المزادات توفر أفضل الفرص في عصر الكساد العقاري

أحدث أنواعها يمكن تنفيذها على الإنترنت

في المزاد تتم الصفقات فوريا («الشرق الاوسط»)
TT

توفر المزادات المخرج الواقعي من ازمة العقار لكل من البائع والمشتري. فالبائع يحقق سيولة فورية والمشتري يحصل على صفقة سريعة ومربحة لم يكن يحلم بها. وتلقى المزادات ايضا ترحيبا من البنوك وشركات التمويل ومن شركات تسويق العقار الجديد، وكلها جهات تعاني من ازمة تسويق وتمويل وبيع العقار في الوقت الراهن. وترى البنوك ان من الافضل تمويل صفقات التمويل العقاري المباع عبر المزاد لان المشتري يدفع 10 في المائة من قيمة الثمن فورا، ولان العقارات المباعة تكون في الغالب مثمنة بأقل من قيمتها، فلا خوف هناك من انهيار قيمتها، ولان معظم صفقات المزاد يقوم بها مستثمرون محترفون سرعان ما يقومون بإعادة بيع العقار او تأجيره. اما شركات البناء العقاري فوجدت ملجأها الاخير في المزادات حيث تتخلص من الوحدات غير المباعة بسرعة وتحقق فيها اعلى العوائد الممكنة في السوق حتى تحقق السيولة وتغلق حساباتها وتبدأ التخطيط لمشاريعها التالية. اما افضل الفرص على الاطلاق فيحصل عليها مشتري العقار لانه لن يجد في السوق فرصا افضل عبر شركات او وكلاء تسويق العقار. وتحقق له المزادات صفقات فورية يضمن بها شراء العقار امام المنافسة وتقلص من روتين اجراءات قد تأخذ عدة اشهر قبل ان تنتهي.

وهنا يجب القول ان المزادات كانت في الماضي مخصصة للتعامل في بيع عقارات متهالكة يصعب تقييمها وبيعها في السوق المفتوحة. إلا انها الان تجذب العقارات من كل القطاعات من مدخل السوق وحتى قمته. وهي تقدم للبائع والمشتري فرص البيع والشراء السهل، وتبسط الاجراءات وتمنح البائع سيولة فورية والمشتري فرصة معاينة العقار وتقييمه قبل المزايدة عليه. ومن المؤكد ان جاذبية المزاد لم تظهر فجأة فقد كانت سائدة منذ عصر الزخم العقاري، حيث كانت معظم العقارات التي تعرض للبيع بالمزاد تحقق اسعارا اكبر من التقديرات وتمنح بائعيها هوامش ارباح افضل. وفي عصر فورة اسعار العقار، اشار خبراء حينذاك الى ان بيوت المزاد تضع احيانا اسعارا اقل من قيمة العقارات الحقيقية بغرض جذب المشتري، وكانت النصيحة لمرتادي المزادات هي دراسة العقارات جيدا والالتزام بحدود سعرية معينة لا يجب تخطيها مهما كانت الاغراءات.

الآن تحاول شركات المزاد تحقيق اكبر قيمة ممكنة للبائعين الذين يعانون من ضغوط مالية، بينما ينتقي المشتري ما يشاء من عقار ويدفع فيه ما يروق له بلا منافسة تذكر.

من التطورات المهمة ايضا ان العديد من المزادات تجرى الآن على الانترنت مباشرة دون حاجة الى الذهاب الى قاعة مزاد والمضاربة المفتوحة على العقار. وهناك عدة اساليب مختلفة لاجراء المزادات على الانترنت، احدها تقدمه شركة اسمها «أسيتز» (http://investors.assetz.co.uk/index.html) وهي تعرض عقاراتها بكامل المواصفات لاعضائها المسجلين وتدعوهم الى اقتراح الثمن الذي يرغبون في دفعه في اي عقار يختارونه. وتقدم هذه الشركة العروض الى شركات العقار من دون ان يكون العرض ملزما لاي من الطرفين. وفي حالة قبول الشركات لمستوى الاسعار المعروض يتم الاتصال هاتفيا بالمستثمر للتأكد من جدية العرض وطلب دفع مقدم يبلغ حجمه الف استرليني (ترد في حالة عدم اتمام الصفقة لاي سبب غير متعلق بالمشتري). وبعد رسو العطاء تتم الاجراءات بسرعة ويتعين على المشتري انهاء الصفقة وتمويلها في اسرع فرصة. وتطلب شركة «اسيتز» في الصفقات الناجحة نسبة عمولة تتراوح بين اثنين وثلاثة في المائة.

