الأراضي.. الخيار الأول للمستثمرين العقاريين في السعودية

عقاريون: تملك الأرض عرف متوارث عن الأجداد.. ولا يكاد مستثمر في أي قطاع إلا ويملك أرضا

منتج الأراضي ما زال يسيطر على ثقة المستثمرين العقاريين في السعودية (تصوير: خالد الخميس)
TT

سجلت السوق العقارية السعودية خلال النصف الأول من عام 2009، مواصلة نمو الطلب على الأراضي كمنتج أولي عند المستثمرين من أفراد وشركات تطوير في المملكة. وبرزت الثقة لدى المستثمرين السعوديين على منتج الأراضي، سواء من خلال الأفراد أو الشركات، وذلك من خلال المزادات التي طرحت خلال الستة أشهر الماضية، حيث سجل مزاد مخطط اندسكوم العقاري في المنطقة الشرقية مبيعات تجاوزت 450 مليون ريال (120 مليون دولار) خلال ساعتين، مما يؤكد أهمية منتج الأراضي لدى المستثمرين العقاريين في السعودية.

وذكر عقاريون لـ«الشرق الأوسط» أن منتج الأراضي له مميزات عديدة، تتمثل في انعدام تكاليف صيانة أو متابعة، بالإضافة إلى أن مدة الربحية فيها أفضل من العوائد السنوية التي تأتي على شكل إيجار، إضافة إلى أنها أصول ثابتة لا تتغير بشكل كبير، وان شهدت انخفاضاً في الأسعار فإن الانخفاض لا يصل إلى حد الخسارة الكبيرة.

وكانت السعودية قد شهدت في العقود السابقة تطوير الحكومة لمخططات أراض وطرحها على الأفراد، مما ولد ثقافة شراء الأراضي عند المستثمرين العقاريين بشكل خاص، ولا يكاد مستثمر في أي قطاع إلا ويكون جزء من استثماراته أو ثروته يتضمن أراضي عقارية، الأمر الذي يعزز حضور منتج الأراضي لدى الكثير من العقاريين.

وكانت التنمية العقارية تعتمد اعتماداً كلياً على منتج الأراضي، مما ساهم في حركة الأراضي خلال العقود الماضية، وحتى الوقت الحالي يوجد في المملكة مستثمرون متخصصون في منتج الأراضي، سواء كانت كبيرة أو مفردة، التي تشهد حركة كبيرة خلال الفترة الماضية.

ويشير بندر العنزي، مدير عام مكتب عقاري في المنطقة الشرقية وعضو اللجنة العقارية سابقاً، وممن كان يراقب مزاد اندسكوم، إلى أن الازدحام الحاصل في مزاد اندسكوم من حضور مستثمرين بشكل كبير يؤكد أهمية الأرض بشكل عام في ثقافة المستثمر السعودي، حيث إن الكثير كان يعتقد أن التحول جاء لا محالة نحو المباني الجاهزة. وقال العنزي الذي كان يتحدث لـ«الشرق الأوسط» خلال مزاد اندسكوم العقاري، إنه يوجد ارتباط سري بين منتج الأراضي والمستثمر السعودي، حيث إن ثقافة الاستثمار في الأراضي ليست وليدة اللحظة، فهي تعتبر عرفا متوارثا عن الأجداد، مشيراً إلى أن الكثير من الأسماء العقارية في السعودية تعمل من خلال الاستثمار في الأراضي، وقد تكون النسبة العظمى من أولئك المستثمرين. وأكد مدير المكتب العقاري أن التطوير العقاري بمفهومه القديم وهو ما كان يعمل على تطوير مخططات الأراضي، ساهم وبشكل فعال في تطوير الأحياء السكنية وكانت الحكومة السعودية أول من عمل على تطوير المخططات لجذب المواطنين للحصول على قرض من صندوق التنمية العقاري ومن ثم العمل على بناء الأرض، مشيراً إلى أن تطوير الأراضي احد أهم الأشكال العقارية الاستثمارية التي تحقق العوائد الجيدة. وأضاف أن الأرض عادة ما ترتبط ببركة الاستثمار، من خلال حفظ الأصول، عبارة استثمار طويل المدى، وأكد أن الوقت الحالي يعتبر من أفضل الأوقات لشراء الأراضي، وذلك لانخفاض أسعارها، بشكل كبير عما كانت عليه قبل أزمة سوق الأسهم والأزمة المالية العالمية.

