ركود في سوق العقار المغربي بسبب المستويات الخيالية للأسعار

اتحاد المنعشين العقاريين يبحث إنشاء مرصد وطني لأسعاره

رئيس اتحاد المنعشين العقاريين يرى أن الحديث عن أزمة في القطاع العقاري بالمغرب أمر مبالغ فيه («الشرق الأوسط»)
TT

بدأت العديد من المهن المرتبطة بالتسويق والمعاملات العقارية تشتكي من تراجع نشاطها في المغرب منذ مارس (آذار) الماضي. وأكد سماسرة ووكلاء عقاريون صغار لـ«الشرق الأوسط» ان الشقق الفخمة والمتوسطة في الدار البيضاء عرفت تراجعا ملحوظا في أسعارها، كما أكد موثقون بأن حجم المعاملات العقارية التي ينجزونها تقلصت كثيرا خلال الأشهر الأخيرة.

وقال عبد العالي بنهمو، وكيل عقاري في حي المستشفيات بالدار البيضاء، ان سعر عرض الشقق الجديدة في شارع «2 مارس» تراجع بنحو 25 في المائة مقارنة مع بداية السنة، وتراجعت أسعار الشقق القديمة في نفس المنطقة بنحو 12 إلى 15 في المائة. وقال بنهمو: إن الذي أثر كثيرا على السوق هو غياب المغاربة المقيمين في الخارج، الذين لم يكونوا في الموعد خلال الصيف الماضي.

أما أحمد إفراس، وهو سمسار من حي «بيلفيدير»، فيرى أن الارتفاع المهول للأسعار هو الذي أدى إلى الأزمة. وقال: «ان الأسعار بلغت مستويات خيالية. فالعديد من العمارات الجديدة تبدأ بعرض شققها بأسعار معقولة، وكلما تم بيع شقة يرفع صاحب العمارة السعر، معتبرا أن السوق بإمكانه تحمل سعر أكبر. وفي النهاية وصلوا إلى مستويات غير معقولة وغير مقبولة».

ويضيف إفراس «خلال السنوات الماضية اشتغلت كثيرا مع الأجانب الراغبين في الاستثمار بالمغرب، خاصة المتقاعدين القادمين من بلدان جنوب أوروبا. الآن هؤلاء يصابون بخيبة أمل بسبب المستوى الجنوني لأسعار الشقق، الذي أصبح فوق طاقتهم».

وأوضح إفراس ان المتقاعدين القادمين من فرنسا وإسبانيا وإيطاليا، غالبا ما يكونون من شرائح اجتماعية بسيطة في بلدانهم، ويفضلون القدوم للمغرب بسبب فارق مستويات المعيشة والمناخ الساخن والتحفيزات الضريبية التي توفرها الدولة المغربية للمتقاعدين الأجانب الذين يختارون الإقامة في المغرب وتحويل معاشاتهم ومدخراتهم إليه. ويقول إفراس «قبل أسابيع كان لدي زبون من إيطاليا، هو عامل بناء متقاعد، سبق له أن جاء إلى المغرب قبل أربع سنوات في إطار زيارة عائلية، وأعجب بالبلد وقرر العودة عند تقاعده. لكنه فوجئ بالتغير الكبير الذي حدث منذ ذلك الحين في أسعار العقار». وأوضح إفراس ان المتقاعد الإيطالي كان يخطط لشراء شقة في الدار البيضاء بثمن يتراوح بين 300 و400 ألف درهم (37 و50 ألف دولار). وكان يعتزم تمويل اقتنائها في حدود النصف من مدخراته، وتمويل النصف الثاني عبر قرض مصرفي قصير الأجل. وأضاف إفراس «هذا الزبون الإيطالي يبلغ دخله الشهري من التقاعد 12 ألف درهم (1.5 ألف دولار)، وكان يعتزم تخصيص نصف هذا الدخل لأداء أقساط القرض والعيش بالنصف الثاني. إلا أن تلك المعادلة لم تعد ممكنة مع المستويات التي بلغتها أسعار الشقق التي عرفت ارتفاعا بنحو 80 في المائة مقارنة مع ما رآه خلال زيارته الأولى للمغرب قبل أربعة أعوام. فاضطر إلى العودة لبلده خائبا».

أما يوسف بنمنصور، رئيس اتحاد المنعشين العقاريين، فيرى أن الحديث عن أزمة في القطاع العقاري بالمغرب أمر مبالغ فيه. ويقول بنمنصور «الأزمة موجودة في الصحف فقط، واستغرب كيف يمكن أن نعطي أية مصداقية لتصريحات سماسرة المقاهي، في الوقت الذي تشير فيه كل المؤشرات إلى أن القطاع بخير وفي صحة جيدة. فمبيعات الإسمنت في ارتفاع بنسبة 14 في المائة، وكل المنتوج الذي تضعه الشركات في السوق يجد من يشتريه، فأين هي هذه الأزمة. ناهيك أن العجز السكني في المغرب يقدر بأزيد من مليون شقة، إضافة إلى الطلب الجديد والذي يقدر سنويا بنحو 120 ألف شقة».

وحول المستويات المرتفعة لأسعار العقار، قال بنمنصور «في الوقت الحالي ليس لدينا أية احصائيات أو مراجع معتمدة في مجال الأسعار ومستويات تطورها، لكننا أنجزنا اخيرا، في إطار اتحاد المنعشين العقاريين، دراسة من أجل إنشاء مرصد وطني لأسعار العقار».

وأضاف بنمنصور أن بعض المنعشين العقاريين غير المهيكلين بالغوا فعلا في الاسعار التي يعرضون بها منتجاتهم، وهؤلاء سيضطرون إلى تخفيض أسعارهم إلى مستويات معقولة. وحول سبب تفاوت أسعار بيع الشقق في نفس المشروع، والتي تبدأ منخفضة ثم ترتفع مع الوقت، أوضح بنمنصور أن ارتفاع أسعار الأرض وندرتها والضغط الكبير عليها هو الذي يتسبب في ذلك. وأضاف «عند تحديد الأسعار التي ستعرض بها الشقق للبيع فإن المنعش غالبا ما يستبق ارتفاع أسعار الأراضي. لذلك فإن الحصة العائدة للأرض في سعر الشقة لا تمثل الثمن الذي تم به شراء الأرض التي أقيم عليها المشروع، ولكن الثمن الذي سيتم به تجديد الرصيد العقاري للشركة المنتجة. وهذا ما يفسر كون أسعار الشقق ترتفع باستمرار مع ارتفاع أسعار الأرض. بالإضافة طبعا إلى الارتفاع القوي الذي عرفته أسعار مواد البناء والعمالة المتخصصة، والذي ينعكس على أسعار الشقق».