23 مليون هندي يصل دخلهم إلى 5000 روبية شهريا لا يمتلكون منازل

خطة إسكان جديدة تهدف إلى إنشاء مليون وحدة سكنية من الإسكان منخفض التكاليف

TT

بعد مرورها بواحدة من أسوأ مراحل سوق العقارات، دشنت شركات العقارات الهندية حملة إسكان جديدة أطلقت عليها اسم الإسكان الرخيص، فبعد التدهور الذي شهده قطاع الإسكان الفاخر تحولت شركات العقارات الآن إلى النقيض وشرعت في تقديم مساكن رخيصة بسعر يتراوح بين 500.000 روبية و3 ملايين روبية (الدولار الأميركي يعادل 48 روبية). ويعد الاختلاف دليلا على أن رخص المسكن مصطلح نسبي بالاعتماد على الموقع. فعلى سبيل المثال الشقة التي يبلغ ثمنها 3 ملايين روبية في مومباي تعتبر إسكانا رخيصا، وهو ما يعتبر مبلغا كافيا لشراء مسكن فاخر في مدينة صغيرة. بيد أنه ما من شك في استهداف هذه الشركات لقاعدة المستهلكين الضخمة: فهناك أكثر من 23 مليون هندي يصل دخلهم إلى ما لا يقل عن 5.000 روبية شهريا لا يمتلكون منازل ويطمحون للقيام بذلك، وذلك بحسب الدراسة التي أجرتها مؤسسة «مونيتور إنديا»، شركة الاستشارات الإدارية، حيث قدرت في تقريرها الحاجة إلى 25 مليون منزل في هذه الشريحة.

وقد شهدت الانتعاشة في سوق العقارات، التي دامت لأربع سنوات وانتهت عام 2007 طلبا على المنازل والمكاتب والأسواق التجارية نظرا لازدياد أعداد الشركات والمستهلكين، الذين شجعتهم الدخول المرتفعة وسهولة الحصول على القروض على شراء المنازل. وقد واكب ارتفاع الطلب ارتفاع أسعار المنازل إلى ثلاثة أضعاف وتحول تركيز الشركات العقارية لبناء المنازل الفخمة نظرا لهامش الربح الكبير الذي تحققه.

لكن الانكماش الاقتصادي الذي جاء نتيجة لإحجام المستثمرين وارتفاع أسعار العقارات بصورة قياسية وكذلك ارتفاع أسعار الفائدة، قابله انخفاض المبيعات. وقد قامت شركات العقارات الهندية بتدشين ما سمته الإسكان الرخيص لأنهم يقولون إن هناك طلبا متزايدا على هذه الشريحة من المنازل.

ويقول سانجاي تشاندرا المدير الإداري لشركة «يونيتك ليمتد»، ثاني أكبر مطور عقاري في الهند، بحسب القيمة السوقية للشركة، خلال تدشين أولى مشروعاتها من هذه النوعية هذا الشهر: «لا تتوفر لدى أحد الرغبة في الاستثمار في مشروعات المنازل الفخمة عالية التكلفة أو المشروعات التجارية هذه الأيام».

ولتعزيز الطلب المتباطئ على سوق العقارات والدخول إلى سوق العقارات النامية من الإسكان الرخيص ستقوم «يونيتك» ببناء 20.000 منزل هذا العام تحت شعار «يوني هومز» حيث تبلغ مساحة الشقة الواحدة به 660 قدما مربعا. وقد أجلت الشركة جميع مشروعات الإسكان الفاخر في الوقت الحالي، حيث شجع ضعف استجابة المشترين الشركة على التحول في الآونة الأخيرة من المشروعات الفاخرة إلى المشروعات التي تستهدف متوسطي الدخل.

وخلال الآونة الأخيرة لقي مشروع شركة «تاتا» للإسكان منخفض التكاليف الذي أنشئ على مقربة من مومباي استجابة واسعة، فيقول مانوج ديشموخ، البائع الذي يبلغ من العمر 32 عاما، الذي يجني 10.000 روبية شهريا ويعيش في أحد أحياء مومباي متقاسما منزلا مع عائلة مكونة من ستة أفراد، اختار شقة بمساحة 223 قدما مربعا في مشروع «تاتا» يبلغ سعرها نصف مليون روبية نظرا لزواجه في غضون أشهر قلائل. تلك الشريحة من المجتمع من أمثال ديشموخ، التي لم تكن موجودة حتى العام الماضي على رادار سوق العقارات كمشترين محتملين، أصبحت الآن الخيار المفضل لمطوري العقارات، وهي فرصة كبيرة بالنظر إلى وفرة النشاط في ذلك القطاع والشركات الكبيرة التي دخلت فيه مثل «يونيتك» و«تاتا هاوزنغ» التي أعلنت عن قيام مشروعات لها في هذا المجال.

