2008 عام الصناعة العقارية في السعودية

توقعات بزيادة النمو العقاري في العام الجديد

TT

برهن السوق العقاري في السعودية، على انه تحول من خلال حبات رماله وبين ممرات مبانيه، وفي زوايا طرقه إلى صناعة حقيقية، تدفع بالبلاد إلى المزيد من التقدم والازدهار وضمان عيش حياة مكتملة لأفراده، من خلال التحول الذي شهدته الصناعة العقارية في العام الجاري. وجاء هذا التحول من خلال قرارات حكومية أو على صعيد إعلانات الشركات العقارية سواء المحلية أو الإقليمية، الأمر الذي يبشر بموسم عقاري مزدهر خلال العام الميلادي الجديد 2008.

حيث سجل السوق العقاري في السعودية تحركات مختلفة، لاحتواء ما يمكن ان يكون أزمة مقبلة في السكن والمساكن، وحتى في العقارات التجارية كالمكاتب والبنيات والمعارض والمجمعات التجارية، من خلال ما ذكره الخبراء ان حجم الاستثمارات العقارية في السعودية وصلت إلى 1.4 تريليون ريال (373 مليون دولار). ولم تقف السوق عند هذا الحجم، بل إنها مرشحة للزيادة في ظل ارتفاع الطلب على السوق العقاري من خلال طرح مشاريع حكومية ضخمة وإعلان العديد من الشركات المحلية والإقليمية والعالمية طرح مشاريع مختلفة في مختلف المدن السعودية. أمام ذلك، بين الدكتور عبد الله المغلوث باحث عقاري إن القطاع العقاري بدأ بالتحول إلى صناعة حقيقية، وذلك من خلال وجود جميع مقومات الصناعة الحقيقة، من صناع ومستهلكين ومسوقين وسوق واعدة وفرص استثمارية، جميعها تصب في مصلحة الاقتصاد الوطني، مما يدفع بالسعودية إلى مكان يستوعب الكثير من الاستثمارات في القطاع العقاري.

وأشار المغلوث إلى ان الطفرة التي تعيشها البلاد تساعد على وجود التنمية العقارية بمختلف أنواعها، فالمشاريع التي تعلنها الحكومة تساعد على النمو العقاري، وحاجة البلاد إلى العديد من المشاريع التجارية لاستيعاب الطلب المتزايد على المنتجات العقارية، تساعد هي الأخرى على النمو العقاري، وبالتالي فإن المستفيد الأخير هو المواطن والاقتصاد الوطني. ومن ما يعتبر إن الصناعة العقارية في السعودية على خطوات بسيطة من التكامل في جوانبها، حين أعلن إبراهيم العساف وزير المالية السعودي منتصف يناير (كانون الثاني) الماضي عن منظومة التمويل العقاري، والذي وصفها بالسوق الأولية والسوق الثانوية والسلطة التنظيمية أو الإشرافية، وذلك خلال مؤتمر التمويل الإسكاني الأول والذي نظمته مؤسسة «يوروموني» العالمية في العاصمة السعودية الرياض. حيث بين وزير المالية السعودي آنذاك أن من الاولويات التي تم تحديدها ويجري العمل على إقرارها نظاما جديدا للتمويل العقاري، والذي يستهدف وضع الإطار الأساسي للتمويل العقاري ودور الجهات الإشرافية مثل مؤسسة النقد العربي السعودي، وهيئة السوق المالية في السوق الثانوية، ونظام شركات التمويل ويحدد القواعد التي تحكم نشاط شركات التمويل العقاري بما في ذلك متطلبات الترخيص والأنشطة المسموح بها وإدارة الشركات والإشراف عليها وتسوية المنازعات.

وزاد العساف أن ذلك إضافة إلى نظام التأجير التمويلي، ونظام التنفيذ والرهن، وأخيرا إجراءات لمعالجة الصعوبات الحالية في تسجيل الرهون وإتاحة الرقابة القضائية لقرارات التسجيل. كما كشف الوزير عن وجود نظامين آخرين مرتبطين بالتمويل العقاري، سيتم اقرارهما الأول بالتقييم العقاري، والآخر يتعلق بالسجلات الائتمانية، موضحاً أن الوزارة أعدت نماذج مختلفة تتوافق مع الشريعة الإسلامية لبعض العقود سيتم نشرها في الوقت المناسب. وحرصت الحكومة السعودية على أخذ جميع الاجراءات لضمان سير السوق العقاري بشكل صحيح، من خلال ما شابهه من اختلافات ومعوقات. حيث ألزمت المستثمرين العقاريين في البلاد ضرورة أخذ موافقة وزارة البترول والثروة المعدنية قبل طرح أي مساهمة عقارية في المنطقة الشرقية، وطالبت الحكومة من وزارة البترول والثروة المعدنية عند طلب تخطيط أرض واقعة ضمن حدود المنطقة الشرقية، توضح أن الأرض ليست داخلة ضمن مناطق امتيازات أو محجوزات شركات الزيت أو الغاز أو ضمن مناطق امتيازات ومحجوزات ورخص التعدين. حيث تلتزم وزارة البترول والمعادن تقديم تلك الإفادة خلال مدة لا تتجاوز 90 يوما من تاريخ تقديم الطلب.

