مصر: ارتفاع عدد المباني المهددة بالهدم يفتح الباب أمام الشركات العقارية

وزارة التنمية المحلية: 112 ألف قرار إزالة على مستوى 26 محافظة

ارتفاع عدد الوحدات السكنية المهددة بالسقوط في القاهرة
TT

في الوقت الذي تشير فيه التقديرات إلى أن هناك عجزاً في عدد الوحدات السكنية في مصر يصل إلى 220 ألف وحدة سنويا حتى عام 2017، وتؤكد الإحصاءات الحكومية أن هذه الأرقام ربما تتفاقم، خاصة أن هناك ما يقرب من 112 ألف عقار مهدد بالانهيار وصادر بحقه قرارات إزالة سواء كان كليا أو جزئيا.

ولعل حادث انهيار عمارة الإسكندرية الشهيرة المكونة من 12 طابقا الأسبوع الماضي نموذج واضح على هذه المشكلة، مما يعرض سوق العقارات فى مصر إلى أزمة تدفع بالأسعار إلى الصعود أكثر مما هي عليه فى ظل اتساع الفجوة بشكل كبير بين العرض والطلب. خاصة فيما يتعلق بالإسكان المتوسط في البلاد، غير انه في المقابل يجعل سوق العقارات المصري أكثر جذبا للاستثمارات المصرية والأجنبية خلال الفترة المقبلة.

وطالب خبراء في القطاع العقاري بسرعة إصدار قانون البناء الموحد المقرر أن يناقشه مجلس الشعب منتصف يناير المقبل، وذلك لما يتضمنه من تنظيم كامل لعملية البناء وهدم العقارات الآيلة للسقوط وتنفيذ قرارات الإزالة فورا صدورها.

وأكدت إحصاءات وزارة التنمية المحلية التى حصلت «الشرق الأوسط» على بيان بها أن قرارات الإزالة للمباني والمنشآت الآيلة للسقوط على مستوى محافظات مصر البالغة 26 محافظة تصل إلى 111.8 ألف وحدة سكنية، يتركز عدد كبير منها في محافظة الغربية شمال القاهرة بواقع 21.8 ألف وحدة، تليها القاهرة 19.7 ألف وحدة، والدقهلية بواقع 15.9 ألف وحدة سكنية. وأشار البيان إلى أن إجمالي عدد القرارات المنفذة وصل إلى نحو 69.6 ألف وحدة بنسبة 62 فى المائة، من إجمالي الوحدات الصادر بشأنها قرارات إزالة كلية أو جزئية، مضيفا أن عدد القرارات التي تمثل خطورة داهمة تصل إلى نحو 18.3 ألف وحدة سكنية. واللافت للانتباه في هذه الإحصاءات أن محافظة القاهرة لم يرد فيها تفصيل بشأن القرارات سواء بالهدم الجزئي أو الكلي أو العقارات التي تمثل بها خطورة داهمة. بينما يوجد في كل محافظة بيان تفصيلي بعدد قرارات الهدم الجزئي منه والكلي، وعدد الطعون المقدمة أمام المحاكم، وعدد القرارات التي صدر بها حكم نهائي، وعدد الوحدات التي تشكل خطورة داهمة.

وبينما تكون نتائج انهيار العقارات أكثر فداحة بالنسبة لقاطنيها إلا أن الخبراء والمتابعين لسوق العقارات، يحذرون من آثار مشكلة ارتفاع عدد الوحدات السكنية الصادر بحقها قرارات إزالة، وتأثير ذلك على سوق العقارات الذي يعاني أصلا من وجود فجوة بين العرض والطلب.

وأشار شريف حافظ رئيس شركة ماسبيرو للتنمية العمرانية إلى أنه لا يوجد حصر دقيق وفعلي عن حجم الاحتياج الحقيقي في السوق المصري، وأن الأرقام التي تتحدث عن احتياجه لـ220 ألف وحدة سنويا ما زالت تقريبية، مضيفا أنه في حال تعاملنا مع هذه الأرقام، لا بد أن نحدد أولا هل هي نتاج احتساب الوحدات الآيلة للسقوط أم لا.

