تقرير: أسعار العقارات ستواصل تراجعها حول العالم مع استثناءات قليلة

«نايت فرانك»: لن تسلم أية دولة في العالم من أزمة الائتمان

مؤشرات أسعار العقارات في تراجع ملحوظ عبر العالم (تصوير: حاتم عويضة)
TT

لن يسلم أحد في العالم، ولن تسلم أية دولة من التراجع الكبير والمتواصل لأسعار العقارات، والركود الذي تعيشه الكثير من الأسواق حول العالم، هذا ما اكده تقرير أخير لمؤسسة نايت فرانك الدولية المعروفة Knight Frank. واشار مؤشر المؤسسة العقارية المعروفة ان نمو اسعار العقارات حول العالم، تراجع من جديد ووصلت نسبة التراجع في الربع الثالث من هذا العام 2008، الى حوالي 3.8 في المائة. وكانت هذه النسبة قد وصلت الى 4.8 في المائة في النصف الثاني من هذا العام. ويؤكد مؤشر مؤسسة فرانك نايت، ان ليثوانيا والنرويج وبريطانيا وكندا، كانت من اكثر الدول تضررا من ناحية التراجع الحاد لأسعار العقارات في العالم، في الربع الثالث من العام الحالي. وقد وصلت نسبة التراجع خلال هذه الفترة 3 اشهر، الى 5 في المائة تقريبا. ولا تزال الولايات المتحدة في اسفل المؤشر. ووصلت نسبة التراجع الشهري على اسعار العقارات في الولايات المتحدة الى 2.8 في المائة، مما يعني أن أسعار العقارات تراجعت بنسبة 21 في المائة عما كانت عليه في أوجها أو عزها أيام الطفرة العقارية، وقبل بدأ ازمة القروض العقارية العالية المخاطر في البلاد قبل عامين، والتي بدورها أدت الى ازمة الائتمان الدولية التي نعيشها الآن. ويؤكد المؤشر ان الأسعار في بريطانيا ستواصل تراجعها، وان نصف الدول في العالم، ابدت تراجعات مهمة على الأسعار خلال الاشهر القليلة الماضية. كما ان ثلث الدول تشهد تراجعا ملحوظا على معدل الاسعار السنوي، ومنها على الارجح اسبانيا. من الواضح جدا وحاليا انه لن يسلم أي جزء من العالم من ازمة الائتمان، إذ ما انتشرت ظاهرة تراجع الاسعار في المزيد من البلدان، رغم ان المؤشر يقول ان النمو الذي عاشته بعض الدول العام الماضي 2007، سيظهر نموا سنويا للاسعار في بعض البلدان، أي ثلثي بلدان المؤشر، على حد قول نيك بارزن المسؤول عن قسم الأبحاث في «نايت فرانك». وتابع بارنز أن المؤسسة تتوقع ان تطول ظاهرة تراجع الاسعار، المزيد من الدول، وأن كثيرا من البلدان ستشهد نموا بدرجة صفر نهاية العام الحالي. وأن الأرقام حول الربع الثالث من هذا العام، ستشير الى تراجع على نمو الأسعار في دبي. ويبدو ان روسيا وبعض الدول الاوروبية الشرقية، سجلت نموا ملحوظا على اسعار العقارات خلال الربع الثالث، وقد ارتفعت نسبة النمو في تشيكيا على خلفية النمو الإقتصادي هناك. ويبدو ايضا ان الدول التي سجلت نموا جيدا على الاسعار خلال النصف الاول من هذا العام، بدأت تظهر علامات الوهن والتراجع. فمثلا تراجع نمو الاسعار في بلغاريا، وهي من المناطق العقارية المهمة في اوروبا، ليصل الى 3 في المائة خلال الربع الثالث، أي نصف النسبة التي تمتعت بها في النصف الاول من العام. ومع هذا يؤكد التقرير المرفق بالمؤشر، ان الوضع الحالي بدأ يشير الى نواح ايجابية، إذ ان الكثير من المستثمرين يبدون رغبة في شراء العقارات الرخيصة، وفي الكثير من الاسواق والعقارات، وخصوصا في المناطق والدول التي تشهد تراجعات حادة على الاسعار. وقد عززت ازمات الاسواق المالية في العالم اخيرا، اندفاعة المستثمرين نحو اسواق العقار، وتفضيلهم للمنازل الرخيصة على التجارة بالاسهم الحائرة، وهي ظاهرة منتشرة في بريطانيا منذ اشهر.

