أميركا: الأموال تبدأ هجرة عكسية من الاستثمار في العقار إلى الأسهم

الإنترنت سبب ارتفاع الأسعار في ولاية فرجينيا المجاورة لواشنطن

TT

قال خبير عقاري أميركي من أصل عربي في ولاية فرجينيا: إن أسعار العقارات في شرق أميركا وغربها ارتفعت بشكل مذهل خلال السنوات الست الأخيرة لكنها بدأت تتأرجح بين الثبات والهبوط خلال هذه السنة بسبب عوامل عديدة من بينها أسعار الفائدة والوضع الاقتصادي وتقلبات سوق الأسهم. وأشار الخبير أحمد الحميقاني الذي يدير مؤسسة للإقراض العقاري في مدينة «سبرينغ فيلد» إلى إن تقلبات سوق الأسهم تؤثر سلبا وإيجابا في حركة بيع وشراء العقارات في الولايات المتحدة حيث ان عدم اطمئنان المستثمرين لسوق الأسهم يجعلهم يلجأون لاستثمار أموالهم في شراء العقارات. ويرجع الحميقاني أسباب الارتفاع في فرجينيا قبل هذه السنة، إلى أنها أصبحت عاصمة شركات الانترنت والكمبيوتر بعد سيلكون فالي في كاليفورنيا، وتدفع هذه الشركات رواتب عالية لموظفيها، الأمر الذي ينعكس على مستوى المعيشة وبالتالي على أسعار العقارات. لكن ذلك الصعود عاد الى الهبوط حالياً.

وأوضح الحميقاني لـ«الشرق الأوسط» إن منطقة الساحل الشرقي في الولايات المتحدة شهدت ارتفاعا كبيرا في اسعار العقارات طوال خمس سنوات بدءا من سنة 2000 حتى 2005 حيث كان متوسط سعر المنزل العادي في ولاية فرجينيا على سبيل المثال أكثر قليلا من 100 ألف دولار وتجاوز المتوسط حاليا حاجز الثلاثمائة ألف دولار، أي أن أسعار العقارات تضاعفت ثلاث مرات.

وأضاف الحميقاني أن من بين عوامل الارتفاع في السنوات الخمس الماضية تذبذب أسعار الأسهم فاتجه كثير من المستثمرين إلى سحب أموالهم من سوق الأسهم ووضعها في عقارات، وعندما عادت أسعار الأسهم للارتفاع مرة أخرى هذه السنة بدأنا نلحظ هجرة عكسية لرؤوس الأموال من سوق العقارات إلى شراء الأسهم من جديد مما أدى إلى توقف أسعار العقارات عن الارتفاع هذا الموسم بل وهبوط الأسعار في بعض المناطق.

ويتوقع الحميقاني أن تهبط أسعار العقارات أو تثبت في مكانها بدون ارتفاع خلال هذ الموسم والموسم المقبل لأن أسعار الفائدة بدأت ترتفع وهذا يؤثر سلبا على حركة الشراء غير أن المنطقة الواقعة داخل الطريق الدائري المحيط بالعاصمة واشنطن لن تهبط أسعارها مهما كانت الظروف بسبب قرب المساكن فيها من قلب العاصمة إضافة الى ارتفاع أسعار الوقود التي تجعل السكن البعيد عن مقر العمل غير مجدٍ من الناحية الاقتصادية حيث ان الانتقال اليومي للعمل يكلف الموظف مبالغ كبيرة لتموين سيارته بالوقود.

وقال الخبير العقاري: إن الاسعار في منطقة بالتيمور التي تبعد عن واشنطن حوالي ساعة واحدة بالسيارة ارتفعت بشكل كبير خلال السنوات القليلة الماضية لأسباب مختلفة من بينها أن الأسعار كانت فيها هابطة جدا عن المعدل العام في شرق أميركا وعن الأسعار في واشنطن، ومن المتوقع أن تستمر في الارتفاع لأن قوانين الإيجارات في بالتيمور تغيرت وأصبح بإمكان ملاك العقارات أن يرفعوا الإيجارات إضافة إلى أن موقع بالتيمور بين واشنطن ونيويورك يعطيها ميزة كبيرة خصوصا مع بدء مشروع القطار السريع الذي يمكن أن يصل عن طريقه أي موظف في واشنطن من بالتيمور خلال عشر دقائق فقط.

