جزر الكاريبي لا تزال تنعم بطفرة عقارية

رغم قربها من مركز «العاصفة المالية»

جزر الكاريبي، التي اشتهرت على مدى عقود طويلة بالسياحة، أصبحت منذ سنوات منارة جديدة لمستثمري العقارات («الشرق الأوسط»)
TT

لا تزال بعض جزر البحر الكاريبي تنعم بطفرة عقارية رغم قربها الجغرافي من مركز زلزال الأزمة المالية الحالية في الولايات المتحدة. ورغم أن الأزمة الاقتصادية الحالية بدأت أصلاً في سوق العقارات الأميركي فإن جزر الكاريبي، التي اشتهرت على مدى عقود طويلة بالسياحة، أصبحت منذ سنوات منارة جديدة لمستثمري العقارات. وبينما اشتهرت بعض هذه الجزر وارتفعت أسعار عقاراتها بالفعل، فإن بعضاً آخر بدأ مؤخراً اللحاق بالنمو العقاري في المنطقة، ونعرض هنا جزيرتين من تلك الجزر.

تثير جزيرة «سانت كيتس»، قلقاً من أن كثرة أعمال البناء سوف تقضي على فرص الاستثمار في الجزيرة على الرغم من أن الشمس المشرقة والبحر وقوانين البناء المتساهلة تجعل منها حلماً للمستثمرين الأجانب الراغبين في شراء منازل صيفية. ويقول البريطانيان بول روسان وزوجته اللذان عاشا لمدة 20 سنة في الجزيرة إنهما الآن يشعران بقلق من أنها قد تتغير للأبد. ففي سانت كيتس تتساقط ثمار أشجار الفاكهة على جانبي الطرقات التي ظلت على الدوام خالية من اشارات المرور. ويبني الزوجان فيلا بغرف نومها الأربع بنحو 800 ألف دولار على شاطئ «ترتل».

وتمثل أسعار العقارات المواجهة للشاطئ في سانت كيتس ثلث نظيراتها في جزيرة «أنتيغوا» المزدحمة بالمباني، وربع نظيراتها في جزيرة «باربيدوس» المزدحمة أيضاً، إذ تبدأ أسعار المنازل ذات الغرفتين عند 275 ألف دولار، لكن كل ذلك يتعرض الآن للتغيير، فمستثمرو العقارات الكبار يتحركون بسرعة نحو الجزيرة بخطط طموحة لبناء فنادق أنيقة وفيلات فاخرة. فهل ستؤدي هذه العملية إلى تدمير الجزيرة، بينما يجتهد بعض المستثمرين في وضع خطط تراعي متطلبات المحافظة على البيئة. فسانت كيتس جزيرة صغيرة تبلغ مساحتها 65 ميلاً مربعاً فقط وهي مستعمرة بريطانية سابقة ويبلغ تعداد سكانها 39 ألف نسمة فقط. ومع انهيار زراعة قصب السكر قامت فيدرالية سانت كيتس بفتح الأبواب لصناعة السياحة التي يزداد الاحتياج إليها. وقد جلب ذلك مجموعة من مستثمري العقارات الدوليين. ونقلت صحيفة الإندبندنت البريطانية عن برايان كاساب، وكيل عقارات محلي يتخصص في بيع الفيلات في «كاليبسو باي» قوله: إن سانت كيتس صارت فردوساً للمستثمرين، وقد تضاعفت أسعار الأراضي في خمس سنوات لتصبح 10 دولارات للقدم المربع الواحد. وأنا واثق من أنها سوف تتضاعف مرة أخرى خلال السنوات القليلة المقبلة. وتبدأ أسعار الفيلات في الجزيرة بغرفتي نوم من 560 الف دولار، بينما تصل أسعار الفيلات الفاخرة ذات الأربع غرف نوم إلى 1.4 مليون دولار. من جهة أخرى فقد وضعت الحكومة قواعد وتشريعات جديدة لحماية البيئة. ويلفت إليس هازل، المدير الحكومي للتخطيط العمراني، النظر إلى «أن الأمر غير متروك على عواهنه، فنحن نحسن الموجهات لضمان بقاء المنطقة نقية إلى أقصى حد ممكن». ولا يوافق الجميع على دواعي التوجس، فميتش ستيوارت يقول إن هناك مساحات كثيرة في شبه الجزيرة ولا أعتقد أن المباني فيها سوف تتجاوز الحجم المعقول. بينما يحرص بعض المستثمرين على أن تحسين صورتهم مثل «نيو فاوند بروبرتي» التي تقوم ببناء مبنى «أوشن أيدج» المحتوي على 195 شقة من غرفة واحدة وغرفتي نوم وفيلات تبدأ أسعارها من 315 ألف دولار في شمال «فريجات باي». وعلى الرغم من أن التشريع والطموحات الكبيرة للسوق يجب أن تمنع الزيادة المفرطة والمضرة في المباني إلا أن هناك خوفا من أنه سيكون من الصعب على المستثمرين مقاومة إغراء الإفراط والتوسع في البناء، لأن الأرباح المحققة مغرية للمستثمرين.