وحتى في احوال هبوط السوق من حيث عدد الصفقات وسعر كل صفقة، من الافضل الاستعانة بخبراء الشراء بدلا من خوض التجربة مباشرة. فالخبراء يعرفون كيفية المضاربة، لانهم يشترون في العادة عدة عقارات كل اسبوع، ويدفعون في معظم الاحوال اسعارا اقل من مؤشرات المزاد. كما يعرفون القيمة الحقيقية لكل عقار، الامر الذي قد لا يعرفه المشتري غير الخبير. وهم يعللون اسرار تقييم الاسعار في المزادات من حيث عدد الحضور فيها والمنافسة، واذا اقتضى الامر الانسحاب منها ايضا اذا كانت غير مجدية.

والنصيحة التي يوجهها الخبراء هي ان يبحث المشتري عن القيمة الحقيقية لكل عقار قبل الشراء ويضع لنفسه حدا اقصى للسعر الذي يرغب في دفعه ولا يتخطاه.

وبلغ من جاذبية المزادات انها تستبعد الان العقارات الصعبة التي كانت تتخصص فيها في الماضي. وتعرض هذه العقارات الصعبة على قطاعات متخصصة في السوق، تقبل عليها بأسلوب مغاير للمزايدة. فهؤلاء يدرسون العقارات جيدا ثم يعرضون فيها اسعارا نهائية لا تقبل النقاش بحيث يقبل بها البائع او يرفضها. وينظر هؤلاء المقاولون الى العقارات الصعبة كنوع من الاستثمار بحيث يجري اصلاحها واعادة بيعها بالوسائل العادية او ازالتها واستثمار الارض في مشروعات اخرى. وترى بيوت المزاد ان هذه الوسيلة اصلح للعقارات الصعبة لان المشتري العادي يفتقر الى الخبرة والوقت الذي يمكن بهما التحقق من القيمة الفعلية لهذه العقارات قبل التقدم لشرائها.

وفي المزاد يتأكد كل من البائع والمشتري فورا من بيع العقار وشرائه في يوم المزاد نفسه، اذا ما تخطى السعر الحد الادنى المطلوب في العقار. وهذا يختلف جذريا عن اسلوب البيع العادي في السوق الذي يستغرق في بريطانيا عدة اسابيع يسودها القلق من الطرفين بسبب احتمال انسحاب احد طرفي الصفقة في اللحظة الاخيرة قبل تبادل التعاقد القانوني. في حالات البيع بالمزاد تتم الصفقات فورا وبلا شروط. فحينما تدق مطرقة مندوب المزاد إيذانا بإتمام الصفقة، تصبح نافذة قانونيا.

وتقول مؤسسات المزاد البريطانية ان الاسعار المعلنة في الكتالوغات ليست إلا مؤشرات على الاسعار التي يمكن ان تباع بها العقارات. وتمثل هذه الاسعار في بعض الاحيان الحد الادنى او الاقصى وفقا للظروف. وهي تؤكد ان المزادات لم تعد الحل الاخير للتخلص من العقارات الصعبة وبيعها بأي ثمن، بل ان المزادات الان تعتبر الاختيار الاول لتحقيق صفقات بيع سريعة في سوق خاملة، وهي وسيلة تلجأ اليها ايضا البنوك لعرض العقارات التي تم الاستيلاء عليها لعدم قدرة ساكنيها الوفاء بأقساط القروض العقارية المستحقة عليها.

