انخفضت الأسعار في إسبانيا.. فجاء دور المغرب

الفقاعة العقارية: ستحدث.. لن تحدث

TT

يطمح المستثمرون المغاربة والأجانب في مجال العقار إلى تجاوز مرحلة الركود النسبي بالإصرار على الحفاظ على الأسعار الحالية التي يعتبرها كثير من المغاربة مبالغا فيها ولا تعكس مستوى العيش الحقيقي في البلاد. وفي الوقت الذي تشير فيه الأرقام إلى أن ميدان العقار في إسبانيا يعرف تدهورا متسارعا، على الرغم من أنه ليس كبيرا، فإن مجال العقار في المغرب ظل محافظا على أسعاره، مع أنه لن يستطيع الحفاظ على سقف الأسعار المعمول بها حاليا في ظل تدهور عالمي في أسعار الشقق.

وبالنظر إلى القرب الجغرافي بين المغرب وإسبانيا، فإن المقاولين العقاريين المغاربة ينظرون بتوجس إلى ما تعرفه جارتهم الشمالية من انخفاض في أسعار العقار بها، حيث انخفض خلال الأشهر العشرة الماضية إلى أزيد من 10 في المائة، ويرتقب أن يعرف المزيد من الانخفاض، حسب ما تشير إليه دراسات لصندوق النقد الدولي. وحاول توفيق حجيرة، وزير الإسكان المغربي، التخفيف من مخاوف المستثمرين العقاريين حيث استبعد حدوث ما سماه «فقاعة عقارية»، مضيفا أن هناك طلبا متزايدا على السكن. ويبلغ معدل إنشاء الوحدات السكنية في المغرب مليون وحدة سكنية كل عام، وهو رقم يقول مستثمرون عقاريون إنه لم يصل بعد إلى حجم الطلب المتزايد على الشقق. وتثير أسعار العقار المرتفعة في المغرب حيرة المغاربة وغضبهم في آن، حيث أن شقة من ثمانين مترا مربعاً تكلف أزيد من مائة ألف دولار، مع الفوائد البنكية، في بلد لا يزيد فيه الدخل الفردي في حدوده الدنيا عن مائتي دولار شهرياً. وعلى الرغم من الوعود التي سبق أن تقدم بها وزير الإسكان المغربي، من أجل ضبط مجال العقار والتحكم في أسعاره ولو جزئيا، إلا أن المغاربة فوجئوا بارتفاع متزايد في أسعار الشقق، حيث أن سعر المتر المربع الواحد في شقق جيدة يتجاوز ثلاثة آلاف دولار. ويعرف المغرب طفرة كبيرة في بناء العمارات في كل المدن المغربية، فيما تعرف ضواحي مدن الرباط ومراكش والدار البيضاء وطنجة عملية إنشاء مدن جديدة من أجل تخفيف الضغط عن هذه المدن التي ضاقت بساكنيها. وفي مدينة طنجة، التي تعرف اليوم نشاطا عمرانيا كبيرا، صار من شبه المستحيل العثور على مساحات فارغة وسط المدينة من أجل إنشاء عمارات جديدة، وهو ما دفع شركات العقار إلى البحث عن مساحات شاسعة في أطراف المدينة من أجل إنشاء مجمعات سكنية تشبه كل واحدة منها بلدة صغيرة وتحتوي على الآلاف من السكان.

وتقدم الحكومة المغربية تسهيلات كبيرة للمستثمرين في مجال العقار، من بينها منحهم قروضا كبيرة، مع تسهيلات ضريبية. وسمحت الطفرة العقارية التي يعرفها المغرب، لمئات الآلاف من الأسر بالتوفر على سكن خاص، عوض السكن بالإيجار أو السكن في حارات الصفيح. غير أن الرواج الذي عرفه مجال العقار في سنواته الأولى أصبح اليوم مهددا بالتراجع بعد أن توقف الكثير من المغاربة عن محاولاتهم اقتناء شقق بفعل الغلاء الفاحش، وهو ما أصبح يؤشر إلى انخفاض نسبي في الأسعار، أو في أسوأ الحالات، حدوث انهيار مفاجئ للأسعار، وهو ما سيكون مفيداً بطبيعة الحال لشريحة كبيرة من المغاربة الذين لم تسعفهم ظروفهم المادية على الحصول على سكن حتى الآن.

وكان تقرير للبنك الدولي صدر أخيرا قد أشار إلى أن أسعار العقار في عدد من بلدان العالم مرشحة للانخفاض، من بينها المغرب، وأن الأسعار المعمول بها حاليا، حتى في البلدان الأوروبية، لا تتوافق مع حجم النمو الطبيعي، وأنها تعطي إحساسا خادعا بالتطور الاقتصادي والاجتماعي.