ارتفاع عدد القروض العقارية بالمغرب بنسبة 30% خلال 2006

إحداث صناديق ضمان لتمويل السكن وتسهيلات للأجانب

TT

في مواكبة الفورة العقارية التي يعرفها المغرب، ارتفع جاري القروض العقارية نهاية سنة 2006 بنسبة 30% مقارنة مع نهاية 2005، وبنسبة 57% مقارنة مع نهاية سنة 2004. وبلغ حجم جاري القروض العقارية نهاية السنة الماضية نحو 72 مليار درهم (8.5 مليار دولار)، حسب المصرف المركزي المغربي.

وتعكس هذه الأرقام الانطلاق الفعلي خلال السنة الماضية للآليات الجديدة لتمويل السكن التي وضعتها الدولة مند نهاية سنة 2003، بعد إدخال عدة تعديلات عليها خلال سنة 2006.

ترتكز هذه الآليات على إحداث صناديق ضمان تمكن مختلف شرائح المجتمع المغربي من ولوج القروض المصرفية لشراء سكن جديد أو قديم أو من أجل البناء أو الترميم.

وتندرج هذه الآليات الجديدة ضمن التوجه الليبرالي للدولة المغربية، إذ جاءت لتعوض التدخل المباشر للدولة عبر منح بيوت أو بقع أرضية، الذي لم يكن يمكن تعميم الاستفادة منها لجميع المواطنين، واستبداله بتدخل لطيف للدولة عبر تمكين المواطن من ولوج التمويلات المصرفية وتحمل أعباء اقتناء مسكنه بمجهوده الخاص بدل الاعتماد على المساعدة المباشرة للدولة.

وتنطلق هذه السياسة الجديدة من ملاحظة؛ مفادها أن أهم عائق أمام ولوج المواطنين للسلفات المصرفية كان دائما يتمثل في الضمانات التي تطالب بها البنوك. فغالبا لا يمكن تقديم رسم ملكية الشقة المراد شراؤها كضمان للحصول على قرض لشراء الشقة ذاتها، إذ يبدو الأمر أشبه بمفارقة من الأسبق: البيضة أم الدجاجة؟ إضافة إلى ذلك يستحيل الحصول على رسم شقة منفردة في إطار مشروع ملكية مشتركة لاستعماله في ضمان القرض. كما تواجه شرائح واسعة من المواطنين مشكلة كبيرة بخصوص إثبات دخلها المالي، وقدرتها على سداد الأقساط الشهرية للقرض، خاصة بالنسبة للحرفيين والتجار الصغار وغيرهم من ذوي الدخل غير القار، الذين لا يتوفرون على وثائق رسمية لإثباته.

وفي مواجهة هذه المعضلة، قررت الدولة إحداث أربعة صناديق ضمان تغطي مختلف شرائح المجتمع، وتمكن من تغطية الحاجيات الخاصة لكل شريحة بدقة من خلال إحداث منتجات مصرفية خاصة بها عبر اتفاقيات تبرمها الحكومة والسلطات المالية مع الاتحاد المهني للمصارف المغربية.

وتتضمن روزنامة صناديق الضمان التي قررت الدولة إنشاءها صندوقا خاصا بأفراد الأسرة التعليمية المنخرطين في «مؤسسة محمد السادس للأعمال الاجتماعية للتربية والتكوين» تحت اسم صندوق «فوكاليف». وعرف هذا الصندوق، الذي يتم تمويله من حصة من موازنة الدولة تعادل 5% من كتلة أجور وزارة التعليم وموارد انخراط المنتسبين للمؤسسة، نجاحا باهرا بسبب إقبال المصارف عليه وتنافسها على استقطاب الشريحة الاجتماعية المعنية به، والتي تتسم باستقرارها المهني والمالي.

ويضم العرض المصرفي في إطار ضمان صندوق «فوكاليف» ثلاثة أنواع من القروض. قرض أساسي في حدود 200 ألف درهم (24 ألف دولار) بسعر فائدة نسبته 4.5%، وقرض تكميلي في حدود 300 ألف درهم (35 ألف دولار) بفائدة نسبتها 6.5%، ثم قرض «السلف الصغير» بقيمة 80 ألف درهم (9.4 ألف دولار) بفائدة 2.5% على مدة 10 سنوات لتغطية المصاريف الثانوية المترتبة عن اقتناء المسكن.

ويمكن لأجل تسديد القرض أن يمتد حتى يبلغ المستفيد 65 عاما من عمره. ويمكن الاستفادة من هذه القروض سواء تعلق الأمر باقتناء مسكن رئيسي أو ثانوي، أكان ذلك في نفس المدينة التي يعمل فيها المستفيد أم في مدينة أخرى. الصندوق الثاني الذي تم إطلاقه ضمن هذه السياسة وعرف نجاحا كبيرا كذلك هو صندوق «فوكاريم» لضمان قروض ذوي الدخل البسيط.

