لبنان: إعادة اعمار المباني المدمرة يصطدم بالمخالفات وغياب المخطط التوجيهي

TT

مع بدء ورشة اعادة اعمار ما دمره العدوان الاسرائيلي الاخير على لبنان، برزت امام الحكومة عدة عقبات ابرزها مخالفات البناء، وغياب المخطط التوجيهي العام، وطريقة التعويض على اصحاب البيوت المدمرة كليا او جزئيا.

فعلى صعيد التعويضات قدمت الحكومة حلا او نصف حل تناول الوحدات السكنية المدمرة كليا بحيث يعطى صاحب كل وحدة في الضاحية الجنوبية مبلغ 80 مليون ليرة على دفعتين بهدف التأكد من ان الاموال تذهب للبناء وليس لاي شيء غير ذلك، على ان تطرح الحكومة في وقت لاحق طريقة التعويض على اصحاب الوحدات المتضررة وعلى اصحاب الوحدات في المناطق والقرى، حتى ان نصف الحل هذا لقي معارضة من جهات حكومية مختلفة ابرزها «حزب الله» الذي طالب برفع المبلغ الى 90 مليون ليرة، وحزب «القوات اللبنانية» الذي طالب برفع تعويضات مهجري الجبل اسوة بتعويضات الضاحية. مع الاشارة الى ان رئيس لجنة الاشغال العامة والنقل والطاقة والمياه النيابية محمد قباني كان قد طرح فكرة التعويض على المبنى ككل، على ان يتأمن توزيع الحصص على الوحدات المدمرة من خلال لجنة تمثل المالكين في المبنى ومن خلال تشريعات سيتم اعدادها في هذا الشأن. اما مخالفات البناء فحدث عنها ولا حرج، وهي توسعت بشكل لافت خلال الاحتلال الاسرائيلي والاجتياحات المتكررة للجنوب اللبناني وما بعد الجنوب، وخلال فترة الحرب الاهلية، ومع ازدياد حركة التهجير والهجرة من الجنوب. وكان هناك اكثر من نوع من المخالفات، منها ما يتجاوز عامل الاستثمار السطحي والعمودي، ومنها ما تعدى على املاك الدولة والمشاعات، ومنها ما تعدى على املاك الغير، وهو ما سبب المواجهات الاخيرة بين رجال قوى الامن والمواطنين في منطقتي الرمل العالي والاوزاعي المحاذيتين للضاحية الجنوبية لبيروت.

ويرى النائب قباني «ان المخالفات التي تمت تسويتها اصبحت حقا للمالك، وبالتالي ستكون هناك، وبموجب قانون، زيادة في عامل الاستثمار، حيث يجب ذلك، لكي يصبح بالامكان اعادة بناء الوحدات السكنية المدمرة كليا مع التسويات التي تم دفع كلفتها. وبالنسبة الى من بنى على املاك الغير او على الاملاك العامة، فهو يقبض تعويضات عن البناء فقط وليس عن الارض، ولا يرخص له لاعادة البناء، وعليه ان يجد حلا». ويأمل قباني في ان تنتهي اللجان النيابية المشتركة الى احالة حصيلة مناقشاتها الى مجلس الوزراء لتصدر المراسيم المتعلقة بالموضوع.

وما تعاني منه الضاحية الجنوبية تعاني مثله بعض قرى الجنوب التي لم تخضع اراضيها للمسح، ومن اصل الوحدات السكنية المتضررة هناك والبالغة 4 آلاف وحدة لا يمكن الحصول على افادات عقارية لاكثر من 40% من هذه الوحدات. ومن هنا تشدد نقابة المهندسين على ضرورة اقرار المخطط التوجيهي الشامل للاراضي اللبنانية الذي بدأ الحديث عنه والمطالبة به منذ الستينات، ثم احيل الى مجلس النواب عام 2002، واعيد الى مجلس الوزراء عام 2005 وما زال في ادراجه كسواه من المشاريع العديدة.

وتكمن اهمية هذا المخطط، بحسب نقابة المهندسين، في تحقيق التنمية المتوازنة، وفي تحديد نسبة الاستثمار في كل منطقة انطلاقا من واقعها وحاجاتها ومستقبلها، وفي تحديد مخالفات البناء في القرى والبلدات غير الخاضعة للمساحة، والملاحظ ان نقابة المهندسين كانت اسرع من الدولة في مواجهة المشكلة فبادرت الى اعداد خطة طوارئ وتشكيل لجان هندسة واستنفار نحو 500 مهندس متطوع لمساعدة الاهالي المتضررين من خلال تسريع العمل برخص البناء التي باتت تنجز في مدى اسبوعين بدلا مما كانت تستغرقه من وقت قبل ذلك، وهو نحو ثلاثة اشهر. والنقابة اليوم في صدد اقتراح مشروع قانون على الحكومة ولجنة الاشغال النيابية يتعلق بكيفية التصرف في المناطق المنكوبة، ولا سيما البناء في املاك الغير او الرسمية كاعتماد الايجار الحكري المتبع في املاك الاوقاف، اي التأجير لمدة 99 سنة.

ومن العقبات التي تواجه الحكومة ايضا عدم وصول البيوت الجاهزة لوضعها موقتا في متناول اصحاب الوحدات السكنية المتضررة قبل فصل الشتاء الذي دهم اللبنانيين باكرا هذه السنة، مع ان العديد من الدول اعربت عن استعدادها لارسال مثل هذه البيوت الى لبنان.