سوق العقارات اللبناني يتجه صوب الشقق المتوسطة

بانتظار زوال الأزمة السياسية والأمنية

السوق اللبناني يتركز حاليا على الشقق («الشرق الاوسط»)
TT

أفرزت الازمة السياسية الامنية المستمرة في لبنان منذ بضعة شهور منحى جديداً في السوق العقارية تمثل بالشقق المتوسطة الحجم - بمقياس التجار والمستثمرين - اي التي تتراوح مساحاتها بين 150 و250 متراً مربعاً. ويبرز هذا المنحى في سوق يشهد ركوداً، ولاسيما على صعيد الشقق الفخمة والكبيرة الحجم، التي كانت سمة المرحلة السابقة للازمة القائمة.

ويلاحظ ان معظم المشاريع السكنية التي تلتزم هذا المنحى، تشهد عمليات بيع ملموسة، بخلاف المشاريع السكنية الفخمة (من ابراج وغيرها) التي تعيش فترة انتظار في الوقت الراهن من دون ان تفقد الامل في المستقبل باعتبار ان لبنان يبقى متمتعاً بكل عوامل الجذب العقاري خارج الازمات السياسية والامنية المعقدة.

ويشرح احد خبراء التسويق العقاري لـ "الشرق الاوسط" اسباب المنحى الجديد بالقول: "ان ارتفاع اسعار العقارات خلال السنوات الثلاث الماضية، بفعل تدفق الاستثمارات نحو القطاع العقاري، من دول الخليج، ودول الانتشار اللبناني، ادى الى تغيير اساسي، في خيارات المشترين، وخفض طموحاتهم، واعتماد المثل اللبناني القائل "على قدر بساطك مد رجليك". والشقة الجديدة التي كان يمكن شراؤها عام 2004 (بين 350 و400 متر مربع) بنحو 500 الف دولار، أصبحت ميزانيتها بالكاد تكفي اليوم لشراء شقة مساحتها 250 الى 275 متراً مربعاً.

ويضيف الخبير سبباً آخر الى التوجه نحو الشقق المتوسطة الحجم هو اقتصار العروض في بيروت على العقارات الصغيرة المساحة التي تتراوح بين 250 و500 متر مربع، وهو الامر الذي فرض على اصحاب المشاريع السكنية الاستفادة الى اقصى حد من هذه المساحات وصولاً الى الافادة المادية القصوى، باعتبار ان تجزئة المساحات الى احجام صغيرة تتيح مردوداً افضل من اعتماد المساحات الكبيرة.

واذا استعرضنا لوحة المشاريع السكنية القائمة حالياً في بيروت لوجدنا ان العديد منها يعتمد هذا النوع من الشقق التي باتت مطلب الطبقة المتوسطة من اللبنانيين والمغتربين. ففي الاشرفية على سبيل المثال، هناك العديد من المشاريع السكنية التي بدأت في العام 2006 تعرض شققاً من هذا النوع، سواء ما يقوم منها في حي "مارمتر" خلف مستشفى رزق، او في "فرن الحايك" حيث تتراوح العروض بين 160 و200 متر للشقة الواحدة. ولكون هذه المشاريع تقوم على اراض صغيرة، فإن المهندسين المعماريين حشدوا كل خبراتهم لاقامة شقق ذات غرفتين او ثلاث غرف نوم. ويباع سعر المتر في الطبقات الاولى بنحو 2000 دولار، ثم يرتفع مع ارتفاع الطبقات. وكما في "مارمتر" و"فرن الحايك" كذلك في "الجميزة" (كلها في الاشرفية، اي الجزء الشرقي من العاصمة اللبنانية) حيث يرتفع الطلب على الشقق المتوسطة الحجم حتى الاصغر من اللبنانيين المقيمين والمغتربين بصورة خاصة.

واذا انتقلنا الى الشق الغربي من العاصمة، نجد ان المنحى السابق قد تبدل ايضاً باتجاه الشقق المتوسطة الحجم، كما في شارع "كليمنصو" الذي يشهد اكثر من مشروع سكني يتكون من شقق تراوح مساحاتها بين 220 و250 متراً مربعاً، وبأسعار تتراوح بين 400 الف الى 500 الف دولار، علماً ان المشاريع السابقة في شوارع الحمراء، وكراكاس، وقريطم، والصنوبرة، والصنائع، وساقية الجنزير كانت جميعها - او معظمها - تتوجه نحو اصحاب الموازنات التي تتعدى المليون دولار.

حتى وسط العاصمة، بات يشهد بعض المشاريع السكنية ذات الشقق المتوسطة الحجم. واذا كانت الواجهة البحرية في هذه المنطقة تقتصر على الابراج والمباني الفخمة والمرتفعة الثمن، بالامكان الحصول على شقق صغيرة في شوارع اخرى من هذه المنطقة، كمحلة "الصيفي" مثلاً وغيرها. غير ان سعر هذا النوع من الشقق في وسط بيروت يختلف عنه في مناطق اخرى من العاصمة، بحيث تباع الشقة المتوسطة الحجم في هذه المنطقة، بما بين 700 الف الى 800 الف دولار، ويتركز طلبها على الرعايا الخليجيين والنخب اللبنانية من رجال اعمال وغيرهم.

يبقى ان نشير الى ان الشقق المتوسطة الحجم تشكل معظم المشاريع السكنية القائمة في الضواحي والتي تباع بنصف اسعار الشقق المماثلة في العاصمة من حيث الحجم، ولكن لا تماثلها من حيث المواصفات.