قطر تفتح الباب أمام الأجانب لتملك عقارات في 18 منطقة لمدة 99 عاما

توقعات بتأثيرات إيجابية على السوق خلال المرحلة المقبلة

صورة تظهر جانبا من الدوحة («الشرق الأوسط»)
TT

خطت الحكومة القطرية خطوة هامة في فتح سوقها العقاري لغير القطريين، وأعلنت وزارة الشؤون البلدية والزراعة الأسبوع الماضي، عن اكتمال الاستعدادات لتلقي طلبات الراغبين في الانتفاع بالعقارات والوحدات السكنية من غير القطريين طبقا للقانون رقم 17 لسنة 2004، والذي اجاز لغير القطريين الانتفاع بالعقارات لمدة لا تتجاوز 99 عاما في المناطق الاستثمارية التي بلغت 18 منطقة من مناطق العاصمة القطرية الدوحة.

وكانت قطر قد سمحت عام 2006 لغير القطريين بالانتفاع بالعقارات والوحدات السكنية لمدة لا تتجاوز 99 سنة، قابلة للتجديد لمدة أخرى مماثلة في 18 منطقة تم تحديدها في قرار للحكومة، إلا أن هذا القرار لم يتم تفعيله بصورة كاملة بانتظار انتهاء الترتيبات التي تسمح بتطبيقه بالكامل، وبإنشاء مكتب متخصص لإدارة هذه العملية، وهو ما بدأ فعليا الأسبوع الماضي. علما أن الحكومة القطرية سمحت في نفس القرار لمواطني دول مجلس التعاون الخليجي بتملك العقارات والوحدات السكنية في كل من لوسيل والخرايج وجبل ثعيلب، ويتضمن القرار شروط وإجراءات تملك المواطنين الخليجيين للعقارات.

ووفقا للقانون فإن الأرض الفضاء التي سيقام عليها العقار يجب اعمارها بالوحدات السكنية خلال عام على ألا تقل مساحتها عن 400 متر مربع، مع ضرورة تقسيم المبنى الذي يستثمره غير القطري لوحدات سكنية مع الالتزام بالشروط الاخرى من حيث المخططات وسلامة المبنى ومواقف السيارات والفراغات الداخلية وغير ذلك من الشروط، باعتبار كل ذلك شرطا للحصول على الموافقة علما بأن الفلل لا تحتاج الى فرز. ويقول المهندس إبراهيم المالكي مدير بلدية الدوحة إن حق الانتفاع الذي قدمه القانون الجديد يعد خطوة فريدة، لتكون الأولى من نوعها في قطر التي سبقت بها دولا أخرى في المنطقة، ووفقا للمالكي فانه يمكن ان يساهم في حل مشكلة السكن حيث يضمن غير القطري الإقامة فترة طويلة في مكان معين، قائلا انه تم اصدار دليلا خاصا بالعملاء لتوضيح كيفية الاستفادة من حق الانتفاع.

ويرى عقاريون أن الخطوة القطرية ستفتح باب الاستثمارات الأجنبية في سوق العقار القطري على مصراعيها، خاصة للمستثمرين الأجانب الذين يرغبون في التملك من أجل الحصول على إقامة دائمة، وهو ما يوفره القرار القطري الجديد. ويتوقع المستثمر العقاري عيسى المناعي أن يؤثر هذا القرار إيجابا على السوق العقارية القطرية «ولكن ليس في الوقت القصير المقبل»، معتقدا أن مثل هذا القرار لن تكون له تأثيرات كبيرة على سوق العقار في بلاده حاليا»، مشيرا إلى أن المناطق التي تم إطلاقها للمستثمرين غير القطريين، لا تشكل مواقعها أهمية كبرى للمستثمرين، وقال إن هناك مناطق أخرى بقطر من الممكن أن تكون مغرية أكثر للمستثمر، خاصة تلك التي تقع في منطقة الخليج الغربي، مبينا أنه حتى لو كانت أسعار هذه المناطق أعلى من المناطق التي تم الإعلان عنها، فإنه ستكون أشد جذبا للمستثمرين باعتبارها ذات جدوى اقتصادية أعلى.

وشهد السوق العقاري القطري خلال السنوات القليلة الماضية ارتفاعات جنونية بسبب ارتفاع الإيجارات التي تسببت بدورها في زيادة جنونية في أسعار الأراضي، والتي وصلت في بعض المناطق إلى أكثر من 500 في المائة، وفيما لم يكن سعر القدم قبل بضع سنوات يتجاوز 30 ريالا قطريا (8.2 دولار) بلغ سعر القدم حاليا أكثر من 300 ريال (نحو 82 دولارا) في بعض مناطق الدوحة، وهذا يعني أن تكلفة جانب واحد من القطاع العقاري وهو الأرض قد ارتفع بنحو تسعة أضعاف.

وتمر العاصمة الدوحة وشقيقاتها من المدن القطرية بطفرة تاريخية لم تمر بها الدولة القطرية منذ تأسيسها مطلع السبعينات، حيث تزامنت السيولة العالية التي تعود على البلاد من عائدات النفط الذي تحلق أسعاره عاليا، بالإضافة إلى عائدات الغاز الذي تعد قطر من كبار مصدريه، كل هذا تزامن مع إنشاء الحكومة القطرية لبنية تحتية شاملة عمت جميع المرافق والقطاعات، وهو ما انعكس إيجابا على الاقتصاد القطري، وخاصة القطاع العقاري.

