميركا وينتشر تدريجيا في أوروبا

TT

اذا كان يراودك حلم ملكية عقار فاخر في جزيرة كاريبية او في منطقة استوائية ساحرة، فإن اسلوب «الملكية الجزئية» اوFractional Ownership هو الطريق الافضل الى هذه الملكية التي كانت ستظل حلما بلا تحقيق من دون هذا الاسلوب الجديد. وهو باختصار يعني ان يجمع اثنين، او اكثر، من المستثمرين مواردهما معا من اجل شراء عقار غالي الثمن، ثم يقومون بتقسيم الملكية مناصفة في الاستخدام وايضا في العوائد الايجارية وثمن البيع النهائي. لكن هذا الاسلوب يشبه الى حد بعيد طريقة «التايم شير» التي اسيء استخدامها في الثمانينات الى درجة انها اصبحت مترادفة لفضائح احتيال. فهل الملكية الجزئية «تايم شير» باسم جديد؟

هذا الاسلوب الجديد للملكية الجزئية نما في السنوات الاخيرة الى درجة انه اصبح صناعة قوامها عشرات الملايين من الدولارات، خصوصا في الولايات المتحدة. وهو ينتقل الآن تدريجيا الى اوروبا عبر بريطانيا ويغري العديد من المستثمرين لتجربته.

احد النماذج كان لاثنين من المستثمرين من فئة مديري الشركات اشتركا معا في شراء فيلا في جزيرة سان لوشيا الكاريبية مناصفة على الرغم من انهما لا يعرفان بعضهما بعضا بصفة شخصية. وهما يمضيان في صفقة الشراء على الرغم من عدم وجود نيات قوية للتعارف او التقارب بصفتهما شريكين في عقار واحد. فالاستثمار شيء والصداقات الشخصية شيء آخر.

الفائدة الواضحة من هذا الاسلوب ان المشتري يستطيع ان يملك نصفا، او نسبة من، عقار فاخر لم يكن يستطيع ان يملكه بدون هذا الاسلوب الجديد. كما انه يستطيع في حالة الملكية الجزئية ان يدعو الكثيرين من معارفه واصدقائه لزيارته في عقاره الفاخر في مناطق خلابة دون ان يعرف اي منهم انه لا يملك كل العقار. كما ان المشتري يكون شريكا في رأس المال وفي ملكية العقار، وليس فقط مستخدما للعقار خلال فترة محدودة كل عام مثلما الحال في «التايم شير»، فهو يستفيد من نمو اسعار العقار عندما يحين وقت البيع.

وتقوم عدة شركات استثمارية في الوقت الحاضر بتسويق هذا النوع من ملكية العقار من بينها شركة اسمها «بست غروب» التي تعتبر من مبتكري هذا النوع من الاستثمار العقاري. ومن بين مبيعات هذه الشركة فيلا كاريبية فاخرة يبلغ ثمنها نصف مليون دولار فقط، لكنها موزعة على خمسة مستثمرين اختارتهم الشركة من بين زبائنها لان رغباتهم في الشراء وفي حجم رأس المال المتوافر لهم متماثل الى درجة كبيرة. ويدفع كل مستثمر من الخمسة مائة الف دولار، وبالمقابل يمتلك احد اخماس الفيلا، او نسبة 20 في المائة منها، تتيح له استخدامها الشخصي او تأجيرها لمدة عشرة اسابيع كل عام.

هذا الاسلوب يناسب المستثمر المرتبط بأعمال وظيفية او استثمارية لا تتيح له وقتا طويلا لقضائه في عقاره السياحي. كما ان البعض يختار هذا الاسلوب ايضا بعد متابعة قصص مستثمرين اخرين يمتلكون عقارات في الخارج بالكامل ويعانون من الكثير من المشاكل عندما تقع مشكلة في العقار، مثل تسرب مياه من احد المواسير او انكسار احد الصنابير. فهناك صعوبات بالغة في محاولة اجراء مثل هذه الاصلاحات عن بعد.

اما الملكيات المشتركة فهي تعتمد على شركة ادارية تقوم بكافة الخدمات اللازمة للصيانة والتجديد، وايضا ايجاد مستأجرين في الفترات الشاغرة. ويساهم المستأجرون بدورهم في تخفيض تكاليف الادارة على المستثمر الذي يختار التأجير بدلا من الاقامة في عقاره خلال الفترة التي تخصه.

