السعودية: الأزمة المالية العالمية تعيد فتح ملف «المساهمات العقارية»

مطالبات بإعادة صياغتها من جديد لتتواكب مع متطلبات المرحلة المقبلة

ساعدت المساهمات العقارية في السعودية في تنمية المشروعات العقارية قبل إيقافها نتيجة تعثر العديد منها («الشرق الأوسط»)
TT

يشكل العام الجديد 2009 جبهة تحدٍّ أمام القطاع العقاري في السعودية، وذلك لتجاوز آثار الأزمة المالية الاقتصادية، حيث يسعى القطاع إلى تعزيز دوره في الاقتصاد الوطني، من خلال تنمية المشروعات العقارية، في ظل ضخ الحكومة استثمارات في القطاع من خلال تنفيذ مشروعاتها المختلفة.

وقد تشكل معضلة التمويل أهم التحديات أمام العقاريين في السعودية، وذلك بعد تأثر قوالب التمويل العقاري في العالم، خاصة في ظل الأضرار التي أصابت الجهات التمويلية العالمية، مما قد يدفع العقاريين إلى إعادة إحياء المساهمات العقارية التقليدية من جديد، لتشكل قوى مساندة لتطوير المشروعات في البلاد.

وكانت المساهمات العقارية قد أوقفت في عام 2005 من قبل الحكومة بعد ازدياد أعداد المساهمات العقارية المتعثرة، التي وصلت خسائرها إلى ما يقارب 11 مليار ريال (4 مليارات دولار)، مما دفع الحكومة إلى إصدار نظام جديد من قبل هيئة سوق المال السعودية، التي أعادت صياغة المساهمات العقارية على شكل صناديق استثمار تحفظ حقوق الأطراف المساهمة في تلك الصناديق.

إلا أن العقاريين يرون أن الصناديق ساعدت على عزوف المستثمرين العقاريين عن الدخول إلى المساهمات العقارية، عبر صناديق استثمار عقارية، بسبب اشتراطاتها، مما أوقف تمويل المشروعات العقارية عبر المساهمات العقارية، وتحول إلى الأشكال الأخرى عبر التحول إلى شركات مساهمة عامة، أو تصدير صكوك أو طرح تلك الشركات للاكتتاب.

ويشير عقاريون إلى الحاجة الملحّة لوجود صيغ ومنتجات تمويلية تساعد على مواكبة التنمية الاقتصادية في البلاد، بما يعود على المستفيد النهائي كمستهلك أو مستثمر أو شركة مطورة، مما يساعد على إعادة إحياء المساهمات العقارية بشكل يتناسب مع متطلبات المرحلة المقبلة. وقال إبراهيم بن سعيدان رئيس مجلس إدارة شركة آل سعيدان للعقارات إنه «من الضروري جداً عودة المساهمات العقارية التقليدية، وإعادة النظر في صناديق الاستثمار العقاري التي أقرتها هيئة سوق المال»، مشيراً إلى أن نظام صناديق الاستثمار العقاري بحاجة إلى قائمة طويلة من الشروط والمتطلبات.

وأضاف أن النظام التقليدي للمساهمات العقارية وإن كان يتضمن أخطاء، إلا أنه أفضل من نظام صناديق الاستثمار العقاري الحالي، مطالباً بدعوة العقاريين لإيجاد نظام عقاري للمساهمات التقليدية، وذلك للاعتماد عليه في الفترة المقبلة، في ظل توقعات تأثر «التمويل» بالأزمة المالية العالمية.

وأكد أن المساهمات العقارية السابقة ساعدت على تطوير العديد من المشروعات الإنشائية والعقارية خلال الفترة الماضية، قبل إيقافها من قبل المسؤولين بسبب دخلاء من القائمين على المساهمات من غير العقاريين، الذين عملوا على تشويه الصورة الحضارية للمساهمات العقارية.