الخطوط العريضة لتقرير «نايت فرانك» تقول ان التضخم على اسعار العقارات، يواصل تراجعه وان نسبة النمو العالمي لأسعار العقارات تقف عند 4.8 في المائة في الربع الثاني من العام الحالي، بعدما كانت 6.1 في المائة في الربع السابق. كما ان ليثوانيا والدنمارك ونيوزيلندا من الدول التي تلحق سريعا بالدول التي تشهد تراجعات حادة على اسعار العقارات. وتراجعت أسعار العقارات في لاتفيا وحدها منذ العام بنسبة 24.1 في المائة، ولا تزال تواصل تراجعها وهي في اسفل المؤشر، الذي تضعه عادة مؤسسة نايت فرانك من فترة لأخرى. ويقول بارنز بهذا الصدد: «لاتفيا تقود الدول في بحر البلطيق، التي تشهد تراجعا حادا للأسعار، حيث تراجعت بنسبة 24.1 في المائة خلال عام واحد، وهو انعكاس لارتفاع نسبة التضخم وغلاء اسعار القروض العقارية، وهي قضايا تشكل مخاطر على اقتصادات الدول التي شهدت نموا كبيرا في عدد الاستثمارات الخارجية.. اسواق العقار في بريطانيا واسبانيا والدانمارك وايرلندا تواجه اكبر تحد حتى اللآن من ازمة الائتمان من غيرها من الاسواق». وفيما سجلت كل من سلوفاكيا وروسيا وتشيكيا وهونغ كونغ نسبة نمو سنوية ممتازة، وصلت الى 25 في المائة، تربعت بلغاريا وللمرة الرابعة على راس المؤشر ورأس الدول التي تمتعت بنمو ممتاز لأسعار العقارات، إذ بلغت نسبة النمو هذا العام 32.3 في المائة. وبذلك تكون نسبة النمو خلال العامين الماضين حوالي 68 في المائة، وهي نسبة ممتازة وعالية تستقطب المستثمرين من الكثير من البلدان الاوروبية وروسيا والولايات المتحدة. وحول روسيا بالتحديد تقول نايت فرانك، ان نسبة نمو الاسعار في الربع الثالث من هذا العام وصلت الى 26.5 في المائة مقارنة ببداية العام، حيث كانت حوالي 21 في المائة. وكانت جمهورية خاكسيا على رأس المناطق التي شهدت اكبر نموا للاسعار في روسيا، إذ وصلت الى 88.2 في المائة. وفيما تراجع نمو الاسعار في الشيشان بنسبة 7 في المائة تقريبا خلال نفس الفترة، ارتفع النمو في سانت بيترسبيرغ والعاصمة موسكو بنسبة 18.2 في المائة، بسبب ارتفاع معدلات الأجور والنشاط العام بالموارد الطبيعية والطاقة بشكل خاص.

وحول بريطانيا يشير التقرير، ان التراجع متواصل في جميع الاسواق العقارية، ومع هذا لم تتراجع الاسعار في الربع الثاني اكثر من 3.9 عما كانت عليه، في نفس الفترة من العام الماضي 2007. ومع هذا فإن عدد الصفقات العقارية تراجع بشكل حاد لم يشهده منذ التسعينات بسبب صعوبة الحصول على القروض العقارية، وأزمة الائتمان والمصارف. ويؤكد التقرير ان التوقعات سلبية بشكل عام فيما يخص الاداء الاقتصادي العام المقبل، وان البطالة تواصل ارتفاعها، رغم العدد القليل من المصادرات حتى الآن. أما في اسبانيا فتشير الأرقام والمعلومات المتوفرة إلى أن نسبة النمو على أسعار العقارات، وصلت الى 2.4 في المائة، وقد تراجع النمو بشكل حاد في المناطق الساحلية ومناطق المنتجعات السياحية. ومع تراجع عدد المبيعات العقارية بنسبة 34.5 في المائة، في مايو (ايار) الماضي وبنسبة 29.6 في المائة في يونيو (حزيران) الماضي، يتوقع ان يتواصل التراجع في المستقبل والسنة المقبلة، كما يتوقع ان يمر الاقتصاد الاسباني بحالة من الركود. وفي المانيا وصلت نسبة التراجع على اسعار العقارات هذه السنة الى 2.5 في المائة، بعدما كانت 4.4 في المائة العام الماضي. ويبدو ان التراجع يتواصل كل ربع من العام، لكن ببطء، مع تراجع عدد الراغبين في امتلاك العقارات السكنية وقلة المتوفر والمعروض في الاسواق من عقارات. وكما هو معروف، تراجعت الصادرات الصناعية بشكل كبير خلال الاشهر الستة الماضية، ويتتوقع ان يلتحق حوالي 200 الف عامل بالعاطلين عن العمل العام المقبل. وحول الولايات المتحدة، تقول الارقام الأخيرة ان الاسعار تواصل تراجعها، ووصلت نسبة التراجع كما سبق وذكرنا الى 3.3 في المائة، خلال الربع الثاني من العام الحالي، ووصلت نسبة التراجع السنوية الى 16.8 في المائة، وهي ثاني اكبر نسبة تراجع حوال العالم على مؤشر نايتت فرانك.

