لبنان: أسهم «سوليدير» لا تعبر عن حركتها العقارية و«سيتي غروب» تنصح بشرائها

انسحاب بعض المستثمرين الذين تعرضوا لبعض الخسائر أثر على الأسعار

TT

لم تفلح الأزمة العقارية العالمية ولا الأزمة المالية في إلحاق أذى كبير بمشروع «سوليدير» (تطوير وإعادة إعمار وسط بيروت التجاري)، الذي يشكل سوقا عقارية مصغرة، على درجة كبيرة من الفخامة في لبنان، وتكاد التأثيرات الخارجية تنحصر في انخفاض أسعار أسهم الشركة بفئتيها «أ» و«ب» ما بين دولارين وثلاثة دولارات منذ اندلاع الأزمة المالية العالمية (من نحو 17 دولارا للسهم في مطلع العام). مع الإشارة إلى أن السعر الذي سجل في عقب الإعلان عن «اتفاق الدوحة» (40 دولارا) لم يعد كونه رد فعل نفسي على اتفاق أنهى أزمة دامت سنوات.

وإذا كان العامل النفسي لم يغب عن التراجع النسبي في سعر السهم خلال الأشهر القليلة الماضية، فإن ثمة عاملا آخر ساهم في هذا التراجع، وهو انسحاب بعض المستثمرين الذين تعرضوا لبعض الخسائر في الخارج، إلا أن كل ذلك لم يؤد إلى وقف المشاريع القائمة في الوسط التجاري، البالغ عددها 23 مشروعا سكنيا مختلف الأحجام والأسعار، كما لم يؤد إلى وقف المشاريع الجديدة، مثل مشروع «بوابة بيروت» الضخم الذي يتولاه «بيت أبوظبي للاستثمار»، والمشروعين الفخمين اللذين تتولاهما شركة «بلاس بروبرتيز» وغيرهما من المشاريع ذات الاستثمارات المحلية والاغترابية والخليجية.

ولم يؤد أيضا إلى وقف الطلب على المساكن في المنطقة، وإن كان البعض يؤثر التريث على أمل إجراء تصحيح في الأسعار في ضوء تراجع أسعار المواد الأولية عالميا.

ولكن أسعار الشقق والأراضي في «سوليدير» لا تزال الأعلى في لبنان، حيث من الصعب العثور على شقة جديدة بأقل من مليون دولار، على أساس أن سعر المتر المربع الواحد من البناء يتراوح بين 5 آلاف و6 آلاف دولار، وسعر متر الأرض بين ألفي دولار و4 آلاف، علما أن الأراضي التي تمتلكها الشركة في الوسط بلغت 1.9 مليون متر مربع، ومساحات البناء نحو 4.7 ملايين متر مربع، لم يبق منها سوى 1.9 مليون متر مربع مطروحة للبيع، يتوقع بيعها بمعدل يتراوح بين 150 ألف متر مربع و200 ألف متر مربع سنويا، ما يعني أن الشركة يمكن أن تستمر في البيع طوال السنوات التي تتبقى لها قبل أن تعود إلى الدولة.

وتمثل المشاريع السكنية الجاري تنفيذها حاليا نحو 920 وحدة سكنية تبلغ مساحاتها نحو 400 ألف متر مربع، ويختلف الطلب بين مشروع وآخر، إلا أنه في الإجمال طلب طبيعي، وإن كان الطلب على الوحدات بالغة الفخامة تراجع بعض الشيء نتيجة الظروف المالية المستجدة عالميا وإقليميا، وربما في انتظار إعادة النظر إلى حد ما في الأسعار المطلوبة، كما فعل أحد المطورين العقاريين المحليين الذي استثمر عشرات ملايين الدولارات في شراء قطعة أرض كبيرة في «ميناء الحصن» (داخل سوليدير) على أساس بيع المتر المربع الواحد من البناء بـ3 آلاف دولار من دون الشرفات، ومع تسهيلات كبيرة في الدفع. وعلى الرغم من أن هذا المشروع لن يسلم إلى المشترين قبل عام 2013، فإنه بدأ يجذب المستثمرين الذين يسعون دوما وراء اصطياد الفرص الثمينة.