وألزمت الحكومة وزارة البترول تزويد وزارات: الشؤون البلدية والقروية والعدل والزراعة بخرائط مناطق امتيازات شركات الزيت والغاز وخرائط مناطق امتيازات ومحجوزات ورخص التعدين في جميع مناطق البلاد، وتحديثها بشكل دوري، بالإضافة إلى إلزام المحاكم وكتابات العدل عدم إصدار صك لأي أرض تقع ضمن مناطق الامتيازات والمحجوزات ورخص التعدين الواردة. كما طلب مجلس الوزراء من وزارة الشؤون البلدية والقروية، ألا تعتمد تخطيط أي أرض تقع ضمن مناطق الامتيازات والمحجوزات ورخص التعدين، إلا بعد التنسيق في ذلك مع وزارة البترول والثروة المعدنية، الأمر الذي يسد ثغرة بعض المشاكل التي واجهت بعض المساهمات العقارية في المنطقة الشرقية من البلاد.

وفي هذا السياق يشير المغلوث إلى أن الحكومة حرصت على البحث عن تكامل السوق من خلال عدم تعارضه مع قطاعات أخرى تسبب صدمات، مما دعاها إلى إصدار قرار موافقة وزارة البترول على أي مساهمة عقارية في المنطقة الشرقية.

وشهد العام الجاري 2007 إعلان العديد من الشركات الإقليمية دخولها للسوق السعودي، حيث أعلنت كل من شركة ديار العقارية، وشركة داماك، وشركة ليميتس الإماراتية، الدخول للسوق العقارية السعودية من خلال مشاريع مختلفة تمركز اغلبها في القطاع السكني بالإضافة إلى إنشاء الأبراج. كما شهد إعلان شركة أموال الدولية للاستثمار الكويتية عن إنشاء أول ناطحة سحاب في مدينة الخبر شرق السعودية، بتكلفة تصل إلى مليار ريال (266 مليون دولار) بالشراكة مع الشركة الأولى للتطوير، مما يؤكد أن السوق السعودية تزخر بالفرص الاستثمارية التي تنبئ بعوائد ربحية مجزية. خاصة في ظل وجود سيولة كبيرة في منطقة الخليج العربي تبحث عن قنوات استثمار، وجدت السوق العقاري في السعودية فرصة لتنميتها. من جانبه، توقع الدكتور سليمان السكران أستاذ العلوم المالية المشارك بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن أن تبلغ الاستثمارات في بناء العقارات الجديدة في السعودية 484 مليار ريال (129 مليار دولار) بحلول عام 2010.

وأشار إلى انه من المنتظر أن تكون غالبيتها في شريحة المباني السكنية تليها المباني المكتبية ثم مراكز التسوق التجارية. وذكر السكران أن السوق العقارية شهدت ارتفاعا في أسعار العقار على مدى الأعوام الخمسة الماضية، إلا انه لم يصل لدرجة الحد من نمو شركات المقاولات أو المستهلكين. وبين انه في ظل غياب مؤشر قياس علمي ومهني يصعب رصد حركة الأسعار بشكل علمي ومهني جيد، غير أنه من واقع البيانات التقديرية تتباين الأسعار بحسب المدينة أو المنطقة في نوعية العقار.

إلى ذلك سعى عدد من الشركات إلى استقطاب استثمارات أجنبية بمبالغ كبيرة من دون شروط بما يساهم في دفع عجلة التنمية الاقتصادية في السعودية. حيث أعلنت شركة دار الأركان العقارية، طرح صكوك إسلامية أصدرتها في الأسواق العالمية المالية، مما يعتبر الخطوة الأولى في إدخال القطاع العقاري السعودي في النظام المالي.

وفي سعي الحكومة إلى تكامل المنظومة الاقتصادية، سعت إلى تحويل موارد مالية لمعالجة قضية الإسكان، من خلال دفع عجلة التمويل العقاري، إذ زادت دعمها لصندوق التنمية العقارية من خلال ضخ ما يقارب 25 مليار ريال (6.6 مليار دولار)، من خلال الميزانية العامة للدولة. كما أعلنت المؤسسة العامة لمعاشات التقاعد برنامجا لشراء المساكن، إضافة إلى دخول عدد من شركات التمويل العقاري في هذا المجال، حيث تم إشهار ما يقارب 6 شركات تمويل عقاري باستثمارات تتجاوز 7 مليارات ريال (1.8 مليار دولار).

كما نشطت عدد من الشركات التي تدير المدن الاقتصادية إلى توقيع عقود للعمل بالمدن الاقتصادية، إذ سعت شركة اعمار المدينة الاقتصادية إلى توقيع عقود مختلفة لضمان سير العمل في المدينة، حسبما هو مخطط له.

وهنا يعود الدكتور المغلوث، ليشير إلى أن جميع الجهود التي عملت خلال العام الماضي، ستترجم في العام الجديد 2008، حيث سيتم تفعيل القرارات المتعلقة بالقطاع العقاري، وسيتم الاستمرار في العمل بالمشاريع الحكومية، من خلال ما اقرته الميزانية العامة. ووصف عام 2008 بأنه سيكون عام الصناعة العقارية.