تقرير: مونتي كارلو أغلى مدينة في العالم.. والقاهرة أرخصها

اعتمد في تصنيفه على معدل سعر المتر المربع في الشقق

TT

مدينة مونتي كارلو أغلى المناطق العقارية السكنية في العالم للسنة الثانية على التوالي. هذا ما أكدته آخر التقارير السنوية لمؤسسة «غلوبال بروبارتي غايد» (Global Property Guide) المعروفة في عالم العقارات الدولي وأسعار الأسواق. ويبدو أن قلة المتوفر في الأسواق أو المساحات الصالحة للاستثمار السكني وندرة الضرائب والحياة الليلية والترفيهية المعروفة ونوعية هذه الحياة المترفة من الأسباب العديدة التي وضعت المدينة الجميلة في إمارة موناكو الأوروبية المعروفة، على رأس لائحة أغلى المناطق في العالم، إذ وصل سعر المتر المربع في بعض المناطق إلى حوالي 45.57 ألف دولار (4 آلاف دولار للقدم المربع)، أي ضعف معدل سعر المتر المربع في وسط العاصمة الروسية موسكو، التي تأتي في المرتبة الثانية حول العالم من ناحية غلاء الأسعار في قطاع العقارات السكنية، حيث يصل معدل سعر المتر المربع فيها إلى حوالي 20.85 ألف دولار (1937 دولار للقدم المربع). ويقول ماثيو مونتاغو – بولوك، عن مؤسسة «غلوبال» وأحد الذين وضعوا التقرير والبحث الأخير، في محاولة لتفسير موقع المدينة العقاري الهام، إن «المدينة للأغنياء وهي صغيرة وكثيفة»، أضف إلى ذلك بالطبع الإعفاء الضريبي. ويبدو أن موسكو قد حسنت وضعها على اللائحة من الثالثة العام الماضي (2008) إلى الثانية هذا العام مدعومة بالنمو الاقتصادي بشكل عام وارتفاع أسعار النفط ومشتقاته في الفترة الأخيرة، فضلا عن ارتفاع أسعار العقارات السكنية خلال النصف الأول من العام الماضي. وقد تراجعت مكانة مدينة نيويورك من الثانية إلى السادسة بسبب أزمة الائتمان الدولية، وما يحدث في الولايات المتحدة حاليا، ووصل سعر المتر المربع في بعض مناطقها إلى حوالي 15 ألف دولار. وفي الدرجة الثالثة بعد موسكو جاءت مدينة لندن وخصوصا وسطها التجاري والمالي والمناطق الغنية في وست منستر وغيرها، حيث وصل سعر المتر المربع إلى حوالي 20.7 ألف دولار ( 1928 للقدم المربع ). ويبدو اقتراب موسكو من العاصمة البريطانية واضحا، إذ إن التراجع الحاد في الأسعار بدأ في لندن قبل أكثر من سنة، بينما لم يبدأ هذا التراجع في موسكو قبل النصف الثاني من العام الماضي. ومع هذا يشهد البلدان (روسيا وبريطانيا) تراجعا في قيمة العملة الوطنية في الفترة الأخيرة.

وجاءت العاصمة اليابانية طوكيو في المرتبة الرابعة، إذ وصل معدل سعر المتر المربع في بعض مناطقها إلى حوالي 17.9 ألف دولار، وجاءت بعدها هونغ كونغ بسعر 16.1 ألف دولار للمتر المربع الواحد. ثم نيويورك كما سبق وذكرنا في المرتبة السادسة. أما المرتبة السابعة فقد كانت من حصة العاصمة الفرنسية باريس بسعر 12 ألف دولار للمتر المربع، تلاها ثامنا سنغافورة بسعر 9.7 ألف دولار للمتر المربع. وجاءت العاصمة الإيطالية روما في المرتبة التاسعة بسعر 9.166 ألف دولار للمتر المربع، ثم مومباي في الهند بسعر 9.163 ألف دولار فقط.

