صفقة عقارية أميركية فاخرة في ظاهرة غير اعتيادية

للبيع قبل بداية العام الجديد

TT

هل من الممكن أن يكون شبح انهيار سوق العقارات الفاخرة قد أطل برأسه بالفعل، بل ويحيط بنا؟

فمع تداعي الكثير من صناديق التحوّط الكبرى والكثير من أصحاب الملايين في أعقاب فضيحة بيرنارد مادوف، باتت فكرة إمكانية تعرُّض أكثر العقارات غلاءً على مستوى العالم، وليس فقط المنازل الكبيرة الواقعة في الضواحي، لخطر إجراءات حبس الرهن وإشهار الإفلاس، تبدو منطقية.

وفي الأسبوع الماضي، انتشر خبر حول عرض المنتج السينمائي الإيطالي فيتوري سيستشي غوري منزله الواقع على مساحة 5.5 ألف قدم مربع، وغرفة معيشة ذات جدران زجاجية يبلغ اتساعها 50 قدمًا، للبيع مقابل 28.5 مليون دولار. ويعد طرح عقارات فاخرة للبيع خلال الأسبوع السابق لاحتفالات بداية العام الجديد ظاهرة غير اعتيادية. وعند النظر إلى سجلات محاكم الولايات والمحاكم الفيدرالية يتضح أن هذا العقار، الكائن في 1 شارع سنترال بارك ويست، كان محطّ نزاع قد يتحول إلى أكبر صفقة بيع لشقة سكنية في مانهاتن، تعرضت لإجراءات حبس الرهن في السنوات الأخيرة. وتكشف السجلات أنه في نهاية أكتوبر (تشرين الأول)، أصدر القاضي جوان إيه مادين، من المحكمة العليا التابعة للولاية في مانهاتن، أمرًا باتخاذ إجراءات حبس رهن ضدّ سيستشي غوري، في ما يتعلق برهن عقاريّ مؤمَّن بقيمة 14 مليون دولار على الشقة، علاوة على ديون إضافية لحساب جهة الإقراض ذاتها، وهي شركة فرعية تابعة لـ«فورترس إنفستمنت غروب»، حيث وصل الإجمالي إلى 30 مليون دولار. إلا أنه في أعقاب صدور حكم القاضي -قبل تعيين مُحكِّم من جانب المحكمة للإشراف على البيع- تقدمت الشركة التي أسّسها سيستشي غوري لشراء المنزل بطلب لإشهار إفلاسها داخل محكمة مانهاتن الفيدرالية.

وسمحت المحكمة المعنيّة بالنظر في قضايا الإفلاس لسيستشي غوري باستئجار هوارد مارغوليس، وهو عميل لدى شركة «برودنشال دوغلاس إليمان»، من أجل التسويق للعقار ومحاولة الحصول على سعر أعلى مما يمكن الحصول عليه حال إجراء مزاد علني.

ويدعو اتفاق الإدراج، المتضمَّن في سجلات المحكمة، إلى إعطاء مارغوليس عمولة تبلغ 5 في المائة حال بيع العقار بالتعاون مع وسيط آخر، و4 في المائة حال بيعه دون مثل هذا الوسيط الإضافي. جدير بالذكر أن مشكلات سيستشي غوري، الذي أنتج ما يزيد على 200 فيلم إيطالي، بينها «إل بوستينو» و«الحياة جميلة»، اللذان فاز كلاهما بجائزة أوسكار، بدأت قبل تباطؤ عجلة النمو الاقتصادي بوقت طويل. إلا أن السماسرة يقولون إن هذه المشكلات قد تشكّل مجرد بداية لمصاعب أكبر. وتشير سجلات محكمة نيويورك إلى أن سيستشي غوري يواجه احتمالات فقدان منزلين آخرين من ممتلكاته، واحد منهما عبارة عن شقة في فاونتين هاوس، وهو مبنى للشقق السكنية في لندن أمام هايد بارك بقيمة 14 مليون دولار، أما الآخر فمنزل يقع على مساحة 8.4 ألف قدم مربع في روبرت لين في بيفرلي هيلز، قُدرت قيمته عام 2006 بـ8 ملايين دولار. وفي أثناء نظر محكمة نيويورك في قضية اتخاذ إجراءات حبس الرهن هذا الربيع، احتجزت السلطات الإيطالية سيستشي غوري لمدة أربعة أشهر في ما يتصل بتحقيق حول طلب إشهار إفلاس داخل إيطاليا. وفي أكتوبر (تشرين الأول) بعد إطلاق سراحه، شنّ سيستشي غوري هجومًا على نظام العدالة الجنائية الإيطالي، وادّعى براءته. جدير بالذكر أن سيستشي غوري قد اشترى «بنت هاوس» يسمَّى «كولومبوس سيركل» من دونالد ترمب مقابل 10.4 مليون دولار عام 1998، وذلك بعد شهور قليلة من طرح فيلم «الحياة جميلة» في دور العرض داخل الولايات المتحدة، الذي قام بدور البطولة فيه روبرتو بينيني، وفاز الفيلم بثلاث جوائز من أكاديمية أوردز، بينها جائزة أفضل ممثل لبينيني، وجائزة أفضل فيلم أجنبي. كان ترمب قد دفع 5.1 مليون دولار مقابل الحصول على المنزل، وهو عبارة عن شقة مؤلَّفة من خمس غرف للنوم، عام 1997، وأعلن عزمه الانتقال للعيش به. إلا أنه في أعقاب انفصاله عن زوجته الثانية، مارلا مابلز، عرض المنزل للإيجار مقابل 100.000 دولار شهريًّا، وهو مبلغ كان ضخمًا بصورة غير عادية آنذاك. وبعد ستة شهور، اشتراه سيستشي غوري. وتشير سجلات المبنى إلى أنه عام 2001 قام سيستشي غوري بإزالة الأجزاء الداخلية من الشقة وحطم الجدران والحمامات العاملة بالبخار وألواح المرمر التي بناها ترمب بمدخل الشقة. ورغم حصوله على تصريح بإعادة البناء بعد بضعة شهور، لا يزال العمل غير منتهٍ في الأجزاء الداخلية من الشقة. ومع تفاقم المشكلات المالية على كاهله، توقف سيستشي غوري عن سداد المصاريف الخاصة بشقته. وطبقًا لأوراق الشكوى المقدمة ضده، فإنه مدين بأكثر من 62 ألف دولار لأصحاب المبنى، و69 ألفًا متأخرات ضريبية. من ناحيته، أشار مارغوليس إلى أنه في غضون بضعة أيام، تلقّى عرضين على الأقل لشراء الشقة، وقال: «كان هناك أشخاص ينتظرون طرح هذه الشقة للبيع، وبمجرد عرضها للبيع من خلال شبكة الإنترنت تلقّيت اتصالات هاتفية بشأنها. إنه أمر مذهل حقًّا، إن الأمر برمته يدور حول من سيتقدم ويشتري الشقة». يُذكر أن السعر المطروح للشقة والبالغ 5.180 دولار للقدم المربع، يفوق بنسبة 20% تقريبًا أغلى الشقق الكائنة بأدوار مرتفعة بهذا المبنى، والتي بيعت عندما كانت سوق العقارات مزدهرة. ورفض مارغوليس الكشف عن الأسعار التي تلقّاها لشراء الشقة حتى الآن.

* خدمة «نيويورك تايمز»