توقعات بمواصلة نمو السوق العقاري الأردني العام المقبل

رغم أزمة العقار والائتمان العالمية

من المتوقع أن يشهد العام المقبل دخول استثمارات «عقارية» جديدة للسوق الأردني خاصة في منطقتي البحر الميت والعقبة والمناطق الجديدة التي ضمت أخيرا إلى العاصمة عمان (ا.ف.ب)
TT

استبعدت شركات عقارية اردنية متخصصة حدوث تأثيرات مباشرة للأزمة المالية العالمية على القطاع العقاري الاردني تؤدي إلى انسحاب الاستثمارات الأجنبية خلال الأشهر القليلة المقبلة. وأكد خبراء في قطاع العقار الاردني أن مشكلة التسهيلات العقارية في سوق الولايات المتحدة تختلف عنها في الأردن أو في دول الخليج العربي، مبينين أن أثر الأزمة المالية العالمية على أسعار النفط سينعكس إيجابا على كلفة الإنشاءات التي ارتفعت بنسبة 35 في المائة في عام 2008 وحده، مما سيلقي بآثاره على أسعار الوحدات السكنية، ويعود بالقطاع إلى الازدهار من جديد.

وقالوا أن البنوك الأردنية كانت متحفظة جدا في منحها تسهيلات عقارية مشيرين الى أن البنك المركزي وضع قيودا على نسب شروط الإقراض العقاري حسب المعايير الدولية. ورجحوا أن يواصل سوق العقار الأردني نموه خلال العام المقبل مدفوعا بعوامل الاستقرار السياسية والقانونية والاقتصادية التي تتمتع بها المملكة الأردنية. وتوقعوا ان يشهد العام المقبل دخول استثمارات «عقارية» جديدة للسوق الأردني خاصة في منطقتي البحر الميت والعقبة والمناطق الجديدة التي ضمت أخيرا إلى أمانة العاصمة عمان إضافة إلى المشاريع السكنية التي ستقام لذوي الدخل المحدود. ودعا مدير عام شركة تمليك للاستثمار والتطوير العقاري مؤيد الدباس الى ضرورة النظر لأزمة الائتمان العالمية على السوق العقاري بشكل إيجابي وعلى الأخص في المناطق العربية، موضحا أن فشل أي استثمار في أسواق عالمية يؤدي الى توجه المستثمر الى الأسواق المحلية والإقليمية كردة فعل أولية.

وأضاف ان الاستثمار في العقارات والأراضي يعد الملاذ الأخير لأي مستثمر وعليه فأن فشل الاستثمار في الأسواق المالية قد يؤدي الى ازدياد الطلب على الاستثمار العقاري، موضحا أن قرار المستثمر سلبا أو إيجابا يتأثر عادة بحركة الأسواق العالمية، فإذا حقق الاستثمار في أحد القطاعات عوائد مجزية في أحد القطاعات نجد أن النشاط الاستثماري يزداد بشكل مضطرد في مختلف القطاعات وليس بقطاع واحد معين. وقال رئيس جمعية مستثمري قطاع الإسكان المهندس زهير العمري ان القطاع سيشهد العام المقبل ازدهار جديدا سيرافقه ارتفاعات جديدة في الأسعار جراء ارتفاع كلف الصناعات الإنشائية والاسمنت والحديد. وأكد أن السوق يشهد حاليا نقصا في المعروض والمخزون لن يكفي حتى نهاية العام الحالي كون الشركات خفضت الإنتاج بنسبة 40 بالمائة لعدم قدرة المستهلك الشرائية وارتفاع كلف البناء بحدود 20 بالمائة خلال الشهرين الماضيين. ودعا العمري إلى تعاون القطاع العام والخاص لإيجاد وسائل تساعد على التملك "عبر تخفيض الضرائب والرسوم المفروضة على قطاع العقار" مضيفا أن دعم الحكومة لبرامج التمويل الإسكاني قد يساعد في تنشيط قطاع العقارات. وقال العمري ان هناك نقصا في الأراضي المطلوب البناء عليها لذوي الدخل المحدود مشيرا إلى ان نسبة الأراضي المنظمة في كافة مناطق المملكة لا تتجاوز 9 بالمائة وبحاجة لرفعها إلى 50 بالمائة كون البناء المسموح عليها تبلغ نسبته 60 بالمائة.

