قطاع عقارات المكاتب ينمو مع ازدياد الحركة التجارية في شرق السعودية

خبراء: القرب من دول الخليج ووجود الشركات الكبرى ساهما في ارتفاع الطلب

توجهت مجموعة من الشركات في شرق السعودية إلى التعاقد مع شركات عالمية للمساهمة في جذب المستثمرين لمكاتبها («الشرق الأوسط»)
TT

تشهد المنطقة الشرقية من السعودية نموا كبيرا في قطاع عقارات المكاتب والأبراج المكتبية، وذلك نظرا للطلب المتزايد على ذلك النوع من العقارات الذي يشهد أيضا نمو كبيرا في عمليات البناء والتشييد ويأتي ذلك النمو على خلفية الطفرة التجارية والاقتصادية التي تعيشها المملكة بشكل عام والمنطقة الشرقية بشكل خاص، في ظل تزايد شركات قطاع الطاقة، وذلك بحكم وجود شركة «أرامكو السعودية» عملاق النفط العالمي، إضافة إلى شركات كـ«سابك»، إحدى شركات البتروكيماويات العملاقة في العالم، اللتين تشهدان نموا في عملياتهما الداخلية من خلال صناعة النفط والبتروكيماويات، مما يتطلب المزيد من شركات التوريد والمساندة، الأمر الذي فتح باب الاستثمار لتأسيس شركات أكثر.

إضافة إلى أن المنطقة الشرقية تعد مركزا عالميا للمملكة، كونها إحدى بوابات الاستيراد والتصدير التي يوجد بها عدد من الموانئ، وأكبرها ميناء الملك عبد العزيز الموجود في مدينة الدمام، في الوقت الذي شهدت فيه أيضا عمليات الاستيراد والتصدير نموا، مما ساهم في وجود طلب على عقارات المكاتب لاحتضان الشركات الجديدة. ويشير عقاريون إلى أن شرق السعودية بات منطقة حركة كبيرة في قطاع المكاتب في ظل طلب الشركات العالمية والمحلية لإيجاد فروع لها وذلك بعد الطفرة الكبيرة التي شهدتها المنطقة في السنوات الأخيرة، مشيرين إلى أنه على الرغم من الأزمة المالية العالمية، فإن التأثير في قطاع المكاتب لم يكن كبيرا، مع إيجاد الخطط الاستراتيجية لتلك الشركات التي تسعى للاستفادة من انخفاض مواد البناء، لبناء الأبراج المكتبة والمباني التي تحتوي على المكاتب. ويبين محمد القحطاني الخبير العقاري في المنطقة الشرقية أن مدن الدمام والخبر والظهران والجبيل إضافة إلى مدن منطقة الإحساء تشهد تحولا كبيرا مع توسع أعمال الشركات، مما يتطلب المزيد من المساحات العقارية المكتبية، مشيرا إلى أن الطفرة ساهمت في زيادة أعمال عدد كبير من الشركات، إضافة إلى دخول الكثير من شركات الوساطة المالية، التي تواكب قرار هيئة السوق المالية بتأسيس ذلك النوع من الشركات. وأكد القحطاني أن قرار أمانة مدينة الدمام في السماح ببناء الارتفاعات ساعد هو الآخر في بناء أبراج مكتبية ذات ارتفاعات عالية، كالتي يشهدها طريق الملك فهد الذي يربط المدن الثلاث الخبر والدمام والظهران ويصل مباشرة إلى المطار، حيث شهد جانبا الطريق مباني ذات ارتفاعات عالية تتجاوز 40 طابقا، في مؤشر إلى دخول المباني ذات الارتفاعات الشاهقة للمنطقة. وأضاف أن الفترة المقبلة سيطرح كثير من الأبراج والمباني المكتبية، مما سيساهم في توازن الأسعار، في ظل ارتفاعها وتتراوح بين 400 ريال (106 دولارات) وحتى 2000 ريال (533.3 دولار)، مؤكدا أن الطلب ارتفع أيضا في وجود شركات محلية وعالمية بدأت في فتح فروع لها في المنطقة لتنمية أعمالها بشكل أكبر في ظل النمو السكاني الذي تعيشه المنطقة الشرقية خلال الفترة الماضية، ونمو الهجرة إليها من خلال مختلف الوظائف وإن كانت البنكية المالية والعقارية أبرزها.

