مقاولون إسبان ومغاربة يتخوفون من المستقبل

العقار لم يعد الدجاجة التي تبيض ذهبا بالمغرب

مرحلة التشاؤم التي طبعت حتى الآن وصف الأزمة («الشرق الأوسط»)
TT

يبحث المقاولون الإسبان عن مسالك تساعدهم على الخروج من الأزمة الحالية، ويرون في المغرب واحدا من الأمكنة المثالية التي يمكن الاستثمار فيها بقدر أقل من المخاطرة.

وخلال مؤتمر نظم أخيرا في مدينة الدار البيضاء، المدينة الاقتصادية الأكبر في البلاد، دعا أكثر من 200 مقاول إسباني ومغربي إلى البحث عن حلول مبتكرة من أجل تجاوز الأزمة الاقتصادية العالمية.

وخلال هذا المؤتمر في صيغته السنوية الخامسة، الذي خرج لأول مرة من طنجة لكي يستقر في الدار البيضاء، دعا المؤتمرون إلى تجاوز مرحلة التشاؤم التي طبعت حتى الآن وصف الأزمة، ومحاولة البحث عن شموع للتفاؤل، حتى وإن كان تفاؤلا غير باد للعيان في المرحلة الحالية.

وعلى الرغم من أن هذا المؤتمر، الذي حضره مسؤولون مغاربة وإسبان، لم يكن يزعم أنه يبحث عن حلول فورية للخروج من واقع الأزمة، فإنه على الأقل سار نحو جانب التهدئة النفسية للمقاولين المغاربة والإسبان الذين يتخوفون من المستقبل أكثر مما يتخوفون من الأزمة الحالية.

ومع أن المؤتمر جمع مقاولين مغاربة وإسبان على قدم المساواة، إلا أن المقاولين الإسبان يبدون الأكثر اهتماما بفتح آفاق اقتصادية واستثمارية خارج بلادهم، خاصة في المغرب، بالنظر للإمكانيات الكبيرة والخبرات التي يتمتعون بها، مقارنة مع المقاولين المغاربة الذين يملكون حظوظا أقل، إن لم تكن واهية، في مجال الاستثمار داخل إسبانيا أو في بلدان أوروبية أخرى.

ولم يبدأ اهتمام الإسبان بالاستثمار في المغرب مع ظهور طلائع الأزمة الحالية، لأن المقاولين الإسبان يحتلون قبل سنوات المرتبة الأولى في هذا المجال، لكنهم من خلال لقاءاتهم الأخيرة مع نظرائهم المغاربة، أو مسؤولين حكوميين مغاربة، يحاولون الخروج بأخف الأضرار من الأزمة الحالية.

واستثمر الإسبان في قطاعات مختلفة في المغرب، على رأسها قطاع العقار ثم قطاع النسيج، غير أن الأزمة الحالية التي يعرفها ميدان العقار عالميا قلصت أرباحهم بشكل كبير، وهو ما دفع مجموعة من المقاولات الإسبانية إلى تجميد عدد من أنشطتها، أو إلغاءها نهائيا.

ومع أن سوق العقار في المغرب لم يتضرر بشكل كبير من الأزمة الحالية، إلا أن الأسعار على الأقل لم تستمر في ارتفاعها الصاروخي كما كان يحدث في السابق، كما أن الإقبال على شراء شقق تقلص بشكل كبير، وهو ما أدى إلى تراجع الأرباح الكبيرة التي كان يحصل عليها المستثمرون العقاريون، لكن من دون خسارة، على الرغم من أن واحدة من أكبر المقاولات العقارية الإسبانية المستثمرة في المغرب، وهي «مارتينسا فاديسا» أعلنت إفلاسها وباعت جزءا كبيرا من أسهمها لمقاولات مغربية.

ولا يزال المقاولون الإسبان بمجال العقار يرون في المغرب المكان المثالي لإنشاء إقامات سكنية تعود عليهم بأرباح لا يستطيعون الحصول عليها حتى في بلادهم. ومع أن نسبة العيش في المغرب ومستوى الأجور يعتبر هزيلا جدا مقارنة مع مستواها في إسبانيا، إلا أن الأرباح التي جنتها الشركات العقارية الإسبانية في المغرب تعتبر كبيرة جدا، لكن المغرب لم يعد الدجاجة التي تبيض ذهبا في هذا المجال بعد أن انخفض الطلب بشكل كبير، وتجمدت الأسعار، أو انخفضت ولو بشكل نسبي.

وكانت أسعار العقار في إسبانيا بدأت في التململ حتى قبل أن تبدأ ملامح الأزمة الحالية، وانخفضت بنسبة تفوق 40 في المائة، وهو ما دفع كثيرا من المقاولات العقارية إلى البحث عن بلدان أخرى للاستثمار فيها، وكان المغرب من أوائل هذه البلدان.

وأدى ارتباك سوق العقار إلى بحث المقاولين الإسبان عن مجالات أخرى للاستثمار في المغرب، من بينها مجال الطاقات المتجددة، وتصفية المياه، وإقامة البنيات التحتية، ومجال الصناعات الغذائية.