السعودية: المساهمات العقارية المتعثرة تمثل فرصا جديدة في السوق العقاري

10.6 مليار دولار حجمها .. ووسطاء عقاريون يقتنصونها

تعتبر المساهمات العقارية فرصاً جديدة تصطادها الشركات الحديثة («الشرق الاوسط»)
TT

يتجدد السوق العقاري في السعودية بين فترة وأخرى من خلال الأفكار الجديدة والجزئية التي يطرحها كبار العقاريين في البلاد، وذلك عن طريق قنوات الاستثمار أو عن طريق طرح مختلف المشاريع في أرجاء البلاد، الأمر الذي حدد حركة الاستثمار في السوق العقارية في البلاد.

وتشير مصادر عقارية إلى أن حركة الاستثمار العقاري تتوجه نحو شراء المساهمات العقارية المتعثرة أو المتوقفة، التي باتت فرصة استثمارية جيدة للمستثمرين الجدد، خاصة من الشركات الجديدة المحلية والإقليمية أو حتى من الجهات الحكومية المستثمرة التي تنوي العمل في السوق العقاري في البلاد.

وحسب إحصاءات غير رسمية ذكرت ان حجم المساهمات العقارية يصل إلى 40 مليار ريال (10.6 مليار دولار)، نتجت عن اختلاف المساهمين مع القائمين، أو هروب أصحاب المساهمات العقارية، أو ممارسة الشركات القائمة على المساهمات العقارية لمخالفات صريحة لنظام مؤسسة النقد العربي السعودية، كالاستعانة ببنوك خارجية لجمع أموال المساهمين، الصورة التي حدثت في احدى المساهمات العقارية في المنطقة الشرقية، والتي لا تزال متوقفة حتى الآن.

يشير محمد العمري، محام ومستشار قانوني، إلى ان نظام المساهمات العقارية هو نظام قديم بدأت الممارسات فيه منذ 30 سنة، وكان منتشراً في المنطقة الشرقية، التي شهدت مساهمات عقارية قديمة بعضها تم تصفيتها والبعض الآخر لا تزال حتى يومنا هذا متعثرة، مبيناً ان طريقة جمع الأموال في المساهمات العقارية يكون عن طريق شراء ارض بمساحة معينة داخل النطاق العمراني للمدينة، ومن ثم فتحها كمساهمة عقارية عن طريق تحديد سعر المتر المربع، حيث يقسم إلى قسمين: قسم يسمى سعر التأسيس، وهو مساهمة الشخص بمبلغ معين حسب سعر الأرض الخام الأصلي من غير إضافات، ومن ثم يتم تحديد سعر آخر يضاف إليه ربح معين، بالإضافة إلى سعر التطوير، الذي يتضمن تجهيز البنى التحتية وإدخال الخدمات والذي قد يصل إلى 200 في المائة، ومن ثم يتم تحديد بيع قطع الأراضي بعد التطوير، سواء كان بالمزاد العلني أو عن طريق تسويق الأراضي. وشهدت هذه المرحلة من المساهمة العقارية أكثر نقاط الاختلاف بين المساهمين أو الملاك أو القائمين على المساهمات العقارية على حد تعبير العمري.

حيث يبين ان أكثر المساهمين في المساهمات العقارية قبل تنظيمها من وزارة التجارة ومن ثم عن طريق هيئة سوق المال يختلفون مع الملاك حول عدم تصفية المساهمة بالشكل المطلوب، أو كما أعلن في إعلانات الشركة أو المكتب العقاري، أنها ستحقق أرباحا بنسبة معينة وهي التي لا تصل إلى نصف الأرباح المعلنة، وبالتالي فإن الكثير من المساهمات تعثرت لأسباب تتعلق بتصفية المخطط أو المشروع محل المساهمة.

ويضيف العمري: الكثير من المساهمات العقارية لا تزال معلقة في حين ان الكثير من المساهمين يطالبون بحقوقهم أو رؤوس أموالهم، مشيراً إلى ان الكثير من المساهمين وقعوا في شرك بنود العقود الذي كان يتيح للقائمين على المساهمة تصفيتها بعد 3 سنوات، في حين كانت الوعود خلال 9 اشهر أو سنة من خلال الإعلان.