وردا على سؤال حول سبب اختيار المستثمرين العرب لولاية ميشغن لشراء عقارات فيها رغم هبوط الأسعار فيها، قال الحميقاني إن متوسط أسعار المنازل في وسط أميركا يصل إلى 150 ألف دولار وهو معدل معقول ولكن الاقتصاد في ميشغن مرتبط بصناعة السيارات وهناك منافسة قوية من اليابان والصين، لكن وجود مصانع الشركات الثلاث الكبرى في ميشغن أوجد جالية عربية كبيرة تملكت منازل في ميشغن واستوطنت هناك وكل عربي يفضل الإقامة بالقرب من أقاربه في الولاية نفسها أو المدينة نفسها، لكن نسبة العرب لم تصل إلى درجة التأثير على سوق العقارات. أما في واشنطن فالاقتصاد (خدماتي) ومرتبط بالحكومة الفيدرالية وهي أكبر جهة توظيف في البلاد.

وقد ظهرت وظائف عديدة لا يحتاج الموظف فيها أن يغادر منزله إلى مقر عمله بل يؤدي عمله عبر الانترنت من منزله لأن ذلك لا يؤثر على سوق العقارات لأن الإنسان يحتاج في الأساس لمنزل يسكن فيه والذي يتأثر فقط هو حركة التنقل أما العمل من البيت فقد يكون تأثيره إيجابيا لأن من يعمل في منزله قد يفكر في توسيعه أو شراء منزل أكبر يستوعب وجود مكتب للعمل من داخل المنزل. ويرى الخبير العقاري العربي أن المهاجرين ساهموا إلى حد كبير في رفع أسعار العقارات لأن المولودين في الولايات المتحدة غالبا لديهم منازل ورثوها من آبائهم أو يعيشون فيها منذ فترة طويلة أما المهاجر الجديد فأول ما يفكر فيه بعد أن يستقر في وطنه الجديد هو شراء منزل يؤويه ويؤوي أقاربه وهذا يساهم في رفع حركة بيع وشراء المنازل.

ويرى أحمد الحميقاني أن النظام العقاري في الولايات المتحدة دقيق ومنظم ولا يمكن مقارنته بما يحدث في العالم العربي نظرا لوجود مؤسسات إشرافية لا تسمح بظهور أي خلل في نظام الشراء والبيع والتسجيل. وأوضح قائلا إنه توجد هيئة عقارات في كل ولاية أميركية مؤلفة من سبعة إلى تسعة أشخاص يعملون على تقنين وسن اللوائح المنظمة وتحديد العقوبات ومنح رخص ممارسة العمل لوكلاء العقارات وموظفيهم.

ويلاحظ أن هناك عددا كبيرا من العرب تحولوا إلى وكلاء عقارات في الولايات المتحدة والسبب يعود إلى الدخل العالي الذي يدره العمل في بيع وشراء العقارات، والشيء الثاني أن سمسار العقارات بإمكانه بعد ثلاث سنوات من ممارسة العمل في مكتب معين أن يصبح وكيل عقارات يعمل تحت إشرافه عدد كبير من السماسرة ويحصل على حوالي نصف العمولات التي يحصل عليها كل منهم.

ويجذب هذا النوع من العمل أيضا المهاجرين إليه ومن بينهم العرب بسبب المرونة في ساعات العمل، حيث لا يوجد دوام معين للحضور إلى المكتب بل يتحرك الشخص حسب حاجات العمل، ولا توجد إحصاءات عن نسبة العرب الذين يمارسون العمل كوكلاء عقارات ولكن هناك أعدادا كبيرة حققت قفزات وهناك من لديهم شركات عقارية كبيرة.