عقارات البحرين تتبع خطى دبي.. وتنافس بين دول الخليج

لتطوير أسواقها العقارية

تحاول البحرين اللحاق بجاراتها الخليجيات على الصعيدين العقاري والمالي ( «الشرق الاوسط»)
TT

يبدو أن الحركة العمرانية في البحرين وسوقها العقاري قد بدآ يلفتان نظر المستثمرين الأجانب، خصوصاً هؤلاء الذين يعرفون المنطقة ولا يخشون من العيش فيها. كما أن المملكة الصغيرة تأمل في جذب المستثمرين الأجانب العاميلن والمقيمين في جارتها المملكة الكبيرة (السعودية) بحكم قرب المسافة بينهما. وفي هذا الصدد قالت صحيفة التايمز البريطانية إن البحرين تسيرعلى خطى إمارة دبي،وإنها ربما تكون "البقعة الساخنة" المقبلة في أسواق الخليج العقارية. وأشارت إلى مشروع عقاري كبير تحت التشييد حالياً، وهو منتجع "ريفا فيوز" Riffa Views الذي يضم 1000 فيللا ومركزاً كبيراً للتسوّق وفندقاً خمسة نجوم ومدرسة عالمية وملعباً لرياضة الغولف. ويقع المشروع، الذي سيكتمل بناؤه في يونيو (حزيران) 2009، على بعد مسافة قريبة جنوب العاصمة المنامة ويغطي مساحة قدرها 568 فداناً (230 هكتاراً). لكن الغريب في هذا المشروع العقاري أنه يقع قريباً جداً من منشأة نفطية بحيث ان ميدان الغولف صُمم بطريقة ليلتف حول بعض الآبار التابعة للمنشأة. ونقلت التايمز عن مدير المشروع العقاري، ستيف رسل رينر، اعترافه بأن هذا الموقع يعتبر"غريباً" لكنه سرعان ما راح يؤكد أن الموقع يُعتبر أيضاً بقعة مرغوبة، وأن سوراً يبلغ طوله 60 متراً سيلتف حول المنشأة النفطية لكي تكون معزولة تماماً عما حولها، وأن كل الاحتياطات اللازمة قد اتُخذت لضمان سلامة المنشأة النفطية والمنتجع العقاري. وأضاف أن ملعب الغولف قد صُمم من قبل لاعب الغولب الاسكوتلندي الشهير، كولن منتغومري، كما أن مهندسين كبارا يشرفون على تغيير مسار بعض أنابيب النفط أو دفنها تحت الأرض. وتتكون الفيللات الكبيرة من خمس غرف نوم وأرض رخامية ومطبخ كبير رئيسي بالاضافة إلى مطبخ صغير منفصل، وغرفة مكتب وصالونين وخمسة حمامات وغرفة للشغالة على السطح. وتُوجد بالحديقة مساحة لحوض سباحة (يمكن اضافته حسب الطلب). ويتراوح سعر هذه الفيللا في حدود 575 الف دولار، بينما يبلغ سعر فيللا مشابهة ولكن من 4 غرف نوم 495 ألف دولار. وبالاضافة إلى سعر شراء الفيللا فهناك ضريبة يدفعها المشتري تبلغ نسبتها 1% من قيمة العقار، بالاضافة إلى 2000 دولار سنوياً لتمويل الخدمات العامة التي يقدمها المنتجع، مثل المحافظة على الحدائق والأشجار المحيطة بالفيللات ونظافة بيئة المنتجع بشكل عام. كما أن قيمة الاشتراك في ملعب الغولف تبلغ 1000 دولار سنوياً.

يذكر ان كثيراً من مشتري هذه الفيللات هم من الأجانب العاملين في المملكة العربية السعودية الذين لا يمانعون في قطع مسافة تستغرق نحو 40 دقيقة من العمل إلى المسكن في البحرين. وحتى لو أراد البعض تأجير الفيللا بدلاً من السكن فيها، فإن ايجار الفيللا ذات الأربع غرف يتراوح في حدود 4000 دولار شهرياً، مما يعتبر عائداً كبيراً.

