لبنان : ارتفاع اسعار مواد البناء يهدد بوقف مشاريع الإسكان والبنية التحتية

رغم جمود قطاع العقار

TT

على الرغم من الجمود الذي يسود القطاع العقاري في لبنان منذ حرب يوليو (تموز) يشهد قطاع البناء ازمة حادة نتيجة ارتفاع اسعار المواد، ولا سيما مادتي الاسمنت والحديد، مما يهدد بتوقف العديد من المشاريع العقارية، ومشاريع البنية التحتية.

فعلى صعيد الاسمنت، هناك ثلاثة معامل في لبنان تنتج هذه المادة، والمادة الاولية التي تستخدم في تصنيعها (الكلينكر)، ويبلغ انتاجها السنوي نحو 5 ملايين طن، يستهلك السوق المحلي منها نحو نصفها والنصف الآخر يتم تصديره الى الدول المجاورة.

ويقول مدير العلاقات العامة في معمل «هولسيم» (احد المعامل الثلاث) عصام سلامة لـ«الشرق الاوسط»: «ان سوق الجوار سوق طالب للاسمنت، بدءاً من سورية وانتهاء بالمملكة العربية السعودية، مروراً بالعراق، ولذلك ينشط التصدير الى هذه الدول، وكلما كان البلد المصدر اليه قريباً من لبنان كان التصدير افضل مردوداً، باعتبار ان كلفة الشحن مرتفعة، وكون السوق السوري يرتفع فيه الطلب يجهد بعض التجار في تهريب الشحنات الى سورية، ثم للافادة من فارق السعر بين طن الترابة اللبنانية البالغ ارض المعمل 71.5 دولار بما فيها الضريبة على القيمة المضافة، وطن الترابة السورية الذي يفوق السعر الاول بنحو 50 الى 60 دولاراً في الطن الواحد، في حين يباع سعر الطن اللبناني واصل الى الورشة فوق 100 دولار وهو رقم لم يسبق ان بلغه في مرحلة من المراحل، علماً ان هذا الارتفاع غير المبرر بدأ يتراجع بعد ان افتضح امر التهريب».

اضاف سلامة: «واذا كانت السلطات اللبنانية قد ضبطت الحدود الى حد كبير، فان الطلب على الاسمنت في الاسواق المجاورة سيظل مرتفعاً لسنوات، باعتبار ان انشاء معمل للترابة يحتاج الى ما بين ثلاث او اربع سنوات، والى استثمار كبير قد يفوق 500 مليون دولار، نظراً لطفرة البناء والمشاريع التي تشهدها تلك الاسواق.

وذكر سلامة انه في عام 1995 عندما توسعت عملية الاعمار، وفاق الطلب العرض، استقدم لبنان بارجة لتصنيع الاسمنت وتلبية حاجة السوق المحلي الذي كانت المعامل القائمة تقصر عن تلبيتها».

واذا كانت مادة الاسمنت قد ارتفعت بما بين 40% و50%، فان مادة الحديد التي تستعمل في البناء والمشاريع ارتفعت هي الاخرى بالنسبة نفسها تقريباً، ومرد هذا الارتفاع، كما يقول مسؤول في محلات يارد لاستيراد الحديد لـ«الشرق الاوسط» الى جملة اسباب اهمها: ارتفاع الطلب في السوق المحلي على هذه المادة، ولاسيما من اجل اعادة بناء الجسور التي هدمتها الحرب الاسرائيلية ضد لبنان، وارتفاع الطلب في البلدان الناشئة، وخصوصاً الصين التي تشهد نمواً قياسياً يبلغ 10.9%، بالاضافة الى السيولة الكبيرة في دول الخليج الناتجة عن ارتفاع اسعار النفط والتي حفزت على اقامة المشاريع الكبرى في هذه الدول، سواء على مستوى البناء او على مستوى مشاريع البنية التحتية. ويبلغ سعر طن الحديد اليوم نحو 850 دولاراً بعدما كان قبل اسابيع يباع بـ 550 دولاراً.

وقال رئيس نقابة المقاولين ومتعهدي الاشغال العامة فؤاد الخازن لـ«الشرق الاوسط»: «ان مقاولي القطاعين العام والخاص يعانون اليوم من ارتفاع اسعار المواد الاولية، ولاسيما الحديد الذي ارتفع سعره في الاشهر الاخيرة من 550 دولاراً للطن الى 850 دولاراً، وهو سعر غير مسبوق على الاطلاق، وبدأ ينعكس سلباً على مختلف المشاريع، خصوصاً المشاريع التي تنص عقودها على تعديل الاسعار. كما انعكس هذا الارتفاع سلباً على علاقات المقاولين بالتجار والمستوردين، علماً ان لبنان يستورد كامل حاجاته من الحديد».

وحذر الخازن من توقف المشاريع «اذا لم تتخذ السلطات الرسمية الاجراءات اللازمة للحد من ارتفاع اسعار مواد البناء، واعادتها الى وضعها الطبيعي».