من جهة أخرى تمتاز جزيرة «سانت لوشيا»، إحدى الجزر الكاريبية، بجمال طاغي فريد تطغى فيه الخضرة المتألقة للنخيل والمناظر الجبلية الخلابة ومياه الكاريبي الزرقاء الصافية. وعلى الرغم من أن الجزيرة غير مكتظة بالسكان مقارنة بالجزر المجاورة لها فإن سوق السياحة فيها متطور بشكل ملحوظ، خصوصاً بعدما استضافت الجزيرة مباريات كأس العالم للكريكيت في عام 2007، إذ زار سانت لوشيا حوالي 10 آلاف زائر. وقد رأى المستثمرون العقاريون في تلك الجزيرة فرصة جديدة للاستثمار خاصة مع قائمة الإعفاءات الضريبية المقدمة من قبل حكومة الجزيرة، فشرع بالفعل هؤلاء المستثمرون في بناء مختلف أنواع العقارات من فيلات تقليدية بجوار الشواطئ إلى المتاجر المثيرة والفنادق المقامة في أماكن نائية وجذابة مثل مغارة «كلاباش». وإحدى مزايا الجزيرة هي السرعة المتميزة التي تتقدم بها سانت لوشيا على الرغم من الدعاية السلبية حول انتشار الجريمة والعنف فيها. وكانت الجزيرة حتى التسعينات مشهورة بفنادقها وشققها المتواضعة مع غياب مظاهر الفخامة، إلا أنها تحتل الآن مكانة متقدمة في سوق العقارات الكاريبية وتقدم عروضاً مغرية بملكية جزئية تتيح لملّك العقارات قضاء بضعة أسابيع سنويا في شققهم الجديدة بينما ينالون دخلاً معقولاً من تأجيرها باقي العام. فقد كانت سانت لوشيا حتى عام 1999 جزيرة معتمدة اقتصادياً على تصدير سلعة الموز. وكان من المألوف أن ترى سفن الموز مزدحمة في الشاطئ في طريقها إلى بريطانيا، لكن ذلك تغير الآن بدرجة كبيرة حيث أستُبدلت حقول الموز بملاعب غولف أو حمامات صحية على أحدث طراز. وتعد فيلات الساحل الغربي المقامة محل المزارع نموذجاً لسانت لوشيا الحديثة. وفيلات سانت لوشيا المستحدثة مفروشة وفقاً لأعلى المعايير وهي توفر عن طريق عقد الإيجار المفتوح «rental pool agreement» فرصة استثمارية مربحة فضلاً عن عطلة رائعة لصاحب العقار كل عام. وتتراوح أسعار الشقق ذات الغرفتين في حدود 290 ألف دولار، وهي تسمح لك بالسكن لمدة أربعة أسابيع خلال أي 12 شهراً، ويتم تأجير المسكن في باقي المدة مع عائد استثماري يتراوح بين 5 أو 6 في المائة محسوبة على أساس 80% حيازة. ويعتبر كثيرٌ من مستثمري العقارات في الجزيرة أن النظام القانوني هناك قائم على أساس القانون العام الذي يبّسط إجراءات شراء العقارات، فضلاً عن الاستقرار السياسي وقرب جزر الكاريبي من الولايات المتحدة التي تستثمر فيها كثيراً. ففي منطقة «جالوسي» بيعت فيلا تحت التشييد بمبلغ 295 ألف دولار العام الماضي مع ملاحظة أن المعماري الشهير بتيفر هو الذي صممها. أما الفيلات الفاخرة فقد تصل أسعارها إلى نحو مليون دولار، بينما تبلغ الشقق الفاخرة المجاورة للمنتجعات في «لو بارادايس» على الساحل الغربي وتضم ملعب غولف وحماما صحيا بين 285 ألف دولار و 780 ألف دولار. ومثال على ذلك مبنى «اللاندينج» الساحلي الذي يضم 299 شقة بغرفة نوم واحدة، أو غرفتي نوم أو ثلاث غرف، وبه حمام صحي وأحواض سباحة وملاعب تنس، فضلاً عن مرسى لمائة يخت. فأسعار الشقق في هذا المبنى تبدأ من 340 ألف دولار، بينما تبدأ أسعار الفيلات والشقق في مبنى «سويت دريمز» المواجه للشاطئ من 285 ألف دولار.