السعودية: ارتفاع أسعار مواد البناء يفتح سوقا جديدة للعقارات المتعثرة

عقاريون: اختصار الوقت والجهد أبرز أسباب رواج السلعة

فتحت المباني المتعثرة سوقا جديدة في قطاع العقارات يحقق للمستهلك اختصارا كبيرا في الوقت والجهد (تصوير: عبد الرحمن المالكي)
TT

فتح ارتفاع أسعار مواد البناء في السعودية سوقاً للعقارات جديدة، تتمحور في بيع مبان ومشاريع ومراكز غير مكتملة أو متعثرة، الأمر الذي أوجد عرضا وطلبا على ذلك النوع من العقارات.

وتشهد السعودية في الوقت الحالي عدد كبيراً من الإنشاءات في مختلف التوجهات، كالمساكن والمباني الاستثمارية، والمراكز التجارية، بالإضافة إلى المشاريع العقارية المتكاملة كالأحياء والمدن، إلا أن ارتفاع أسعار مواد البناء قد يغير من الميزانية المخصصة لتلك المباني والعقارات، الأمر الذي فتح باب استثمار جديد في شراء تلك المباني وتكملتها بما يتناسب مع التوجهات الاستثمارية، وتحقيق عوائد ربحية.

ويرى عقاريون أن العقارات غير المكتملة والمتعثرة باتت سلعة مطلوبة في ظل رخص أسعارها مقارنة بالعقارات الجاهزة، حيث ان البائع يرغب في بيع عقاره بسعر يوفر له سيولة لإيجاد بديل للعقار الذي لم يعد مجديا بالنسبة له، في حين أن المشتري يرى في ذلك فرصة باستخدام مواد بناء لتكملة المنزل بديلة عن ما هو موجود في خطة البناء تكون ارخص، بالإضافة إلى إعادة تصميم المسكن أو المجمع من الداخل بما يتناسب مع المصروفات، أو بما يتناسب مع الجدوى الاستثمارية الجديدة في المباني التجارية.

ويشير محمد السبيعي صاحب مكتب عقاري يعرض عددا من المنازل غير المكتملة للبيع، إلى أن الكثير من الزبائن يسعون لامتلاك منازل غير مكتملة ومتعثرة، حيث ان تلك المنازل تفتح لهم آفاق جديدة، من اختصار للوقت، إلى إيجاد تصميم يتناسب مع تطلعاتهم، وتوفير في قيمة الشراء، بالإضافة إلى اختصار للجهد المبذول في بناء منزل جديد، مشيراً إلى أن الارتفاع المتواصل في تكاليف بناء العقارات، وارتفاع أسعار اليد العاملة، جميعها تسببت في توقف بناء الكثير من المنازل والمباني المختلفة. وأضاف أن ارتفاع أسعار الأراضي والعقارات قد يكون سبباً آخر في وجود عوائد مادية ايجابية على ملاك تلك العقارات من خلال تحقيق أرباح تتراوح ما يبن 15 إلى 25 في المائة من سعر التكلفة الحقيقة للأرض أو للمباني، مما قد يدفع إلى بيع المنزل وتحقيق ربح مجز وإعادة البناء من جديد.

وذكر السبيعي أن كثيرا ممن توقفت إعمال البناء في منازلهم أو في مبانيهم يسعون إلى بيع تلك المنازل، وإعادة بناء منزل أو مبنى جديد بما يتوافق، ويتناسب مع ما حققوه من مبالغ في بيع العقار الأول، الأمر الذي يسجل دائرة عقارية جديدة تعتمد بيع عقارات غير مكتملة وبناءات جديدة بشكل اصغر واقل تكلفة، للعمل على إمكانية الانتهاء من كافة تفاصيله.

ولفت العقاري إلى وجود عدد من المباني والمراكز التجارية والأبراج المتعثرة، نتيجة اختلاف الشركة مع شركات المقاولات أو اختلاف أعضاء الشركات على تصميم المبنى أو تكلفته، مما يوقف العمل في ذلك المباني، والتوجه إلى طرح للبيع بسعر يضمن عودة راس المال أو اقل بما يرضي جميع الإطراف، مبيناً أن هذا المنتج شهد حركاً كبيراً خلال الفترة الماضية.

وذكر أن اغلب ملاك العقارات المتعثرة يتوجهون إلى الاستفادة من سعر الأرض وسعر المبنى إلى استثماره بشكل اصغر مما كان مخططا له. من جهته ذكر يوسف الغامدي وهو مدرس في احدى مدارس مدينة الدمام شرق السعودية، انه عمل على بيع ارض مساحتها 850 مترا مربعا في حي المزروعية بالقرب من الكورنيش بقيمة تتجاوز مليون ريال (266 ألف دولار) وشراء أخرى في مدينة الخبر بمساحة اصغر تبلغ 500 متر مربع بقيمة تصل إلى 400 ألف ريال (106 آلاف دولار) وذلك بعد أن تأكد من ارتفاع تكلفة البناء في أرضه بالدمام، الأمر الذي دعاه إلى بيعها وشراء أخرى وتوفير مبلغ ليتمكن من بناء أرضه في مدينة الخبر. وأشار الغامدي إلى أن ارتفاع أسعار مواد البناء وارتفاع تكلفة مؤسسات المقاولات والإنشاءات دفعه لبيع أرضه في الدمام، وشراء أخرى في الخبر، حيث يعتزم الغامدي إسناد بنائها إلى مؤسسة صغيرة للإنشاءات، حيث إن أسعار تلك المؤسسات يتناسب في الغالب مع خطط الفرد لبناء منزل.

يذكر أن السعودية تشهد حركة في الإنشاءات والمقاولات، نتيجة التنمية العقارية التي تشهدها البلاد من خلال المدن الاقتصادية ومشاريع البنية التحتية الحكومية، الأمر الذي أدى إلى حركة إشغال كبيرة لدى المقاولين، إضافة إلى التضخم الذي تشهده السعودية والذي يعتبر الأعلى منذ فترة مما تسبب في تعثر بناء عدد من المباني والمنازل والعقارات بمختلف إشكالها.

بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف التعمير، ووجود الفجوة بين العرض والطلب، وعدم وجود مشاريع عقارية متكاملة تطرحها الشركات العقارية في الوقت الحالي، الأمر الذي يدفع الأفراد إلى بناء المنازل بشكل فردي وعشوائي يتسبب في أخطاء في عمليات البناء والتصميم قد لا تتناسب في معظم الأحيان مع توجه الأفراد، في حين تعمل الشركات العقارية إلى بيع منتجاتها على شكل مجموعات لضمان بيع اكبر عدد من الوحدات العقارية.