السعودية: اشتداد المنافسة بين شركات التطوير العقاري لطرح المشاريع الإسكانية والبرامج التمويلية

مؤشرات إيجابية تتماشى مع متطلبات المرحلة المقبلة

TT

على الرغم من اشتداد المنافسة في قطاع البناء والعقارات في السعودية والذي وصل إلى مراحل متقدمة مما يعتبر نقطة تحول لانتعاش السوق العقاري منذ عقدين من الزمان في ضخ رؤوس أموال في قطاع بناء المساكن والفلل وطرح مختلف الوحدات العقارية. إلا أن السوق لا يزال يحتاج إلى المزيد من توفير وحدات سكنية مختلفة لتغطية الطلب المتزايد وبشكل كبير على المساكن في السعودية وبالتحديد في المدن الرئيسية العاصمة الرياض والمنطقة الشرقية ومدينة جدة غرب السعودية، والتي في الغالب تكون هي المقياس الحقيقي لعوامل الطلب والعرض في البلاد بشكل عام. ويذكر مراقبون ان المتجه نحو المدن المحيطة بالمدن الرئيسية يرى توازنا أكثر في عمليات العرض والطلب على المساكن وتملكها نظراً لقلة التكلفة في أسعار الأراضي ومواد البناء في المدن خارج المدن الرئيسية. وساهم الطلب المتزايد على المساكن في إنعاش مبيعات مواد البناء الأمر الذي أدى إلى تحرك الأنشطة العقارية في البلاد، وتنشيط قطاع المقاولات، والتي ينتظر ضخ 15 مليار ريال (4 مليارات دولار) خلال الخمس سنوات المقبلة في بناء المساكن والوحدات العقارية المخصصة للإسكان.

وذكر عقاريون ان شركات المقاولات في البلاد بدأت بالتركيز على سوق البناء الخاص، وخاصة بما يتعلق بشريحة الدخل المتوسط والتي تتطلب مساكن بمساحات تتراوح ما بين 300 و900 متر مربع، وتتراوح الأسعار ما بين 600 ألف ريال (160 ألف دولار) إلى مليون ريال (266 ألف دولار)، الأمر الذي افرز عوامل مختلفة لتوازن تلك العملية كطرح برامج تمويل مختلفة ومتعددة الفائدة من قبل البنوك وشركات التقسيط، وحتى شركات التطوير العقاري التي بدأت في تمويل من يرغب شراء مساكن في مشاريعها، مما أدى إلى خلق جو تنافسي جديد في عملية التمويل للفوز بأكبر شريحة من الأفراد الراغبين بشراء وحدات سكنية، وذلك قبل طرح عملية منظومة التمويل العقاري كما أكدته مصادر لـ«الشرق الأوسط» التي ستعمل على تمويل مشاريع عقارية إسكانية بشكل ميسر كما يحدث في الدول المجاورة. وتعتبر تلك مؤشرات إيجابية ومشجعة تتماشى مع حركة الطلب المتزايد الذي تشهده السعودية منذ العام 2000، ويشير علي العلي رئيس مجلس إدارة مجموعة العلي القابضة الى أن السبب في تلك الحركة الكبيرة في قطاع البناء والعقار في الإسكان يعود إلى اتجاه المؤسسات والشركات لتنشيط السوق بعد ركود طويل، مؤكداً إن هذا القطاع لم يتم تطويره في السنوات الأخيرة، ولم تدخل فيه برامج جديدة في البناء، الأمر الذي استوجب إعداد أنشطة وبرامج مختلفة.

