وكلاء العقارات يستخدمون استراتيجيات جديدة لعقد الصفقات

مع احتدام أزمة الرهن العقاري واستمرار المشكلات الاقتصادية الأخرى

يجب بذل أقصى مجهود لإبراز العقار الذي ترغب في بيعه.. وليكن مميزا عن بقية العقارات في السوق
TT

مع احتدام أزمة الرهن العقاري وارتفاع أسعار الغذاء والبترول إلى مستويات غير مسبوقة، واستمرار المشكلات الاقتصادية الأخرى عبر جميع أنحاء أوروبا، فإن وكلاء العقارات قد اضطروا إلى إعادة التفكير في كيفية دفع مؤشر المبيعات نحو الاتجاه التصاعدي. فعلى الرغم من استمرار انخفاض أسعار العقارات السكنية عبر أوروبا، لاسيما في بريطانيا وإسبانيا وأيرلندا، إلا أن تكاليف الاقتراض تتزايد. كما أن شروط الإقراض تزداد صرامة، مما يصعب الموقف على المشترين المحتملين الذين يرغبون في الحصول على المال لتمويل عمليات شرائهم. وقد ارتفع معدل الإقراض في منطقة اليورو بين يناير (كانون الثاني) ونهاية مارس (آذار) بنسبة 5.9 في المائة فقط، وهو أقل المعدلات انخفاضا منذ بدأ تقديم البينات الخاصة بذلك في عام 2000، حسبما يفيد البنك المركزي الأوروبي.

وعلى النقيض من ذلك، كانت النسبة ترتفع إلى 12.1 في المائة خلال الفترة نفسها من عام 2006. ولذلك وجد وكلاء العقارات أنفسهم مضطرين إلى إعادة التفكير في أساليب أخرى من أجل زيادة معدل المبيعات. ومع خوف العملاء من اتخاذ قرارات الشراء خلال هذه الفترات التي تشهد تراجعا في الاقتصاد، فإن الوكلاء قد بدأوا في التركيز على أولئك الذين يرغبون في الشراء أو البيع لأسباب خاصة. ويقول ليام بيلي، وهو رئيس مركز الأبحاث السكنية في وكالة نايت فرانك ومقرها لندن: «يعلم المشترون أن الأسعار تنخفض، ولا يرغب أحد في شراء العقارات طالما أن الأسعار تواصل انخفاضها». وحتى في المناطق التي كان ينظر إليها على أنها مناطق جذب للمشترين مثل تشيلسي، فإن بعض البائعين قد اضطروا إلى خفض الأسعار التي يطلبونها بنحو 10 في المائة، حسبما يفيد بيلي، مضيفا أن الأسعار يمكن أن تواصل انخفاضها بنسبة تصل إلى 15 في المائة في لندن خلال العام الجاري.

وقد أفادت الوكالة أخيرا بأن أسعار المنازل التي تتكلف أكثر من 2 مليون جنيه إٍسترليني أي ما يعادل 3.9 مليون دولار، قد انخفضت في شهري مايو (أيار) ويونيو (حزيران). ولذلك، فقد لجأ الوكلاء للبحث عن العملاء الذين تكون لديهم أسباب اضطرارية للبيع أو الشراء، مثل تغيير محل الوظيفة، حسبما يفيد غاي ويستون، وهو زميل أول في مركز الأبحاث السكنية في شركة كينغ ستورج للاستشارات العقارية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الوكلاء يدركون الحاجة إلى تلبية مطالب العملاء بشأن العقارات التي يرغبون فيها مما يزيد من معدل المبيعات، حسبما يفيد مارك وايت وهو مدير في وكالة شيستيرون للعقارات. ويقول وايت: «يجب بذل أقصى مجهود لإبراز العقار الذي ترغب في بيعه، ليكون مميزا عن بقية العقارات في السوق». من جهته يقول فرانسوا كارير باستور وهو المدير التنفيذي في وكالة جون تايلور في إسبانيا، إن السوق الإسبانية تعتبر سوقا مخادعة في بيئة العمل الحالية.

