موسم الحج يدر على عقارات مكة 266 مليون دولار

خبراء: يعتبر أكثر مواسم العاصمة المقدسة في تأجير العقارات

جانب من ابراج منى التي تم تشغيلها في موسم الحج الحالي، وسجلت نجاحاً كبيراً من خلال تأجيرها لشركات الحج والعمرة الداخلية (تصوير: محمد علي)
TT

يعتبر موسم الحج اكثر اوقات العام للحركة التجارية في مكة المكرمة، وذلك لاحتضان العاصمة المقدسة لاكثر من 2.4 مليون حاج، في منطقة محددة خلال ايام معدودة. ونظراً لكون حاجة اولئك الحجاج لوحدات سكنية وعقارية، دفع هذا الكثير من رجال الأعمال والناس بشكل عام الى الاستثمار في مباني شقق ووحدات سكنية منتشرة في ارجاء المدينة والمشاعر المقدسة، بالاضافة الى ان البعض من اهل العاصمة المقدسة يخرج من بيته حتى يطرحه للتأجير على حملات الحج المختلفة، والاستفادة من موسم الحج، والذي قد يدخل عليه مبالغ تغنيه عن تأجير المبنى طوال العام.

وحسب خبراء عقاريين في مكة المكرمة فإن ايجارات موسم العقارات خلال خمسة ايام يتجاوز مليار ريال (266 مليون دولار) وذلك من خلال آلاف العقارات التي تطرح للإيجار، مرشحين أن تنمو العائدات العقارية خلال المواسم المقبلة، نظراً لانخفاض اعداد العقارات في العاصمة المقدسة، لوجود مشاريع تطويرية ستعمل على نزع العقارات خلال الفترة المقبلة.

وتشمل العقارات في مكة المكرمة كلاً من الابراج السكنية المحيطة بالحرم المكي الشريف، اضافة الى المباني والعمارات التي تشتمل على الشقق السكنية المنتشرة في مناطق العزيزية والمناطق القريبة من مشعر منى، اضافة الى خيام منى. ويتوقع ان يصل عدد الوحدات العقارية الى اكثر من خمسة آلاف وحدة عقارية يتم طرحها خلال شهر واحد ما بين الفترة ما بين 15 ذو القعدة، وحتى 15 ذو الحجة، ما يدفع الناس الى التوجه نحو الاستثمارات العقارية في الفترة المقبلة في مكة المكرمة.

يقول محمد السبيعي (مستثمر عقاري) في المدينة إن العقارات من اهم ركائز الاستثمار على مر التاريخ والعصور، مبيناً أن حجم العائدات قد يصل الى مليار ريال (266 مليون دولار)، وقد يتجاوز ذلك العدد في ظل ازدياد عدد الحجاج خلال الفترة المقبلة.

وقال إن طالما هناك زيادة في اعداد الحجاج، فإن ذلك سيؤدي الى ازدياد الطلب على العقارات، مشيراً الى أن اهل مكة المكرمة امتهنوا مهنة العقار منذ امد بعيد.

ولفت السبيعي الى ان الحكومة السعودية تعمل جاهدة لتطوير مشاريع مستقبلية لاستيعاب اعداد اكبر للحجاج، ما يعطي مؤشرا حقيقيا الى النمو المتوقع في مكة المكرمة، خاصة في ظل عزم امارة المنطقة الى مشروعها الضخم «الانتقال الى العالم الاول» من خلال تطوير منظومة تطويرية متكاملة في الفترة المقبلة، الامر الذي يؤكد الخطط طويلة الاجل في تطوير عقارات تليق بمستوى مكة المكرمة، وتعمل على استيعاب اعداد الحجاج في الفترة المقبلة وأكد المستثمر العقاري، الذي يستثمر في مبان سكنية، أن بعض اهل مكة يخرجون من منازلهم ويقدمونها للايجار على مستثمري الحملات سواء للحج او العمرة، خاصة ان العوائد تعتبر مرتفعة في مكة خلال موسمي الحج في شهري ذي القعدة وذي الحجة، اضافة الى موسم العمرة الذي يواكب شهر رمضان الكريم، مشيراً الى أن العاصمة المقدسة تسجل نموا بنسبة تصل الى 10 في المائة بشكل سنوي.

من جهته اعتبر خالد الضبعان (خبير عقاري) أن مدينة مكة المكرمة تعتبر مؤشرا حقيقيا على اداء السوق العقاري في السعودية، واضاف أن السعودية تعتبر اقل المتأثرين من الازمة المالية العالمية، وذلك كون السوق مبنيا على طلب حقيقي خلال الفترة الحالية. وذكر أن الطلب الحقيقي مبني على حاجة البلاد الى المزيد من الوحدات السكنية، بما فيها مدينة مكة المكرمة، حيث شهد العام الجاري بناء ابراج سكنية في تجربة وصفت بالنجاح، ما يدفع الى بناء المزيد من تلك النماذج لاستقبال المزيد من حجاج بيت الله الحرام في الاعوام المقبلة، مبيناً أن العقار هو مستقبل مكة المكرمة، والطلب عليه في ازدياد خلال الفترة المقبلة. واشار الضبعان الى ان المشاريع التي يعمل عليها القطاع الخاص بالتعاون مع الحكومة السعودية تبلغ حجة استثمارها 200 مليار ريال (53.3 مليار دولار) ما سيساعد على ازدياد الاستثمار العقاري في مكة المكرمة، موضحاً أن حملات الحج والعمرة هي المغذي الرئيسي لتأجير العقارات في موسمي الحج والعمرة خلال الاعوام القليلة الماضية.

وبين أن العمل يزداد في العاصمة المقدسة من خلال الخطط التطويرية وطرح بعض المشاريع كمشاريع وقف الملك عبد العزيز للحرمين الشريفين ومشروع جبل عمر، والذي دشن اعمال تنفيذ المقاولات فيه خلال الفترة الماضية، وتم طرح الشركة للاكتتاب العام، ما يؤكد مستقبل المدينة الاهم في العالم في قطاع العقارات يذكر أن مكة المكرمة تشهد مشاريع تطويرية تعمل عليها الحكومة السعودية في منظومة متكاملة لخدمة حجاج بيت الله الحرام، عبر ضخ مبالغ في نزع ملكيات العقارات في المنطقة المركزية، بمشاركة القطاع الخاص في تلك المشاريع.

وكانت الحكومة السعودية قد طرحت أبراج منى السكنية خلال حج هذا العام، والتي استقبلت اكثر من 14 ألف حاج بتكلفة تتراوح بين 5 الاف ريال (1.3 الف دولار) و13 الف ريال (3.4 الف دولار) للحاج، حيث تم تشغيل 4 ابراج خلال هذا العام من اصل 6 ابراج يتوقع تشغيلها خلال الاعوام المقبلة. وبلغت تكاليف إنشاء الابراج 342 مليون ريال (91.2 مليون دولار)، بتمويل من مؤسسة التقاعد والتأمينات الاجتماعية.

ويصل ارتفاع كل برج الى نحو 61 متراً، ويتكون من 12 طابقا، ويبلغ عدد غرف الأبراج نحو 460 غرفة.

وكانت 35 شركة من شركات حجاج الداخل قد وقعت عقود استئجار أربعة أبراج بحيث تقسم المسؤولية على ثماني مجموعات، وسيتم تشغيل البرجين الباقيين العام المقبل، وتولت شركة منى العقارية المملوكة بالتساوي بين المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية والمؤسسة العامة للتقاعد، تأجير وتشغيل الأبراج مباشرة بعد التنسيق مع وزارة الحج.