الركود العقاري بدأ في أميركا وانتقل إلى أوروبا.. والآن في بقية العالم

بلغاريا لا تزال تصمد وتخالف التيار العام

تربعت بلغاريا (التي تعتبر حالة استثنائية) على قمة الأرباح التي تحققت في عقارات أوروبا خلال العام الحالي («الشرق الأوسط»)
TT

أعلنت وكالة العقارات «نايت فرانك»، التي لها فروعٌ في كثيرٍ من الدول حول العالم، أن الركود العقاري الذي بدأ في الولايات المتحدة ثم انتشر إلى بريطانيا توسع الآن في عددٍ من الدول الأوروبية بل تعداها إلى بعض الدول الآسيوية. وقالت الوكالة في تقرير أصدرته أخيراً إن النمو العالمي في أسعار العقارات انخفض من 6.1% في الربع الأول من العام الجاري إلى 4.8% في الربع الثاني من هذا العام. وأضاف التقرير أن نيوزيلندا والدنمارك ولتوانيا تعتبر أحدث الدول التي انضمت إلى مجموعة الدول التي تعاني من انخفاضٍ في أسعار عقاراتها مثل ألمانيا وايرلندا واليابان وإسرائيل بالإضافة إلى بريطانيا والولايات المتحدة. وأوضح التقرير أن أعلى معدل انخفاض في أسعار العقارات خلال الـ 12 شهراً الماضية سُجل في لاتفيا (إحدى دول الاتحاد السوفياتي السابق) حيث بلغت نسبة التراجع 24.1%. كما أوضح التقرير أنه حتى الدول التي لم تنخفض أسعار عقاراتها فهي الأخرى شهدت تراجعاً واضحاً في معدلات الارتفاع. وعلى سبيل المثال، فقد انخفضت نسبة الارتفاع في عقارات جنوب أفريقيا من 15.5% العام قبل الماضي إلى 3.8% فقط خلال العام الماضي، ومن المتوقع أن ينقلب الربح إلى خسارة بنهاية العام الجاري. كما حدث الشيء نفسه في كلٍ من أسبانيا واليونان وفرنسا حيث قلت نسبة الربح إلى دون 3%، ومن المتوقع أن تنقلب إلى خسارة خلال الأشهر الـ 12 المقبلة. ونقلت صحيفة الغارديان عن نك بارنز، رئيس قسم الأبحاث في وكالة «نايت فرانك»، قوله «إن التقرير يوضح أن الطفرة العقارية التي سادت كثيراً من أسواق العالم خلال السنوات الماضية قد انتهت الآن، وأن غالبية الأسواق الأوروبية تعاني حالياً إما من خسارة أو من انخفاضٍ كبير في أرباحها، وأن السبب في ذلك هو أزمة الائتمان المصرفي في البنوك العقارية». وأضاف أن بعض الدول في أوروبا دخلت عامها الثاني من انخفاض الأسعار مثل ألمانيا التي شهدت تراجعاً بنسبة 4.4% العام الماضي ونسبة 2.5% خلال النصف الأول من العام الجاري. وأوضح التقرير أن أسبانيا، التي ظلت لسنوات طويلة القبلة المفضلة للمستثمرين العقاريين في أوروبا، شهدت ارتفاعاً على المستوى القومي بلغ 2.4% خلال العام الماضي، لكن هذه النسبة مضللة لأن غالبية المساكن الحديثة على الشواطئ الأسبانية وفي المدن الكبيرة ـ وهي التي كانت السبب في الطفرة العقارية خلال السنوات الماضية ـ شهدت تراجعاً كبيراً. وتوقع التقرير أن ينقلب المؤشر القومي في أسبانيا إلى الخسارة بنهاية هذا العام لأن مبيعات العقارات تراجعت في شهر يونيو (حزيران ) الماضي وحده بنسبة 34.2% وبنسبة 29.6% في شهر مايو (آيار).

وفي المقابل، أوضح التقرير أن هناك بعض الدول ـ وإن كانت تمثل الأقلية ـ شهدت صعوداً في أسعار عقاراتها مثل بلغاريا وسلوفاكيا وقبرص وجمهورية التشيك. وأضاف أن روسيا، التي شهدت في العام الماضي أعلى معدل ارتفاع في أسعار العقارات حول العالم، إذ بلغ 53.7% خلال الربع الثاني من عام 2007، تراجع الآن إلى 26.5%، وهو لا يزال يُعتبر ارتفاعاً كبيراً بالمقارنة مع غالبية الدول الأخرى، لكنه بالمقارنة بالمعدل الروسي للعام السابق فهو قد انقسم إلى النصف تقريباً.