لكن بإمكان المستثمرين العقاريين الدوليين انتقاء الكثير من المناطق والمدن حول العالم من الشرق الأوسط إلى آسيا وأميركا اللاتينية، حيث يمكن العثور على أرخص الأسعار. ولا بد من التوضيح هنا بأن بحث وتقرير مؤسسة غلوبال يعتمدان على معدل سعر المتر المربع في الشقق الممتازة التي تصل مساحتها إلى 120 مترا مربعا. ويقول تقرير «غلوبال» بشأن أرخص المناطق العقارية السكنية في العالم إن العاصمة المصرية القاهرة على رأس اللائحة، بسعر 574 دولار للمتر المربع. وتضم لائحة أرخص عشر مناطق سكنية في العالم أيضا العاصمة الأردنية عمان من الشرق الأوسط، حيث يصل معدل سعر المتر المربع إلى 1.1 ألف دولار فقط. ويبدو من اللائحة أن المدن الآسيوية موجودة كلها في بلدان كبيرة ومكتظة بالسكان، مثل بانغالور في الهند (في المرتبة الثانية - 657 دولارا)، وشينغدو في الصين (في المرتبة الخامسة -999 دولارا)، وجاكارتا في إندونيسيا (في المرتبة السابعة - 1.1 ألف دولار). ومع هذا يقول التقرير إن شينغدو لا تزال من المناطق الاقتصادية والصناعية الهامة في الصين، بالرغم من الهزة الأرضية التي ضربتها العام الماضي، وأن التغيرات والتطورات الاقتصادية الإيجابية في إندونيسيا خلال السنوات القليلة الماضية تشير إلى نمو اقتصادي مستقر. وضمن لائحة أرخص عشر مناطق أيضا خمس مدن لاتينية أميركية، وعلى رأسها مدينتا كونسابسيون (669 دولارا) وسانتياغو (1.2 ألف دولار) في تشيلي، وبعدها كويتو (820 دولارا) في الإكوادور، وماناغوا(1.080 ألف دولار) في نيكاراغوا، وليما (1.154 ألف دولار) في البيرو. ومن المفارقات العقارية الهامة أن معظم هذه المدن الهامة في أميركا اللاتينية، تتمتع بعائدات ممتازة على صعيد الإيجار وقطاعه كما تشير الأرقام والمعلومات الأخيرة. ويشير تقرير «غلوبال» إلى أن عائدات الإيجار الربحية في القارة الأوروبية تحت معدل الـ 5 في المائة مما يشير إلى تضخم في الأسعار في بعض المدن. ووصلت نسبة العائدات إلى أقل من 4 في المائة في كل من ميونخ في ألمانيا، وبرشلونة ومدريد في إسبانيا، وروما في إيطاليا، ونيقوسيا في قبرص. والأسوأ أوروبيا كما يبدو من التقرير هي اندورا بأقل من 3 في المائة ( 2.2 في المائة) والعاصمة اليونانية أثينا ابيضا بنسبة 2.7 في المائة. أما في العواصم الرئيسية والمناطق العقارية الهامة كبروكسل في بلجيكا وطوكيو في اليابان وبرلين في ألمانيا وموسكو في روسيا وكوبنهاغن في الدنمارك ووارسو في بولندا ونيويورك في الولايات المتحدة وشنغهاي في الصين وجنيف في سويسرا، فإن معدل العائدات تراوح بين 4 و 5 في المائة خلال العام الماضي. كما أن العائدات الاستثمارية في قطاع الإيجار في الكثير من المناطق والمدن الآسيوية لا يزال منخفضا، بالنسبة إلى بقية المناطق حول العالم. ومن هذه المناطق سنغافورة وهونغ كونغ وكل من مومباي ودلهي وبانغالور في الهند.

وحسب الأرقام الأخيرة، فإن هناك ست مدن فقط، تتمتع بنسبة عائدات ربحية في قطاع الإيجار تتعدى الـ 10 في المائة - من لائحة أفضل عشر مناطق حول العالم. ويبدو أن تشيسنوا عاصمة مالدوفا تأتي على رأس لائحة المناطق والمدن التي تتمتع بعائدات ممتازة في هذا الإطار. ووصل معدل أو نسبة العائدات الربحية في بعض المناطق إلى 14.1 في المائة. وجاء في المرتبة الثانية أيضا العاصمة المصرية القاهرة بنسبة 12 في المائة ثم جاكارتا في إندونيسيا بنسبة 11.27 في المائة ومانيلا في الفلبين بنسبة 10.9 في المائة وسكوبيا عاصمة مقدونيا بنسبة 10.11 في المائة وليما في البيرو بنسبة 10.09 في المائة. وفي أميركا اللاتينية، هناك الكثير من المناطق والمدن التي تدر عائدات ربحية ممتازة في قطاع الإيجار (بين 8 و 10 في المائة) ومنها مدينة بنما (بنما) وبوغوتا (كولومبيا) ومناغوا (نيكاراغوا) وسنتياغو (تشيلي) و بيونس ايريس (الأرجنتين) وكويتو (الإكوادور). وارتفعت عائدات الإيجار أيضا في كل من كوالالمبور في ماليزيا والعاصمة الأردنية عمان لتتعدي الـ9 في المائة. ويشير تقرير غلوبال الهام في خلاصته حول أغلى الأسعار وأرخصها حول العالم، إن الطفرة التي شهدتها الأسواق العقارية حول العالم في السنوات القليلة الماضية وقبل أزمة الائتمان، لا تتوافق مع النظرة التقليدية القائلة بأن أسواق العقار تتأثر بعواملها الداخلية. إذ إن السهولة في نقل الأموال ورخص كلفة القروض حول العالم سهلت على الكثير من الناس ومنحتهم فرصة الاستثمار في أي دولة يرغبون، وخصوصا بعد أن حررت الكثير من الدول الأوروبية والشرق أوسطية والآسيوية أسواقها وفتحتها أمام المستثمرين الأجانب بشكل لم يسبق له مثيل في تاريخ الأسواق.

