السعودية: الترقب والأزمة المالية والشركات الأجنبية.. «محاور» سيطرت على العقاريين في معرض جدة

توقعات المستثمرين بنظرة تفاؤلية من منطلق «العقار يمرض ولا يموت»

شهد معرض جدة العقاري السابع حضوراً جيداً على الرغم من حالة الترقب الذي يعيشه سوق العقارات السعودي (تصوير: عبد الله بازهير)
TT

عكس معرض جدة للعقار والتمويل والإسكان الدولي في عامه السابع حال السوق العقارية في السعودية، وذلك من خلال تواجد الشركات العقارية التي طرحت مشاريع مختلفة، بالإضافة إلى تواجد عدد من العقاريين وخبراء وصناع السوق خلال أيام المعرض.

وجاء معرض جدة ليكون ساحة نقاش، أبطالها المستثمرون والمهتمون بالسوق العقارية، الذين وجدوا المكان الملائم لبث توقعاتهم ورؤاهم حول مستقبل السوق خلال العام الحالي، في ظل ما عانت منه الأسواق الأخرى بسبب الأزمة المالية العالمية التي حدثت في نهاية سبتمبر من العام المنصرم.

وعلى الرغم من تأكيد الكثيرين، على أن السوق العقارية السعودية تعد واعدة واستثنائية وناجحة بدرجة كبيرة، غير أنهم لا يزالون يعيشون مرحلة ترقب، وذلك لما سينتج عن الأزمة المالية خارجيا، وانعكاسها على السوق المحلية، ولكنهم لا يخفون نظرتهم التفاؤلية حيال ما سيحدث داخل تلك السوق، من منطلق إيمانهم بمقولة إن «العقار يمرض، ولا يموت».

وقال مستشار عقاري إنه يوجد طلب حقيقي على الإسكان في السعودية، وذلك ناتج من المواطنين أنفسهم، في ظل وجود أكثر من 70 في المائة لا يملكون مساكنهم، مشيرا إلى أن عدد المساكن لا يوازي حجم الطلب، لا سيما أن هناك سيولة في أيدي رجال الأعمال والبنوك تحتاج إلى قنوات للاستثمار مثل سوق الأسهم، غير العقار تعد السوق الآمنة البديلة بعد ما حدث من تقلبات في الأسهم.

وأضاف خالد الجار الله المستشار في الاستثمار والتطوير العقاري أن العائد من السوق العقارية بطبيعة الحال سيكون أقل، مقارنة بسوق الأسهم، إلا أنه لا يعتبر سوق مخاطرة بالشكل الكبير، مضيفاً أن الأزمة العالمية أثرت على دول كثيرة كانت تطبق نظام الرهن العقاري، الذي بدأت مشاكله في الولايات المتحدة الأميركية، غير أن ذلك النظام أقر في السعودية ولم يطبّق، الأمر الذي جعل من عدم تطبيقه إحدى حسنات الأزمة التي جاءت في هذا الوقت.

وتوقع المستشار في الاستثمار والتطوير العقاري أن يؤثر انخفاض سعر البترول على سوق العقار، لما له من تأثير على مختلف القنوات الاقتصادية، بما فيها الدولة نفسها، لافتا إلى أن السوق قد يخلو من الهزات، غير أنه يعيش حالة ترقب لتأخذ الأمور بعد ذلك نصابها الطبيعي بحكم وجود الطلب.

وأوضح أنه في الوقت نفسه ستستفيد الشركات العقارية الجادة من الأزمة المالية التي ستعطيها فرصة للبروز والإنتاج، في ظل انخفاض أسعار البناء والعمالة والمقاولين، ما يضع أمامها نوعا من الخيارات والمنافسة لطرح جميع المشاريع، مؤكدا على أن السوق العقارية ستشهد العديد من الإيجابيات خلال عام 2009.

ولفت الجار الله إلى أن السعودية بدأت في استقطاب الشركات الأجنبية ورؤوس أموالها خلال السنتين الماضيتين، وذلك بغرض الاستثمار في مختلف الأنشطة، من ضمنها القطاع العقاري، إلا أن ما ستواجهه من مشكلة الآن ناتج عن وجود تلك الشركات خارجها، مُرْجِعًا سبب تضرر الشركات الأجنبية واستثماراتها إلى دخولها في سوق الأسهم ودوامة القروض، أو الاعتماد على تمويل البنوك التي تأثرت بالأزمة المالية العالمية.

واستبعد أن يكون سبب اعتذار عدد من الشركات الأجنبية عن تنفيذ المشاريع داخل السعودية هو عدم الالتزام في السوق المحلية، مبينا أن العائق يكمن في حضور الأجنبي بكافة إمكانياته وتضرره من الأزمة خارجيا، التي نتج عنها تجميد للمشاريع القديمة وإلغاء للجديدة منها.

إلى ذلك توقع الدكتور عبد الله المغلوث الخبير العقاري أن يشوب السوق العقارية خلال العام الحالي بعض الشوائب نتيجة تراجع الأزمة العالمية والتضخم وقلة السيولة، مما جعل معظم المستثمرين يعيدون صياغة استراتيجياتهم من خلال توزيع نقاط وفكرة الاستثمار العقاري بشكل واضح؛ ليعود عليهم بأرباح مجدية.