هؤلاء المستثمرون يتمتعون بملكية العقار من حيث زيادة القيمة وربما من دخل الايجار ايضا، لكنهم في الوقت نفسه يتجنبون متاعب ومسؤوليات الملكية الكاملة. كما انهم ليسوا مضطرين الى التعرف على بقية المساهمين في العقار او حتى اللقاء بهم لان شركة الادارة العقارية تأخذ على عاتقها كافة الترتيبات المتعلقة بحاجات المساهمين، كل على حدة.

ولا تربط الملكية الجزئية المساهمين فيها بموعد بيع محدد او بقرارات استثمارية غير مناسبة لهم. فمن يريد من الشركاء بيع حصته يستطيع ذلك بسهولة عبر شركة الادارة التي توفر مستثمرين آخرين يشترون الحصص المعروضة بسعر السوق. وتنفي مجموعة «بست غروب» اي تشابه بين استثماراتها وبين اسلوب «التايم شير» القديم وتقول انها تبيع استثمارات فاخرة في مواقع رائعة باسعار في متناول اغلبية المستثمرين. وتملك الشركة مواقع عقارية في جزر سان لوتشيا وباربادوس ومدينة كيب تاون في جنوب افريقيا، بالاضافة الى منطقة كوينز تاون في نيوزيلاند. ويحصل المستثمر على حصة عقارية، تكون بحجم احد اخماس في اغلب الحالات، وتنعكس هذه الملكية في وقت محدد كل عام يتم تدويره تباعا بما يناسب المستثمرين ويحقق العدالة في الاستفادة بأوقات العام المختلفة.

وتكون العقارات المعروضة بهذا الاسلوب مفروشة بالكامل وتحت الادارة العقارية الدقيقة مثل فنادق الخمس نجوم. وتشمل الخدمة توفير المناشف واغطية الاسّرة وخدمات التوصيل من والى المطار. وبالطبع تكون الخدمات التي تقدم بهذه النوعية ذات ثمن مرتفع. وتحصل شركات الادارة على نسبة تتراوح بين 3.5 الى 4.2 في المائة من قيمة العقار سنويا. ويمكن الغاء حصة من هذه الرسوم بتقديم العقار للايجار لفترة من الاسابيع العشرة التي تدخل ضمن الملكية.

وبالاضافة الى هذه التسهيلات توفر شركة الادارة ايضا امكانية التمويل لنصف حصص الملكية من مصارف تعرف هذا النوع من الاستثمار وتثق في قيمته. كما انها تساعد اي مستثمر على بيع حصته في اي وقت يريد.

احدى الشركات التي تقدم عقارات باسلوب الملكية الجزئية في جزيرة خاصة في مجموعة جزر سيشل تقول ان معظم زبائنها لا يضطرون الى الاقتراض من اجل دخول هذا النوع من الاستثمار. ويقول مالك القرية السياحية التي تبيع بأسلوب الملكية الجزئية انه تلقى عروضا لبيع العقارات المعروضة في القرية لمستثمرين يريدونها بالكامل لانفسهم وبأسعار تصل الى 4.8 مليون دولار لكل من العقارات العشرة التي يعرضها للبيع الجزئي. لكنه يرفض لانه باع قرية سابقة بالكامل بهذا الاسلوب المفضل لديه ويريد ان يحذو الوسيلة نفسها لبيع قريته الجديدة.

الايجابيات والسلبيات متعددة في هذا الاسلوب الوسيط بين «التايم شير» والملكية المطلقة. فمن الايجابيات انه اسلوب مريح للبال من حيث تسليم العقار لشركة ادارة وتحمل نسبة من التكاليف مقابل اتاحة وقت كاف لكافة اغراض الاستجمام حيث لا يقضي المستثمر العادي اكثر من اربعة الى خمسة اسابيع في العقارات السياحية ويترك الفترات الباقية شاغرة. كما ان الاسلوب يتيح الاستفادة بملكية عقار فاخر في الفترة المتاح فيها لم يكن في مقدور المستثمر تحمل تكاليفه باسلوب الملكية التقليدي.

وهناك سلبيات ايضا لمثل هذا الاسلوب، ربما لم تظهر بعد لانه اسلوب جديد في الاسواق. ولكن مساوئ اسلوب «التايم شير» يمكن ان تتكرر فيه. فظروف المستثمر تتغير بينما الملكية الجزئية اسلوب جامد يربط المستثمر بعقار واحد وبفترات محدودة وبتكاليف ادارة عالية هو في غنى عنها لو ذهب الى فندق فاخر مختلف كل عام لقضاء وقت ممتع بلا متاعب ملكية، سواء كانت جزئية او كلية.

