لبنان: المهاجرون يحركون السوق العقاري ويشترون 50% من الشقق

الخليجيون في انتظار حل الأزمة السياسية والاقتصادية

الخليجيون يرغبون في شراء العقارات المواجهة للبحر في بيروت («الشرق الاوسط»)
TT

لا تزال الازمة السياسية والاقتصادية التي يعيشها لبنان منذ حرب يوليو (تموز) عام 2006 تضغط بكل ثقلها على القطاع العقاري الذي شهد في السنوات القليلة الماضية فورات متقطعة ومتفاوتة. وتكاد الحركة في هذا القطاع تقتصر راهنا على المهاجرين اللبنانيين، ولا سيما الموجود منهم في دول الخليج بصورة رئيسية، والى حد ما على النخبة اللبنانية.

واذا اجرينا تحليلا سريعا لطالبي السكن في لبنان لوجدنا انفسنا امام ثلاث صور متباينة. الصورة الاولى تمثل احجام، او على الاقل، انتظار الرعايا الخليجيين عن طلب المساكن بعدما كانت مشاريع البناء الكبرى (ابراجاً ومجمعات) في بيروت تستهدف هذا النوع من الزبائن. ويقول رجا مكارم رئيس شركة "رامكو" العقارية "ان الرعايا الخليجيين هم وحدهم تقريبا القادرون على شراء مسكن يتراوح بين 500 متر مربع و1500 متر مربع". ويتركز طلب هؤلاء الرعايا على الابراج السكنية القائمة على الواجهة البحرية لوسط بيروت التجاري، وبعض المشاريع الفخمة الواقعة على طول كورنيش عين المريسة والرملة البيضاء. ومنذ نحو سنة نجد الرعايا الخليجيين مستنكفين ما خلا بعض الحالات الاستثنائية، ومن دون ان يتخلى هؤلاء عن الرغبة في الاستثمار العقاري في لبنان وانما في انتظار ظروف افضل".

الصورة الثانية تمثل النخبة المحلية المنبثقة من اوساط الاعمال في لبنان او الخارج، وهي شريحة ليست كبيرة. ويتركز طلبها على الاحياء المميزة او الراقية في الاشرفية ورأس بيروت وشارع فردان، وعلى شقق بمساحة 350 الى 450 متراً مربعاً مع موازنة تتراوح بين 700 الف دولار ومليون دولار. ويعتبر مكارم ان الاحداث التي تلت حرب يوليو حدت من شهية هذه النخبة التي اصبحت "متطلبة وصعبة" وهذا ما يترجم عادة بعدم الاستعجال وتحين الفرص المناسبة.

تبقى الصورة الثالثة وهي تمثل اللبنانيين العاملين في دول الخليج وغيرها، وهذه الفئة آخذة في الازدياد نتيجة تزايد اعداد المهاجرين وتحقيقهم وفورات ذات شأن، الامر الذي جعلهم الهدف الاساسي لاصحاب مشاريع البناء. وفي بعض الحالات هناك اكثر من 50% من الشقق الجاري تنفيذها تباع الى المهاجرين، ويقسم احد تجار البناء المهاجرين الذين يبتغون الحصول على شقة في بيروت قسمين: المهاجرون النخبة والمهاجرون الوسط. الفئة الاولى يملك الواحد منها موازنة من مليون دولار وما فوق، ومستعد لان يدفع بين الفي دولار و2500 دولار ثمن المتر المربع الواحد من الشقة الجديدة. اما الفئة الثانية فتمثل المستخدمين الازواج الذين يبحثون عن شقة بمساحة تتراوح بين 200 و300 متر مربع مع موازنة لا تتعدى 500 الف دولار.

ويبقى طلب الشقق الجديدة من الزبائن المحليين على جانب من الاهمية. ويتمثل هؤلاء الزبائن بالمستخدمين وعائلاتهم، وتتراوح موازنة الواحد من هؤلاء بين 150 الف دولار و200 الف دولار. وهؤلاء يعون تماما عدم قدرتهم على الشراء في الاحياء الراقية من بيروت، لذلك يسعون وراء احياء ذات كثافة سكنية مثل "الظريف"، او "عائشة بكار"، او "المصيطبة"، او "الجعيتاوي"، او "السيوفي"، وحتى "مار تقلا" و"برازيليا"، قد لا يتوافر فيها المنظر، او الهدوء.

وفي ضوء فورة الطلب على المساكن من قبل المهاجرين، عمدت المصارف اللبنانية الى تقديم تسهيلات لهؤلاء عبر تقديم قروض سكنية لهم، وهذا ما خصص "البنك اللبناني – الكندي" له جزءاً من نشاطه. ويقول مدير قسم القروض المصرفية في البنك رجا نعسان لـ "الشرق الاوسط": "ان البنك يركز جهوده اليوم على اللبنانيين العاملين في الخارج. حيث يقدم لهم ثلاثة منتجات هي القرض السكني وقرض السيارات، والقرض الشخصي. وقد خصصنا هذه الزيارة، في بادىء الامر، للعاملين في دبي وابو ظبي والمملكة العربية السعودية، والكويت، وقطر، على ان ننتقل لاحقاً الى العاملين في اوروبا، وكندا. وهناك كل شهرين او ثلاثة اشهر تقوم بعثة من البنك، بجولة في الدول المذكورة لمقابلة الزبائن".

وكشف نعسان: "ان البنك "اللبناني – الكندي" ابرم اتفاق شراكة مع "بنك ابو ظبي التجاري"، ثاني بنوك الامارات، من اجل تسهيل عمليات اللبنانيين العاملين في الخليج. وبفضل هذه الشراكة يستطيع المهاجر ان يتقدم بطلبه على شبابيك البنك الاماراتي على ان يحصل على الجواب في غضون ثماني واربعين ساعة".