وقال لـ «الشرق الأوسط» إن الركود سيستمر خلال هذا العام، خصوصا أن بعض المستثمرين يرون أن التوجه في بناء وحدات سكنية هو الأفضل، الأمر الذي دفع العقاريين إلى بناء وحدات معقولة الثمن للفئات المتوسطة، مطالبا البنوك بضرورة مساعدة أصحاب الرواتب المعقولة في عمليات التمويل، من خلال وجود نظام التمويل العقاري بشكل صريح يساعد البنوك على طرح منتجات تمويلية جديدة يستفيد منها كافة شرائح المجتمع السعودي في تملك المساكن.

وأضاف أن تطبيق الأنظمة والتشريعات المرفوعة للنظام السامي سيساعد في تحريك السوق العقارية بالأساليب الحديثة، التي إن وجدت، فإنها ستسهم في وضع خطوط كبيرة لتملك المساكن.

وحول وضع عقود العقاريين في ظل انخفاض أسعار مواد البناء، أوضح المغلوث أن هناك معدل توازن يكسب السوق العقارية سمة الاستقرارية، وأضاف أن جميع العقود التي مضى عليها التوقيع أثناء ارتفاع أسعار مواد البناء ستسير كما هي عليه، بينما ستراعي العقود القادمة سوق مواد البناء والأراضي والمنتجات العقارية، كي تتلاءم مع احتياج المستثمر والمستفيد.

وطالب الباحث في الشؤون العقارية بضرورة وجود هيئة عليا للعقار، تقوم بدراسة تلك الأنظمة، بهدف حماية المقاول والمستثمر في ظل عدم وجود مرجعية عقارية خاصة، وغياب القوانين الصارمة التي تحمي حقوقهم، سواء أكانوا سعوديين أم أجانب، مؤكدا أن تلك الهيئة ستساعد على استقرار الاستثمار العقاري في السعودية.

وبالعودة إلى الجار الله، الذي أشار إلى وجود عقود مع المقاولين تم توقيعها قبل حدوث الأزمة المالية العالمية التي كانت سببا في ارتفاع أسعار الحديد آنذاك، الأمر الذي جعل الكثير من أصحاب المشاريع يعيدون حساباتهم مع المقاولين، أضاف أنه لا بد من وجود مرونة في التعامل، إذ إنه من الأولى الآن أن يتعامل تجار الحديد والمقاولون مع المستثمرين بالمثل، بعد أن انخفضت أسعار مواد البناء، وذلك من خلال المراجعة والتفاهم بطريقة تسهم إيجابيا في تنمية البلد.

وبيّن أن المعارض العقارية، بشكل عام، لها دور كبير في توفير الأرضية لإطلاع الناس على فرص البيع والشراء والتعلم والاحتكاك والخبرة، وجذب الأجانب للاطلاع على ما يحدث في السعودية، إضافة إلى لفت انتباه المسؤولين في القطاعات الحكومية والخاصة على ما هو موجود من أجل تكوين التحالفات، إلا أن الأهم هو تنظيم تلك المعارض على مستوى عال من الاحترافية والتقنية، وجلب الفئات والشركات التي من الممكن أن تضيف الكثير إلى مثل تلك الأحداث والمعارض.

من جانب أخر كشف المهندس طلال سمرقندي عضو اللجنة العقارية بالغرفة التجارية الصناعية في جدة ومدير عام مكتب الخطوط المعمارية عن اعتزامهم تنفيذ أربعة مشاريع ستسهم في تغيير واجهة مدينة جدة بقيمة ألفي مليون ريال سعودي.

وقال في حديث لـ «الشرق الأوسط» إن المشاريع الأربعة تتضمن برج المطلق بيزنس أفينيو في منطقة الكورنيش، بتكلفة تقدر بحوالي 800 مليون ريال (213 مليون دولار)، وارتفاع 81 طابقا، تم تخصيص 50طابقا منها لمكاتب، وطابق لنادٍ صحي متكامل، وطابق آخر لمطعم، بينما خصصت الطوابق السبعة الأخيرة لفندق بدرجة خمسة نجوم، إضافة إلى فيلا في سطح البرج.

وأشار إلى أن المشروع يستوعب حوالي 5 آلاف شخص، ومجهز بأكثر من 1000 موقف سيارة، لاستيعاب الحركة، وتفاديا لحدوث أي ازدحام مروري بالمنطقة. وأضاف أن المشروع الثاني يتمثل في بناء برج من 32 طابقا، نصفه سكني، والآخر تجاري، إضافة إلى مركز تجاري في الطابق الأرضي الذي سيكون أمام دوار التوحيد، بتكلفة 200 مليون ريال (53 مليون دولار).

فيما ذكر سمرقندي أن المشروع الثالث يعد علامة مميزة لمدينة جدة، والمتضمن برجا من 24 طابقا في شارع الأمير محمد بن عبد العزيز «التحلية سابقا» على شكل كتب متراصة فوق بعضها، لافتا إلى أنه يعتبر مبنى مكتبيا بالكامل، يستهدف المكتبات والتجار في تلك المنطقة.

وأضاف أن المشروع الرابع يتمثل في شركة أسمنت الجنوب بشارع فلسطين، بارتفاع 15 طابقا، حيث تم إقناع المسؤولين في الشركة بتغيير متطلباتهم، بعد أن كانوا يريدون إنشاءه من طابقين فقط، لافتا إلى أن تلك المشاريع سترى النور في غضون سنتين ونصف السنة.