السعودية: المرأة تقتحم السوق العقاري عبر التسويق والمبيعات ومكاتب الوساطة

طالبن بوجود تنظيم وقوانين تحكم تعاملهن في القطاع

تسعى الوسيطات والمسوقات إلى الاستحواذ على نسبة من سوق العقارات المتنامي في السعودية («شرق الأوسط»)
TT

على الرغم من أن الصناعة العقارية في السعودية مرتبطة بالرجال في اغلب قطاعاتها، إلا أن المرأة بدأت في اخذ جزء بسيط من الحصة الكبيرة، خاصة في قطاع السمسرة والتسويق، الأمر الذي أوجد مجالات متعددة لعمل المرأة في القطاع العقاري.

وأشار عدد من الوسيطات العقاريات الى أن السوق العقاري في السعودية يجذبهن للعمل فيه، وذلك لوجود عوائد مغيرة في حال إتمام الصفقات، من خلال بيع أو شراء أو إيجار العقارات، مشيرات الى أن منافسة رجال صعبة في قطاع ملتصق بهم على مر التاريخ وفي اغلب الأسواق العالمية.

ولفتن ألى الحاجة لإيجاد جهة مسؤولة ومنظمة ومقيمة لأسعار العقارات، بالإضافة إلى إيجاد آلية ومرجعية كسند قانوني يحتكم له الجميع، وذلك كون الوضع الحالي تحكمه قوانين فردية تحكم تحركاته وعملياته، موضحات أن طلبات المرأة في السعودية تتمثل في شراء المنازل والأراضي والشقق السكنية، إضافة إلى المباني التي تحتوى على الشقق السكنية بهدف الاستثمار. وتشير نورة البرقان، وسيطة عقارية تعمل في مجال بيع وتسويق العقار منذ 6 سنوات، من خلال والدها الذي يعمل في المجال منذ مدة طويلة، الى أن سيدات الأعمال والمعلمات هن ابرز عميلاتها، حيث تبحث الأولى عن المنازل ذات المساحات الكبيرة والمواقع المميزة لتمكنها من دفع المبالغ المرتفعة للعقار، في حين تبحث المعلمات والسيدات العاملات في قطاع التعليم عن المسكن الميسر، خاصة الذي يباع عن طريق التقسيط، وذلك ليتناسب مع دخلها، مشيرة إلى أنها تعمل على برامج تمويلية مع عدد من البنوك والشركات لإتمام الصفقات العقارية للراغبات بشراء العقارات بنظام التقسيط. وأضافت البرقان أن قطع الأراضي السكنية الصغيرة تعرضت للانخفاض بمعدل يبلغ 40 في المائة، وذلك نظراً لعزوف الكثير عن شرائها على حد تعبيرها، في حين أن العاملين على مشاريع المخططات العقارية الكبيرة يسعون إلى حماية مشاريعهم من التأثر بهذا الانخفاض من خلال تسويقها على رجال الأعمال والشركات العقارية، مؤكدة أن السوق العقاري السعودي لا يزال متماسكاً على الرغم من الأزمة المالية العالمية.

وذكرت أنها تسعى لمتابعة الصفقات بشكل مباشر، وتمتنع من إدخال الوسطاء، معللة ذلك بأن القاعدة في السوق العقاري في السعودية، أن كثرة الوسطاء تعطل عملية إتمام الصفقة، مؤكدة أن ما تبحث عنه يكون مباشراً بين البائع والمشتري، مما يسهل إتمام الصفقات بشكل أسرع واضمن على حد قولها.

وكشفت الوسيطة العقارية أنها تعمل على تحالف وتجمع بين مستثمرات عقاريات للتعاون في مجال بيع وشراء العقارات، بالإضافة إلى إيجاد حلول للصعوبات التي تواجههن في سوق العقار، إضافة إلى متابعة كل المستجدات على صعيد الساحة العقارية، لافتة الى أن الموضوع يدرس بين عدد من المتعاملات في السوق العقاري في العاصمة السعودية الرياض.