ودلل العنزي على أهمية الأرض، وهو ما يوجد من ارض بيضاء داخل المدن، وأضاف «أن الكثير من المستثمرين يحتفظون بالأراضي الواقعة في أحياء أو طرق مميزة، وذلك إلى أن يحين الوقت المناسب لبيعها، من خلال عوائد مجدية أو من خلال حاجة لسيولة نقدية».

إلى ذلك قال خالد الضبعان، الخبير العقاري في مدينة جدة، أن سوق الأراضي يعتبر أفضل الأسواق لدى المستثمرين العقاريين والمضاربين منهم بالتحديد، فالأرض غالباً تتمسك بسعرها، بعكس المبنى الذي هو بحاجة إلى صيانة وترميم بين الفترة والأخرى، وفي بعض الأحيان قد لا يكون للجرم القابع على الأرض أي قيمة، فيباع المبنى بقيمة الأرض على اعتبار موقعها.

وأضاف الضبعان، ما أن يعلن عن مشروع مهم وحيوي إلا وتجد الأراضي المحيطة به شهدت حركة كبيرة، مما يؤكد أن الأرض الخيار الاستثماري الأول لدى رؤوس الأموال، وهو ما يدفع إلى الاعتماد على الأخبار الحكومية في التنمية، أو مراقبة إنشاء استثمار ضخم، مثلما ما حدث في برج شركة المملكة في الرياض وجدة بالإضافة إلى برج الفيصلية في الرياض، الأمر الذي حرك الكثير من العقاريين إلى شراء الأراضي المحيطة بتلك المشاريع. وأكد الضبعان أن تجارة الأراضي قد تستحوذ على 50 في المائة من تجارة العقار، مؤكداً أن ما يعلنه مؤشر وزارة العدل من صفقات ومن مبالغ ضخت على الأراضي، دليل واضح على أهمية الأراضي عند المستثمرين السعوديين، لافتاً إلى أن هذا القطاع سيواصل جذب رؤوس الأموال، خاصة أن الفرد في السعودية غالباً ما يرغب بتصميم منزله بنفسه، ومتابعة العمران بشكل شخصي، على الرغم من وجود البدائل المريحة لتلك العملية.

وقد تكون المملكة السوق الوحيدة بين أسواق دول الخليج التي يستحوذ فيها منتج الأراضي على حصة كبيرة من الاستثمارات، في حين تتوجه دول الخليج إلى إنشاء المباني، وفي هذا الجانب يشير الضبعان إلى أن السعودية تنمو بشكل كبير من خلال إنشاء المباني، في حين أن دول الخليج تنمو على شكل مدن، وقد تكون المملكة هي الوحيدة من بين دول الخليج التي يوزع فيها المستثمرون استثماراتهم في قطاع الأراضي بين المدن المختلفة.

وأضاف أن أغلى متر مربع على وجه الأرض يوجد في مكة المكرمة، وهو ما يدل على أهمية الموقع وقداسته، وذلك لقربه من بيت الله الحرام، مشيراً إلى أن سوق مكة المكرمة في منتج الأراضي هي السوق الوحيدة في العالم التي تتواصل في حركة مستمرة بشكل دوري على مدار العام.

وأوضح الضبعان أنه وإلى وقت قريب، أكد عدد من التنفيذيين من الشركات الإقليمية على أن أسعار الأراضي في المملكة لا تزال في مستويات مغرية مما يدفعهم للاستثمار وشراء الأراضي لإنشاء المشاريع المختلفة والسكنية خاصة، وذلك لمواجهة نمو الطلب الكبير في قطاع الإسكان الذي يقدر بنحو 200 ألف وحدة سكنية.

ولفت إلى أن الكثير من المشاريع العقارية ذات طابع تطويري شامل، ولذا فإن منتج الأراضي لا بد أن يكون له حضور من خلال ترك مساحات للراغبين من المستثمرين بشراء أراض داخل الحي، شريطة أن يتم بناء الأراضي وفق المواصفات والمقاييس للمباني الأخرى الموجودة داخل الحي، وأن لا تتجاوز فترة ترك الأرض من دون بناء 3 سنوات.