من المشاكل التي سبق ونشأت من اسلوب «التايم شير» صعوبة البيع بأي ثمن لهذه الاستثمارات، خصوصا بعد اكتساب «التايم شير» لسمعة رديئة. ويمكن القول ان هذا النوع من الاستثمارات يتوجه اساسا للمرفهين من المستثمرين الذين لا يتطلعون الى تحقيق مكاسب عقارية كبيرة من شراء العقار ثم بيعه، وانما يلجأون الى شراء العقار بغرض التظاهر وبغض النظر عن القيمة المضافة. واذا افترضنا ان مثل هذا العقار سوف يزيد في القيمة ما بين ثلاثة واربعة في المائة سنويا، فهذه النسبة تماثل ما سيدفعه المستثمر من تكاليف ادارة سنوية للشركة، اي انه سوف يحصل فقط على ما دفعه ثمنا في حصته من العقار عند البيع، هذا اذا عثر على مستثمر اخر بالسهولة التي تدعيها الان شركات الاستثمار بالملكية الجزئية. ومن يريد الاستثمار بهذا الاسلوب استشارة خبراء السوق اولا والتزام الحرص الشديد عند التعامل.

* عقارات استثمارية معروضة للمشاركة باستثمارات تبدأ من جنيه استرليني واحد

* تعددت الأساليب والملكية الجزئية واحدة

* من التجديدات الاستثمارية الاخرى التي لفتت انظار اسواق العقار ويمكن ان تقدم افكارا جديدة لاسواق العقار العربية الخاملة او غالية القيمة في المنطقة، اسلوب ابتكرته شركة استثمار بريطانية لتجميع المستثمرين عبر موقعها على الانترنت، وتوفير فرص جماعية لهم لشراء عقارات استثمارية تطرح للتأجير. وبدلا من امتلاك المساهمين حصصا في العقار يمتلكون اسهما في الشركة العقارية بقيمة العقارات التي ساهموا فيها، وهي اسهم لا يزيد ثمن السهم الواحد منها على جنيه استرليني واحد.

وتقول الشركة انها تتيح اسواق العقار لمستثمري الاسهم الصغار الذين لا يستطيعون بمواردهم المحدودة دخول سوق العقار. ولا تفرض الشركة حصصا او نسبا معينة من العقارات التي تشتريها وتديرها نيابة عن مستثمريها، فهي تطرح العقار المطلوب الاستثمار فيه وتتقدم لشرائه فور تغطية الاسهم المعروضة فيه بعدد متناسب مع السعر (اي ما يعادل مائتي الف سهم لعقار ثمنه مائتا الف استرليني).

وفي احدث استثمار لها اشترت الشركة، واسمها اوبرومارك Opromark، عقارا في مدينة ليدز ثمنه 104 الاف استرليني. وكان معدل الاستثمار في هذا العقار حوالي 1600 استرليني، بينما ساهم اصغر مستثمر فيه بجنيه استرليني واحد. ونظريا تنمو الاسهم بنسبة النمو في العقار. وبالاضافة الى نمو قيمة الاسهم المرتبطة بقيمة العقارات، تدير الشركة عقاراتها بتأجيرها وتوزيع الارباح على المساهمين في صورة عوائد اسهم ربع سنوية تدفع بعد خصم تكاليف الادارة. وتحصل شركة «اوبرومارك» على ارباحها من نسبة واحد في المائة تفرضها على العقارات المباعة ونسبة نصف في المائة على ادارة الاستثمار سنويا. وتقول مصادر الشركة انه بعد خصم التكاليف سوف يحصل المستثمرون على عوائد تبلغ ما بين 50 و75 في المائة من صافي قيمة الايجار في شكل عوائد اسهم.

وبدأت الشركة نشاطها في شهر يونيو (حزيران) الماضي ولديها حوالي الف مستثمر مسجل وتعرض للاستثمار نحو 20 عقارا تتراوح بين شقق في مدن مثل ليفربول ومنازل في لندن بأسعار تبدأ من 121 الف استرليني وتصل الى نصف مليون استرليني مقسمة على اسهم للمستثمرين.