وأكد أن التوجه العام في إيجاد خدمات أكثر في عمليات توفير المكاتب، من خلال إيجاد تقنية ذكية في المبنى المؤجر، ومواقف للسيارات، إضافة إلى الخدمات المساندة كعمليات التنظيف، وسهولة الوصول إلى المكان، ووجوده في مكان بارز، حتى يتم التعرف عليه من قبل المتعاملين مع الشركات بشكل أكبر، مشيرا إلى أن عددا من الشركات توجه إلى التعامل مع أسماء فندقية عالمية لجذب أكبر عدد من المستأجرين إلى المبنى، ولفت إلى أن الكثير من الشركات تعمد إلى تقديم تسهيلات لضمان اكتمال المستأجرين في المباني المخصصة. من جهته قال بدر بن محمد، الرئيس الإقليمي لشركة «الرياض للاستثمار» إن الطفرة في المكاتب التجارية في المنطقة الشرقية عائدة إلى نمو عمليات العديد من الشركات كجزء من النمو الذي تشهده المملكة، مشيرا إلى وجود نمو كبير في الشركات المتوسطة والصغيرة، التي تشهد هي الأخرى حضورا قويا على ساحة تأجير المكاتب التجارية في المنطقة الشرقية.

وأضاف أن الكثير من الشركات العالمية تسعى لأخذ حصة جيدة من المكاتب العقارية في المنطقة، وذلك بحكم قربها من عملياتها في الخليج، في الوقت الذي لا تبعد المنطقة الشرقية عن البحرين سوى عدة كيلومترات، مؤكدا في الوقت ذاته أن ذلك يعطي ميزة تنافسية للمنطقة الشرقية. وبين الرئيس الإقليمي لشركة «الرياض للاستثمار» أن وجود ربط بين المنطقة الشرقية وبين المنطقة الوسطى بقطار الركاب والبضائع، إضافة إلى الموانئ، ساهم كثيرا مع نمو الحركة التجارية في ازدياد الطلب على المكاتب، لافتا أن شركات التطوير العقاري بدأت في بناء العديد من الأبراج والمباني المختلفة للمساهمة في تغطية الطلب المتنامي في مدن الدمام والخبر والظهران.

ولفت إلى أن منافسة البنوك والشركات الاستثمارية ساعدت هي الأخرى. على ازدياد الطلب على المكاتب العقارية بمختلف أنواعها، متوقعا أن تشهد عمليات التأجير نموا مع عودة الموسم العقاري، الذي سيبدأ في نهاية سبتمبر (أيلول) المقبل، بنسبة تصل إلى 15 في المائة.

يذكر أن المنطقة الشرقية تشهد نموا في قطاع التطوير العقاري، ويبلغ حجم متوسط مبيعات الأراضي ما بين 200 مليون ريال (53.3 مليون دولار) و700 مليون ريال (186.6 مليون دولار)، في الوقت الذي تشهد فيه المنطقة إقامة مزادات عقارية، واعتماد مشاريع تطوير عمراني، الأمر الذي سيرفع من حجم حركة العقارات في الفترة المقبلة.

كما تعمل عدد من شركات التطوير العقاري على الإعلان عن مشاريع جديدة، تواكب الطلب المتنامي على مختلف العقارات في المنطقة، حيث أعلن عن قيام عدد من الشركات العقارية الجديدة، التي تعتزم بناء مشاريع إسكانية ضخمة، في الوقت الذي عمدت مجموعة من الشركات إلى تخفيض أسعار منتجاتها لضمان بيعها، وهي التي لم تلقى رواجا عند طرحها بأسعار مرتفعة، حيث بلغ سعر الفيلا ذات مساحة 400 متر مربع مبالغ تصل إلى 2.7 مليون ريال (720 ألف دولار)، مما تسبب في عزوف المشترين عن ذلك النوع من العقارات.

ويتوقع أن تزداد حركة شراء الأراضي في المنطقة مع اعتماد الحكومة تطوير عدد من الطرق والشوارع الرئيسية، مما سيساهم في سهولة الوصول إلى تلك المشاريع، الأمر الذي سيساعد على ضخ استثمارات جديدة خلال الفترة المقبلة.