السعودية: «الركود» يدفع أسعار العقارات نحو الانخفاض

شركة أميركية تتوقع انخفاض مبيعات المنازل الجديدة خلال عامين

يتوقع أن تنخفض مبيعات المنازل الجديدة في السعودية خلال العامين المقبلين نتيجة الركود في تداولات العقار (تصوير: خالد الخميس)
TT

توقعت شركة أميركية انخفاض مبيعات المنازل الجديدة بشكل معتدل خلال العامين المقبلين في السعودية، بشكل وصفته بالمعتدل، مشيرة إلى أن المبيعات سترتد بعد ذلك إلى مستويات أعلى.

وقالت شركة كلايتون الأميركية العاملة في قطاع خدمات الرهن العقاري، إنه على الرغم من الأسس الاقتصادية القوية للاقتصاد السعودي فإن مبيعات المنازل ستنخفض، مرجعة أسباب الانخفاض المؤقت إلى توقعاتها بأن البنوك السعودية ستكون حذرة خلال المدى القريب والمتوسط فيما يتعلق بتمويل شراء المنازل، على الرغم من الخطوات التي اتخذتها مؤسسة النقد لتخفيض معدل الفائدة وضخ المزيد من السيولة في النظام المصرفي.

وأضافت الشركة في دراساتها لشركة التمويل العقاري في السعودية التي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها أن تمويل المشاريع السكنية الجديدة سيكون أكثر صعوبة وكلفة مما سيسهم في تباطؤ عمليات بناء المساكن الجديدة.

وأشارت الشركة الأميركية إلى أن الذين دخلوا مؤخراً في السوق من غير البنوك سيتعرضون لضغط كبير جداً لإيجاد مصادر تمويل بديلة لعمليات إنشاء القروض العقارية لديهم.

وتشهد السعودية في الوقت الحالي ركوداً في مبيعات المنازل الجديدة، في ظل ترقب الكثير من الراغبين في شراء المنازل لانخفاض الأسعار بشكل كبير، ويدعم ذلك توقف عمليات البيع حسب ما أورده عقاريون لـ«الشرق الأوسط»، وهو الناتج عن حالة الترقب في السوق العقارية السعودية.

وقال عقاريون إن الركود يسبب ضغطاً على الأسعار بشكل كبير، بالإضافة إلى عوامل أخرى، كالحاجة إلى السيولة، مما يضطر ملاك العقارات الحاصلين على تمويلات من بنوك بضمانات عقارية إلى بيع العقارات لتسديد القروض، إلا أنهم ذكروا أن ذلك النموذج ينطبق على العقارات الكبيرة والضخمة، في حين أن مبيعات المنازل الجديدة قد تستجيب للضغط في حالة حاجة ملاكها إلى السيولة.

وأكد العقاريون أن ملاك المنازل الجديدة قد يرضخون إلى خفض الأسعار بسبب الركود، إلا أن يسعوا للتصدي للضغوطات السوقية لخفض الأسعار، بحجة أنهم عملوا على بناء منازلهم في السنوات الماضية، التي شهدت ارتفاعاً في أسعار مواد البناء الأولية، مما قد يتسبب في خسائر لهم إذا تم بيعها بأسعار أقل من تكلفتها.

من جهته أوضح سلمان بن سعيدان رئيس مجموعة سلمان بن سعيدان العقارية، أن الانخفاض في أسعار العقارات يعتبر مألوفا في الدورة الاقتصادية العقارية، مثل أي قطاع اقتصادي آخر، مشيراً إلى أن العالم أصبح قرية صغيرة وأن التأثيرات تعم جميع أنحاء العالم.

وأضاف أن الدورات العقارية تتراوح ما بين 5 إلى 15 عاما، تنخفض فيها السوق وترتفع، موضحاً أن هناك مناطق ينخفض فيها الطلب، ومناطق أخرى يزداد فيها الطلب.

وأكد بن سعيدان أن المناطق السكنية مكتملة الخدمات حافظت على سعرها، إذ لم ترتفع أسعارها بنسب بسيطة، وذلك عطفاً على الحاجة السكنية بشكل عام، في حين أشار إلى أن المناطق البعيدة عن السكان تأثرت لأن الطلب انخفض عليها.

وأكد أن هدوء السوق أو ركودها هو انخفاض غير معلن، كما حدث في الأراضي، مشيراً إلى أن الحاجة السكنية هي ميزان عمليات الانخفاض والارتفاع في السوق العقارية.

