مصر: تضارب آراء الخبراء حول تأثير الضريبة العقارية على نشاط القطاع

مع اقتراب تطبيقها فيما يعتبرها البعض غير دستورية

تطبيق قانون الضرائب العقارية الجديد سيسهم بشكل كبير في زيادة معدلات المنازعات الضريبة بين مصلحة الضرائب العقارية والممولين في مصر («الشرق الأوسط»)
TT

تضاربت آراء الخبراء حول مدى تأثر النشاط العقاري جراء فرض الضريبة العقارية الجديدة، التي تم إصدار لائحتها التنفيذية المكونة من 22 مادة، وتُفرض على العقارات التي تتعدى قيمتها الإيجازية السنوية 6000 جنيه بنسبة 10 في المائة، مع استبعاد نسبة 30 في المائة للوحدات السكنية، و32 في المائة على الوحدات المستخدمة للأغراض غير السكنية مقابل مصاريف الصيانة.

وبحسب يوسف بطرس غالي وزير المالية المصري فإن الوحدات التي تقل قيمتها عن 500 ألف جنيه (قيمتها الإيجارية 6000 جنيه سنوياً) تعفي من الضريبة العقارية، وأكد غالي، وزير المالية المصري، أن المكلفين بتقديم إقرارات عن ممتلكاتهم العقارية طبقا لقانون الضرائب العقارية الجديد، هم كل ملاك ومنتفعي ومستغلي الوحدات العقارية سواء السكنية أو غير السكنية، بشرط أن تكون هذه الوحدات «تامة ومشغولة أو تامة وغير مشغولة أو مشغولة وغير تامة ،أما الوحدات العقارية خلاف ذلك فملاكها ليسوا ملزمين بتقديم الإقرار».

وتأتي الضريبة العقارية في إطار جهود الحكومة المصرية لإصلاح الاقتصاد، التي تشمل إصلاح النظام الضريبي. وتعتزم الحكومة المصرية البدء في إجراءات الحصر والتقييم، التي ستتم كل خمس سنوات على العقارات وذلك لبدء تطبيقها بداية العام المقبل.

وبتطبيق الضريبة العقارية الجديدة سيقف العمل بنظام العوائد التي كانت تفرض على العقارات، وسيستمر العمل بالقانون الجديد ونظام العوائد على المحلات التجارية القديمة، وهو ما بررته الحكومة بأنه سيساعد على استقرار الشارع التجاري وأسواق التجارة الداخلية.‏ وستتولى مصلحة الضرائب العقارية، تقييم الوحدات السكنية تبعاً لطبيعة المنطقة الموجود بها العقار، ومدى قرب العقار من الشواطئ، والحدائق، والمتنزهات العامة، ومستوى البناء سواء كان فاخراً أو متوسطاً أو اقتصاديا أو شعبياً.

وأشار بعض الخبراء إلى أن تطبيق الضرائب العقارية في مصر سيكون تأثيرها محدود جداً على النشاط العقاري، خاصة أن تلك الضريبة تفرض على الوحدات العقارية التي يزيد سعرها عن 500 ألف جنيه، وهي محدودة مقارنة بالوحدات التي يقل سعرها عن ذلك، وقالوا، إن أسعار الضرائب على العقارات لن تكون كبيرة بالنسبة لمن يمتلكون تلك الوحدات.

ويقول الخبراء إن هذا التقييم سيكون أساساً للتحديد ومعرفة أسعار العقارات على نطاق واسع، خاصة بعد مغالاة أصحاب العقارات في بيع الوحدات العقارية المملوكة لهم.

وبحسب قانون الضريبة العقارية فإن الضريبة ستفرض على العقارات الفاخرة، وبالتالي فإن الوحدات المتوسطة التي يقل ثمنها عن 500 ألف جنيه والوحدات العقارية المتوسطة لن تخضع للضريبة العقارية.

ووصف عدلي أيوب رئيس مجلس إدارة شركة «رمكو»، الضريبة العقارية المفروضة على العقارات بـ«المعقولة» وقال لـ«الشرق الأوسط»:«لن تؤثر الضريبة الجديدة على نشاط العقارات في مصر، لأنها تعتبر مناسبة، كما أن الأشخاص الذين يملكون الوحدات العقارية الفاخرة فلن يتأثروا بتلك الضريبة».