ويعكس إصدار القانون مدى الاهتمام الذي توليه الحكومة القطرية للقطاع العقاري وتأثيره الكبير على الاقتصاد القطري، كما يشكل دعما كبيرا إضافيا للعملية التسويقية للمشاريع العقارية في قطر، كما يعمل على جذب المزيد من الاستثمارات العقارية، كما يتوقع أن يطال القانون أيضا، بالإضافة إلى القطاع العقاري، القطاعين الصناعي والتجاري اللذين من الطبيعي أن يتأثرا إيجابا مع الحركة التي تطال القطاع العقاري.

وخصصت الحكومة القطرية لمشاريع البنية التحتية عام 2007 ـ 2008 ما مقداره 23 مليار ريال قطري، بعد أن وضعت الدولة أولويات توجيه جزء كبير من مصروفات الموازنة نحو تحديث البنية التحتية، حيث تم اعتماد مبلغ 22.9 مليار ريال في موازنة العام الماضي لمشاريع التنمية، ويمثل هذا المبلغ 35 في المائة من إجمالي مصروفات الموازنة، كما تم اعتماد ما مقداره 70 مليار ريال قطري لمشاريع التنمية خلال السنوات الخمس الماضية. في حين تعتزم تنفيذ مشاريع استثمارية تبلغ تكاليفها أكثر من 130 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة. لكن عقاريين يتوقعون أن يعمل القانون على رفع التداولات العقارية مما ينعكس على أسعار العقارات وهو ما يدفعها إلى تسجيل ارتفاعات خلال الفترة القريبة القادمة، كما يوسع القانون من شفافية السوق العقارية القطرية وعدم حصرها للجنسية القطرية فحسب. وخلال السنوات القليلة الماضية، تدافع الكثير من الجنسيات الأجنبية للعمل في قطر، شأنها شأن شقيقاتها من دول مجلس التعاون الخليجي، خاصة أن قطر تتمتع بميزة المشاريع الضخمة التي تقام بها حاليا في قطاع الغاز، وهو ما فتح الباب على مصراعيه أمام العديد من القطاعات الاقتصادية للعمل كمشاريع مساندة سواء لصناعة الغاز أو البترول أيضا.

ووفقا لشركة الأولى للتطوير العقاري، وهي واحدة من أهم الشركات العقارية في قطر، إن ما يقارب الثلثين من المستثمرين في مشاريعها هم من غير القطريين، في حين تقول مجموعة التطوير المتحدة، إن نصف المستثمرين في مشروع اللؤلؤة على الأقل هم من الأجانب. وجاء ارتفاع أسعار العقارات مؤخرا من صالح هؤلاء المستثمرين، الذين استطاعوا أن يحققوا أرباحاً كبيرة، كما أن هناك رغبة المزيد من الشركات في الدخول إلى قطر.

ويأتي قرار الحكومة، استكمالا لقانون تنظيم تملك وانتفاع غير القطريين بالعقارات والوحدات السكنية والذي كان قد أصدره أمير قطر في يونيو 2004، وتضمن مواد تشير إلى أن الحكومة ستقوم بتحديد المناطق المسموح فيها بالتملك والانتفاع والشروط الواجبة وإجراءات التملك والانتفاع بالعقارات، كما أن القانون أشار إلى أن حق الانتفاع هو حق عيني عقاري لا ينشأ ولا يعتد بالتصرفات التي ترد عليه إلا بالتسجيل وفقاً لأحكام القانون رقم 14 لسنة 1964، وينتهي حق الانتفاع بانقضاء المدة المحددة له أو باتفاق الطرفين أو بهلاك العقار أو بنزع ملكيته للمنفعة العامة.

وبخصوص ما يتعلق بانتفاع غير القطريين بالعقارات والوحدات السكنية، حدد القرار الوزاري رقم 75 لسنة 2006 ألا تتجاوز مدة الانتفاع 99 سنة، قابلة للتجديد لمدة أخرى مماثلة، في 18 منطقة استثمارية.

ونص القرار على أن ينشأ مكتب بالبلدية المختصة يتولى إعداد السجلات اللازمة لقيد التصرفات التي ترد على انتفاع غير القطريين بالعقارات في المناطق الاستثمارية، مع بيان موقع هذه العقارات وأسماء مالكيها، واسم المنتفع، ومدة الانتفاع، ومقابل الانتفاع، وترسل صورة من السجلات إلى إدارة التسجيل العقاري والتوثيق بوزارة العدل، كما تخطر بأي تغيير يطرأ على البيانات المقيدة بهذه السجلات لاتخاذ اللازم بشأنها، وتتولى إدارات مناطق جزيرة اللؤلؤة ومشروع بحيرة الخليج الغربي ومشروع منتجع الخور الصلاحيات المقررة لمكاتب البلدية المختصة فيما يتعلق بهذه المناطق، على أن تتولى البلدية المختصة اتخاذ ذات الإجراءات بالنسبة للوحدات السكنية التي ينتفع بها غير القطريين. وأجاز القرار للمنتفع بيع حق الانتفاع للغير أو تأجيره أو التنازل عنه أو استغلاله بأي وجه من أوجه الاستغلال، وذلك وفقاً لأحكام القوانين المعمول بها، على أن تحدد بقرار من وزير الشؤون البلدية والزراعة الرسوم التي تؤدى على التصرفات التي ترد على حق الانتفاع بالبيع للغير أو تأجيره أو التنازل عنه أو استغلاله أو تجديد التعاقد عليه، وتحدد الرسوم بنسبة من قيمة العقار.