أبوظبي: خطط تطويرية وقرارات تطمئن المستثمرين في قطاع العقارات

216 مليار دولار قيمة المشاريع المستقبلية في الإمارات

اعلان «خطة ابو ظبي 2030» سيساهم في تعزيز المناخ الاستثماري لقطاع العقارات («الشق الاوسط»)
TT

حمل الأسبوع الماضي قرارات استراتيجية ومهمة جدا لاقتصاد أبوظبي بصورة عامة، وللقطاع العقاري على وجه الخصوص، فقد كشفت العاصمة الاماراتية عن خططها الضخمة للاستفادة من الطفرة الهائلة التي تمر بها منذ مطلع الألفية، مستندة الى مشاريع واستثمارات ضخمة قادمة في قطاعات البناء والتشييد والسياحة تفوق 800 مليار درهم اماراتي (216 مليار دولار أمريكي)، فيما تذهب التوقعات الرسمية إلى استقطاب استثمارات محلية وأجنبية تزيد عن تيرليوني درهم اماراتي (540 مليار دولار أمريكي) خلال الأعوام المقبلة.

فقد أصدر الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الامارات قرارا بإنشاء مجلس التخطيط العمراني في الامارة، فضلا عن إعلان ""خطة أبوظبي 2030"، وهو الأمر الذي اعتبره عقاريون واقتصاديون سيساهم في تعزيز المناخ الاستثماري لقطاع العقارات، وتنظيم طرح المشاريع العقارية الضخمة، وبالتالي المحافظة على السوق العقارية في معزل عن المخاطر المتوقعة في الأسواق العقارية الناشئة.

ويقول اقتصاديون ان مثل هذه القرارات الاستراتيجية تشكل استمرارية للدعم الحكومي للقطاع الخاص، وبخاصة في المشاريع العقارية، الذي أصبح مهيئا أكثر من السابق في مواصلة دفع الخطط الحكومية في تطوير الامارة، خاصة أن الاستثمارات المقبلة في الامارة تمنح فرصا كبرى للمستثمرين المحليين والقادمين من الخارج على حد سواء. وتعد القرارات المتلاحقة لتنظيم قيام عاصمة عصرية مبنية على أسس اقتصادية سليمة، أحد الاهداف الهامة التي يسعى إليها مسؤولو أبوظبي للوصول إلى مطمعهم في تأسيس مدينة اقتصادية وسياحية كبرى. وبالرغم من الوفورات النفطية الهائلة التي أفرزها ارتفاع أسواق النفط العالمية خلال السنوات الماضية، فإن مسؤولي أبوظبي يؤكدون باستمرار عن رغبتهم في عدم الاعتماد على الدخل النفطي كمصدر رئيسي ووحيد لاقتصاد اماراتهم، واتخاذ تنويع مصادر الدخل كقضية أساسية في الاقتصاد الظبياني، والذي يؤسس لتنمية سياحية وعقارية غير مسبوقة.

وتمتلك امارة أبوظبي 10% من احتياطي العالم من النفط، و5% من الاحتياطي العالمي من الغاز، وتنتج 90% من نفط دولة الإمارات العربية المتحدة الذي تستثمر عائداته لبناء بنية تحتية من الدرجة الأولى وعاصمة حديثة ومنتعشة.

ولعل الشراكة بين القطاعين العام والخاص، أحد المحاور الهامة التي تقوم عليها خطط واستراتيجيات أبوظبي، وهو ما أكد عليه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي ونائب القائد العام للقوات المسلحة خلال إطلاقه لأجندة أبوظبي في أغسطس (آب) الماضي.

وللتدليل على الطفرة التي يعيشها اقتصاد أبوظبي، نشير إلى تقرير حديث صادر من مركز المعلومات بغرفة تجارة وصناعة أبوظبي، الذي يتوقع أن تبلغ حجم الاستثمارات بقطاع المطاعم والفنادق حوالي 3.9 مليار درهم عام 2007، أي بزيادة تقدر بحوالي 50 بالمائة عن عام 2005 والذي بلغت فيه 2.6 مليار درهم. فيما يقول التقرير أن إجمالي الاستثمارات في قطاع العقارات وخدمات الأعمال سيبلغ حوالي 6.8 مليار درهم عام 2007 أي بزيادة تقدر بحوالي 78.9 بالمائة عن عام 2005 والذي بلغت فيه حوالي 3.8 مليار درهم. كما سيبلغ حجم الاستثمارات بقطاع الخدمات الاجتماعية والشخصية، وفقا للتقرير، حوالي 2.5 مليار درهم عام 2007 أي بزيادة تقدر 25 بالمائة عن عام 2005 والذي بلغ فيه 2 مليار درهم، وأن حجم رؤوس الأموال الأجنبية المستثمرة في إمارة أبوظبي بلغ حوالي 420 مليار درهم.

