بيوت أجانب في «وطنهم الثاني» بالأردن

يسمح للغربيين بتملك العقارات وعدم بيعها قبل 3 سنوات لمنع المضاربات

احد بيوت الأجانب التي تعكس تمازجا بين الحضارتين الغربية والعربية («نيويورك تايمز»)
TT

يحتل الأردن موقع القلب في جسد العالم العربي الكبير، حيث يحيط به العراق في الشرق وسورية في الشمال، كما تقع إسرائيل إلى الغرب والسعودية إلى الجنوب. ومع ذلك، فإن هذا البلد يمتاز بالأمن في الوقت الراهن، حيث تعرف العاصمة عمّان بأنها مكان يذهب إليه الجميع ليقوموا بممارسة أعمالهم التجارية ويتركوا المنازعات خلف الحدود وراءهم. وروبرت بينجيون مواطن من نيويورك، انتقل إلى عمّان خلال ربيع عام 2006 مع زوجته إميل لودج، حفيدة السفير الأميركي السابق في جنوب فيتنام، هنري كابوت لودج، وكان الزوجان يعملان في شركة استشارات خاصة بالطاقة، حيث كانت الشركة تقوم بمشاريع في العراق وعبر بلاد الشرق الأوسط. ويقول بينجيون: «إن الطقس رائع، وعمّان واحدة من أعلى المدن عن سطح البحر في الشرق الأوسط، مما يجعل الطقس أكثر روعة خلال الصيف. وهي كذلك نقطة انطلاق رائعة يمكنك من خلالها الذهاب إلى مدن أخرى مثل بيروت ودمشق والقدس وتل أبيب ـ فكل هذه المدن تقع على بعد مسافات قريبة من هنا».

