مصر: «التاون» و«التوين هاوس» وحدات سكنية تناسب الشرائح الاجتماعية الجديدة من الطبقات فوق المتوسطة

TT

أفرزت الموجة الثالثة لسياسة الانفتاح الاقتصادي التي بدأت مع حكومة نظيف الأولى في بداية الألفية الثالثة طبقة اجتماعية جديدة من شباب رجال الأعمال والعاملين في البنوك الأجنبية وشركات القطاع الخاص، وأيضا من الكوادر الجديدة في القطاع الحكومي، والتي يتم تصنيفها على أنها الشريحة العليا من الطبقة المتوسطة، والتي تختلف بطبيعة الحال عن الشريحة الاجتماعية التابعة للموجتين الأولى التي بدأت عام 1974 حتى عام 1991 والثانية من بداية تسعينات القرن الماضي حتى عام 2004.

وظهر مع تطلعات الفئات الجديدة من «المقتدرين» نمط معيشي وسكني مميز يناسب طموحاتها وتطلعاتها، فظهرت الفيلات المعروفة بـ «التاون هاوس» و«التوين هاوس»، التي انتشرت مؤخرا في المجمعات السكنية «الكومباوندز» في المناطق السكنية الجديدة على أطراف القاهرة مثل «6 أكتوبر» و«التجمع الخامس» و«القاهرة الجديدة»، وهذا النمط السكني الجديد، يقع وسطا بين السكن في الوحدات السكنية الفاخرة في الأبراج التي أصبحت تملأ المدينة ولم تعد ترضي التطلع الى الخصوصية، وبين ما لا تقدر عليه الفئات الصاعدة من سكن في فيلا مستقلة يتعدى ثمنها مليوني جنيه على الأقل.

والمقصود بـ «التاون هاوس» كما عرفها رجل الأعمال حسين صبور ورئيس شركة الأهلي للتنمية العقارية «انها مجموعة من الفيلات المتلاصقة من الجانبين لا يقل عددها عن أربع فيلات، بمدخل خاص لكل فيلا، ولكن بحديقة أمامية وخلفية ومساحة أرض اقل وبالتالي تكلفتها أقل لأنها موزعة على أكثر من فيلا. أما «التوين هاوس» (المنزل التوأم) المعروف عقاريا بفيلا «نصف مستقلة»، فهي فيلا متصلة يتقاسمها ساكنان ولكل منهما مدخل خاص وبحديقة من ثلاثة جوانب، وليس له الا جار واحد فقط، ومساحة أكبر من «التاون» ما يعني خفض التكلفة. وأشار صبور الى ان هذه الوحدات السكنية تناسب أصحاب القوى الشرائية ذات الدخول المرتفعة من أصحاب المراكز الاجتماعية المرموقة.

وقال مدير التسويق بشركة «كولد ويل بانكر» للتسويق العقاري محمد البناني ان الفكرة ليست جديدة في الهندسة المعمارية، وأضاف أنها طبقت في القرى السياحية كمطلب ضروري لتمتع اكبر عدد من القاطنين بـ "فيو» البحر، كما طبقت في الشاليهات الموجودة بمراقيا والعين السخنة وشرم الشيخ وأخيرا في مشروع مراسي بسيدي عبد الرحمن الذي فازت به شركة «اعمار» الاماراتية مع «أرتوك جروب» المصرية مؤخرا، اللتان أسستا «اعمار مصر».

وذكر البناني أنه تم نقل هذا النمط المعماري الى جوار القاهرة «كاحتياج»، للخروج من قلب القاهرة المزدحم والأبراج السكنية الشاهقة المتعددة الوحدات بداخل الطابق الواحد، وأنه «طوال الوقت لا بد أن تتم تلبية مطالب وطموحات الشرائح الاجتماعية المختلفة، مع منح الفرصة الى التنوع للراغبين في نمط حياتي مميز يتسم بالخصوصية، ويتوافق مع امكانياتهم المادية، فيستطيع أي فرد يمتلك مليون جنيه أن يسكن في فيلا «تاون» او «توين هاوس» في منتجع راق». من جانبه أوضح نائب رئيس مجلس ادارة شركة «ايدار» للتسويق العقاري ماجد عبد العظيم أن اسعار الفيلات «التوين» و«التاون» تختلف من منطقة لأخرى، وان ما يحدد الأسعار هو عاملا العرض والطلب. فنوعية هذه الفيلات تتمركز في المناطق الجديدة مثل «6 اكتوبر» و«القاهرة الجديدة» ويتراوح متوسط سعر المتر بالوحدة في «أكتوبر» من 1200 الى 2000 جنيه، أما في «القاهرة الجديدة» و«التجمع الخامس» فيتراوح ثمن المتر بين 1700 و2500 جنيه. وهذه الاسعار بالنسبة لـ «النصف تشطيب» وقد وصلت الى اغلى من ذلك نظرا لارتفاع الطلب في السوق عليها، من الشركات الاستثمارية والعقارية التي تتولى اعادة تسويقها.

ورأى عبد العظيم أن ذلك الاتجاه الاسثتمارى مشجع وينمو، وهو ما تدلل عليه مؤشرات السوق العقاري، وأكد انه كان هناك مشروعان «كومباوند» «تاون» و«توين» وفيلات مستقلة يصل عددها 800 وحدة سكنية في «التجمع الخامس» تم أغلق باب الحجز فيهما بعد خمس ساعات من فتحه.

أما الخبير الاقتصادي محمود حسين فيرى أن بروز مثل تلك المشروعات العقارية جاء نتيجة طبيعية للتوسع في الاستثمار الأجنبي وتحرير الأسواق الأمر الذي خلق فئات اجتماعية جديدة كانت بحاجة الى مثل هذا النمط ولو مرحليا ريثما يتسنى لها الحصول على فيلا كاملة مستقلة.

وألمح فيري الى وجود تناقض بين النهضة التي يشهدها القطاع العقاري، الركود الاقتصادي المصري عامة.

واستطرد موضحا أن جانبا من الطلب على نوعية هذه العقارات «الفخمة» يحدث كمشروع استثماري ربما يدر عائدا وربحا مجزيا ولكن على المدى القصير، لأنه لن يعود على السياسة الاقتصادية التي تخدم الشرائح العامة بالربح، معللا ذلك بان «ثمار التنمية يجب ألا تخص طبقة معينة من أصحاب الدخول المرتفعة على حساب ذوي الدخول المنخفضة، حيث ان الاستثمار لا بد أن يكون موجها لكافة الطبقات حتى لا يحدث اختلال اجتماعي جسيم».