السعودية: «فيلات السماء» منتج عقاري جديد يجمع بين السكن والاستثمار

تعد الأكثر رواجا في جدة.. والأمانة تطرح ضوابط لبنائها

تشهد فيلات السماء» رواجا شديدا خلال الفترة الأخيرة في مدينة جدة، خاصة أنها تجمع بين الاستثمار والسكن (تصوير: غازي مهدي)
TT

يتداول في السعودية، وبالتحديد في مدينة جدة نظام جديد من المنتجات العقارية، التي تجمع بين الاستثمار والسكن في وقت واحد، حيث دفعت الرغبة الكبيرة من سكان المدينة في الجمع بين الاستثمار والسكن معا، إلي بناء فللهم على أسطح مبانيهم، في طابع معماري فريد من نوعه، تميزت بها المدينة خلال السنتين الأخيرتين.

ويأتي ذلك التوجه لبناء فيلات علوية على المباني كبداية لتوجه جديد للاستفادة من المنتجات العقارية، مما يدفع كثيرين من ملاك العقارات إلى بناء هذا الطراز من المعمار الحديث.

ويشير عقاريون إلى أن ذلك أحد الحلول لمواجهة الطلب المتزايد على السكن من خلال ضخ رؤوس أموال في المنتج العقاري الجديد، مما يزيد الطلب على الأراضي المخصصة لذلك، التي حددتها أمانة مدينة جدة بأن تتجاوز 400 متر مربع، بالإضافة إلى الرغبة الكبيرة من المستثمرين في الجمع بين السكن والاستثمار في وقت واحد.

وتتمثل فكرة «فيلات السماء» أو المباني التي تعلوها الفيلا، في إنشاء مبنى يتكون من شقق سكنية، وتعلوه الفيلا بتصميم مختلف عن العمارة، وذلك عن طريق استخدام السطح كفناء للمنزل. وتؤكد جواهر باصبرين، مالكة أحد العقارات من هذا النوع، أنها كانت في صراع داخلي بين حلم الفيلا ونصائح البعض في بناء عمارة والاستثمار فيها، وهو الأمر الذي يعد بمثابة الجمع بين الأمرين، كونها تسكن في الفيلا العلويه، وطرحت أربعة شقق للتأجير، مشيرة إلى أن هذا النوع من العقارات يساعدها على أن تكون قريبة من سكان العقار، والتواصل معهم، حيث خصصت لنفسها مدخلا خاصا في المبنى. ومن الجانب الحكومي والتنظيم، أوضح المهندس عمر الحميدان المدير العام لإدارة رخص البناء في أمانة جدة لـ«الشرق الأوسط» أن أمانة جدة لا تمانع في ذلك، وتمنح التصاريح وفق ضوابط وشروط محددة، وعلى أن تكون في المناطق المحددة التي يسمح فيها بالبناء أربعة أدوار.

وكانت أمانة جدة قد حددت شروطا وضوابط لهذا الطراز من البناء في المادة الرابعة والعشرين من نظام اشتراطات وضوابط البناء الخاصة. وتنص الشروط على أن تزيد مساحة الأراضي المقامة عليها عن 400 متر مربع، وأن يكون البناء بحد أقصى طابقين، 50 في المائة منها لكل طابق، شاملة جميع الخدمات والمرافق الموجودة على السطح، عدا بيت الدرج، وألا يتجاوز مسطح البناء في الطابق الواحد نسبة 60 في المائة من مسطح الأرض بعد التنظيم، ولا يزيد عن 50 في المائة من مساحة السطح كحد أقصى. واشترطت الأمانة عدم بناء ملحق علوي عليها، وأن يكون لها مدخل واحد وسلم داخلي في طابق السطح، وتوفير حديقة خاصة للفيلا فقط على السطح، ولا يسمح باستخدامها إلا للغرض السكني ولأسرة واحد فقط، كما لا يسمح بفيلا السطح في المباني التي لا تشمل استخداما سكنيا كالمراكز التجارية والخدمية والمدارس والمستشفيات، أما مباني المكاتب الإدارية، فيسمح بعمل فيلا سطح، على أن تكون بمدخل منفصل من الشارع مباشرة، ومن دون أي اتصال مع المبنى الإداري، مع الالتزام بالارتدادات النظامية للمبنى، ويجوز بناء طابق واحد فقط منها، وذلك بنسبة لا تزيد عن 50 في المائة من الطابق الأخير.

