المستثمرون الأجانب يرون فرصا ذهبية في المنتجعات النمساوية

بعد تخفيف القوانين التي حالت تاريخيا دون امتلاك الأجانب للعقارات داخل البلاد

تُوفر المنتجعات النمساوية فرص استثمار ثمينة للمستتمرين الاجانب («نيويورك تايمز»)
TT

على مدار الأعوام الأخيرة، خفف العديد من المحافظات النمساوية من القوانين التي حالت تاريخيا دون امتلاك الأجانب للعقارات والملاك داخل البلاد، بينما ما زالت بعض المناطق - ومنها تيرول - تجعل من المستحيل على المشترين الأجانب شراء ولو منزلا لقضاء إجازة فيه. ويقول مسؤولو الصناعة العقارية إن تلك القيود هي التي حافظت على انخفاض الأسعار في سوق عقارات العطلات بالبلاد. وأن تلك الأسعار هي التي تجذب الآن المشترين.

ويقول جيرمي رولاسون - المدير الإداري في ألبين هومز، والزميل لدى وكلاء العقارات البريطانية سافيلز، التي لديها مكاتب وفروع في لندن، والألب: «نظرا إلى أن النمسا لم تشهد مستوى تاريخيا من الطلب على منازل قضاء العطلات كما هو الحال في فرنسا، وسويسرا، فإن أسعار العقارات هناك تعتبر منافسة إلى حد بعيد». ومثال على ذلك، تتراوح أسعار البيع في محافظة سالزبيرغ لاند، التي تضم مدينة ساليزبيرغ المعروفة، من 2000-3000 يورو للمتر المربع (أي من 241- 362 دولارا للقدم المربع)، كما يمكن بيع منازل عالية الجودة والتقنية بنحو 4000 يورو. وفي المقابل، يمكن بيع المنازل في منتجعات ألبين الفرنسية الشهيرة بأسعار تتراوح ما بين 8000-12000 يورو للمتر المربع، وذلك حسبما أفادت سافيلز ريسيرش. وطبقا لرولاسون، تتركز في سالزبيرغ لاند الكثير من أنشطة هذه السوق، والمشروعات الجديدة. ومن المعروف أن النمساويين يفخرون بسالزبيرغ، التي طالما جذبت الزائرين إليها من كل حدب وصوب، ويعرض فيلم «ذا ساوند أوف ميوزيك» (صوت الموسيقى)، سحر سالزبيرغ لهواة مشاهدة الأفلام. وهناك وُلد موتسارت، ويبدو الأمر كما لو أن ألحان موسيقاه ما زالت تتنقل في شوارع المدينة المعقدة، والمنازل الأنيقة المطلية باللون الأصفر. ويقول غاي تايلور- المطور بشركة أوستيريان شاليه، وهي شركة مقرها بريطانيا: «هناك أعداد هائلة من الرحلات الجوية من وإلى سالزبيرغ، لا سيما خلال موسم التزلج، كما توجد أيضا شبكة قطارات كبيرة تأخذك إلى قلب القرية، ومن ثم لا يتعين عليك القلق من تأجير سيارة، خاصة إن كنت موجودا هناك بمفردك لقضاء عطلة نهاية الأسبوع». وبالفعل، يوجد لدى تايلور عميلان إنجليزيان- أنغوس إدويز 35 عاما، ويعمل مستشارا للتوظيف، وزوجته سوزي 31 عاما، وتعمل طبيبة أسنان، وهي من مانشيستر- وكلاهما عميلان أجنبيان جذبهما سحر النمسا. وفي عام 2006، دفع إدويز 105,000 يورو لشراء شقة مكونة من غرفتي نوم في مشروع أوستيريان شاليه التطويري بمدينة روريس، في قلب منطقة ساليزبيرغ لاند. ويقول إدويز: «إننا من عشاق التزلج والرياضات، لذا رغبنا في شراء منزل آخر يوجد بمكان به قدر كبير من الأنشطة الخارجية. وفي البداية، تطلعنا إلى الشراء في كندا، إلا أننا تخلينا عن الفكرة بسب المسافة، لذا اتجهت أنظارنا نحو النمسا». كما راق الجانب الاستثماري الزوجين أيضا، حيث أضاف إدويز: «في ذروة الموسم السياحي- في فبراير ومارس- نعمد على تأجير شقتنا في روريس بنحو 850 يورو في الأسبوع. أما في باقي المواسم الأخرى، فنؤجرها بنصف هذا المبلغ». وحفزت تلك العوائد الزوجين إدويز على شراء شقة ثانية، على سبيل الاستثمار فقط، في منتجع ألبين سي ماونتن التابع لشركة أوستيريان شاليه، ويوجد المنتجع بمدينة سيل أم زيه التاريخية المطلة على البحيرة، بساليزبيرغ لاند. ومن المقرر أن ينتهي من المشروع المكون من 39 شقة بمساحات مختلفة تضم ما بين غرفتين، وثلاث، وأربع غرف نوم في شهر أكتوبر (تشرين الأول)، ويبعد المشروع 30 مترا فقط عن المياه (أي أقل من 100 متر) عن البحيرة. وتبدأ الأسعار هناك من 180,000 يورو للوحدة المكونة من غرفتي نوم. ويعتقد تايلور أن كل المشترين في مشروعه بالنمسا من المستثمرين، ويرجع هذا جزئيا إلى طول موسم تأجير العقارات بالبلاد- فالنمسا ثاني أكثر الدول الأوربية التي يقصدها الزائرون لممارسة رياضة التزلج، كما أن موسم الصيف بها يتسم بالقوة هو الآخر. وأردف قائلا: «بعت العديد من الشقق إلى مستثمرين و3 شقق لأناس من الساحل الشرقي بالولايات المتحدة الأميركية. فلا أحد من الأميركيين يتطلع إلى الدفع من أجل التملك، وهم يشترون من أجل عوائد الإيجار».