من جهته أوضحت «أم حسن»، مؤسسة مكتب أملاك المرأة العقاري، أنها دخلت في سلك العمل العقاري بعد تقاعدها من قطاع التعليم، مشيرة الى أن الدوافع لدخولها للقطاع العقاري جاء بعد لمسها لاحتياج المرأة في هذا القطاع، مشيرة الى إن المرأة في السعودية تواجه بعض الحرج في التعامل المباشر مع المكاتب العقارية، في ظل استحواذ الرجال على نسبة كبيرة من العمل العقاري من خلال المكاتب، مع غياب الشركات العقارية ذات الأقسام النسائية، مؤكدة أن بيع العقار وتسويقه ذو طبيعة صعبة ومتعبة ومرهقة، إلا أن قبول وتشجيع المتعاملين معها جعل هذا العمل يوصف بـ«الممتع». وأشارت أم حسن أن الصعوبات التي تواجهها في القطاع العقاري، تتمثل في ضرورة التنقل المستمر، اضافة إلى عدم الاعتماد على الغير لاختيار العقار الجيد، الأمر الذي يفرض عليهم الوقوف على كل عقار يتم بيعه أو عرضه، اضافة إلى صعوبة إثبات نسبة العمولة في الصفقات، من خلال مزاحمة الوسطاء، إلى جانب صعوبة التعامل مع عدد من ملاك العقارات والمستثمرين من خلال فرض عدد من الوسطاء أو السماسرة في عمليات البيع. وأضافت أن سوق العقاري في السعودية يتعرض لتذبذبات متكررة، بالإضافة إلى عدم خضوعه إلى قوانين واضحة، الأمر الذي يؤكد وجوب احتياج جهة منظمة لعمليه الإيجار والبيع وتحديد العمولات دون إغفال حق من حقوق الملاك او الوسطاء، بالإضافة الى تحديد أسعار العقارات، وعدم تركها للاجتهادات الشخصية، وتحديد رسوم على أصحاب الأراضى ذات المساحات الكبيرة غير المستفاد منها، واستغلال هذه الرسوم في صالح وضع إسكان للفقراء والمحتاجين العاجزين عن تأمين سكن لهم.

إلى ذلك ذكرت الوسيطة العقارية «أم فيصل»، صاحبة مكتب الإقبال لتسويق العقار والتي تعمل في بيع الأراضي الخام، أنها دخلت في السوق العقاري منذ 13 عاما، واجهت خلالها عقبات وصعوبات كثيرة حيث كان يواجه السوق ندرة في عمل المرأة في السوق العقاري، إلا أنها مع مرور الوقت استطاعت إثبات وجودها بعد أن لمست المردود المادي والمعنوي والخبرة الثرية في هذا المجال. وقالت إن التقنية ساعدتها اليوم في تسهيل عملها، بعدما كانت بحاجة إلى التعرف على موقع العقار المراد بيعه بشكل حي، إلا أنها في الوقت الحاضر تعمل على استخدام الانترنت، الأمر الذي سهل عليها تعريف المشتري الأرض عبر تحديد موقعها، وإرسالها إلى العميل الذي يستطيع من خلال تصوير الموقع، ومعرفة موقع الأرض وما يجاورها ويتم البيع حتى دون الوقوف على الأرض مباشرة وأضافت صاحبة مكتب الإقبال العقاري أن الاتساع الكبير لمدينة الرياض، ونسبة التشبع الكبيرة في الأراضى الخام الخاصة بالمشاريع السكنية، دفعها للتوجه إلى مدن أخرى فيها الكثير من الأراضي الخام، كمدينه الإحساء والخبر شرق السعودية، إضافة إلى مدينة الخرج جنوب العاصمة الرياض، حيث تشير إلى أن العوائد الربحية في تلك المناطق أفضل من غيرها في الوقت الحالي.

وأرجعت «أم فيصل» نجاحها واستمرارها في هذا المجال إلى التزامها بالصدق والشفافية مع العملاء، حيث لا تجنح إلى أعطاء صورة غير صحيحة عن الأرض في سبيل البيع، إلا أنها تعمل على إضفاء الشفافية والوضوح الى جانب الربح المادي عبر التعامل مع السيدات التي تفضل التعامل معهن، عن الرجال خاصة لوجود سمسارة يتصفون بالتحايل وغير الوضوح في السوق العقاري.

وأشارت إلى أن العوائد الربحية في السوق العقارية من خلال التسويق مضمونة وغير خاضعة لتقلبات السوق كما يحدث في أسواق الأسهم والمشاريع التجارية الأخرى، مشيرة الى لسر في نجاح التسويق العقاري يكمن في الشفافية والربح المعقول، مطالبة المسوقات أو المسوقين العقاريين بالابتعاد عن الطمع والبحث عن الربح السريع والكبير في السوق العقاري الذي قد يتسبب في إفساد الصفقات.

يذكر أن شركات التسويق العقاري تعمل على إيجاد أقسام خاصة للنساء، وذلك لتسويق العقارات، في ظل تمثيل المستثمرات والمشتريات من النساء نسبة جيدة من التداولات العقارية خلال الفترة الماضية.