فقد تأثرت السوق العقارية في إسبانيا بشدة بسبب رفع معدلات الفائدة وانخفاض الأسعار. وقد أضرت فضائح الفساد وعمليات غسيل الأموال والبناء غير القانوني بثقة المشترين في كوستا ديل سول، كما أن الأسعار في برشلونة قد انخفضت بنسبة 15 إلى 20 في المائة، كما شهدت الأسعار في كوستا برافا المجاورة انخفاضا وصل إلى 35 في المائة، حسبما أفاد كارير باستور. ويقول كارير: «حتى أسواق العقارات الفخمة قد تأثرت، بسبب ارتفاع معدلات الفائدة غير المسبوق وانخفاض الأسعار، مما يسبب خوف المشترين المحتملين». ويضيف كارير باستور: «في الماضي، لم يكن من الضروري القيام بالكثير من التسويق لأن المنازل كانت تباع بغير مجهود كبير. أما الآن، فإن إيجاد الشاري قد أصبح عملا أكثر صعوبة كما أن السوق تتميز بالمنافسة الشديدة. وشركات العقارات التي كانت تقوم بتسويق أعمالها بنفسها أصبحت تتجه الآن إلى وكلاء التسويق وتطبع الكتالوجات الفاخرة التي أصبحت أداة تسويق لا غنى عنها». ويقول هاري لويس، وهو مدير التطوير الدولي في وكالة سافيلز للعقارات في لندن: إن نموذج الشقق والمنتجات النهائية التي توضح للمشترين كيف يكون عقارهم، كل ذلك يزيد من اهتمام المشتري. ويضيف بقوله: «لقد أصبح عرض المنازل من أهم أدوات التسويق في إسبانيا، حيث تسببت الزيادة في معدلات الفائدة وانخفاض الأسعار إلى إحجام المشترين. ومع ذلك، فإن القدرة على عرض المنازل وإظهار شكلها يمكن أن يحدث فارقا بين المتنافسين في هذا المجال. كما يتم استخدام الكتالوجات الفاخرة لإقناع المشترين». وعلى الرغم من انخفاض الأسعار في فرنسا بنسبة 5 في المائة حتى الآن خلال العام الجاري، إلا أن السوق هناك مازالت تستطيع جلب المشترين، حسبما يفيد مايك برونولتز وهو المدير التنفيذي لمجموعة بريستيج بروبرتي في بريطانيا، والتي تبيع المنازل الفاخرة في أسواق مثل فرنسا وإسبانيا والبرتغال. وقد أفاد بأن الأسعار قد انخفضت في منتجع ريفيرا بنسبة 40 في المائة خلال العام الجاري بسبب قوة اليورو في مقابل الجنيه الاسترليني والدولار، مما يعوق الاستفادة من المشترين الاميركيين والبريطانيين الذين كانوا ينجذبون في السابق إلى هذه المنطقة. وقد بدأ الوكلاء في إضافة بعض المزايا مثل العضوية على مدى الحياة في منتجعات المياه المعدنية أو الاشتراك في ملاعب الغولف، وهو ما يسمى في عرف الوكلاء «وضع الجبن في المصيدة»، حسبما يقول برونولتز. ومع فهم العديد من المشترين الأوروبيين للسوق وانتظارهم حتى تستقر الأسعار، فإن الوكلاء يوجهون أنظارهم إلى المشترين المحتملين من روسيا والشرق الأوسط الذين يمتلكون ثروات كبيرة والذين يزيد اهتمامهم بالمنطقة، حسبما يفيد لويس سافيلز الذي يقول: «بصورة عامة، فإن أموال البترول هي الأموال الوحيدة التي يمكن أن تشتري المنازل الفخمة في منتجع الريفيرا».

* خدمة «نيويورك تايمز»