خبراء عقاريون: العوائد المغرية وراء اندفاع المستثمرين في السعودية

اعتبره البعض رديفاً آمناً لتقلبات السوق

اندفع المستثمرون في السعودية للسوق العقاري خلال الفترة الاخيرة («الشرق الاوسط»)
TT

أجمع خبراء ومستثمرون في السعودية على أن قطاع العقار المحلي نجح في استقطاب حصة لافتة من الاستثمارات المالية إليه في أعقاب التراجعات الحادة التي شهدها سوق المال السعودية العام الماضي، وذلك في محاولة من قبل المستثمرين لتوجيه استثماراتهم إلى فرص واعدة تمكّنهم من "ردّ الاعتبار" إلى مدخراتهم، وتعينهم على تجاوز الانتكاسة التي تعرضت لها استثماراتهم جرّاء تقلبات سوق الأسهم. ويؤكد هؤلاء الخبراء، على أن القطاع العقاري يبقى القطاع الاستثماري الأكثر أمناً والأكثر حصانة ضد عوامل المخاطرة والتقلبات، على الرغم من عدم وجود إحصاءات دقيقة حول حجم السيولة التي استحوذ عليها القطاع العقاري من سوق الأسهم. إلا أن كافة المؤشرات تؤكد على أن القطاع تمكّن من جذب حصة لا يستهان بها، وأسهمت بلا شك في تعزيز قدرة شركات التطوير العقارية ودعم ملاءتها المالية لمواجهة الطلب المتنامي على المشاريع العقارية. وبين محمد العمران المحلل المالي، أن القطاع العقاري السعودي استطاع الاستحواذ على نسبة لا بأس بها من السيولة في ظل الانهيار الذي أصاب سوق المال خاصة عند بداية مسلسل التراجعات الذي شهدته السوق في فبراير (شباط) من العام الماضي، الأمر الذي عكسه الارتفاع الكبير الذي شهدته الوحدات العقارية خلال الآونة الماضية والذي يقف وراءه بطبيعة الحال التوجه اللافت للمستثمرين صوب القطاع العقاري. ورغم أن معدل التوجه إلى القطاع العقاري كقناة استثمارية جاذبة بدأ بالانخفاض تدريجياً إلا أن السوق العقارية تتمتع بالحيوية وبالعوامل المشجعة التي من شأنها أن تحفظ للسوق حيويتها.