ووصف رئيس مجموعة شركة سلمان بن سعيدان العقارية السوق العقارية بالسوق المستقرة الاستقرار المطمئن، مبيناً أن الانخفاض الذي شهدته السوق كان للمنتجات العقارية التي ارتفعت دون مبررات حقيقة.

وقال محمد الغامدي مدير شركة المزروعية للمقاولات إن الأسعار تشهد انخفاضا في أسعار المنازل خاصة البعيدة على مركز المدينة، في ظل الركود النسبي الحاصل في البلاد، مشيراً إلى أن حالة الترقب التي تمر بها البلاد هيمنت على تداولات السوق بشكل كبير.

وأضاف أن حركة الأسواق العقارية وما يخصها بمقاولات هدأت ولم تعد الحركة فيها بشكل كبير، نتيجة ذلك الترقب، الذي شمل جميع المنتجات العقارية.

وتوقع الغامدي أن تنتعش الأسواق متى انتهت تلك الحالة، خاصة أن الشائعات تتردد بين وقت وآخر، التي تنادي بتوقف الشراء للضغط على القائمين على العقارات بخفض الأسعار، لافتاً إلى أن الصورة تحدث في مختلف القطاعات التجارية.

وأكد مدير شركة المزروعية للمقاولات أن الركود سيعمل على خفض الأسعار، إلا أنه استبعد أن يكون تأثير الركود على المنازل التي داخل المدن، وقال «لن يكون هناك خفض في أسعار المنازل داخل المدن والقريبة من الخدمات، وإنما الأسعار ستشمل المساكن على الضواحي والأطراف والأحياء البعيدة».

وبين أن هناك المزيد من المنازل ستطرح خلال العام الجاري، وستعطي إضافة إلى توازن الأسعار، بالإضافة إلى أن الرهن العقاري سيساعد على حركة تداول العقارات بشكل أكبر، وبالتالي يتوقع في حال إقرار الرهن العقاري انعكاس الانخفاض إلى ارتفاع، بسبب ما سيحدثه الرهن من إنهاء لفترة الترقب، والمساعدة على حركة تداولات العقارات بشكل أكبر، الأمر الذي سيدفع من جديد أسعار العقارات إلى الارتفاع من جديد.

وتشير التوقعات أن يستمر الانخفاض حتى يصدر نظام الرهن العقاري الذي سيكون بمثابة الروح للسوق العقارية بشكل عام، ويتوقع أن تزيد القدرة على شراء المنازل عندما يطيل المقرضون فترة السداد وعندما يبدأ المطورون العقاريون التركيز على الأسر ذات الدخل المتوسط، في الوقت الذي لا تزال المشاريع في طور التنفيذ. وأرجعت شركة كلايتون الأميركية أسباب انخفاض أسعار العقارات في السعودية إلى ما سيحدث من تباطؤ في مشاريع القطاع الخاص بسبب تجمد أسواق التمويل بالإقراض، وذلك نتيجة للأوضاع المالية المحلية والعالمية، الأمر الذي يجعل من التمويل عن طريق حقوق الملكية أقل جاذبية بكثير.

في الوقت نفسه شهدت أسعار الإيجارات عودة مرة أخرى للتصحيح بنسبة تصل إلى 15 في المائة، من خلال الانخفاض في أسعار إيجارات الشقق والفلل السكنية بمختلف أشكالها، في حين حافظت الوحدات السكنية داخل المجمعات السكنية الكبرى على أسعارها، في ظل قائمة انتظار تصل إلى 100 شخص للسكن في تلك المجمعات، التي في الغالب يقطنها مقيمون في البلاد، حيث حافظت تلك المجمعات على أسعار إيجارات تتراوح ما بين 90 ألف ريال (24 ألف دولار) وحتى 200 ألف ريال (53 ألف دولار) .

كما أوضحت مصادر لـ«الشرق الأوسط» أن مطالبات بعض البنوك لملاك عدد من العقارات لتسديد تمويلاتهم التي اقترضوها بضمانات عقارية، ساهمت في خفض الأسعار من خلال سعي الملاك إلى خفض أسعار عقارات لبيعها والإيفاء بالتزاماتهم عن طريق سداد تلك الديون خلال الفترة الحالية، قبل أن تطرحها البنوك للبيع، مما شهد انخفاضا في بعض العقارات التجارية الضخمة إلى ما يقارب 50 في المائة.