التغييرات الكثيرة التي طرأت على حال الأسواق الدولية رفعت من حجم الاستثمارات في قطاعات العقار المختلفة تجاريا وسكنيا وترفيهيا وغيره، مما ساعد على خلق الطفرة التي شهدها العالم قبل أزمة الائتمان التي أدت إليها كارثة القروض العقارية الثانوية في الولايات المتحدة. ومن جهة أخرى، أكدت التقارير الأخيرة أن عدد الاستفسارات والطلبات على العقارات الفاخرة التي يتعدى سعرها الـ2 مليون جنيه إسترليني (3 مليون دولار تقريبا) في جنوب شرق إنجلترا ارتفع في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، بنسبة 80 في المائة عما كان عليه في نفس الفترة من العام الماضي (2008).

وأكدت مؤسسة «نايت فرانك» في تقرير أخير لها، أن الاهتمام بالمنازل والعقارات الريفية في جنوب إنجلترا وبسبب تراجع قيمة الجنيه الإسترليني والأسعار بشكل عام وتراجع قيمة الفائدة العامة، ارتفع بنسبة 25 في المائة الشهر الماضي، بالنسبة لما كان عليه في نفس الفترة من العام الماضي. ويعتبر اندرو شيرلي من المؤسسة، أن هذا التطور إيجابي لكنه لا يصل إلى وضع يمكن القول معه إن التعافي في الأسواق قد بدأ، لكن يمكن القول إن البداية هذا العام ليست سيئة ومشجعة.

ويقول شيرلي في هذا الإطار «أسعار العقارات تراجعت بشكل كبير وأصبح المشترون أكثر واقعية من قبل، ومعدل الفائدة في أدنى حد له، وهناك الكثير من القروض العقارية المغرية في السوق، لذا فلو كان هناك من يفكر بالشراء فهذا الوقت هو الوقت المناسب. ويبدو أن كثيرا من الزبائن والمهتمين الباحثين عن العقارات التقليدية في جنوب إنجلترا لقلتها وندرتها يتخوفون من فوات فرصة رخص الأسعار ويحاولون الحصول على منزل أحلامهم. كما يتنافس هؤلاء مع كثير من المستثمرين الأوروبيين والشرق أوسطيين الذين يرغبون في استغلال فرصة تراجع قيمة الجنيه الإسترليني، أمام اليورو، ورخص الأسعار بشكل عام. وقد سجل ارتفاع كبير في عدد المستثمرين من الشرق الأوسط وخصوصا دول الخليج العربي الباحثين عن فرص عقارية ممتازة في زمن الركود والتراجع.

كما يشير تقرير مؤسسة نايت فرانك المعروفة إلى أن الأفراد أو المستثمرين الذين باعوا عقاراتهم ليستأجروا من معدل الفائدة على أسعارها بدأوا يتحركون حاليا في الأسواق ويبحثون عن فرص ممتازة ورخيصة في القطاعات العقارية المختلفة. كما بدأ عدد المستثمرين الذين انتقلوا من الاستثمار في الأسواق المالية والأسهم إلى الأسواق العقارية بالارتفاع والتحرك في الأسواق. وقد تراجعت الثقة في الأسواق المالية الدولية في الفترة الأخيرة بعد الانهيارات المتتالية والكارثة التي تعرض لها قطاع البنوك في كثير من دول العالم، وأصبح البعض يفضل مخاطر أسواق العقار على مخاطر غيرها من الأسواق كما حصل في بعض دول الخليج العربي قبل سنوات.