وتتفق لودج التي تنتمي أسرتها إلى بوسطن على ذلك قائلة: « إن جمال الصحراء والمواقع الأثرية هنا أكثر من رائع. ويمتاز السكان بالكرم وحسن الضيافة». وهناك العديد من العجائب الأثرية مثل مدينة البتراء ومدرج جرش الروماني. كما أن البحر الميت قريب من هنا تماما. ويمتلك الزوجان شقة تبلغ مساحتها 310 أمتار مربعة، وبها ملحق تبلغ مساحته 60 مترا مربعا. كما توجد شرفة تبلغ مساحتها 100 متر مربع، وتطل على مشهد بانورامي للمدينة من ثلاث جهات للمبنى. ويقول بينجيون: «إن معظم الليالي تشبه الأعياد هنا. فالألعاب النارية في سماء عمان تنتشر مع تعدد الأعراس والاحتفالات». وتحتوي الشقة على ثلاث غرف وحمامين، وهناك غرفة نوم أخرى، وحمام في الملحق الإضافي. وتقع العاصمة الأردنية فوق سلسلة من التلال، وتنتشر البنايات التي تمتاز بعدم علو ارتفاعاتها. ومع ذلك، ففي السنوات القليلة الماضية، ازداد معدل بناء البنايات الشاهقة في هذه العاصمة التي يبلغ عدد سكانها نحو 1.2 مليون نسمة. وفي منتصف العاصمة، تقع القلعة التي تحتوي على المعبد الروماني والمسرح المدرج، وتحيط بها المنازل الحجرية التي تعود إلى العصر العثماني. وخلف هذه الدائرة من المنازل، تقع دائرة أخرى من المناطق التي تحتوي على الفيلات والشقق الحديثة. وتنقسم المدينة إلى جهتين: شرقية وغربية. ويسمح للأجانب بتملك العقارات في الأردن إذا حصلوا على تصريح من جانب قسم الأمن الداخلي، الذي لا يتعسف في هذا الأمر مع الغربيين. ومع ذلك، فإنه من غير المسموح به إعادة بيع العقارات قبل ثلاث سنوات، وهو قانون مطبق لمنع المضاربات. وتقع شقة بينجيون ولودج بالقرب من الدوار الرابع ومنطقة عبدون في عمان الغربية، والتي تعتبر من المناطق المعروفة للدبلوماسيين والمديرين التنفيذيين وبعض الشخصيات المحلية. ومن المناطق الأخرى الشبيهة بهذه المنطقة، منطقة جبل عمان وهو الاسم الصحيح لمركز المدينة القديمة. وقد ارتفعت معدلات مبيعات العقارات السكنية هناك خلال السنوات القليلة الماضية. وتقول نيرفانا إليتش وهي رئيسة قسم الاستئجار في شركة عبدون للعقارات والتي تعتبر من الشركات المعروفة في عمان: «إن الشقة التي تبلغ مساحتها 200 متر مربع في عبدون، والتي كان يباع المتر المربع فيها بنحو 500 دينار أردني منذ سنتين، يمكن أن تباع الآن بسعر 1000 دينار على الأقل».كما تفيد بأن شقة بينجيون ولودج يمكن أن تباع بسعر 500 ألف دينار (أو 710732 دولارا أميركيا). وتفيد إليتش بقولها: «لقد ارتفعت أسعار الإيجارات. وفي واقع الأمر، فإن العديد من الأجانب بدأوا في شراء العقارات بسبب ارتفاع إيجارها». وقد بلغ إيجار شقة مساحتها 100 متر، كنت قد استأجرتها منذ وقت قريب بالقرب من السفارة الأميركية في عبدون، نحو 1500 دولار أميركي في الشهر». ويتم استئجار الشقق الفخمة غالبا بالدولار الأميركي. ويُقبل أعضاء السفارات وأعضاء جماعات المساعدات والمؤسسات الدولية وغير الحكومية، على العقارات السكنية في عمّان. وقد ساعد مزيج الثقافات على إثراء المشهد الفني في المدينة – كما ساعد كلا من بينجيون ولودج عندما بدآ عمل الديكورات في الشقة الخاصة بهما. وقد اتجها إلى فنانين ومصممين محليين أولا، حيث استطاعا تأسيس شقة تجمع بين مزيج من التأثيرات المختلفة. وتعكس الشقة فكرة تمازج الحضارات. ففي الردهة الكبيرة، هناك مصابيح إيطالية تعكس الضوء على السجادات الإيرانية. وهناك كراسٍ خشبية من تصميم مصمم فلسطيني محلي، كما توجد بعض قطع الأثاث العصرية. وهناك مزيج مشابه في منزل عدنان حبو وأيسر أكراوي وهما أميركيان من أصل عراقي يعيشان في شقة تبلغ مساحتها 557 مترا مربعا، وتقع بالقرب من الدوار الرابع أيضا. وبها أربع غرف للنوم وحمامان. ويقول حبو: «إذا سألني أحد الأشخاص عن الانتقال إلى عمان، فسوف أجيبه بألا يتردد، ولو لحظة واحدة. إنه مكان يعطيك مزيجا من التقاليد والحداثة». وقد نشأ كل من حبو وأكراوي في بغداد، وتركا العراق عام 1974 وانتقلا أخيرا إلى الولايات المتحدة، حيث عاشا في شيكاغو ونيويورك. وهما مناصران وفيان للملكية في الأردن. يقول حبو: «إن ذلك يوفر للبلد قدرا كبيرا من الاستقرار». ويفيد معظم المغتربين في عمّان بأن الخوف من عدم الاستقرار السياسي والأمن في العالم العربي، يتم تضخيمه عندما يتعلق الأمر بالأردن. وتقول باربرا بورتر، وهي مديرة المركز الأميركي لدراسات الشرق وقد عاشت في الشرق الأوسط سنوات عديدة وكان والدها سفير الولايات المتحدة في بيروت أواخر الستينات: «أعتقد أن المجتمع آمن هنا بدرجة كبيرة. وكامرأة أيضا، فقد شعرت بالقبول التام هنا منذ البداية – فهناك العديد من النساء اللاتي يشغلن مناصب قيادية هنا في الأردن أيضا. ولم أقابل أي مشاكل بسبب كوني أميركية أعيش هنا. بالطبع، أشعر بالأمان التام».

لكن الحياة في عمّان ليست خالية من الصعوبات. ومن هذه الصعوبات، الحصول على الماء. فالأردن أحد البلاد التي تعاني من نقص المياه، وتحتل المركز الرابع قبل الأخير في قائمة الدول من حيث مصادر المياه. ويقول حبو: «يعاني الأردن كله من مشكلة نقص موارد المياه. ويتم إمداد كل مقاطعة في المدينة بالمياه مرة واحدة كل أسبوع، حيث يجب علينا تخزين المياه لاستخدامها في الأيام الأخرى».

* خدمة «نيويورك تايمز»