وشهدت كل من كاليفورنيا وفلوريدا اكبر نسبة تراجع، إذ وصلت الى 12 في المائة. ومع هذا لا تزال الاسعار ترتفع في بعض الولايات ومنها اوكلاهوما وبنسبة 4.9 في المائة. وسجلت بوادر تعافٍ للاسواق في بعض المدن الكبرى مثل دنفر وبوسطن وتشارلوت ودالاس. وتؤكد «نايت فرانك» أن ازمة الائتمان وصعوبة الحصول على القروض العقارية ستبقى على رأس القضايا التي تخنق الأسواق العقارية في الولايات المتحدة في المستقبل القريب. وفي كندا وصلت نسبة النمو على الاسعار الى 1.8 في المائة خلال الربع الثاني من هذا العام، وعلى هذا الاساس تكون اسعار العقارات، قد ارتفعت بنسبة 4.8 في المائة، عما كانت عليه في نفس الفترة من العام الماضي. ومع هذا فإن الاسواق تشهد ركودا ملحوظا، وقد تراجعت في كاليري وادمنتون بنسبة 8 في المائة تقريبا، وتراجع عدد المبيعات بنسبة 10 في المائة خلال عام من الآن. وفي القارة الأفريقية يشير تقرير «نايت فرانك»، إلى ان جنوب افريقيا، شهدت ارتفاع على الاسعار وصلت نسبته الى 3.8 في المائة هذا العام، وهي اقل نسبة منذ العام 1999. وبشكل عام، تقول «نايت فرانك» ان نمو الاسعار يشهد تراجعا منذ بداية العام، ولم تتعد نسبة النمو في بعض المناطق اكثر من 1.8 في المائة الربع الثالث من هذا العام. وفي القارة الآسيوية تشير الارقام، ان اسعار العقارات ارتفعت في الصين في الربع الأخير من هذا العام بنسبة 1.1 في المائة، ووصلت نسبة النمو السنوية الى 9.2 في المائة، مقارنة بـ7.1 في المائة في نفس الفترة من العام الماضي. بشكل عام تراجعت نسبة النمو على الاسعار بسبب مشاكل سوق القروض العقارية، والتدخل الحكومي في هذا المضمار. ومع هذا فإن المؤشرات الاقتصادية لا تزال جيدة في الصين، وان نمو اسعار العقارات لا يزال صحيا في الكثير من المناطق، وخصوصا في المناطق الشمالية الغربية لاورومكي، حيث وصلت النسبة الى 21 في المائة تقريبا، وجنوب هايكو حيث وصلت الى 18 في المائة وشرق نينغبو بنسبة 14.7 في المائة وهانججو بنسبة 13.3 في المائة، والعاصمة بكين بنسبة 14.3 في المائة. وفي اندونيسيا، تقول الارقام إن الأسواق العقارية تمر بفترة من الهدوء والركود، إذ لم تتعد نسبة النمو على الاسعار بشكل عام اكثر من 0.9 في المائة، خلال الربع الأخير من العام الحالي. ووصلت نسبة التضخم على اسعار العقارات الى 4.4 في المائة. وهناك مخاوف كثيرة من تدهور سوق العقار السكني بسبب كثرة المعروض في الاسواق وتشبعها، بسبب الطفرة الاقتصادية والعقارية خلال السنوات القليلة الماضية. اما في استراليا، فقد شهدت نسبة نمو الاسعار، تراجعا جديدا وصلت نسبته 0.8 في المائة، مما يعني ان نسبة النمو السنوية تراجعت ايضا من 13 في المائة الى 9 في المائة خلال الربع الاول من هذا العام. وتضع قضايا شحة وغلاء القروض العقارية، والشروط الصعية للحصول عليها، اضافة الى معدل الفائدة العام، الذي يصل الى 7.25 في المائة، ضغوطا كبيرة على اسواق العقار، وقد تؤدي الى تراجعات حادة على الاسعار خلال العام المقبل. وكانت استراليا خلال السنوات الخمس الماضية، قد شهدت طفرة عقارية ممتازة، لم تشهدها منذ التسعينات. ولا تزال الأسواق في حالة صحية بالنسبة الى بعض البلدان الاخرى، الا أن ازمة الائتمان الدولية، كما اشارت مؤسسة نايت فرانك، بدأت تظهر مخالبها هناك وتؤتي ثمارها السلبية.