يُذكر أن تحقيقاً كانت قد أجرته مجلة "ميد" البريطانية أوضح أن دول الخليج تشهد حالياً مشاريع -غالبيتها عقارية- بقيمة 1000 مليار دولار، أي 4 أضعاف ما كانت عليه قبل عامين فقط. وبينما ستنفق هذه الدول 316 مليار دولار على مشاريع تطوير النفط والغاز والبتروكيماويات، فهي ستنفق أكثر من ذلك بكثير - نحو 540 مليار دولار- على مشاريع عقارية ومعمارية. وعلى سبيل المثال، فقد أعلنت السعودية عن مشروع عمراني عملاق "مدينة الملك عبد الله الاقتصادية" والتي يُقدر أن تكلف 27 مليار دولار، وهي المدينة التي قد تصل الى حجم باريس وتتضمن ميناء على البحر الأحمر بحجم ميناء روتردام، وتتضمن أيضا حياً مالياً بمساحة ميل مربع تقوم عليه أبراج عالية وحديثة لتصبح مقراً للمصارف والمؤسسات المالية. كما أن أبو ظبي أيضا ستنفق نحو 28 مليار دولار في بناء جزيرة السعديات التي ستتضمن 29 فندقاً فاخراً بما فيها فندق سبعة نجوم، وستحتضن المدينة ايضا حياً مالياً كبيراً، وستتسع لنحو 150 ألف ساكن. أما الكويت فتخطط لمدينة الحرير "سيلك سيتي" التي تتسع لسبعمائة ألف شخص وستكلف 150 مليار دولار وتتضمن برجاً بارتفاع 1000 متر (ضعف أعلى برج موجود حالياً في الخليج وأعلى من برج دبي بمائتي متر) وسيصممه المعماري البريطاني أريك كوني الذي صمم مبنى "بلو واتر" في مقاطعة "كنت" في جنوب انجلترا. وقطر أيضاً تخطط لانشاء مدينة صناعية بقيمة 130 مليار دولار قرب الدوحة لتنافس بها منطقة جبل علي في دبي.

أما في دبي، فيلاحظ أن غالبية مشتريات الأجانب من العقارات كانت تتم تحت عقد ايجار طويل الأمد وليس ملكية حرة. ورغم ذلك فقد اشترى عشرات الآلاف من الأجانب شققاً وفيللات في مجموعة من المباني التي بنيت في هذه الإمارة. لكن قوانين الشراء الجديدة خصصت مناطق للمستثمرين الأجانب يُسمح لهم فيها بالملكية الحرة للعقار. وسيسري هذا القانون في مناطق أخرى من المقرر أن تُبنى في السنوات القليلة القادمة. لذا فإن الملكيات العقارية في دبي سوف تكون في المستقبل ملكاً حراً طالما كانت مبنية بواسطة واحدة من الثلاث شركات العقارية وهي: إعمار والنخيل وعقارات دبي. كما أنه من الممكن لمّلاك العقارات المبنية بواسطة واحدة من هذه الشركات أن يتقدموا لتغيير ملكيتهم إلى ملكية حرة بشرط أن يكون العقار واقعاً في المناطق التي حددها القانون. وبالطبع يعني تحويل نوعية الملكية تكلفة إضافية على الملاك مقدارها ما بين 1.5 إلى 2% من قيمة العقار. كما يقول أليكس أوبتون، من وكالة "كلوتون" البريطانية التي تعمل في عقارات دبي، إن الملكية الحرة سوف تؤدي إلى نشاط محموم في المرحلة المقبلة لأنها ستجلب مزيداً من الاستقرار إلى هذا السوق، ومن دون الملكية الحرة فلن تكون هناك إمكانية لأي استقرار مستدام في سوق العقارات الخليجي. ويضيف أوبتون أن عقارات دبي تخلو من ضرائب مثل ضريبة القيمة المضافة، كما لا توجد ضرائب على أرباح العقارات أو دخل الايجار أو توريث العقار.

ويقول مايكل غرانت من مكتب دبي لشركة "كلوتون" العقارية البريطانية إنه رغم الحديث عن كثرة المباني الجديدة في دبي فلا يزال هناك نقص في المساكن، مؤكداً أن القادمين الجدد يشترون مساكن تحت التشييد لن يكتمل بناؤها إلا بعد نحو 3 سنوات.

