سوق الشقق الفخمة في لبنان يدفع فاتورة الأزمة السياسية والأمنية

لأن زبائنه يفضلون التريث على المغامرة

TT

يتفق المعنيون بقطاع البناء في لبنان، من مستثمرين ومهندسين معماريين وتجار، على ان سوق الشقق الفخمة كان ولا يزال الاكثر تأثراً بالازمة السياسية والامنية المتمادية منذ بضعة شهور.

وتقول مؤسسة "رامكو" العقارية في دراسة لها "ان المخاوف المرافقة للازمة السياسية والامنية حدت من شهية الزبائن الميسورين، بحيث باتوا يفضلون تأجيل حصولهم على مبتغاهم الى مرحلة لاحقة اكثر اطمئناناً، حتى ولو كانت اعلى سعراً". واذا كان اللبنانيون العاملون في الخارج قد استطاعوا تحريك السوق العقاري هذا الصيف الى حد معين، الا ان ذلك لم يكن كافياً لاعادة انعاش القطاع الذي بات ينطوي على "ستوك" كبير من الشقق الفخمة المتفاوتة الاحجام، والعالية المواصفات، والتي تشكل منافسة جدية، من حيث النوعية، للشقق الفخمة المعروضة للبيع في دول الخليج، والتي تجتذب ثلاثة انواع من الزبائن وهم: رعايا الدول الخليجية، اصحاب الثروات المحلية، والعاملون اللبنانيون في الخارج، لا سيما من امضى منهم عدة سنوات في المهاجر والمغتربات.

وبصورة اجمالية، تعتبر الشقة فخمة، اذا ما وقعت في منطقة راقية ومن الدرجة الاولى، وبالاخص اذا كانت تطل على البحر. والحجم هنا ليس الاساس، بل النوعية، ويمكن ان تكون الشقة صغيرة وفخمة في آن واحد. المهم هو نوعية البناء من هندسة معمارية وديكور خارجي وداخلي، وتمديدات، بحيث تتجاوز كلفة المتر المربع الواحد من البناء الالف دولار اميركي.

وتنتشر الشقق الفخمة في بيروت على ثلاثة محاور رئيسية، اولها محور الوسط التجاري الذي يحيط بخليج السان جورج، حيث تقام حالياً عدة مشاريع سكنية عالية النوعية كمشروع "بلاتينيوم تاور" و"تاون تاور" و"دب تاور". وتعتبر الشقق في هذه الابنية الاعلى سعراً في بيروت حيث تتوقع لها مؤسسة "رامكو" ان تصل الى 10 آلاف دولار للمتر المربع الواحد في المستقبل القريب. واذا كان بعض المشاريع لم تسجل بيوعات مهمة منذ عدة شهور، فان مشاريع اخرى فازت ببعض عقود الشراء مع رجال اعمال لبنانيين ومهاجرين ميسورين مادياً.

المحور الثاني يتمثل في الواجهة البحرية الممتدة من "عين المريسة" حتى "الرملة البيضاء" التي تشهد مجموعة من المشاريع السكنية الفخمة مثل مشروع "اوريزون تاور"، "استوريا"، و"دريم باي" وغيرها، كما تنتظر مشاريع اخرى في "جل البحر" و"الروشة" الواقعين ضمن الواجهة البحرية نفسها، ظروفا افضل للبدء بالاعمال. ويبلغ سعر المتر المربع الواحد من البناء في "الرملة البيضاء" مثلاً - وهي ذات اروع اطلالة على البحر- نحو 5 آلاف دولار. واللافت في هذه المنطقة ان بيئة التنظيم المدني لا تتوافق حاليا مع موقع المنطقة وشهرتها.

يبقى المحور الثالث في "الاشرفية"، حيث تتركز المشاريع الفخمة في شارع جورج حيمري، وشارع السراسقة، ومحلة فرن الحايك. واذا كانت هذه المشاريع لا تلامس الشاطئ، وغير قريبة من الواجهة البحرية، فانها تستفيد من اسعار عالية، حيث يمكن ان يبلغ سعر المتر المربع 4 آلاف دولار في شقة تبلغ مساحتها 500 متر مربع، ويمكن ان ترتفع هذه الاسعار مع ارتفاع الطبقات في هذه الابنية السكنية. وهناك عدة مشاريع بناء ستنطلق قريبا في شارع سرسق، مما سيفقده بعضا من طابعه التراثي الرائع، وبعضا من هدوئه الذي يتميز به عن سائر شوارع العاصمة.