كما تسمح الأمانة بتعدد الفيلات على السطح إذا زادت مساحته عن 1000 متر مربع، بحيث تكون فيلا لكل 500 متر مربع، على ألاّ تقل مساحة الحديقة لكل فيلا عن 50 في المائة من المساحة المخصصة للفيلا، وأن يكون لكل فيلا مدخل مستقل من طابق السطح، مع ضرورة الالتزام بالاشتراطات العامة الواردة. العقاريون في جدة يرون أن هذا النوع من العقارات الأكثر طلبا من قبل المشترين لأسباب أسرية واستثمارية، حيث يقول عبد الله الأحمري، نائب رئيس اللجنة العقارية بغرفة جدة: «إن ذلك النوع من العقارات يلقى رواجا كبيرا من الراغبين في الشراء خلال الفترة الحالية»، وأضاف، أن فكرة هذا النوع من العقارات تعود إلي ما قبل عامين، وذلك من قبل بعض الأسر الكبيرة التي كانت تفضل ألا يبتعد أبناؤها عنها بعد الزواج من خلال بناء شقق سكنية في الدورين الأولين وبناء الفيلا في الأدوار العلوية.

وأضاف، أن الفكرة حفزت بعض المستثمرين الصغار، الذين يملكون أراض سكنية يرغبون في بنائها كمساكن والاستثمار، ويرغبون في الأمرين معا، فكانت الفكرة بمثابة الحل، من خلال ذلك المنتج العقاري، الذي وفر لهم الخيارين معا، بحيث يؤجر الشقق في دورين، ويستغل المساحة العلويه ببناء فيلا سكنيه له.

وزاد الأحمري أن ذلك النوع من العقارات له عوائد إيجابية على المالك، بحيث يتوفر له السكن، بالإضافة إلى أنه يوفر 25 في المائة من قيمة الخدمات للفيلا السكنية، وذلك كون الخدمات سيساهم فيها السكان أيضا مثل الماء وشبكات الصرف الصحي، وأضاف نائب رئيس اللجنة العقارية بغرفة جدة، أنه تماشيا مع الأمر، بدأ العقاريون في البحث والاستثمار في تلك العقارات الأكثر طلبا، التي تتراوح أسعار إيجاراتها بين 50 ألف ريال (13 ألف دولار) و 60 ألف ريال (16 ألف دولار)، وتباع بأسعار تصل إلى مليون ريال (266.6 ألف دولار). الدكتور عبد الرحمن تريجاني، المهندس المعماري وأستاذ العمارة والتصميم بجامعة عفت بجدة، وصف الطراز المعماري هذا بأنه «أشبه إلي مفهوم الفلل، بينما حقيقة الأمر تتمثل في شقتين كبيرتين يفصل بينهما سلم، وأضاف أن مالك المبنى يرى، وفق تصوره، أنها فيلا بحكم الحجم والمساحة، إضافة الساحات الكبيرة، ولكن البعض منها يفتقد المدخل الخاص والحدائق والمسبح، كما أن ارتفاعها عن سطح الأرض يفقدها هذا المفهوم، ولكنه، كشعور، نعم هي كذلك».

وأضاف، أنه من الجانب التقني لا بد للمهندس حساب الأوزان قبل البناء الأرضي للأساسات، مشيرا إلى أن الأمر ليس مقتصرا على جانب الأفراد فقط، ولكن الأبراج السكنية الكبيرة بدأت تطبق نفس المفهوم. وبين أستاذ العمارة والتصميم بكلية عفت، «أن تكاليف الخدمات، مثل المسبح والحديقة، تزيد بنحو 5 أضعاف عند تشييدها في الفلل العلوية عما هو في الفلل العادية، وذلك بسبب الحمولة والضغط، والمعاير التي يجب أن تأخذ في الحسبان وتزيد التكاليف».

وفي جانب المقاولات، أوضح عبد الرحمن الخريجي، نائب لجنة المقاولات بغرفة جدة، أن بناء الفلل السكنية على العمائر يتم وفق معايير فنيه هندسية، ولا يوجد لها تأثير على المدى البعيد أو أقل من العمر الزمني المحدد لأي بناء هندسي، مضيفا، أنه يجب على البلديات تحديد المواقع والأخذ بالحسبان الكثافة السكانية. ويرى مراقبون أن هذه الطراز من الفلل سيحقق رغبة كثيرين من السعوديين الراغبين في السكن والاستثمار معا، خاصة في مجال السكن في الفلل السكنية، حيث أكدت دراسة حديثة من نظرة عامة للفلل المملوكة مستقبلا، أن 88 في المائة من السعوديين يرغبون أن تكون فللهم قريبة من المدينة، بينما 5.4 في المائة من المستجيبين أشاروا إلى رغبتهم في فلل موجودة في القرى.