وقال العمران أنه وعلى الرغم من أن سوق الأسهم تضم في قائمتها عدد من الشركات العقارية المساهمة، إلا أن الكفة تميل لصالح شركات التطوير العقارية التي لا زالت خارج السوق، سواء من حيث الملاءة المالية أو من حيث حصتها السوقية. ولمح العمر إلى أن المرحلة القادمة ستشهد تحول عدد من الشركات التطوير العقاري إلى شركات مساهمة عبر طرح جزء من أسهمها للاكتتاب العام ومن ضمنها شركة "دار الأركان" التي تتمتع بملاءة مالية جيدة، وأصول كبيرة. كما ستشهد المرحلة المقبلة نشوء شركات للتمويل العقارية، وأن أمام هذه الشركات تحديات كبيرة لمواجهة الاستحقاقات المستقبلية ومتطلبات السوق المحلية. ومن أبرز هذه التحديات قدرتها على منافسة القطاع المصرفي في الجانب التمويلي والذي ظل لعقود طويلة حكراً عليه، إلى جانب قدرتها على سد احتياجات مشاريع التنمية بكافة أشكالها بما فيها مشاريع البنية التحتية التي تشهدها المملكة. وحول توقعاته المستقبلية، حيال أداء الشركات العقارية المساهمة أكد العمران أن تحول شركات التطوير العقارية إلى شركات مساهمة وإدراجها بالتالي في سوق الأسهم سيوفر لها مصدراً تمويلياً لمشاريعها، ومرونة في عمليات تعزيز رأس المال، وسيعزز من معايير الإفصاح والشفافية المحيطة بنشاطاتها المالية والتنفيذية. ودعا العمران إلى ضرورة تقييم تلك الشركات وتحديد أسعار طرح متوازنة ومقبولة تتواءم والأداء المالي ومسيرة إنجازات الشركة، معتبراً أن شركات التطوير العقارية المساهمة ستنجح في الاستحواذ على حصة مهمة من السوق بالنظر إلى جاذبيتها والفرص الاستثمارية المحيطة بها، والاحتياجات المتنامية للمجتمع والاقتصاد المحلي، لا سيما وأن معدل ربحية تلك الشركات يعد من المعدلات المرتفعة نسبياً والتي تتراوح بين 25 و 30 في المائة. ويتفق فاروق غلام الشريك التنفيذي ورئيس قطاع الأصول في شركة «الخبير للاستشارات المالية» مع العمران، بأن القطاع العقاري يتمتع بجاذبية ويعد من أكثر القطاعات الاستثمارية أمناً، داعياً المستثمرين إلى ضرورة تنويع محافظهم الاستثمارية ضمن عدة قطاعات سعياً وراء تنمية استثماراتهم وتقليص حجم المخاطرة الناشئة عن الاهتزازات التي يمكن أن يتعرض قطاع بعينه. واعتبر العمران أن تنويع قاعدة الشركات المدرجة في السوق المالية عبر إدخال شركات تطوير عقارية جديدة سيسهم في تعميق السوق، وفي توفير خيارات استثمارية أوسع أمام المستثمرين. وأكد غلام على أن السوق المحلية لا زالت تعاني من نقص شديد في عدد صناديق الاستثمار العقارية على الرغم من الفرص الجاذبة التي يتمتع بها القطاع، وعلى الرغم من أن السوق السعودية تعتبر الأكبر على مستوى المنطقة، مشيراً إلى تجربة الدول المجاورة في طرح حزمة واسعة من صناديق الاستثمار العقارية لمواكبة التطور الذي تشهده السوق المحلية وتنامي الطلب على الوحدات العقارية، ومشاريع البنية التحتية والمدن الاقتصادية العملاقة في طول البلاد وعرضها. ولفت غلام ً إلى أن طرح صناديق استثمار عقارية جديدة إلى جانب إقرار نظام الرهن العقاري سيشكل دعامة رئيسة لأداء شركات التطوير العقارية المساهمة، وسيخلق حالة من «الشراكة» بين تلك الصناديق والشركات العقارية. واعرب غلام عن تفاؤله حيال مستقبل قطاع التطوير العقاري وعوائده الاستثمارية في ظل حالة الانتعاش التنموي والاقتصادي الذي تخيم على السوق المحلية والتي أفرزت قائمة طويلة من الاحتياجات التنموية والعقارية الحيوية. ويذهب زيد السالم مستثمر عقاري من جهته إلى اعتبار أن قطاع التطوير العقاري جذب خلال العامين الماضيين نسبة لا يستهان بها من السيولة المتوافرة لدى المستثمرين. واعاد السالم أسباب ذلك إلى رغبة المستثمرين في تعويض جزء من الخسائر التي تعرضوا لها في سوق الأسهم، ضمن قطاع حيوي ويشهد نمواً متواصلاً وعوائد مرتفعة، وفوق كل ذلك نسبة مخاطرة متدنية قياساً بغيره من القطاعات. ويضيف السالم أن النسبة العظمى من هؤلاء المستثمرين دفعوا باستثماراتهم إلى شركات التطوير العقارية خاصة الكبرى منها، لأسباب تتعلق بحجم المشاريع الكبيرة التي تديرها تلك الشركات، والربحية العالية التي استطاعت تحقيقها خلال مسيرتها. يُضاف إلى ذلك سبب رئيس يكمن في أن تلك الشركات تكاد تكون الجهة الاستثمارية الوحيدة المهيمنة على قطاع العقار في المملكة بالنظر إلى ندرة صناديق الاستثمار العقاري، وهي مسألة في غاية الأهمية، فمعظم المشاريع العقارية ذات المردود المرتفع في السعودية تدار بواسطة شركات تطوير عقارية، وتلك الشركات أصبحت في واقع الأمر هي المحرك الأساس لعملية التطوير العقارية التي تشهدها البلاد، وصاحبة «نصيب الأسد» لحصص السوق. ولعل ذلك ما يبرر الاندفاعات الكبيرة من قبل المستثمرين وراء ضخ استثماراتهم في تلك الشركات.