السعودية: سماسرة العقار الدخلاء يهددون السوق

وسطاء عقاريون: تنظيم المهنة سيحل مشكلة انخفاض الثقة وفقدان المصداقية

تهدد وظيفة السمسرة العقارية بفقدان مصداقيتها بعد وجود الدخلاء على المهنة في السوق (تصوير: خالد الخميس)
TT

مع دخول شركات عقارية جديدة للسوق السعودي، والإعلان عن استثمارات ضخمة في مشاريع جديدة، بات السوق العقاري في البلاد مطمعاً للكثير من العاملين وغير العاملين في العقارات المختلفة في المدن الرئيسية والمدن المجاورة لها، حيث برز في السعودية في الفترة الحالية توجه الكثير من الأفراد للعمل كوسطاء عقاريين أو سماسرة لبيع ما يمكن بيعه من العقارات على الشركات الجديدة، الأمر الذي يراه خبراء عقاريون انه سيؤدي إلى فقدان الكثير من المصداقية في الفرص الموجودة في السوق العقاري، في ظل دخول عدد من الدخلاء على هذا السوق، والذين لا يمتون بصلة له لا من قريب ولا من بعيد.

ويتمحور معنى السمسار في الشخص الذي يشارك في تعريف البائع بالمشتري والحصول على عمولة في مقابل ذلك من دون الحصول على رخصة من أي جهة، في حين يوصف الوسيط العقاري بالشخص الذي يشارك في تعريف البائع بالمشتري ويحصل على عمولة في مقابل ذلك، وتكون لديه رخصة من الدائرة أو الجهات المختصة في البلاد.

ومع مرور الزمان في السعودية تجلت مهنة السمسار والوسيط العقاري من شخص يعمل على تسويق العقارات بوسائل بدائية كوضع لوحات للبيع على العقارات المراد بيعها أو لوحات العقار المطلوب، إلى شركات متخصصة لها أسلوبها وصناعتها وباتت مطلبا للشركات الكبرى أو المستهلكين الراغبين في التعامل مع شركات موثوق بها بعدما دخل السوق الكثير من الدخلاء عليه. وذكر العقاريون ان الأمر أصبح مثل بيع الهواء، حيث كان سوق الأسهم المحلية سبباً في تحول الكثير من أصحاب الوظائف والتجارة وحتى الطلاب إلى تسويق العقارات بشكل مباشر أو غير مباشر، لدرجة أن البعض لا يعرف مصطلحات كثيرة في السوق العقاري، فيما يعمل على تسويق ارض خام لا يعرف حتى ابعادها.

ويضيف علي الدوسري الوسيط العقاري وصاحب "مكتب السلام العقاري" في المنطقة الشرقية ان الكثير من الأفراد اصطدموا بخسائر كبيرة في سوق الأسهم المحلية، ووجدوا في تسويق العقار الحلم الذي يحقق لهم تعويض خسائرهم، خاصة في ظل ما يحققه من عمولات مجزية للسمسار، وبالتالي فإن الكثير من الأفراد باتت مجالسهم هي عرض وتسويق عقارات قد لا يكونون على صلة بأصحابها، وبالتالي فإن مصداقية السماسرة باتت مهددة مع دخول أولئك الوسطاء الذين لا علاقة لهم بالعقار لا من قريب ولا من بعيد على حسب تعبير السمسار العقاري.

ويقول الدوسري: إن الكثير ممن وصفهم بالدخلاء على السوق العقاري أصبحوا موقع إزعاج له، حيث بدوا يعرضون العقارات بشكل مزعج من خلال الاتصالات المتكررة، وحينما تدخل معهم في جدية أكثر، يتبين لك الوضع أكثر من خلال وجود قائمة لا تنحصر من الوسطاء في الصفقة، وبالتالي قد تصل في بعض الأحيان إلى ان العقار محل الصفقة ليس للبيع أو تم بيعه منذ فترة زمنية طويلة، مشيراً إلى ان لعمل التسويق العقاري أصولا، وأن يتمتع السمسار العقاري أو الوسيط بمواصفات قد لا تجدها في الكثير ممن يسمون أنفسهم اليوم بالمسوقين العقاريين الجدد.