وتابع: «في النمسا، تدور اتفاقات التأجير المضمونة بنحو 5% من سعر الشراء، فيما تساوي في فرنسا 2.8 فقط».

وأردف تايلور أن هذه الزيادة تروق للمستثمرين، وبناء عليه، فقد تدبر نموذجا استثماريا في منتجعه الأخير يضمن الحصول على صافي ربح قدره 6.1% سنويا. ويقع المنتجع في كابرون- وهي قرية صغيرة بمنطقة سيل أم زيه، عند سفح جبل كتزستينهورن غلاسير، والمشهور بإمكانية التزلج عليه طوال السنة. وهناك مشروع آخر مكون من 39 شقة، ومن المقرر الانتهاء منه أيضا في وقت لاحق من هذا العام، وتتراوح أسعاره بدءا من 99,000 يورو للشقة الاستوديو، وحتى 590,000 يورو للشقة المكونة من 4 غرف للنوم، وأربع حمامات. وحسبما أفاد تايلور، ففي وادي المنتجعات مثل الذي في روريس وكابرون، ارتفعت أسعار المنتجعات لتصل إلى 6.5% في الفترة ما بين يناير (كانون الثاني)، وأكتوبر (تشرين الأول) 2008، في الوقت الذي كانت أسعار العقارات تتهادى بجميع أنحاء العالم. وأظهرت الأرقام الرسمية التي كشفت عنها الغرفة الاقتصادية في سالزبيرغ أن الارتفاع بلغ العام الماضي ما بين 4.5-5%، على حسب مكان العقار، ومن المتوقع أن تصل زيادة هذا العام إلى 3%. وتتجلى دفعة جديدة للمخزون الإسكاني بالمنطقة في ظهور المنتجعات السكنية عالية التقنية التي ترضي بدورها أذواق المشترين، مثل كلاب هوتل هنترثال التابع لشركة العقارات الفاخرة لا بيرلا إنترناشيونال ليفنغ. ويبعد المنتجع على مسافة ساعة بالسيارة من سالزبيرغ، ويوجد في جبال غز وينترريتش، بجانب نهري غروسغلوكنر وكيتزستينهورن الجليديين الشهيرين.

ويعرض كلاب هنترثال- والمتضمن ترميم الفندق التاريخي إلى 12 شقة وتقسيم 16 أرضا سكنية بجوار البحيرة - مطعما فاخرا وناديا صحيا، بالإضافة إلى خدمات التأجير الأخرى. وتم تسويق المشروع العقاري- الذي كان ظهوره الأول مع نهاية عام 2006- بأسعار تتراوح ما بين 250,000 يورو إلى مليون يورو. وبيعت الوحدات جميعها، رغم إعادة عرض شقتين مرة أخرى في السوق بـ442,000، و645,000 يورو. ويقول مارتن فين- مدير لا بيرلا إنترناشيونال ليفنغ في النمسا: «جذب المشروع المشترين من هولندا، وألمانيا، وإسبانيا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة».

ونتيجة لهذا، أعلنت لا بيرلا هذا الربيع أنها ستشرع في بيع 35 وحدة إضافية، سيتم بناؤها بالقرب من كلاب هنترثال، وستشاركها في الخدمات التي توفرها. وسيبدأ إنشاء شقق وشاليهات بمساحات معيشية تتراوح ما بين 75-130 مترا مربعا، وستتكلف فيما بين 350,000-450,000 يورو خلال الصيف. ونرى من بين المشروعات العقارية الأخرى بالمنطقة ومنها إيدل: ويز ريزيدانسز، والمتصل بالنادي الصحي التابع لهوتل كريستالو في منتجع كاتسشبيرغ للتزلج، ومنتجع غاستين، على قرية النادي الصحي التاريخية في باد غاستين.

إيدل: تم تصميم ويز ريزيدانس على يد المهندس ماتيو ثان، ويضم المشروع 80 شقة بمساحات تبدأ من 45 مترا مربعا، وحتى 100 متر مربعة، وبأسعار تتراوح ما بين 230,000- 517,000 يورو. ويمكن بيع العقارات على أساس الملكية المطلقة أو عبر اتفاق اقتسام العائد، ويتم ذلك عبر اقتسام عائد التأجير عبر مدفوعات سنوية من المتوقع أن تتراوح ما بين 3-4% من سعر البيع. ويتكون منتجع غاستين - المتاخم لملعب غولف باد غاستين الذي يضم 18 حفرة - من 19 مبنى على هيئة شاليه، تضم في المجمل 136 شقة. ومن المتوقع أن يتم الانتهاء من المرحلة الأولى للبناء مع حلول هذا الربيع. وتبدأ الأسعار من 257,000 يورو.

*خدمة «نيويورك تايمز»