السعودية: «مهرجانات الصيف» تشعل تداولات السوق العقاري

إشغال الشقق المفروشة يصل لنحو100%.. وموسم المناسبات يدخل على الخط

خبراء يتوقعون ضخ ملايين الريالات في قطاع الوحدات السكنية المفروشة خلال الإجازة الصيفية («الشرق الأوسط»)
TT

توقع عقاريون ومستثمرون سعوديون أن تسهم انطلاقة 24 مهرجان سياحي في صيف السعودية هذا العام بإشعال الحركة العقارية وتوجيه المستثمرين لطرح منتجات عقارية سياحية جديدة، إلى جانب رفع الطلب على الأجنحة الفندقية والشقق المفروشة التي أعلن ملاكها أن نسبة إشغالها بلغت 100 في المائة في بعض المدن السعودية، رغم أن الإجازة الصيفية ما زالت في بدايتها.

ويشير خالد جمجوم، رئيس اللجنة العقارية بالغرفة التجارية بجدة لـ«الشرق الأوسط» إلى تغير خيارات السعوديين السياحية، بالقول «سابقاً لم نكن نعلم ان هناك الكثير من الناس تفضل قضاء الإجازة الصيفية بجدة»، مرجعاً ذلك لارتفاع درجة الحرارة صيفاً، إلا أنه أكد أن الانطلاقة القوية لمهرجان «جدة غير» جعلته يحظى باهتمام مضاعف من قبل السياح سنة عن أخرى، مؤكداً أن هذا التوجه السياحي جذب مجموعة كبيرة منهم للتملك أو استئجار محلات ووحدات لفترة قصيرة أو طويلة الأجل.

وأوضح جمجوم أن الطفرة العقارية التي تشهدها جدة اليوم تزامناً مع الحضور القوي لمهرجان «جدة غير» هي طفرة لم يسبق لها مثيل وقد لا تتكرر في السنوات القادمة، وألمح إلى ترافق ذلك أيضاً مع رفع نظام الرهن العقاري من قِبل مجلس الشورى اخيراً، وهو ما يراها مجموعة من المؤشرات الإيجابية لانتعاش الحركة العقارية والتفاؤل بموسم مختلف من نوعه، إلى جانب التوجه الاستثماري للمشروعات السياحية التي تتوافق مع العدد الكبير لزوار جدة.

من جهته، يرى سعيد الحصان، عضو اللجنة العقارية بغرفة المنطقة الشرقية، في حديثه لـ«الشرق الاوسط»، أن أفكار المشاريع السياحية ما زالت تقليدية وأن الكثير من المستثمرين يعتقدون ان الاستثمار السياحي يقتصر على تجهيز الشقق المفروشة والوحدات الفندقية دون غيرها، مشيراً إلى الحاجة لإضفاء نظرة مختلفة للمنتجات العقارية السياحية بما يضمن جذب أكبر شريحة من الناس.

ونظراً لتوافق الإجازة الصيفية بموسم السياحة وموسم الأعراس والمناسبات، أشار الحصان إلى انتعاش حركة قطاع الوحدات السكنية خلال هذه الفترة من العام، ومؤكداً أن حجم الطلب أصبح يفوق العرض، في حين ألمح إلى الارتفاع الكبير في أسعار العقارات التي أوضح أنها تضخمت الآن بصورة قد تمنع الكثير من السعوديين من اختيار المسكن الأنسب لهم، حيث أفاد بأنه من الصعب على الغالبية شراء شقة من 350 إلى 400 ألف ريال.

ومن الطائف، التي تشهد سنوياً مهرجان «الطائف أحلى.. وأحلى»، يقول أحمد العبيكان، رئيس اللجنة العقارية والمقاولين بالغرفة التجارية بالطائف وعضو مجلس التنمية السياحية بالطائف، لـ«الشرق الأوسط»، ان عدد السياح القادمين للطائف بلغ حوالي مليونين ونصف المليون سائح بحسب آخر الاحصاءات، وتوقع زيادة العدد هذا العام، مؤكداً أن الطائف ستحاول استيعاب كافة الزوار السعوديين والخليجيين، وتوفير الكم المناسب من الوحدات السكنية والشقق المفروشة.

وأفصح العبيكان عن احتضان الطائف اخيراً للعديد من المهرجانات التي ستنعش الفنادق والأسواق، مثل سوق العبيكان وسوق النخيل ومشروع قلب الطائف وغيرها، وأضاف بأن السعودية ما زالت تنتظرها طفرة عقارية كبيرة مقبلة، مرجعاً ذلك لتنامي عدد السكان والتوجه لبناء الوحدات السكنية والحراك الاقتصادي والسياحي الذي تشهده البلاد، وأفاد العبيكان بأن تواجد العدد الكبير من المنتجعات والمنتجات العقارية السياحية في الطائف اليوم يأتي تجاوباًً مع التزايد السنوي لعدد المصطافين.