وتعتبر المزادات الوجهة الاولى للعديد من المستثمرين في العقار الذين يشترون بغرض البيع. وهم يسعون لاصلاح العقارات ثم بيعها بالمزاد ايضا او بوسائل اخرى، ويحققون احيانا معدلات ربح عالية. ويعتمد هؤلاء على خبرتهم في اختيار العقارات ذات المواقع الجيدة التي يمكن اعادة بيعها بسهولة. ويمكن للمستثمر العقاري تعقب العقارات التي لم تحقق الحد الادنى لاسعارها في المزاد، وهي قليلة، لكي يعرض على اصحابها عروض شراء قريبة من المبلغ المطلوب فيها بعد انتهاء المزاد. وتنجح احيانا هذه الوسيلة في الفوز بعقار رخيص على هامش المزاد وليس داخل قاعته.

التطور الذي طرأ هذا العام على فكرة المزاد العقاري هو المزاد المالي. فالمستثمر العقاري يعرض رغبته في الاقتراض على البنوك على مواقع انترنت متخصصة، وتنظر البنوك في العروض وتختار افضلها ملاءة من اجل تقديم التمويل اللازم له. ويقول الشركاء الماليون الذين قدموا هذه الفكرة للسوق انها قد تصبح في المستقبل سوقا رئيسية مع ارتفاع الاقبال عليها. وهم يعتقدون ان هذه الفكرة تأتي لصالح المستهلك وتمنحه فرصة الاستفادة من المنافسة بين البنوك للفوز بالصفقات. ويقدر البعض ان هذا الاسلوب قد يقتطع حصة 10 في المائة من حجم السوق في عام 2010. ولكن هذه التقديرات قد تكون طموحة في مرحلة تهرب فيها البنوك من معظم طلبات التمويل.

ويعتمد التمويل الى حد كبير على التاريخ الائتماني للمقترض وحجم القرض المطلوب ونوع العقار. ويدفع المقترض نسبة من الرسوم للمواقع التي تتيح له هذه المزادات المالية. وفي حالة نجاح المقترض في الحصول على القرض المطلوب يدفع بقية العمولة على الصفقات التي تتم بالفعل. ويفيد هذا الاسلوب كل الاطراف المعنية لانه يخفض تكاليف التعامل ويتيح الحصول على ارخص تمويل ممكن في السوق. وتوفر البنوك من تكاليف فحص موظفيها عمليا كل طلب اقراض يصل اليها، وهي تكاليف تقدر بحوالي الف جنيه استرليني لكل قرض. واكدت بنوك بريطانية انها سعيدة بالمشاركة في التمويل بهذا الاسلوب الجديد لاعتبارات خفض التكاليف من ناحية والامكانات الكامنة في المستقبل لتطوير هذا القطاع من السوق من ناحية اخرى. كما قال اتحاد مقترضي العقار البريطاني ان هذه الفكرة هي افضل تجديد في سوق العقار هذا العام وانها يمكن ان تكون اساس تطوير جذري في سوق التمويل العقاري لان الانترنت هي المجال المثالي لاجراء الابحاث المالية والمقارنات الشفافة بين العروض المختلفة وتمحيص التاريخ الائتماني وطلبات المقترضين قبل الموافقة عليها. كذلك تفتح هذه المواقع المجال للبنوك العالمية للمنافسة على تمويل صفقات العقار البريطانية، الامر الذي يلغي عمليا الحدود الجغرافية من عمليات التمويل العقاري. وكأي فكرة جديدة، جذبت هذه الفكرة ايضا المعترضين عليها، حيث لا يرضى البعض في السوق عنها. فقد قال احد مستشاري العقار المتخصصين في لندن ان الاساس في التمويل العقاري هو سرعة الحصول على تقدير حجم القرض وموافقة فورية من البنك على التمويل، وبعد ذلك يستكمل المشتري اجراءاته بسرعة وكفاءة. ولكن هذا النوع من التمويل بالمزاد قد يعني انتظارا طويلا لعروض تمويل تأتي عبر البريد الالكتروني، وهو ليس الحل الامثل في التمويل العقاري. كما ان المشتري يحتاج احيانا الى النصيحة المالية لكي يختار القرض المناسب له من بين عدة اختيارات متاحة في السوق، ولذلك فإن نسبة 60 في المائة من عمليات التمويل العقاري في بريطانيا ما زالت تجري عبر وسطاء ماليين.

=