ويؤكد خبراء مصرفيون أن الضريبة العقارية سيكون تأثيرها سلبيا على البنوك التي تمتلك أصولا عقارية آلت ملكيتها من عمليات التسوية لمديونيات المتعثرين، مما قد يعرض البنوك لخسائر نتيجة فرض ضرائب على أصولها العقارية المستغلة «المقار الرئيسية والفروع التي تمتلكها» وغير المستغلة. وأشاروا إلى أن العبرة ستكون بكيفية تقييم تلك الأصول، إما بالقيمة الدفترية «أي قيمتها المسجلة بدفاتر البنك» أو بالقيمة السوقية.

أما حمادة صلاح، الأمين العام لشعبة خبراء التقييم والتثمين بالاتحاد العربي للتنمية العقارية، فيشير إلى أن تطبيق قانون الضرائب العقارية الجديد سيسهم بشكل كبير في زيادة معدلات المنازعات الضريبية بين مصلحة الضرائب العقارية والممولين، إذا لم يأت توضيح قاطع وجازم لكيفية تنفيذها في اللائحة التنفيذية للقانون، بالإضافة إلى أن تقييم القيمة السوقية للعقار التي تكون أساساً لاحتساب القيمة الإيجازية التي يقدر على أساسها قيمة الضريبة المستحقة على العقار معتبراً أن النص في القانون لم يحدد معايير واضحة من شأنها ضمان حياد العنصر البشري خلال عملية إعداد التقرير مما يضاعف إمكانية حدوث نزاعات.

وحدد حمادة الضرائب العقارية على الوحدات السكنية التي تقدر قيمتها بمليون جنيه بنحو 9600 جنيه سنوياً.

وأضاف حمادة في حديثه مع «الشرق الأوسط» أنه توجد شبهة عدم دستورية النصوص التي تقدر إخضاع السكن الشخصي للضريبة العقارية، مؤكدا أنه لا يجب الأخذ بالحكم الصادر عن المحكمة الدستورية عام 2002، إذ أن هذا الحكم صدر في ظل القانون القديم وفقاً لنصوصه وقواعده لا في ظل القانون الحالي، مع الأخذ في الاعتبار أن القانون القديم كان يفرض ضريبة عقارية على المسكن الشخصي المؤجر، أي العقار الذي كان يدر ربحاً على مالكه بخلاف القانون الجديد الذي يفرض ضريبة على العقار بغض النظر عما إذا كان يدر ربحاً على مالكه أو يستغل كسكن شخصي خاص.

ويقول صلاح: «القواعد الخاصة بالإعفاءات الضريبية التي شملها القانون تتنافى مع مبدأ العدالة الضريبية، حيث أعفى القانون العقارات التي تصل قيمتها السوقية إلى 500 ألف جنيه، أو ما يقل بحيث يخضع العقار إذا زاد ثمنه على 500 ألف جنيه للضريبة العقارية. ويقصد هنا الوحدة السكنية الواحدة، وليس العقار ككل بغض النظر عما يحتويه من وحدات، بمعنى أنه لو كان شخص يملك عقارا يشمل 20 وحدة سوف يحاسب ضريبياً على أساس كل وحدة فيه، وليس على العقار ككل.

فإذا تجاوزت القيمة السوقية للوحدة 500 ألف جنيه سوف يخضع صاحبها للضريبة أما إذا قل سعر الوحدة عن 500 ألف جنيه فلن يخضع للضريبة بغض النظر عن سعر العقار بأكمله حتى لو كان هذا السعر يتجاوز 500 ألف جنيه بقدر كبير».

واعتبر صلاح الضريبة العقارية الجديدة منافية لمبدأ العدالة الضريبية والعدالة الاجتماعية أيضاً، لأن القانون سوف يخص بعض الأشخاص من ملاك العقارات من الضريبة رغم امتلاكهم عقارات مرتفعة القيمة، بينما يخضع ملاك الوحدات السكنية للضريبة رغم أنهم لا يملكون المقدار نفسه من العقارات، فضلاً عن الاستفادة من الإعفاء المقرر لكل وحدة تقدر قيمتها الإيجارية بـ 6 آلاف جنيه فيما يتعلق بالوحدة بغض النظر عن عدد الوحدات.

ويطعن حمادة صلاح في عدم دستورية الضريبة العقارية، مشيراً إلى أن فرض الضريبة لا يكون على رأس المال لعدم وجود ربح أو عائد أو أرباح في هذه الحالات، بينما أصل الضريبة أن يتم فرضها على صافي الأرباح، وهذا الشأن من اختصاص المحكمة الدستورية العليا التي لها الحق في الرد على الدستورية في التطبيق من عدمه.