من جانبه، قال يحيى الجريفاني، مالك مكتب يحيى الجريفاني للعقارات وإدارة الأملاك بالرياض، لـ«الشرق الأوسط»، أن الصيف بشكل عام يشهد حالة انتعاش لبعض المنتجات العقارية، حيث أوضح أن الطلب على الوحدات السكنية يزداد ويتجاوز حجم العرض، وأضاف بأن ما يميز أهل الرياض هو انجذابهم للاستراحات تحديداً، مرجعاً ذلك لجوها واستثمارها من قبل الكثير من الناس في إقامة احتفالات الزواج.

واقترح الجريفاني عمل قاعدة بيانات أو مركز معلومات يسهل على أهل وزوار الرياض التعرف على مواقع وأسعار كافة الاستراحات المتوفرة، وهو ما يراه عملاً تنظيمياً سيرفع من كفاءة القطاع ويسهل على العملاء مشقة البحث والتعرف على الخيارات الممكنة، إلى جانب اقتراحه فكرة التعاقد مع الشركات الأمنية التي يرى أنها ستساهم في تحسين مستوى الاستراحات خاصة وأن أكثر الشرائح المقبلة عليها صيفاً هم من العوائل، بحسب قوله.

وحول قطاع الشقق المفروشة والفنادق، يقول حمود الشمري، عقاري ومستثمر في الشقق المفروشة بالخبر، ان نسب الإشغال في بعض الشقق والفنادق بلغت حدود 100 في المائة رغم أن الإجازة لا زالت في بدايتها، مضيفاً بأن زيادة أسعار الإيجارات والذي قدره بنحو 50 في المائة خلال عام واحد فقط لم يستطع صرف الزوار والسياح الذين أوضح أن توافدهم في كل إجازة للمنطقة الشرقية يضاعف من معدل الإقبال على الشقق المفروشة والوحدات الفندقية.

وأضاف الشمري لـ«الشرق الأوسط»، بأن الطلب يزداد على الوحدات الواقعة بالقرب من ساحل البحر والمجمعات التجارية، وأكد أن الإقبال يتضاعف تحديداً في شهر أغسطس (آب) من العام، في حين أشار إلى أن العديد من الأسر التي اعتادت قضاء الإجازة الصيفية في مدينة الخبر أو الدمام توجهت اليوم لشراء الوحدات السكنية بدلاً من الخضوع للارتفاع المطرد في أسعار الإيجارات.

من جانبه، يرى علي الحاجي، المدير التنفيذي لجهاز الهيئة العامة للسياحة بالأحساء، أن هناك تلازماً كبيراً بين العقار والسياحة، كما أوضح لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً بأن تطور المهرجانات السياحية السعودية خلال السنوات الاخيرة أثر على كافة القطاعات بما فيها الحركة العقارية، وربط بين فكرة إطلاق المهرجانات اخيراً ودورها في تنمية العديد من المدن السعودية.

واستشهد الحاجي بمهرجان «رالي حائل» المقام سنوياً بمنطقة حائل، مؤكداً أنه سنة بعد سنة لوحظ كثرة التوجه لتشييد العمائر والفنادق والاستثمار في الشقق المفروشة بسبب المهرجان، وقال «ان المهرجانات السياحية أصبح لها بُعد اقتصادي وثقافي ولم تعد للترفيه فقط»، وأضاف الحاجي بأن الأحساء اليوم تشهد أيضاً انتعاشاً في الحركة العقارية مع قرب افتتاح العديد من الفنادق والوحدات السكنية، وربط بين هذا الحراك ومهرجاني «حسانا فلة» و«النخيل والتمور» اللذين تحتضنهما المنطقة سنوياً.

وكانت الهيئة العامة للسياحة والآثار أطلقت أواخر الشهر الماضي المرحلة الثانية من حملتها «الإجازة الصيفية متعتها في السعودية»، التي تركز على تسويق المناطق المؤهلة سياحياً بالفعاليات والمهرجانات والعروض الصيفية، فيما يتفاءل المختصون بأن تسهم هذه المهرجانات بتوطين الأموال السعودية، خاصة أن أحدث توقعات هيئة السياحة تفيد بوصول حجم الإنفاق على الرحلات السياحية المحلية والوافدة إلى أكثر من 100 مليار ريال (26.6 مليار دولار) حتى عام 2020، وذلك مع ارتفاع نسبة النمو في الحركة السياحية بالبلاد.