وشهد سوق المساهمات العقارية في السعودية تعثر الكثير من كبرى المساهمات، قد تكون أبرزها مساهمة "سوق بني النجار" لـ "عقار القابضة "، التي جمعت فيها شركة "عقار القابضة" ما يقارب 850 مليون ريال (226 مليون دولار)، استمرت ما يقارب 5 سنوات إلى ان تم إقامة مزاد عقاري على الأراضي التي تحولت إلى نصيب وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف السعودية، التي بدورها خصصت 2.5 مليار ريال (666 مليون دولار) لبناء المشروع الاستثماري.

في حين كانت "جزر البندقية" من اشهر المساهمات العقارية التي توقفت من قِبل الجهات المختصة في الدولة، ويتم تصفيتها حالياً من قِبل مكتب القانوني صالح النعيم، الذي ذكر ان حقوق المساهمين تبلغ 1.5 مليار ريال (400 مليون دولار)، التي ذكرت مصادر ان هناك توجها لعرض المشروع للبيع على عدد من الشركات المحلية والإقليمية، وهذا ما أكدت المصادر ان المساهمات العقارية المتعثرة باتت تمثل فرصا استثمارية جيدة لعدد من الأسباب.

وتلاحق عدد من المساهمات العقارية الكبرى من خلال المساهمين من خلال تنصيب محام للدفاع عن حقوقهم، كمساهمة "درة الخبر"، التي تم تعيين مكتب محام في الرياض لرفع قضية على شركة "درة الخبر". بالإضافة إلى مساهمة "سحاب" التابعة لشركة "أملاك العقارية"، التي شهدت مشادات بين المساهمين وبين الشركة التي أغلقت فروعها. وأشار علي الشهراني، وسيط عقاري لعدد من المساهمات العقارية، إلى ان الفرصة تكمن في المساهمات المتعثرة في ان القائمين عليها يرغبون في الخلاص منها بأي شكل لتصفيتها وصرف حقوق المساهمين الذين باتوا يشكلون مصدر إزعاج من خلال اتصالاتهم وترددهم على مقار الشركات صاحبة المساهمة، أو من خلال ملاحقتهم القضائية، في ظل تهرب الكثير من أصحاب المساهمات العقارية المتعثرة، من الرد إلى ان حدا الأمر بتشكل لجان خاصة من قِبل الجهات المختصة للبت في مواضيع المساهمات المتعثرة ووضع حد لتلاعب بعض الدخلاء على السوق العقاري بحقوق المساهمين على حد تعبيره. واضاف الشهراني ان المشاريع انتهت لكن القائمين على تلك المساهمات لم يستطيعوا تسويقها بالشكل المطلوب ولم يحقق مبيعات تساعدهم على تصفية المساهمة، بالإضافة إلى ان الأسعار التي تباع فيها المساهمات المتعثرة في الغالب تكون اقل من الأسعار الحالية التي ارتفعت بنسبة 40 في المائة عما كانت عليه الكثير من المساهمات العقارية التي ظهرت ما بين عامي 2001 و2004. وأشار الشهراني إلى ان الحل الأفضل للكثير من أصحاب المساهمات المتعثرة هو بيعها بسعر يتناسب مع تطلعات المساهمين لتحقق أرباحا وإن كانت غير مجدية، إلا انها تضمن لهم رؤوس أموالهم. وبين الشهراني وجود الكثير من المواقع الجيدة للمساهمات المتعثرة التي تعمل عليها الكثير من اللجان العقارية في الغرف التجارية الصناعية في مدن البلاد، لحل تعثرها من خلال تقريب وجهات النظر بين القائمين على المساهمات وبين المساهمين.

يذكر أن المساهمات العقارية شهدت تطوراً في مراحل مختلفة في البلاد إلى ان حولت إلى هيئة سوق المال التي وضعت نظاما ماليا دقيقا في عملية جمع الأموال تحت رقابة صارمة من خلال صندوق استثماري يكون تحت إشراف الهيئة، الأمر الذي اعتبره عدد كبير من العقاريين تعقيداً لإجراءات المساهمات العقارية التي كانت تتسم بالسهولة في جميع الأموال، مما أدى إلى عزوف الكثير من العقاريين للسعي للحصول على رخصة ممارسة للصناديق العقارية، في ظل وجود مساهمات مغلقة كما كانت في السابق تتم عن طريق عدد من العقاريين لجمع أموال في ما بينهم لشراء ارض أو بناء مشروع عقاري في البلاد.