بلفاست تتخلى عن تاريخها الطائفي لتصبح أغلى المدن الآيرلندية

166% نسبة ارتفاع الأسعار خلال عشر سنوات

TT

لم تمر السنوات الماضية على بلفاست عبثا إذ نفضت عن نفسها صورتها التقليدية المرتبطة بالصراع الطائفي والعنف والعنف المضاد بين القوميين الإيرلنديين والقوات البريطانية بعد بدء عملية السلام في ايرلندا في التسعينيات. وتمكن المسؤولون عن المدينة من إحداث نقلة نوعية من الناحية الاقتصادية وجعلها مركزا مهما ومرغوبا من جميع انواع المستثمرين في بريطانيا وخصوصا من الناحية العقارية.

الإحصاءات الأخيرة تشير الى ان عقارات اقليم ايرلندا الشمالية، الأسرع نموا في بريطانيا السنة الماضية. وقد تراوحت الزيادة على الأسعار حسب بعض المؤشرات العقارية الإيرلندية والبريطانية بين 20 و24 في المائة. وقد ارتفعت اسعار العقارات في العاصمة بلفاست بنسبة 13 في المائة. وحسب المعلومات المتوفرة من بنك ايرلندا فإن معدل سعر العقار او المنزل في المدينة وصل الى 193 الف جنيه استرليني (347.4 الف دولار). أما اغلى العقارات في الإقليم فتقع في جنوب المدينة حيث ارتفعت الأسعار 30 في المائة العام الماضي.

وتقول مؤسسة «ماي بلفاست» العقارية على شبكة الإنترنت ان معدل سعر العقار في ايرلندا قبل عشر سنوات كان حوالي 37 الف جنيه وقد زادت الأسعار خلال السنوات العشر الماضية بنسبة 166 في المائة في ايرلندا الشمالية مقابل 75 في المائة في بقية المناطق البريطانية.

وحسب اهم المواقع العقارية المعنية بايرلندا الشمالية على شبكة الإنترنت www.daft.ie ، فإن الأسعار تتفاوت بشكل كبير في المدينة وتعتمد على الموقع والقدم وحجم الحاجة الى الترميم والإصلاح. فمثلا يمكن حتى الآن شراء شقة مؤلفة من ثلاث غرف نوم في وسط المدينة بحاجة الى بعض اللمسات الفنية بـ 165 الف جنيه. ويمكن العثور على منزل مؤلف من ثلاث غرف نوم بـ 400 الف جنيه في المناطق الراقية. ويمكن العثور على شقق بسعر لا يتعدى الـ 65 الف جنيه. وتقول صحيفة التايمز اللندنية ان اسباب الزيادة الكبيرة على اسعار العقارات تعود الى معدل البطالة المنخفض في ايرلندا الشمالية والاستقرار الاقتصادي والاستثمارات الكثيرة التي قام بها القطاعان العام والخاص خلال السنوات العشر الماضية. كما ان نصف الفرص المستحدثة توجد في العاصمة بلفاست. وتشير الصحيفة الى ان المدينة التي يبلغ عدد سكانها حوالي 700 الف نسمة، تجذب الشركات الكبرى بسبب رخص اليد العاملة نسبة الى مثيلاتها في بقية المناطق البريطانية بالإضافة الى نوعية خدماتها العالية والتي تعتبر الأفضل في اوروبا. زد على ذلك ساعات العمل المريحة نسبيا وقرب المناطق من بعضها وسهولة التنقل، وهي من الأمور التي تساهم هذه الايام بعودة المهاجرين من ابناء المدينة من لندن وبقية المدن الاوروبية للاستقرار والعمل. ولهذه الاسباب مجتمعة ازداد الطلب في الفترة الأخيرة على العقارات الجديدة التي تشكل ربع التبادلات العقارية. وتشهد المدينة هجمة كبيرة على العقارات الرخيصة التي لا يتعدى سعرها الـ125 الف جنيه ولهذا كثرت السنة الماضية المبيعات التي تتم عبر الخرائط وقبل بدء العمل في عمليات البناء.

لكن يحذر بعض الخبراء من الطفرة الحالية وامكانات تراجعها لاحقا بسبب كثرة العقارات الجديدة وتراجع مردود عائدات الإيجار بشكل عام، وارتفاع الأسعار بمعدل اكبر بكثير من معدل ارتفاع الأجور الذي يصل الى 20 الف جنيه تقريبا. والمعدل العام لسعر العقار لا يزال ست مرات من معدل الاجور او ما يعرف بالحد الأدنى.

وتشهد العاصمة بلفاست مشاريع انمائية عديدة خاصة في الوسط التجاري والمالي، وخصوصا مشروع بناء برج «اوبل» الذي سيكون الأطول في الإقليم بعلو 26 طابقا بكلفة 50 مليون جنيه. اضف الى ذلك مشروع «لاغانسايد» الاستثماري الذي يقضي بإنشاء اكثر من الف وحدة سكنية بسعر متوسط للشقة الواحدة 135 الف جنيه. وقد ساهمت الحكومة المحلية بالكثير من الأموال التي ذهبت لمشاريع البنية التحتية وإعادة تأهيل المباني المطلة على ضفتي نهر لاغان.