وبحسب محمد مهنا القبيسي، رئيس شركة ""منازل"" العقارية، فان قرار الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الامارات، بإنشاء مجلس التخطيط العمراني في إمارة أبوظبي، فضلا عن إعلان ""خطة أبوظبي 2030 المخطط العمراني الشامل""، يمثل لبنة جديدة في صرح الشراكة القائمة بين الحكومة والقطاع الخاص في إمارة أبوظبي، "كما يجسد بوضوح الأهمية التي توليها حكومة أبوظبي للشركات الخاصة، بصفة عامة والعقارية على وجه الخصوص، كشريك في خطط التنمية الشاملة والمستدامة". مشيرا إلى أن هذه القرارات عبرت بوضوح عن آمال وطموحات شركات التطوير العقاري في الإمارة والدولة بل وفي المنطقة، سواء فيما يتعلق بالجهات المشرفة على القطاع أو الشراكة بين القطاعين الخاص والعام في هذا المجال.

ولعل من أهم ما يميز خطة أبوظبي 2030 أنها ترسم صورة تتسم بالشمولية والتكامل للإمارة خلال الـ 20 عاما المقبلة على كافة المحاور والقطاعات من خلال دراسات واقعية تضع في الاعتبار الإمكانات الفعلية المادية والبشرية وكذلك البنية التحتية، فضلا عن مراعاتها للشروط والمعايير البيئية، وهو الأمر الذي يعتبره المختصون يكفل استمرار الإمارة في مقدمة المدن العالمية من حيث التطور والبنية التحتية والمرافق وشبكات النقل.

ويقول القبيسي إن الخطط التطويرية المقترحة في مجال العقارات تأخذ، وبدقة، بعين الاعتبار الزيادة في عدد السكان المتوقعة خلال الفترة بما يكفل تجنيب الإمارة فترات الضغط على القيم الإيجارية والسوقية للوحدات السكنية، فضلا عن التحكم في الفجوة بين العرض والطلب على تلك الوحدات، "ولا شك أن إدارة تلك العملية ستتميز بالكفاءة في ظل التشكيل الجيد لمجلس التخطيط العمراني وأهدافه السامية التي تم الإعلان عنها".

ويطالب القبيسي شركات القطاع الخاص والعام بتحمل مسؤولياتها تجاه حكومة الإمارة ومساندتها في إنجاز مشاريعها التطويرية، بإقامة مشروعات حقيقية تضيف للإمارة وتساهم في رفع معدلات النمو بها وتعظيم القيمة المضافة لقطاع التشييد والبناء في الاقتصاد المحلي، إضافة إلى الالتزام بتنفيذ المشروعات في مواعيدها المحددة وعدم المغالاة في هوامش الربح أو العوائد. وأكد القبيسي أن توفير المعلومات والبيانات بدقة يمثل احدى الأدوات المهمة في إعداد دراسات جدوى المشروعات العقارية، بالإضافة إلى أهمية المعلومات في حماية الاستثمارات الخاصة والعامة في هذا المجال، والتسعير الجيد للوحدات السكنية والإدارية والتجارية. وأوضح القبيسي ارتفاع جاذبية سوق الإمارات لشركات التطوير العقاري بعد إعلان خطة أبوظبي، 2030 بما تمثله من رؤية واضحة للتنمية خلال 22 عاما مقبلة، الأمر الذي يساعد الشركات على التخطيط الاستراتيجي لمشروعاتها. وقال القبيسي إن 70بالمائة من الأبنية الموجودة في أبوظبي بحاجة إلى إعادة بناء أو تجديد، في حين أن كثيراً من مالكي العقارات يفتقرون إلى السيولة المالية اللازمة لتنفيذ مثل هذه المشاريع، الأمر الذي يفتح مجالات واسعة للربح وتحقيق عوائد مجزية أمام المصارف وشركات التمويل العقاري.