كما طالب بضرورة توسيع التنظيم وزيادة عدد الطوابق وتعديل قانون البناء والسماح بالبناء لأكثر من 4 طوابق مشيرا إلى ان المملكة تحتاج إلى 40 ألف شقة سنويا خلال الأعوام الخمسة المقبلة. ودعا البنك المركزي إلى اتخاذ خطوات سريعة تمكن المواطنين من الحصول على قروض طويلة الأمد تصل إلى 35 عاما وتخفيض الفوائض لغايات السكن من 9 بالمائة إلى 4 بالمائة وإيجاد برامج تمويلية طويلة الأجل لحل مشكلة السكن.

وقال أن ارتفاع الدعم عن المحروقات في فبراير (شباط) من العام الحالي أدى لارتفاع كلف الإنشاءات على المستثمرين بنسبة 35 في المائة.

وأكد أن تراجع أسعار النفط وانعكاس ذلك على أسعار المحروقات في الأردن إلى جانب تراجع أسعار المواد المستوردة سيؤدي إلى انخفاض أسعار المواد الإنشائية.

وضرب المهندس العمري مثالا على ذلك أسعار الحديد، التي انخفضت في الأسابيع الأخيرة من 1070 دينارا للطن إلى 660 دينارا، وقال أن هذا التراجع بثّ الاطمئنان في أوساط مستثمري العقار، الذين انخفض نشاطهم وعزفوا عن الاستثمار في العقار.

وكشف رئيس جمعية مستثمري قطاع الإسكان عن وجود اتصالات مع مستثمرين أجانب للدخول في السوق العقاري الأردني بسبب الفرص المتاحة والمتمثلة بوجود حاجة سنوية من الوحدات السكنية في الأردن تقدّر بحوالي 45 ألف وحدة سكنية سنويا، تتطلّب قيام مشاريع ضخمة.

وقال المهندس رمزي السلفيتي أن مشكلة التسهيلات العقارية في سوق الولايات المتحدة يختلف عنه في الأردن أو في دول الخليج العربي. فإن البنوك في الولايات المتحدة تسارعت في إعطاء التسهيلات البنكية الى المتقدمين بالطلب وبنسب تمويل تصل إلى 100 في المائة وأحيانا بدون ضمانات. وأضاف، وبما أن الاقتصاد الأميركي دخل في مرحلة ركود اقتصادي فإن الكثير من المقترضين العقاريين فقدوا وظائفهم وبالتالي قل دخلهم وأصبحت دفعات الرهن العقاري صعبة عليهم وكانت البنوك التي لجأت إلى تسهيلات غير مضمونة هي التي تضررت كثيرا.

وأكد المهندس السلفيتي أن البنوك الأردنية كانت متحفظة جدا في منحها تسهيلات عقارية حيث وضع البنك المركزي قيودا على نسب شروط الإقراض العقاري حسب المعايير الدولية، وأشار الى أن تحديد البنك المركزي لسقف القروض العقارية للبنوك المحلية بنسبة 20 في المائة من إجمالي التسهيلات جاء كنوع من الدروس المستفادة من أزمات الائتمان العالمية ورغبة من القائمين على البنك بعدم الوقوع بذات التجربة التي وقعت بها البنوك العالمية.

