تضارب التوقعات يربك توجهات المشترين والمستثمرين في سوق العقار الأردني

هدوء مشوب بالحذر وتفاؤل بانتعاش السوق في الربع الأخير من العام الحالي

استمرار أزمة العقار في الأردن لن تقتصر أضراره على قطاع العقار وحده بل ستمتد لتصل إلى أكثر من 25 قطاعا مساندا له (رويترز)
TT

ترى مدير عام شركة «لايم لايت» الدولية ديالا مولا، أن الأزمة الاقتصادية العالمية وضعف القوة الشرائية وتحفظ البنوك، لم تعد السبب في تباطؤ حركة العقار في الأردن، بل عمقت حالة الترقب ومضمونها تضارب التوقعات حول أسعار العقار نزولا أو صعودا.

وتؤكد مولا، وهي خبيرة في مجال تسويق العقار، أن ابتعاد المواطن أو المستثمر العربي والأجنبي عن الاستثمار في الأسواق المالية والأسهم خلال العام الحالي، نتيجة حالة الترقب والخوف من المجهول بعد أن مُنيت البورصات العالمية والعربية بخسائر كبيرة، مما سيضطر هؤلاء إلى التوجه إلى الاستثمار في القطاع العقاري الذي بات في حالة انكماش منذ أواخر العام الماضي، معربة عن تفاؤلها بأن قطاع العقار في الأردن سيبدأ بالانتعاش في الربع الأخير من العام الحالي، بعد أن تكون الحالة التصحيحية للأسعار قد استقرت.

وترى مولا لـ«لشرق الأوسط» أن على الشركات العقارية تبنّي سياسات تسويقية شفافة مع الجمهور، والتواصل معهم بصورة دورية في ما يتعلق بمشاريعهم، تجنبا للشائعات السلبية التي يتناقلها المواطنون، ولتعزيز الثقة بالاقتصاد وقطاع العقار بشكل خاص.

وعزز حديث مولا النتائج التي أعلنتها بعض الشركات العقارية عن أرباحها المتواضعة أو الخسائر التي مُني بها بعض هذه الشركات، مما اضطر الحكومة الأردنية إلى شراء بعض الشركات المتعثرة عبر صناديقها الاستثمارية.

واعتبر رئيس جمعية مستثمري قطاع الإسكان زهير العمري أن الأخبار التي تناقلها الكثيرون تسير باتجاهين مختلفين، فهناك من يقول إن الأسعار في طريقها للانخفاض، وآخرون يرون أنها سترتفع لمستويات قياسية، وهو الأمر الذي أدى إلى إرباك المواطنين بشكل أكبر.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن استمرار أزمة العقار في الأردن لن تقتصر أضراره على قطاع العقار وحده، بل ستمتد لتصل إلى أكثر من 25 قطاعا مساندا لقطاع العقار، وسوف تؤدي إلى نقص في المعروض مما يزيد من مشكلة السكن في الأردن، وبخاصة بعد تأخر صدور قانون المالكين والمستأجرين، وقال إن الشقق ذات المساحات الصغيرة أكثر بيعا في هذه الفترة من السنوات السابقة، التي تبلغ مساحتها 120 مترا، لأنها تتناسب مع أوضاع المشترين.

وأكد العمري أن حاجة الأردن السنوية من المساكن 40 ألف وحدة، إلا أنه لم ينتج خلال العام الماضي أقل من 50 بالمائة من المطلوب، وذلك بسبب ارتفاع مواد البناء، مشيرا إلى أن الإنتاج في العام الحالي لن يتعدى 18 ألف وحدة سكنية، بسبب وقف التمويل من البنوك وارتفاع أسعار الفائدة التي تصل إلى 10 في المائة، وقلة البرامج التمويلية حيث إن البنوك تمنح في العادة التمويل من 12 إلى 20 عاما، إضافة إلى رسوم نقل الملكية البالغة 10 في المائة.

ويرى مستثمرون ومالكو شركات عقارية أن تأخر البنوك في منح القروض السكنية للمواطنين يعزز المخاوف من أن سوق العقار غير آمنة أو في طريقها للانهيار في الفترة الحالية، واستمرار تشددها في منح القروض سيضر بالاقتصاد الوطني بشكل عام، حسبما ذكر العمري.

وطالب العمري الحكومة بضرورة التدخل السريع لوضع خطة وآلية تستطيع من خلالها تسهيل حصول المواطن على قروض طويلة الأجل تصل إلى 30 عاما مما يجعل القسط الشهري أقل من إيجار البيت، وبالتنسيق مع البنوك من أجل تحفيز المواطنين على الاستثمار في العقار وتخفيض رسوم نقل الملكية وتخفيض سعر الفائدة البنكية.

كما دعوا البنك المركزي إلى التوقف عن امتصاص سيولة البنوك من خلال طرح سندات للخزينة مما يجعل البنوك تذهب لشراء السندات وذلك لخوف البنوك من الشائعات التي تسيطر على أذهان المواطنين.

وأشاروا إلى إن أغلب المستثمرين حصلوا على قروض وتسهيلات من البنوك بضمان العقارات، مما سوف يصعب عليهم السداد في المواعيد المحددة لها إذا ما استمرت البنوك في التشدد في منح القروض التي تساعد المواطنين في شراء العقارات، وهو ما يؤدي إلى تنشيط السوق.

ويقول بدر الدين محمد إنه فضل الاستئجار على الشراء حاليا، بسبب ما تردد مؤخرا عن هبوط حاد وقريب في أسعار العقار، وعندها سيستفيد من فرق السعر خلال فترة بسيطة.

ويخالفه محمود خليل بالقول إن أفضل وقت للشراء هو الآن بسبب انخفاض أسعار النفط عالميا ومحليا، مشيرا إلى أنه في حال عادت الأسعار إلى الارتفاع كما كانت في السابق، فسترتفع أسعار مواد البناء وأجور النقل، مما سيؤدي إلى ارتفاع سعر العقار، وهذا هو المتوقع.

ويرى عبد الفتاح الخطيب أن أسواق العقار بدأت في الانهيار في أنحاء العالم كافة، وهي تشهد هبوطا في الأسعار في ظل الأزمة المالية وعدم توفر السيولة لشراء العقارات عند المواطنين، وفي هذه الحالة على الأردن أن يتوقع هبوطا حادا في أسعار العقار خلال الفترة المقبلة و على المدى القصير.

ومن جهته يقول سامر محمود (خبير في مجال الإسكان) إن الأزمة المالية لم تؤثر على القطاع العقاري بقدر ما أثرت عليه الإشاعات والتوقعات التي تتحدث عن انخفاض قريب في أسعار بيع العقار، مما جعل البنوك تقلل من القروض، داعيا المواطنين إلى التفكير بعقلانية وبأسلوب علمي يستند إلى دراسة الواقع لا الاعتماد على الفرضيات الخيالية.

وقد ترددت الأنباء عن تأجيل مشاريع عقارية في الأردن بما يزيد عن 3 مليارات دولار، فيما تردد أن يشهد القطاع العقاري مزيدا من التأجيل للمشاريع طوال عام 2009، وتشمل المشاريع، التي سيتم تأجيلها وتعود ملكيتها إلى مستثمرين أردنيين وعرب، أبراجا ومدنا سكنية في عمان والعقبة، وذلك بسبب عدم توفر سيولة نقدية، وتشدد البنوك في التسهيلات، إضافة إلى عجز بعض الشركات عن سداد التزاماتها تجاه البنوك، وسط ترقّب لخطة التحفيز الحكومية الخاصة بقطاع العقار.