وأوضح أنه إذا لم تكن هذه الأرقام باحتساب المنتظر إزالتها سيكون الاحتياج تقريبا 330 ألف وحدة سنويا، وهذا رقم كبير، خاصة أن الطاقة الاستيعابية من أيد عاملة ومعدات ومعماريين وإنشائيين وأراض وموارد مالية لا تتحمل مثل هذا العبء.

واستطرد أن المشكلة لن تكون فى ارتفاع أسعار الوحدات الذي سيحدث بلا شك مع انخفاض المعروض وإنما المشكلة الحقيقية تتمثل فى الارتفاع المحتمل في أسعار مواد البناء.

ويرى مسوولون وخبراء فى القطاع العقاري أن صدور قانون البناء الموحد ربما يقلل من المشاكل التى تكتنف السوق العقاري، وقالت أميمه صلاح الدين رئيس الجهاز الفني على أعمال البناء بوزارة الإسكان، إن المواد المتعلقة بالعقارات الآيلة للسقوط فى القانون القديم كانت تمثل عقبة، خاصة أن مالك العقار أو المستأجر كان يقوم بالطعن في قرارات الإزالة أمام القضاء لفترات طويلة ربما تصل إلى سنوات مما يعرقل تنفيذ الإزالة فى التوقيت السليم وأوضحت صلاح الدين أن هناك حوالى 14 الف طعن مقدم أمام القضاء على مستوى مصر، حصل فقط 5.9 الف على أحكام نهائية بالإزالة، إلا انه توجد مشاكل دائمة من السكان برفض هذه القرارات، وبعضهم يفضلون الموت ولا يتركون منزلهم، لان النتيجة معروفة.. أزمة سكنية ربما تجعل بعضهم من غير القادرين يفترشون الطرق ويلتحفون السماء أو يلجأون إلى سكنى المقابر. وأكدت أن قانون البناء الموحد تلاشى الطعن على قرارات الإزالة والهدم أمام السلطات القضائية ولكن بداخل كل محافظة صدر لها قرار هدم أو ترميم عن طريق لجنة خاصة يرأسها قاض، مشيرة إلى أن القانون الجديد سيتم من خلاله تنفيذ القرارات بأقصى سرعة ممكنة لا تتجاوز أياما معدودة.

من جانبه، أشار المهندس حسين الجبالي وكيل وزارة الإسكان والمجتمعات العمرانية‏ إلى أن القانون الجديد راعى توحيد التشريعات، مضيفا أن لدى مصر ثروة عقارية تقارب ‏12‏ مليون وحدة سكنية بجميع أنحاء البلاد بعضها مبان تاريخية من الصعب تعويضها‏،‏ لهذا لا بد من وجود آلية للحفاظ على الثروة‏، لذا تنبهت الوزارة إلى ضرورة تضمين قانون البناء الموحد لمواد قانونية تنظم أعمال صيانة المباني كاحتياج عاجل لأنها تتصل بالحفاظ على الأرواح والممتلكات.

وأكد الجبالي أن هذا القانون سيضمن استقرارا كبيرا في السوق العقاري المصري، مما يشجع مزيدا من المستثمرين على الاستثمار العقاري في السوق المصري. من جانبه، رأى محمد عجلان عضو مجلس إدارة اتحاد مقاولي التشييد والبناء وشباب الأعمال أن الانهيارات التي تتعرض لها العقارات بين الحين والأخر تضعف سمعة المقاول المصري.

وأشار عجلان إلى حصول شركات سعودية ولبنانية وفلسطينية مؤخرا على حصة من سوق المقاولات والإنشاءات في مصر، مضيفا أن شركات المقاولات المصرية المقاربة من المستوى العالمي تعد على أصابع اليد الواحدة. واتهم الحكومة بالتراخي في سرعة البت في إزالة المباني المخالفة، فضلا عن غياب مراقبة الجودة أثناء التنفيذ.