وأكد الخبير في القطاع العقاري سامر برهم أن قطاع العقارات المحلية سيشهد العام المقبل تحسنا اكبر مما عليه حاليا نظرا للاستقرار السياسي الذي تتمتع به المملكة ما يعطيها فرصة لاستقطاب رؤوس الأموال من الدول المجاورة بحثا عن الأمان. وأشار إلى أن النمو الاقتصادي الذي تشهده المملكة حاليا سينعكس إيجابا على قطاع العقارات إضافة إلى ازدياد الراغبين في التملك العقاري خاصة في المشاريع الضخمة التي تقام في البحر الميت والعقبة ومناطق العاصمة الجديدة. وأكد أن السوق العقاري في الأردن يعتبر من الأسواق الناشئة التي تنمو بخطوات سريعة وواثقة نتيجة الجهود الملكية لتسويق الأردن خارجيا مبينا أن وجود بيئة استثمارية آمنة وبنية تحتية متميزة في المملكة دفع بالكثير من المغتربين الأردنيين للعودة واستثمار أموالهم في سوق العقار لأنه أكثر أمانا وربحا في الآونة الأخيرة. ولم تكن توقعات المستثمر في القطاع المهندس حسين العبيدي ببعيدة عن سابقيه إذ توقع نمو القطاع خلال العام المقبل بسبب الظروف السياسية في المنطقة وما قد تشهدها من تطورات وزيادة الفوائض المالية في الدول الخليجية التي تبحث عن مناطق آمنة لقيام استثماراتها. ورأى أن السوق يمر حاليا بحركة تصحيحية بعد الفورة، مشيرا إلى انخفاض الطلب على الشقق ذات مساحات 200 متر مربع، مقدرا انخفاضها بحوالي 50 بالمائة كون المواطنين لم يستوعبوا أسعارها في حين كانت نسبة الانخفاض في الشقق الكبيرة وأشباه الفلل 20 بالمائة.

وقال العبيدي ان ارتفاع أسعار المواد الأولية كالحديد والاسمنت والمواد الإنشائية الأخرى المستوردة في بلد المنشأ وارتفاع أسعار صرف العملات الأجنبية ساهم في ارتفاع أسعار الشقق. وساهم الازدهار العقاري في المملكة الذي بدأ منذ ثلاث سنوات بظهور شركات تطوير عقاري مساهمة عامة في بورصة عمان إذ بلغ عددها بنهاية الشهور التسعة الماضية من العام الحالي 28 شركة قيمتها السوقية 4.1 مليار دينار أي ما نسبته 11 بالمائة من إجمالي القيمة السوقية للبورصة. وارتفع حجم التداول في سوق العقار المحلي خلال الشهور العشرة الأولى من العام الحالي بنسبة 11 بالمائة ليصل إلى 7.4 مليار دينار مقارنة مع 3.4 مليار دينار لذات الفترة من العام الماضي. وأظهرت إحصائيات دائرة الأراضي والمساحة ارتفاع حجم التداول في سوق العقار في المملكة خلال التسعة أشهر الأولى من عام 2008 إلى 9.4 مليار دينار بزيادة بلغت نسبتها 11 في المائة مقارنة بنفس الفترة من عام 2007، الذي سجل فيه حجم التداول 6.4 مليار دينار.

وبحسب الإحصائيات فقد بلغت إيرادات دائرة الأراضي والمساحة في أول 9 أشهر من عام 2008 نحو 9.308 ملايين دينار، مقارنة مع 2.279 مليون دينار عن الفترة ذاتها من العام الماضي، وبزيادة نسبتها 11 في المائة.

واحتلت مديرية تسجيل شمال عمّان المرتبة الأولى بإيرادات بلغت 1.60 مليون دينار، تلتها مديريّة تسجيل أراضي عمّان بإيرادات بلغت 7.39 مليون دينار، ثم مديرية تسجيل جنوب عمّان بحجم 7.38 مليون دينار، ثم مديرية تسجيل غرب عمّان بإيرادات حجمها 2.33 مليون دينار. وبلغت نسبة إيرادات مديريات تسجيل محافظة العاصمة والمركز الرئيسي من حجم إيرادات التسعة أشهر الأولى 69 في المائة بمجموع 1.212 مليون دينار، بزيادة بلغت نسبتها 6 في المائة مقارنة بالتسعة أشهر الأولى من عام 2007.

وفي شهر أيلول بلغت إيرادات دائرة الأراضي والمساحة 3.29 مليون دينار، بزيادة نسبتها 27 في المائة مقارنة بشهر أيلول من عام 2007، حيث كان مجموع إيرادات مديريات التسجيل في محافظة العاصمة والمركز الرئيسي ما مقداره 1.20 مليون دينار أي بنسبة 68 في المائة من مجموع إيرادات شهر أيلول 2008.