بل انه بعد التطور العمراني الكبير الذي شهدته إمارة دبي، لفت أنظار المشترين شمالاً نحو إمارة رأس الخيمة التي أصبح يقصدها عددٌ كبيرٌ من البريطانيين والأوروبيين المقيمين في الإمارات. وفي هذا الصدد قالت صحيفة "التايمز" إن التفات الأوروبيين نحو رأس الخيمة كمتنزه جديد لا بد انه سيؤدي تدريجياً إلى انعاش سوقها العقاري، خصوصاً بعد أن أصبحت أسعار العقارات في دبي مرتفعة وبعيدة عن متناول الكثيرين. وأشارت الصحيفة إلى تصنيفٍ أعدته صحيفة "الفاينانشيال تايمز" الاقتصاديةً اعتبرت فيه أن رأس الخيمة هي الأفضل سعراً في دولة الإمارات. كما أشارت إلى أن استثمارات حكومية وأجنبية عديدة بدأت تنتشر في الإمارة بدرجة ملحوظة، مما يتيح الفرصة لمستثمري العقارات الذين فاتهم القطار في دبي أن يلحقوا به في رأس الخيمة. وقد سهّل طريق "الإمارات" السريع الاتصال بين رأس الخيمة ودبي بحيث تستغرق المسافة بينهما 45 دقيقة فقط. وأضافت التايمز أن عاملاً آخر يضيف إلى فرص الإمارة في النجاح والتحوّل إلى نقطة جذب عقاري جديدة، هو أنها تضم بعضاً من أجمل المناظر الطبيعة في الإمارات وأن رمالها حمراء وأشجارها أكثر خضرة وشواطئها طبيعية ونظيفة.

وتعتبر منطقة الحمراء مركز الجذب الأساسي في رأس الخيمة حيث يُوجد فندق خمسة نجوم وملعب كبير لرياضة الغولف ومنصة بحرية "مارينا" ومركز للتسويق من الطراز الأول. كما أن عدداً من المباني السكنية والمنازل راح ينتشر حول المنطقة، خصوصاً بعد دخول شركة عقارية كبيرة مثل "غلوبال إستات غروب" سوق العقارات السكنية في الإمارة. وتتولى الشركة حاليا المرحلة الأخيرة من مشروع سكني كبير يشتمل على شقق من غرفة واحدة وغرفتين وثلاث غرف، تتراوح أسعارها بين 85 ألف دولار و700 ألف دولار. وتسعى الشركة إلى تسويق هذه الشقق والفيللات – التي تمنحها بعقد ملكية حرة - للمستثمرين الأجانب في عواصم بلدانهم مثل لندن وباريس وغيرهما. كما أن هناك مشاريع عديدة لانعاش المنطقة عقارياً، مثل اقامة فندق خمسة نجوم فوق الجبل يضم مركزاً رياضياً لتسلق الجبال – وكذلك مجمعات سكنية إضافية.

* المشاريع العقارية الكبرى في الخليج > السعودية (رابغ): مشروع "مدينة الملك عبد الله الاقتصادية" - وهي المدينة التي قد تصل الى حجم باريس وتتضمن ميناء على البحر الأحمر بحجم ميناء روتردام، وتتضمن أيضا حياً مالياً بمساحة ميل مربع تقوم عليه أبراج عالية وحديثة لتصبح مقراً للمصارف والمؤسسات المالية- 27 مليار دولار.

> الإمارات العربية المتحدة (ابو ظبي): مشروع "جزيرة السعديات" - ستتضمن الجزيرة 29 فندقاً فاخراً بما فيها فندق سبعة نجوم، وستحتضن المدينة ايضا حياً مالياً كبيراً، وستتسع لنحو 150 ألف ساكن- 28 مليار دولار. > الكويت: مشروع مدينة "سيلك سيتي" التي تتسع لسبعمائة ألف شخص وتتضمن برجاً بارتفاع 1000 متر (ضعف أعلى برج موجود حالياً في الخليج وأعلى من برج دبي بمائتي متر) وسيصممه المعماري البريطاني أريك كوني الذي صمم مبنى "بلو واتر" في مقاطعة "كنت" في جنوب انجلترا - 150 مليار دولار. > قطر: مدينة صناعية – سيكون موقعها قرب الدوحة لتنافس منطقة جبل علي في دبي- 130 مليار دولار.