غير أن الواجهة البحرية لـ«سوليدير» التي اقتصر البناء فيها على الأبراج ذات الثلاثين طبقة لا تزال هي الأعلى سعرا والأكثر صمودا أمام التأثيرات الخارجية، بحيث وصل سعر المتر المربع فيها إلى 15 ألف دولار، ومساحة الشقة حتى 1800 متر مربع، وهي تجتذب المتمولين المحليين والمغتربين والنخبة السورية، وأثرياء الخليج.

وعلى خط ميناء الحصن، تقوم محلة «النورماندي» المطورة عقاريا، التي يتوقع لها بعد 10 إلى 15 عاما أن تصبح الحي الأفخم في بيروت، بالنظر إلى اعتماد تنظيم مدني مميز فيها، وما تمتاز به من مشهد رائع يجمع بين الحديقة العامة، والنزهات الساحلية، والشوارع العريضة، ومجموعة من الأبنية الفخمة العائدة للسكن والمكاتب والفنادق. وتحت تلة السراي الحكومية، تتهيأ محلة «وادي أبو جميل»، التي كانت تقطنها العائلات اليهودية قبل الحرب، لأن تكون حيا سكنيا بامتياز بطرقاتها الضيقة، وحدائقها، وفللها، ومجمعاتها السكنية التي تتوزع على ثلاث مقفلة، وسبعة أبنية مستقلة ومرتفعة، وفسحات خضراء، وأحجام مختلفة. ويكاد طالبو السكن في هذه المحلة ينحصرون في الشارين المحليين النخبويين الذين لا يتوانون عن دفع ما بين 5.5 و6 آلاف دولار ثمنا للمتر المربع من الوحدات السكنية.

وكما لم تتوقف مشاريع البناء داخل «سوليدير»، فإن المشاريع لم تتوقف أيضا في زواياها الأربع، وتحديدا في شارع فوش، و«صيفي فيلدج»، وساحة الشهداء، وجادة الحديقة، حيث تتراوح مساحة الشقة بين 200 و400 متر مربع.

وفي هذا الجو من تواصل الحركة العقارية في «سوليدير» نصحت مجموعة «سيتي غروب» الأميركية بشراء أسهم الشركة «على الرغم من جانب المخاطرة العالية فيها»، معتبرة أن السعر الفعلي للسهم هو 26 دولارا، استنادا إلى القيمة الدفترية لصافي الموجودات، من دون القيمة الإضافية الآتية من الأعمال الدولية للشركة. وعزت المجموعة عوامل القوة التي تدعم خيار شراء سهم «سوليدير» إلى مضاعفة المساحات العقارية المباعة بين عامي 2005 و2008، وإلى وجود عقارات استثمارية تدر قيمة تأجيرية سنوية ثابتة، وإلى ارتفاع أسعار الأراضي إلى نحو 3 آلاف دولار للمتر المربع الواحد في الوسط، ونحو 4500 دولار للمتر على الواجهة البحرية. كما أن وجود «سوليدير» كمطور وحيد في منطقة غاية في الأهمية في لبنان يعتبر عاملا مساعدا أيضا في اكتساب سهم الشركة جاذبية إضافية، فضلا عن توافر فوائض مالية لدى الشركة.

ولم تغفل «سيتي غروب» عوامل المخاطرة، مثل تكرار الخلافات السياسية الحادة المترافقة مع توترات أمنية، والانتخابات النيابية المقبلة وما قد يرافقها من أحداث أمنية مقلقة، بالإضافة إلى الأزمة الائتمانية التي قد تنعكس سلبا على شركات التطوير العقاري، مما قد يعوق مساعيها لشراء الأراضي في «سوليدير» أو الوفاء بتسديد أقساط مستحقة للشركة. أما المخاطر على المستوى الإداري فقد حصرتها «سيتي غروب» بـ «سوليدير انترناشونال» التي تتعرض عملياتها للمخاطر نفسها التي يتعرض لها المطورون الداخلون حديثا «إلى سوق جديدة، مثل اختيار الشركاء المحليين والتأقلم مع القوانين المعمول بها. ورأت «سيتي غروب» في ختام تقريرها، أن سلسلة المخاطر المحلية والخارجية ربما تعوق وصول السهم إلى السعر المستهدف عند 26 دولارا.