بالإضافة إلى وجود العديد من المخططات والمساكن في مختلف مدن البلاد حيث تشهد مدن جدة والرياض والمنطقة الشرقية ومكة المكرمة والمدينة المنورة انتعاشا في قطاع بناء المساكن والطلب عليها نتيجة الهجرة المتزايدة لتلك المدن لعدد كبير من الأسباب منها توفر وظائف لطالبي العمل، مشيراً إلى أهمية وجود تعاون بين الشركات المطورة والجهات المختصة من باب الشراكات والتنسيق فيما بينها لطرح برامج تمويليه من شأنها تخفيض مدة التقسيط والدفعات، حيث أن عدد المستفيدين من تلك البرامج لا يزال في حدود القليل نظراً للدفعات المقدمة المرتفعة والأقساط الشهرية التي تتراوح ما بين 5 آلاف ريال (1333 دولارا) إلى 12 ألف ريال (3200 دولار) شهرياً. وذكر العلي أن شركته طرحت عددا من البرنامج لتمويل المساكن لتطبيق نظرية معالجة تيسير تملك مسكن، حيث تم تطبيق هذا البرنامج على عدة منتجات عقارية تلبي طلبات عدد من الشرائح والتي ترغب في تملك شقق سكنية وفلل الأدوار والفلل المنفصلة، الأمر الذي سيساهم بشكل فعلي في تيسير مشكلة السكن.

من جهته ذكر صالح سلمان الزهراني مدير شركة تطوير عقاري في المنطقة الشرقية أن عملية التملك للوحدات الإسكانية بات مطلباً للكثير من الأفراد في البلاد، حيث أن عملية الإيجار بدأت تثقل كاهل الفرد، خاصة أنها لا توفر مردودا مستقبليا بعكس برامج التملك التي توفر تملك الوحدة العقارية على مدى طويل من دفع الإقساط، خاصة ان الأفراد في الوقت الحالي يتمتعون بوعي استثماري واستهلاكي، حيث تواجه الوحدات العقارية المطروحة للتملك إقبالا كبيراً من قبل المستثمرين، الأمر الذي يؤكد حاجة البلاد لمثل هذه البرامج.

ويشير الزهراني الى أن احد الأسباب التي أدت إلى ازدياد الطلب على تملك الوحدات العقارية هو ارتفاع الإيجارات الأخير غير المبرر في عدد من المدن السعودية، مما سبب إزعاجا كبيراً لكثير من المستهلكين في قطاع العقارات لبرامج التأجير، مع عدم تجديد نظام العلاقة بين المؤجر والمستأجر منذ 20 سنة.

وأضاف ان العمل على طرح مشاريع عقارية يتطلب وقتاً طويلاً ولكن في ظل توجه العديد من الشركات بنسبة 80 في المائة للعمل على تطوير مشاريع إسكانية وتوفير شركات أخرى لبرامج مختلفة للتمويل سيساعد على تغطية الطلب المتزايد على قطاع الإسكان خلال الفترة المقبلة، في حين عمل الكثير من ملاك المساكن القديمة على تجديد مساكنهم لإعادة طرحها للتأجير من جديد بعدما غادرها الكثير نظراً لعدم تجديدها من قبل الملاك، وتواجدها داخل المدن، الأمر الذي لا يفضله الكثير من المستأجرين.

يذكر ان هناك العديد من شركات التطوير العقاري تعمل على تطوير مشاريع إسكانية كمشروع القصر والذي طرحته شركة دار الأركان في مدينة الرياض، ومشروع شركة العلي القابضة في عدد من الأحياء في البلاد، ومشروع الإسكان الميسر الذي طرحته الشركة السعودية للتطوير العمراني الذراع العقاري لمجموعة العيسائي القابضة في مدينة جدة والذي يتوقع أن يتم صرف ما يقارب 5 مليارات ريال (1.3 مليار دولار) بالإضافة إلى طرح مشاريع مختلفة في المنطقة الشرقية والتي أكدت مصادر عاملة أن هناك مشاريع إسكانية ضخمة مختلفة يعمل عليها عدد من الشركات ستكون نقطة تحويل مدن الدمام والخبر والأحساء لتغطية الطلب على المساكن في تلك المنطقة.