وأكد أن إيقاف المساهمات العقارية أدى إلى توقف المشروعات العقارية التي تعتمد على المشاركة، ودفع الكثير من المستثمرين إلى التحول نحو سوق الأسهم، الذي تسبب في خسارة الكثير من المستثمرين بعد هبوطه بشكل غير مبرر، لافتاً إلى أن طرح المنتجات العقارية يسير بشكل بطيء، في حين أن الطلب ينمو بشكل متسارع، الأمر الذي قد يولّد مشكلة في توازن العرض والطلب في المستقبل القريب، وبالتالي سيصعب تصحيح الوضع.

وقال إنه «منذ طرح نظام صناديق الاستثمار العقاري، لم تُفتح سوى أعداد محدودة من الصناديق العقارية، مما يؤكد صعوبة تطبيق النظام في الوقت الحالي، الذي هو بحاجة إلى التنمية العقارية الشاملة، لتواكب الطفرة التي أقبلت عليها البلاد».

من جهته لفت محمد البر نائب مدير عام شركة «موطن» العقارية أن السوق العقارية بحاجة إلى منتجات تمويلية تساعد على مواكبة الفترة المقبلة، مشيراً إلى أن المساهمات العقارية كان لها دور جيد خلال الفترة الماضية، إلا أن الفترة الحالية تحتاج إلى تخطيط مستقبلي لنظام دورة الاستثمار العقاري، وبالتالي انعكاسه على تطوير التنمية العقارية في البلاد.

وأضاف البر أن المنتجات التمويلية يجب أن تراعي حقوق الأطراف المعنية في السوق العقارية، مما يساعد على توزيع الاستفادة على الجميع، بالإضافة إلى المشاركة في عمليات المخاطرة إن وُجدت، وهي التي تنخفض نسبتها بشكل عام في السوق العقارية، مشيراً إلى أن الحاجة في الوقت الحالي إلى وضع تصور واضح للفترة المقبلة للسوق العقارية، أحد أهم أعمدة الاقتصاد، الذي سجل جذب استثمارات محلية وأجنبية كبيرة، مبيناً أن التمويل ركن أساسي من أساسيات التطوير العقاري في دول العالم.

وأشار نائب مدير عام شركة موطن العقارية إلى أن الأزمة المالية ضربت أشكال التمويل في العالم، وأن المنتجات العقارية التي تعتمد على تمويل خارجي قد تتأثر بشكل مباشر، في حين أن الكثير من المشروعات كانت ستعتمد فى تمويلها على أشكال التمويل المختلفة كالصكوك، أو طرح المشروع في شركة، أو طرح جزء من الشركة للاكتتاب، بغرض الحصول على تمويل، إلا أن الأزمة أوقفت تلك الخطط، التي هي بحاجة إلى إعادتها من جديد لتُصاغ مع مستجدات العالم المالي والعقاري.

إلى ذلك قال خالد الضبعان الخبير العقاري في جدة غرب السعودية إن «المساهمات العقارية كانت نوعاً من أنواع التمويل، الذي ساعد على تطوير بنى تحتية لعدد كبير من المشروعات العقارية في السعودية، والتي كانت تتم في صورة مخطط قطع أراضٍ مطور، بحيث يكون المطور قد عمل على إدخال الخدمات من كهرباء وتمديد للمياه، بالإضافة إلى سفلتة الشوارع، وأرصفتها، حيث كانت الثقافة العقارية تتمثل في بناء الفرد للمنازل».

وبيّن الضبعان أن المساهمات العقارية كانت تُبنى على ثقة القائم على تلك المساهمة، وتسببت بعض المساهمات المتعثرة في إيقاف نظام المساهمات العقارية، الأمر الذي أوقف عمليات التطوير الناتجة عن تلك المساهمات، وتوجه الشركات إلى استخدام بعض الآليات كإصدار الصكوك، أو تحويل الشركة إلى شركة مساهمة عامة، للحصول على التمويل.

ولفت الضبعان إلى أن المساهمات العقارية بحاجة إلى تحويلها إلى منتج مالي يتوافق مع الشريعة الإسلامية، ومن ثم طرحه للأسواق بما يتوافق مع متطلبات السوق العقارية في السعودية.