أما بلغاريا فقد تربعت على قمة الأرباح التي تحققت في عقارات أوروبا خلال العام الجاري (وهي حالة استثنائية) إذ بلغت نسبة الارتفاع في الربع الأول من هذا العام 33.7%، ثم انخفضت النسبة قليلاً إلى 32.2% خلال الربع الثاني من العام الجاري. ورغم كثافة عمليات البناء في بلغاريا فإن مؤشر الأسعار الدولي الذي تديره شركة «نايت فرانك» أوضح أن عقارات بلغاريا ارتفعت في العام الماضي بنسبة 27%. وبشكل عام، يزداد الاقبال على شراء عقارات بلغاريا منذ انضمامها للاتحاد الأوروبي. ويعد الاقتصاد البلغاري الأسرع نمواً في شرق اوروبا، ويتضح ذلك بشكل جلي في العاصمة صوفيا حيث خُصصت مبالغ ضخمة لتحسين البنى التحتية. وقد أصبحت صوفيا هدفاً للمستثمرين الأجانب إذ انتقل إليها عددٌ من المؤسسات المالية الكبرى والسفارات مما سينتج عنه احتياج الآلاف من المستخدمين الأجانب إلى مساكن راقية، وانعاش سوق التأجير. وفي هذا الصدد يقول لانس نيلسون من وكالة «جت 21 لت» العقارية إن صوفيا تقدم عروضاً ممتازة للمشترين لمضاعفة استثماراتهم، ليس فقط من خلال الحصول على دخل شهري من الايجارات ولكن من خلال ارتفاع قيمة العقارات وبالتالي زيادة رأس المال. وتعد اسعار المتر المربع للشقق في صوفيا الأعلى في بلغاريا، إلا أن متوسط سعر الشقة الذي يقدر بـ 850 دولاراً للمتر يعد اقل كثيراً من أسعار مدن مثل وارسو وبراغ وبودابست، وهي أيضا مدنٌ في دول شرق أوروبا التي كانت تتبع للمعسكر الاشتراكي قبل التسعينات. ويصل سعر الشقة الجديدة ذات غرفة نوم واحدة في منطقة «دراجالافتي» الراقية في بلغاريا مبلغ 200.97 دولارا، وهي شقق مكتملة التجهيز مع دخل من الايجار تبلغ نسبته 7% سنوياً من سعر الشقة. وكانت الشقق حديثة البناء على البحر الأسود هي السبب في الهجمة الأولى على بلغاريا. ويقدم سوق العقارات الوليد في منتجع «هيليوس» في منطقة «بوموري» شققاً تحت التشييد تبلغ أسعار الشقة الصغيرة منها 396.85 دولاراً، وشقة من غرفة نوم واحدة 919.96 دولاراً. ويبعد مطار «بورغاس»، حيث تتوفر سفريات مباشرة إلى عدد من العواصم الأوروبية، نحو 5 أميال من تلك المباني.

وعلى امتداد الساحل بالقرب من «فارنا» يمكنك شراء منزل من ثلاث غرف نوم، مطل على مناظر رائعة ويقع على مساحة أرض تبلغ نحو ألف متر مربع، بمبلغ 800.127 دولارا. وتبعد تلك المباني 27 كيلومتراً عن المطار الدولي. وتقول إيلينا يوردانوفا من وكالة «هوم كوتيج بلغاريا» إن هناك عروضاً متنوعة للغاية وكثيراً ما يأتي الأوروبيون إلى هنا من أجل البحث عن عقارات للاستثمار وينتهون بتحويلها للاستخدام الشخصي. وأيا كانت دوافعهم فإن فرص الاستثمار في فارنا والمناطق المحيطة بها ممتازة للغاية. أما إذا كنت مستعداً للشراء في المناطق الداخلية وخارج النطاق عالي السعر، فإن هناك فرصاً مغرية. والغريب في بلغاريا أن عدد المنازل في بعض المناطق يقارب عدد السكان، خاصة في الوقت الراهن حيث يغادر كبار السن منازلهم الريفية بغرض السكن مع أبنائهم في شقق في المدن. وتمتلئ مساحات واسعة من مناطق ريفية جذابة بمزارع صغيرة تباع بمبالغ بسيطة تصل إلى 18ألف دولار. وفي «كاتونيتس»، وهي قرية بلغارية تقليدية، يباع منزل قديم من غرفتي نوم ومساحة 450.1 متر مربع بمبلغ 200.25 دولارا. وحتى اذا لم يكن المنزل بحالة جيدة فمن الممكن بعد عملية إعادة تأهيل بسيطة أن يكون جاهزاً لاستقبال مالك جديد. وعادة ما يكون المنزل مطلاً على جبال البلقان، كما أنه يباع مؤثثاً. من جهة أخرى، فهناك عدد من السلبيات التي ينبغي وضعها في الاعتبار، فالأسعار المغرية لتلك المنازل الريفية لا تحكي كل الحقيقة، إذ إن امتلاك أجنبي لمنزل ملحق بقطعة ارض يفرض عليه تأسيس شركة بلغارية. ويكلف ذلك أتعاب محاماة تبلغ 900 دولار. وهو أمر مفروض بالقانون على أي شخص غير بلغاري يريد شراء عقار في بلغاريا. إلا أنه من المؤكد أن يترتب على انضمام بلغاريا للاتحاد الأوروبي تغيير في القوانين. وأخيراً فهناك ضرورة قصوى أن يتم التعامل بواسطة محامٍ ووكيل عقارات يجيدان اللغة الإنجليزية ويتميزان بالنزاهة والكفاءة.