ويقول بروتين بانيرجي، المدير الإداري والمدير التنفيذي لشركة «تاتا هاوزنغ»: «من المؤكد أن مطوري العقارات فوتوا فرصة العمل في هذا القطاع معتقدين بوجود مكاسب كبيرة في قطاع الإسكان الفاخر». وقد دشنت الشركة سلسلتها من المنازل لذوي الدخل المحدود في بويسار بولاية مهاراشترا تحت اسم «شوبه»، حيث تقدم شققا سكنية بمساحات تتراوح بين 283 إلى 465 قدما مربعا بأسعار تتراوح بين 390.000 إلى 670.000 روبية.

وبغض النظر عن المساحات الصغيرة للشقق، يعمد مطورو العقارات إلى كثير من الابتكارات لخفض التكاليف ومن ثم الحفاظ على هامش ربح في السعر النهائي. ويعمد المقاولون إلى استخدام تكنولوجيا بناء جديدة مثل الألواح الأسمنتية سابقة التجهيز واستخدام أنظمة الحوائط والتقسيمات سابقة التجهيز التي تستخدم الصلب المجلفن وأسمنت الألياف التي تستخدم كأسطح حوائط جاهزة أو تستخدم الصلب.

وقال راتان تاتا، رئيس مجلس إدارة الشركة مؤخرا، لطلاب الصف الأول في معهد العلوم الهندي في بنغالور: «لقد اتخذنا قرارا واعيا بابتكار منتجات تكون متاحة للعامة الذين يشكلون 70% من عدد السكان. فسيارات نانو ومساكن نانو وفنادق غينغر الاقتصادية التي استحدثتها شركتنا هي عدد من المنتجات الابتكارية التي تستهدف العامة من الهنود».

لا تتوافر تقديرات مؤكدة حول العدد الإجمالي للوحدات السكنية المعروضة للبيع، لكن التقديرات تشير إلى أن كبار المطورين مثل «دي إل إف» و«يونيتك» و«إتش دي آي إل» وآخرين يخططون لبناء أكثر من 55 مليون قدم مربع في حملاتهم الجديدة للعام المالي الحالي، وهو ما يشكل 90% من الرقم الإجمالي للمشروعات الجديدة. ووجدت الدراسة التي أجرتها مؤسسة «بروب إكوتي ريسيرش» أن 74% من مبيعات الشقق السكنية في مومباي في الربع الأول من عام 2009 كانت في قطاع المنازل منخفضة التكاليف. كما كان ذلك هو التوجه السائد في دلهي وتشيناي. في أغلب الأحوال فقد انخفضت مساحات الشقق وهو ما أدى إلى انخفاض الأسعار بنسبة 1525%. وقد بدأ هذا التوجه لبناء المنازل منخفضة التكاليف أو المنازل الرخيصة بعد انخفاض مبيعات المنازل بنحو 70% أوائل هذا العام بعد أن بلغت أوج ذروتها بين عامي 2007 ـ 2008، وقال أنشول جاين، المدير التنفيذي لشركة «دي تي زد» مستشارو العقارات الدولية بالهند: «إن الأفراد كانوا في البداية يطمحون إلى شراء منازل فاخرة نظرا لارتفاع رواتبهم بمقدار 20 إلى 25% في العام، لكنهم أدركوا الآن أن رواتبهم لن تشهد زيادة في المستقبل القريب، أما من قاموا بشراء المنازل بالفعل فهم أولئك الذين وصلوا إلى مراتب عليا». وتهدف الحكومة الهندية إلى القضاء على ظاهرة العشوائيات خلال السنوات الخمس القادمة، وقد أطلق وزير الإسكان الهندي خطة إسكان جديدة تهدف إلى إنشاء مليون وحدة سكنية من الإسكان منخفض التكاليف. وتأمل الدولة في جذب مطوري القطاع الخاص والبنائين عبر تقديم حوافز مثل تقديم امتيازات استغلال الأراضي.

وقال كوماري سيلجا وزير الإسكان وتخفيف الفقر الحضري للصحافيين: «سيكون هدفنا الرئيسي إنشاء منازل منخفضة التكاليف للفقراء ومتوسطي الدخل في الهند عبر إشراك القطاع الخاص». وقد قام عدد من الشركات الأخرى مثل «راجا ديفيلوبرز» و«بورافانكارا بروجكتس ليميتد» و«أوماكسي وجاباي» و«غوارسونز» و«بي بي تي بي» بإطلاق مشروعاتها الإسكانية منخفضة التكاليف فيما تتأهب أخرى لإطلاق مشروعاتها.