وأضاف الدوسري ان الوسيط العقاري يجب ان يكون على دراية كاملة بما يحدث في السوق العقاري، وما هي العروض التي تمثل فرصاً حقيقية في الاستثمار العقاري، وان يكون على معرفة كاملة بالعقار ويبتعد عن الشائعات وترويجها، وان يكون شخصاً يتحلى بالمصداقية والأمانة، وحفظ حقوق الغير، بالإضافة إلى قدرته على تثمين العقار المراد بيعه أو شرائه حتى يستطيع معرفة قيمة العقار، بالإضافة إلى قدرته على المفاوضات والإقناع التي تساعده على تداول العقارات بشكل أكثر مهنية واحترافية، بالإضافة إلى حسن الخلق الذي هو مطلب أساسي في أي عمل، خاصة في عمل الوسيط العقاري الذي له دور كبير في بيع وشراء العقارات التي تدفع لها مبالغ ضخمة، وبالتالي فإن المشتري والبائع بحاجة إلى شخص ثقة ليتولى تلك المسؤولية.

وطالب الدوسري بإيجاد حلول لتنظيم مهنة الوسطاء والسماسرة العقاريين وذلك بعد فقدان الثقة في الكثير من العقاريين والمستثمرين وبعد تجاوز الكثير من العقاريين للسماسرة في صفقات مختلفة مما يتسبب في ضياع حقوق السماسرة، مشيراً إلى ان الوضع العام بحاجة إلى نظام مؤسساتي يساعد على الرفع من عمل السوق العقاري في البلاد. وفي الوقت الحالي أدى اندفاع الكثير للعمل في السمسرة العقارية إلى تدهور عدد من العروض العقارية، من خلال رفع أسعارها بعرضها في أماكن خاصة في بعض مواقع الانترنت من دون علم ملاكها، مما يدفع الكثير من المستثمرين العقاريين إلى تجنب شراء تلك العروض بعلة وجود ريبة أو شك في تلك العروض، حيث إن عرضها على هذا الشكل الواسع لدرجة وصولها إلى الانترنت يفقدها مصداقيتها.

ويشير خالد الشمري وهو سمسار عقاري يحمل عددا من العروض إلى انه يسعى إلى الوصول للعقاريين في البلاد، لعرض عدد من العقارات عليهم، وعند سؤاله إذا كان يحمل أي ترخيص أو شهادة، أو حتى خبرة في السمسرة العقارية، اوضح ان السمسار لا يحتاج إلى كل تلك المؤهلات، حيث إن كل ما في العملية هو مجرد عرض وطلب، وبحث عن مشتر او بحث عن بائع، وأشار إلى انه منذ سنتين من دخوله للعمل كسمسار عقاري لم يستطع بيع أو شراء أي عقار ذي مردود مادي جيد، حيث اقتصرت أرباحه على عمولة في تأجير شقة أو مبنى أو فيلا، الأمر الذي قد لا يكون مجديا عكساً على الخسائر التي يتعرض لها من جراء السفر ما بين مدن البلاد الرئيسية أو من حجم الاتصالات التي يجريها من اجل عرض تلك العقارات.

إلى ذلك شهد سوق سمسرة العقار دخول عدد من السيدات بصفة شخصية للترويج لعقارات معروضة، إلا ان عملهن يوصف بالصعوبة، حيث إن الكثير ممن يعملن في سمسرة العقارات يصعب عملهن، وذلك لوجود المنافسة القوية من السماسرة العقاريين، بالإضافة إلى توجه الكثير من العقاريين إلى عرض عقاراتهم عن طريق السماسرة لتمتعهم بشبكة اتصالات أوسع من السيدات اللواتي يعملن في نفس المجال. يذكر ان حجم السوق العقاري في السعودية يصل إلى 1.4 تريليون ريال (373 مليار دولار) وتشهد الفترة الحالية نشاطا كبيراً في تداولات العقارات من خلال بيع وشراء الأراضي، وذلك بعد الإعلان عن شركات جديدة في السوق العقاري، بالإضافة إلى إعلان عدد من الشركات الإقليمية عن نيتها للوجود في السوق العقاري السعودي من خلال شراء أراض وعقارات خاصة في العاصمة السعودية الرياض، ومدينة جدة غرب السعودية، بالإضافة إلى المنطقة الشرقية التي تشهد مفاوضات حول شراء عدد من الأراضي لعدد من كبرى الشركات العقارية في منطقة الخليج.