وتمنح المصارف، في هذا الإطار، قروضا تصل قيمتها الى 200 ألف درهم (24 ألف دولار) يتم تسديدها بأقساط شهرية لا تتجاوز 1500 درهم (177 دولارا) لمدة تصل في أقصاها 25 سنة، وبفائدة تتراوح بين 7.5% و8.5%. وتمتد فترة السداد إلى غاية 75 عاما من عمر المستفيد. بسبب عدم توفر الشرائح الاجتماعية المستهدفة بهذا الصندوق على وثائق رسمية لإثبات الدخل، فإن المستفيد يكتفي بتقديم تصريح بالشرف يحدد فيه مستوى متوسط دخله السنوي للحصول على القرض. وشكلت السنة الماضية السنة الفعلية لانطلاق صندوق «فوكاريم» لضمان ذوي الدخل البسيط وغير المستقرين. وبلغ عدد المستفيدين منه نهاية العام نحو 12 ألف أسرة. وبلغ حجم القروض التي منحت في إطاره 1.7 مليار درهم (200 مليون دولار) نهاية 2006. وتسعى الدولة إلى أن يشمل ضمان هذا الصندوق 50 ألف قرض في السنة، وأن يصبح أداة أساسية في محاربة السكن العشوائي ومدن الصفيح في الأحياء الهامشية التي بات يطلق عليها «أحزمة البؤٍس» في ضواحي الحواضر الكبرى، يعول عليه في ردم هوة العجز السكني للمغرب والمقدر بنحو 1.2 مليون وحدة سكنية.

ويتم تمويل الصندوق من خلال إحداث رسم خاص للتضامن من أجل السكن يفرض على مبيعات الإسمنت على الصعيد الوطني بالإضافة إلى دعم ميزانية الدولة.

وفي هذا السياق، أبرمت بعض المصارف المغربية اتفاقيات مع جمعيات ومؤسسات السلفات الصغيرة جدا من أجل إيجاد صيغ لتقريب سلفات السكن المضمونة من قبل صندوق «فوكاريم» من الشرائح الاجتماعية الأكثر فقرا، والتي تتوفر على دخل جد متواضع. كما قررت اللجنة الوطنية لمتابعة «فوكاريم»، والتي تضم الحكومة والسلطات المالية واتحاد البنوك وممثلي قطاع الإنعاش العقاري، توسيع فرص منح سلفات «فوكاريم» لتشمل إمكانية لاشتراك عدة أفراد في سلف واحد، وذلك لتفعيل التضامن بين أفراد العائلة الواحدة قصد شراء السكن في الأوساط الشعبية المتواضعة الدخل.

الصندوقان الآخران اللذان تقرر إحداثهما في هذا الإطار هما صندوق «فوكالوج العمومي» الموجه لموظفي القطاع العمومي، وصندوق «فوكالوج الخاص» الموجه لأجراء القطاع الخاص. غير أن هذين الصندوقين لم يعرفا حتى الآن أي إنجاز يذكر. فبالنسبة لـ«فوكالوج العام» لم يراوح مكانه منذ إطلاقه بسبب عدم ملاءمته لحاجيات موظفي الإدارات العمومية، نظرا لشروطه الضيقة، من جهة، وبسبب منافسة البرامج السكنية للمؤسسات العمومية من جهة ثانية. أما «فوكالوج الخاص» فما زال في طور التفاوض بين الدولة والنقابات والحكومة في إطار الحوار الاجتماعي، وذلك بسبب الخلاف حول تحديد حصة مساهمة كل طرف في تشكيل الصندوق.

وإذا كانت هذه الصناديق موجهة لتلبية حاجات المواطنين المغاربة، فإن مخططي سياسة تمويل السكن في المغرب لم يغفلوا المستثمر الأجنبي الذي بات يمثل أحد الأرقام الصعبة في معادلة الفورة العقارية التي تعرفها البلاد، خاصة مع الإقبال الكبير للمتقاعدين الأوروبيين على اقتناء مساكن في المغرب وأثر ذلك على جذب الاستثمارات الأجنبية في مجال البناء والتطوير العقاري. ففي شهر اغسطس (آب) الماضي، أصدر «مكتب الصرف» المغربي، وهو الهيئة الموكولة تقنين وتنظيم سوق صرف العملات بالمغرب، مرسوما يسمح للمصارف المغربية بمنح قروض عقارية بالدرهم المغربي للأجانب غير المقيمين الراغبين في شراء مسكن بالمغرب، وذلك في حدود 70% من قيمة العقار المراد شراؤه. كما يخول المرسوم المصارف المغربية صلاحية إصدار كفالات لفائدة المصارف الأجنبية قصد تسهيل تمويل حصة 30% من قيمة العقار التي يشترط المرسوم تمويلها بالعملات الأجنبية.

* أنواع الصناديق العقارية ـ صندوق «فوكاليف» الخاص بأفراد الأسرة التعليمية المنخرطين في «مؤسسة محمد السادس للأعمال الاجتماعية للتربية والتكوين» ـ صندوق «فوكاريم» لضمان قروض ذوي الدخل المحدود وغير المستقرين ـ صندوق «فوكالوج العمومي» الموجه لموظفي القطاع العمومي ـ صندوق «فوكالوج الخاص» الموجه لأجراء القطاع الخاص