وكانت العاصمة الاماراتية أبوظبي قد كشفت عن خطتها المستقبلية لتحديث الامارة، عبر خطة تطويرية متكاملة وبنى تحتية تتسع لثلاثة ملايين نسمة في عام 2030. بالإضافة إلى إنشاء شبكة سكة حديد داخلية وخط للمترو. وهو ما يرفع استيعاب العاصمة بنحو 45 بالمائة عن استيعابها للسكان حاليا، الذي يبلغ نحو 1.6 مليون نسمة.

من جانبه يؤكد أحمد حسن المنصوري مدير عام غرفة تجارة وصناعة أبوظبي تضاعف الاستثمارات واستمرار اقتصاد أبوظبي في تحقيق نسب نمو مرتفعة من خلال استقطاب رؤوس الأموال والاستثمارات المحلية والأجنبية، حيث يتوقع المنصوري كما أشار تقرير مركز المعلومات بالغرفة أن يزيد عن تريليون درهم خلال السنوات المقبلة.

ووفقا للتقرير الذي أعده مركز المعلومات بالغرفة، فقد شهد اقتصاد إمارة أبوظبي خلال العام الحالي زيادة في حجم الاستثمارات الثابتة تفوق ما تم استثماره خلال الـ 6 سنوات الماضية بنسبة حوالي 400 بالمائة، حيث بلغت قيمة الاستثمارات التراكمية (خلال الأعوام من 2001 - 2006) حوالي 295 مليار درهم. ويقول أحمد حسن المنصوري ان الحوافز المقدمة وبيئة الاستثمار المثالية وما تقدمه الإمارة من دعم في كافة المجالات "يستهدف تنمية وتطوير الاستثمارات الحالية المحلية والإقليمية والأجنبية ويساهم في استقطاب الشركات العالمية ومتعددة الجنسيات للاستثمار في قطاعات اقتصادية واعدة مثل الصناعة والسياحة والبناء". ويؤكد المنصوري أن النهج الحكومي المتمثل في التعديل المستمر للقوانين والهياكل التنظيمية للمؤسسات والدوائر والإجراءات ساهم وسيساهم في خلق بيئة استثمارية واعدة، وأن سياسة الشراكة مع القطاع الخاص وتقديم الحوافز والتسهيلات للشركات ستجلب استثمارات هائلة لتطوير صناعات عالية التقنية وذات توجهات عالمية.

وذكر المنصوري أن قطاع البناء والتشييد يتصدر القطاعات الأخرى من حيث حجم الاستثمارات التي يتوقع أن تفوق 580 مليارا مقابل 130 مليارا خلال الفترة السابقة وبمعدل زيادة 346 بالمائة، يليه القطاع السياحي الذي يتوقع أن تتضاعف فيه الاستثمارات بصورة كبيرة جدا لتبلغ ما يزيد على 230 مليار درهم، بعد أن بلغت خلال السنوات الماضية حوالي 25 مليار درهم أي بنسبة نمو تفوق الـ 820 بالمائة، أما قطاع الصناعات التحويلية فان حجم الاستثمارات المستقبلية المتوقعة فيه ستبلغ حوالي 130 مليار درهم مقارنة بحجم استثمارات متراكمة خلال الفترة الماضية بلغت حوالي 56 مليار درهم.

وترتكز مبادئ الخطة التطويرية لأبوظبي على التنمية المستدامة مع إجراء تقييم للنمو ليعكس الوضع الاقتصادي والمفاهيم البيئية، مع المحافظة على البيئة الطبيعة التي تتمتع بها السواحل والصحاري، بالإضافة إلى النقل والمواصلات وإنشاء شبكة نقل ومواصلات وفقا لأحدث المعايير العالمية المتعارف عليها، وتطوير أفضل استراتيجيات النقل والمواصلات وابراز مكانة العاصمة معماريا وحضاريا مع التركيز على القيم والعادات والتقاليد والتراث الخاص بشعب دولة الإمارات.

كما تتضمن الخطة إنشاء شبكة سكك حديدية داخلية وخط للمترو، إضافة إلى توسيع الجزء الداخلي من المدينة عبر شبكة من الطرق المحاذية للجزر التي تنفذ حاليا، وهو الأمر الذي يقول عنه مسؤولو أبوظبي بأنه سيؤدي الى إيجاد منطقة تجارية جديدة ترتكز على جزيرة الصوة والريم، وسيساهم في المحافظة على الطبيعة ومساكن المواطنين، اضافة الى وجود شوارع مناسبة للسير ومرافق محلية ووسائل للنقل الجماعي.